أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 25th October,2001 العدد:10619الطبعةالاولـي الخميس 9 ,شعبان 1422

الريـاضيـة

من الأعماق
العزف الأخضر
أحمد المطرودي
لم يكن غريباً ذلك العزف الموسيقي الأخضر في يوم عرس الكرة السعودية بالتأهل الى النهائيات للمرة الثالثة على التوالي فهذا ليس صدفة ولم يكن ضربة حظ بل إن الفريق الأفضل والأجدر هو من نال بطاقة التأهل الأولى.. ورغم الظروف الصعبة التي واجهت الأخضر إلا أنه استطاع بالكفاح والاخلاص وهمة الرجال ان يتجاوزها ويحقق الحلم الذي راود الملايين من ابناء هذا الوطن وايضا الملايين من العالم العربي الذين يعتبرون الاخضر ممثلاً لهم.. جاء الفوز السعودي كرد على الذين شككوا بصعوده وحاولوا ان يقللوا من قيمة الاخضر كفريق قادر على خطف البطاقة!!
يوم الأحد الماضي لم يكن يوماً عادياً في تاريخ الرياضة السعودية ذلك انه تجديد للسيادة الآسيوية التي تزعمها الاخضر قبل اكثر من ثمانية عشر عاما.. ولعل اجمل مافي هذا التأهل انه جاء في أيدٍ سعودية تحت قيادة المدرب الوطني القدير ناصر الجوهر الذي استطاع توطين قدرات لاعبيه لتحقيق التوليفة المناسبة التي حققت هذه الانتصارات واعتلاء الصدارة..
النقد المتسرع
أذكر أنني كتبت ذات مرة وقبل ان يخوض الأخضر التصفيات موضوعا عنوانه «النقد المتسرع» وأشرت الى كثير من الاخوة الاعلاميين الذين يقومون بنقد متسرع غير مرتكز على قواعد و اصول نقدية تفيد المتلقي.. بل ان بعض هذه الانتقادات جاءت مواكبة لرأي الشارع الرياضي الغاضب الذي كان في لقاءات المنتخب الودية غير مقتنع بالمستويات.. وبدلاً من قيام هؤلاء المحللين بالتنوير.. انجرفوا مع التيار الغاضب وصاروا يصبون جم غضبهم نقداً غير موضوعي.. وذهب الكثير منهم الى ترشيح «إيران» للحصول على البطاقة الأولى بناءً على المستويات الودية التي قدمها.. وعندما كتبت ذلك المقال اشرت فيه الى ان المباريات الودية ليست هي المقياس لأداء الاخضر.. لأن البرنامج الذي تم اعداده لتجهيز اللاعبين يعتمد على التدرج في اللياقة والمستوى الفني.. ولو ظهر المنتخب في اللقاءات الودية قوياً.. لانخفض اداؤه في اللقاءات الرسمية وقد يخسر التأهل.. لأن المشوار طويل ويحتاج الى نفس.. وهذا النفس يتحقق بالبعد عن الارهاق.. وللأسف ان البعض من الزملاء عاتبني.. مستبعداً تحقق ماذكرته بأن المنتخب سيتأهل.. لست هنا أدعي.. لكنني اتمنى عدم الاستعجال في تقديم الاحكام بناءً على نتائج وقتية قد تكون خاضعة لعوامل ليست فنية.. فكرة القدم لا يحكمها فقط المستوى الفني بل هناك عوامل كثيرة قد تتداخل لتجير الفوز من فريق مستواه الفني افضل الى فريق آخر أقل.. وهذا ما انطبق في اللقاءات الودية.. فالمنتخب خسر اللقاءات لأن افراده لم يكونوا جاهزين من الناحية النفسية باعتبار انهم كانوا يختزنون مالديهم للقاءات الرسمية الأهم..وهنا أدعو زملائي الاعلاميين ان يكونوا مؤثرين وليسوا متأثرين.. فالإعلامي هو القادر على التأثير على الرأي العام عندما يكون خاطئاً وليس العكس فالاعلامي حينما ينجرف مع آراء المجتمع لايكون مايطرحه مفيداً.. لكن من الأفضل ان يكون معبراً عن وجهة نظره دون الخوف من معارضتها للأغلبية..
آن الأوان!!
لعل المتتبع لمسيرة الانجازات السعودية يلاحظ انها بدأت من خلال المدرب الوطني وتحققت آخر الانجازات عن طريق الوطني ايضاً..
فمنذ دخول المنتخب السعودي الى ساحة البطولات وتحديداً عندما خطف كأس آسيا لأول مره كان يقوده الوطني خليل الزياني الذي وضع اللبنة الأولى لتأسيس تاريخ المدرب السعودي على الخارطة وتوالت بعد ذلك الانجازات السعودية حتى اصبح المنتخب السعودي طرفاً ثابتاً في الانجازات والتشريف والبطولات..
وفي كل مره يثبت المدرب الوطني قدرته في التدريب ويحقق النتائج الجيدة.. تماماً مثلما فعل المدرب محمد الخراشي الذي قدم المنتخب السعودي بعد اشرافه مستوى مشرفاً في آخر لقاءات النهائيات امام منتخب جنوب افريقيا.. وكان قبلها محمد الخراشي قد حصل على كأس الخليج لأول مرة ايضا.. وجاء ناصر الجوهر ليثبت للملأ ان المدرب الوطني يحتاج فقط للفرصة والثقة..
ففي المرة الأولى استلم الجوهر المنتخب مبعثراً من قبل المدرب ماتشالا، حيث خسر منتخبنا البداية من امام المنتخب الياباني وبنتيجة ثقيلة اربعة اهداف.. وكان مستوى المنتخب لايؤهله لاحتلال اي مركز متقدم وبعد اقالة ماتشالا، وإحلال الجوهر.. استطاع قيادته الى النهائي ولولا الظروف لتمكن من تحقيق الفوز وخطف الكأس واخيراً جاءت الانتفاضة السعودية القوية من خلال المدرب ناصر الجوهر ايضا الذي تمكن من انتشال المنتخب حتى تحقق الحلم بالتأهل الى النهائيات.. واذا كان الجوهر بهذه القدرات التدريبية الفائقة فلماذا لايستمر مدرباً للأخضر.. بعد ان عجز المدربون الاجانب من تحقيق أي شيء.. او تقدم للكرة السعودية فالتجارب اثبتت ان الكثير من المدربين الاجانب لم يوفقوا في تحقيق نتائج جيدة بعكس الوطني الذي ارتبط اسمه بأغلبية الانجازات السعودية..
ناصر الجوهر ثروة وطنية لاتقدر بثمن وارجو من المسؤولين المحافظة على هذه الثروة وعدم وضعه على قائمة الانتظار او مدرب طوارئ كلما دعت الضرورة تم الاستنجاد به..
ولم يكن الجوهر وحده ذلك المدرب الذي اثبت قدرات المدرب الوطني.. او خليل الزياني ومحمد الخراشي.. بل هناك اسماء تدريبية نجحت بشكل كبير.. ومنهم المدرب العملاق خالد القروني، الذي اعتبره من وجهة نظر شخصية من ابرز المدربين في الوطن العربي فهو مدرب ذكي وجريء ولديه ثقة في نفسه لاحدود لها وملفه لايوجد فيه سوى الانجازات.. ابتداء من ناديه الرياض الذي تمكن من انتشاله من مغبة الهبوط خلال ثلاثة لقاءات فقط كان يكفي التعادل ليهبط الفريق ومع ذلك استطاع ان يحقق الفوز في ثلاثة لقاءات متتالية وينقذ الرياض بأعجوبة من المصير المجهول..
ونجح القروني ايضا وفي مهمة غاية في الصعوبة مع الطائي الذي كان هبوطه متوقعاً لكثير من المتابعين والجماهير واستطاع القروني إنقاذه ثم استلم القروني مهمة شاقة مع فريق الشعلة الذي كان يحتل المركز الأخير في دوري الدرجة الأولى واشرف عليه القروني وتركه في المركز الرابع بعد نهاية المسابقة..وفي الموسم الماضي استطاع ان يصنع من فريق الحزم فريقا قويا تمكن من تحقيق البقاء رغم حداثة تجربته..
والآن القروني مدرب لفريق الشعلة الصاعد الحديث للممتاز.. وتمكن القروني من خطف فوزين في لقاءين.. وهو انجاز كبير لفريق للتو صاعد وخبرته في الاضواء قليلة.. وشخصياً اعتقد ان الشعلة ستحقق مع القروني نتائج مذهلة.. وهناك اسماء كثيرة لم تأخذ فرصتها والدعم المناسب لتظهر قدرتها وتميزها..
والآن يجب استيعاب ان المدرب الوطني لايقل عن المدربين الاجانب.. لكن الفارق فقط اننا نحاول دائما التقليل من قيمة الوطني ورفع اسم الاجنبي مطبقين المثل المعروف «زمّار الحي لايُطرب» وقد يحكم البعض على الاجانب من خلال مايحصلون عليه من نتائج مع فرق عالمية.. وتجاهلوا ان مهمة تدريب الفريق العالمي اسهل من تدريب فرق اقل.. لان اللاعب العالمي والكبير يكون جاهزاً.. وتبدو مهمة المدرب سهلة وقد يفعل اللاعب في الملعب مالم يطلبه المدرب مما يخدم الفريق ويحقق له الفوز ومن ثم يخدم اسم المدرب.. ألم يكن اسم «سلوبدان» يتردد عالمياً.. وهل وفق في تحقيق نتائج مع منتخبنا.. ألم يكن ايضا كارلوس البرتو مدربا عالميا وماذا فعل في نهائيات كأس العالم عام 94 عندما فشل في تكوين منتخب سعودي قادر على المحافظة على اسمه وقبل كارلوس البرتو كان زاجالو في دورة الخليج حينما تخبط ولم يوفق في صناعة انجاز سعودي رغم ان الزياني سبقه بالحصول على كأس آسيا.. واذا كانت هذه هي التجارب عبر السنوات الماضية فلماذا نصر على منح الاجنبي الفرصة والثقة.. بينما الأحق بها هو ابن الوطن.. انني اتمنى ان نثق جميعاً بقدرات مدربينا وعندها انتظروا ماذا سيفعلون؟

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved