أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th October,2001 العدد:10619الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شعبان 1422

متابعة

رصاصات الرحمة
رضا محمد العراقي
يظل مقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي حديثاً متصلاً لا ينتهي ولا ينقطع باعتباره أحد رموز التطرف والكراهية والحقد على العرب بصفة عامة، والفلسطينيين بصفة خاصة.. فقد كان زئيفي وا حداً من الذين حملوا رايات التطرف والباطل ضد كل ماهو عربي وصاحب شعار الترانسفير المعني بطرد العرب وإحلال اليهود مكانهم..
وجاء القتل في وقت يقف العالم فيه على أطراف أصابعه من جراء الحرب الأمريكية ومعها حلفاؤها على الإرهاب.. ليكون بمثابة طلقة مدفعية ثقيلة تسمع وسط أزيز الطائرات وانفجارات الصواريخ وطبول الحرب وتملي تحذيراتها المدوية بأن هناك في الطرف الآخر إرهابيين لا يقلون في خطورتهم ومعتقداتهم عن الارهابيين الذين تتم محاربتهم الآن!!
ويثور سؤال: هل كان زئيفي يستحق حقاً القتل. وان الطلقات التي اخترقت رأسه كانت رصاصات رحمة؟!
سؤال أجاب عليه الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين بين مؤيد لقتله باعتباره قيادياً وسياسياً يحمل أفكاراً دموية ومعتقدات ارهابية ترهب شعباً بأكمله بل تدعو لقتله والتخلص منه واحلاله بشعب آخر فلم يكن يحمل فقط افكاراً ومعتقدات فحسب بل تعهد على تنفيذها وتحقيقها على أرض الواقع!!
فكان من وجهة نظرهم يستحق القتل بجدارة وتخليص البشرية والإنسانية منه!!
وبين رأي آخر يرى أن نجابه هذا الفكر بالفكر المضاد له!! لكن هل يمكن حدوث ذلك مع رجل كان وزيراً في السلطة يمارس سلطاته مع حكومة أقل ما توصف بأنها حكومة حرب، هدفها إجهاض الجهاد الفلسطيني وتقويضه وإضعافه وقتل قادته لتركيعه وفرض التسوية الإسرائيلية عليه بالقبول بالدولة المنقوصة السيادة بلا جيش أو قدس أو سياسة خارجية أو... أو...!!
كما انه كان من القادة البارزين الذين أرسوا مبدأ الترنسفير بطرد العرب من الضفة الغربية والقطاع .. فلا يعقل أن يمارس معه أي نوع من الحوار أو المجابهة الفكرية .. فالمضحك المبكي في آن واحد أن هذا الرجل كان يتبرم من تطرفه زعيمهم المتطرف شارون رئيس حكومته!!
الأكثر من ذلك أن تاريخه كله صفحات سوداء مع جل المقاومة العربية منذ عام 1948م إلى تقاعده عام 1974م.
هذا الارهابي جاء مقتله متزامناً مع الدعوة التي اطلقها الرئيس الأمريكي جورج بوش بضروة قيام الدولة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع الدولة العبرية بشرط اعتراف كل الاطراف بهما.. هذا التزامن يقودنا إلى تساؤل هام .. هل كان التخلص من الارهابي رحبعام زئيفي اثرتقديم استقالته «قبل مقتله بيومين»، احتجاجاً على اجراءات تخفيف الحصار عن السكان الفلسطينيين بعد ضغوط أمريكية والذي كان يناور بها لإثارة البلبلة مع الحكومة الإسرائيلية والضغط عليها برفض الضغوط الأمريكية والعربية لانهاء حالة الحصار على الشعب الفلسطيني وبدء المفاوضات السلمية معهم فهل كان مخططاً للتخلص منه بعد أن جاء ذلك الانسحاب للاحتجاج على الضغوط الأمريكية وخطتها التي بدأت تهيئ الأجواء للعمل على تنفيذها، فكانت الاستقالة بمثابة عائق يهدد الخطة الأمريكية ويضعها في مأزق حقيقي لا فكاك منه فكان لابد من التخلص منه بأيد عربية.
تماماً مثل ما فعله جهاز «السي آي إيه» مع الارهابي الصهيوني الشهير مائيركاهانا والصقت التهمة بالسيد نصير المواطن المصري العربي الذي كان يعيش بأمريكا.. وقد أعلن ذلك الاستاذ سعيد كمال السفير الفلسطيني بالقاهرة بنفسه في برنامج «الرأي الثالث»، بالتلفزيون المصري الاسبوع الفائت ..حيث لم يكن كاهانا أقل تطرفاً وارهاباً من اساتذته جانبونسكي وبيجن وغيرهما الكثيرين من المتطرفين الصهيونيين.
وقتها كانت الولايات المتحدة ماضية في طريقها للحل السلمي مع الفلسطينيين بعد حرب الخليج الثانية وكان مائير كاهانا يمثل حجر عثرة في طريق السلام فكان التخلص منه السبيل الوحيد للمضي قدماً فيها.
لقد كان السيناريو واحداً في مقتل الارهابيين كاهانا وزئيفي والاجواء متشابهة تماماً.
في مقتل كاهانا كانت الولايات المتحدة خارجة منتصرة من حرب الخليج الثانية ودحر العدوان العراقي عن الكويت وإعلان بوش الأب عن نظام عالمي جديد تقوده الولايات المتحدة بمفردها.. وفي مقتل زئيفي دخلت الولايات المتحدة الحرب ضد الارهاب وتستعد من الآن فصاعداً إلى صياغة رؤى عالمية جديد للعالم تكون فيها الهيمنة الأمريكية مطلقة وتسييد تام للمفاهيم الأمريكية وثقافتها!!
ولعلنا نعزز ما توصلنا إليه من نتائج حول التخلص من الارهابيين كاهانا وزئيفي وأفكارهما المنحرفة التي تهدد المنطقة بأسرها وتؤجج الصراع العربي الإسرائيلي أكثر مما هو متوتر فكان القتل هو السبيل الوحيد لهما... ففي حالة مماثلة استنفرت أوروبا والعالم بأسره بعد وصول الحزب اليميني النمساوي إلى سدة الحكم بالأسلوب الديمقراطي حيث قوبل برفض تام من العالم بدءاً من أوروبا ومروراً بأمريكا وانتهاء بإسرائيل ولم يتركوا لأنفسهم أي احتمال لحزب ضمن معتقداته المفاهيم الهتلرية بأن يعود إلى الساحة السياسية مرة أخرى بعد أن تكبدت أوروبا والعالم بأسره ويلات الحرب التي بدأها هتلر ضدهم بزعم التفوق العرقي.
ان ما فعله العالم كان تأميناً للذات ضد أي خروج على قواعد السلام العالمي حتى وإن جاء هذا الخروج من حزب انتهج الطريق الديمقراطي لأن هتلر فعل نفس الشيء: جاء لسدة الحكم بالطريق الديمقراطي ثم انقض على التجربة الديمقراطية بعد ذلك وفعل ما فعل!!ولذلك كان الرد الانتقامي الفلسطيني سريعاً على مقتل أمين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مصطفى أبو علي واختاروا من حاول ابتزاز الحكومة الإسرائيلية بعد انسحابها من بعض مناطق الحكم الذاتي ليحاول من جديد الضغط عليها في المضي قدماً في تنفيذ خطتها بقتل القيادات الفلسطينية البارزة وتجويع الشعب الفلسطيني.
لقد كان الاختيار موفقا جداً من قاتليه لشخصية كانت تعمل على ارهاب المنطقة وتصفية كل من ترى أنه عدوها..
فكانت الطلقات التي انطلقت على رأسه وأردته قتيلاً رصاصات رحمة للبشرية جمعاء.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved