أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 26th October,2001 العدد:10620الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,شعبان 1422

مقـالات

سوانح
رفيق سويعات الضحى
علي محمد الخزيم
الذين يغادرون منازلهم ضحى أو يعودون اليها ما بين التاسعة صباحا والثانية عشرة بحكم طبيعة أعمالهم وظروفهم الخاصة سيلاحظون عمالا آسيويين يجوبون أزقة وشوارع الأحياء وأغلبهم إما يحمل وعاء بلاستيكيا «جيك او جالون» أو كرتونا فارغا أو يمسك بزمام دراجته الهوائية ويدفعها الى جانبه ويمشي راجلا، وما ان يشاهدك وأنت تتفحصه أو تنظر اليه باهتمام يسارع الى برادة الماء السبيل التي وضعها أحدنا في سور منزله وما أكثرها في أحيائنا، والعمال يعرفون مواقعها أكثر من أهل الحي أنفسهم ينطلق العامل نحو البرادة ويبدأ بملء الوعاء وهو ينظر اليك ويرقبك وأشك أحيانا انه قد فتح صنبور الماء فعلا، أم انها من أساليب التمويه بدليل انه يلتفت اليك ثم يلقي نظرات لجهات أخرى في حركات متسارعة، وان ركبت سيارتك أو دخلت بيتك ثم باغته بخروجك المفاجئ تجده يغادر البرادة فورا دون ان يمتلىء الجالون ولو اختبرت البرادة بنفسك ربما وجدتها ناشفة..، أما حامل الكرتون الفارغ فحينما يحس بمرور أحد سكان الحي يتجه الى مرمى النفايات مقلبا وباحثا عما يعتقد انه مفيد وربما أخذته الشفقة والعطف وجاد عليه ببضع ريالات، والغريب ان كثيراً منهم يبادرك بالسلام ثم يقترب منك ويبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم اذا كان مسلما ثم يسرد لك قصته الأسرية وما حل به من مآس تدعو لشفقتك ثم ان لم يستدر عطفك تلقائيا بتلك الرواية ولم تنفع معك هذه الأساليب يدخل في المرحلة المباشرة للتسول رغم اني أشك في مسألة التسول، فلربما كانت منذ البداية تعتيما على شيء آخر يعرفه هؤلاء العمال، ثم لماذا يتركون أعمالهم التي قدموا من أجلها ليسرحوا في الأحياء حتى انك تجد بعضهم يتحدثون مع بعض العاملات المنزليات سواء من جنسهم او غير جنسهم أمام المنازل بحيث ان العاملة ربما خرجت لرمي النفايات «ان كان هناك نفايات حقا» ثم تدخل معهم في حديث قد يطول وشاهدت ذلك بنفسي بالمراقبة من بعيد ذات يوم، وتكرر المشهد أمام أكثر من منزل وأعتقد ان جميع أصحاب المنزل في أعمالهم فما فحوى الحديث، وحول أي شيء يدور؟.. الله أعلم، قد يقول أحدنا ان هؤلاء ممن أعمالهم مسائية أو ليلية اذا لماذا لا تكون هناك ضوابط تسن يتفق بشأنها مع أرباب العمل بضرورة ملاحظة هذه المسألة غير اني أشاهد عمالا يبيعون السواك أو ما يسمى «البيز» أو أشياء ممثالة أمام المحلات والمساجد وبشكل مستمر في كل وقت فهل نحن فعلا بحاجة الى خبرات هؤلاء لتسويق البيوز والسواك؟.. يبدو لي ان في الأمر شيئا والا فما معنى ان العاملات المنزليات يخرجن ساعات الضحى لبقالات الحي التي لا يعمل بها الا العمال الآسيويون!.. وهل يعلم كفلاؤهن انهن يخرجن ويتركن الأطفال وحدهم؟.. فان علموا فالمصيبة أكبر. فالامر يشكل في نظري خللا اجتماعيا وأمنيا قد يقود الى فتح ثغرات حولنا بغفلة منا أو بعلمنا والغريب اننا بطيبة أو سمها سذاجة نسارع الى وضع برادات الماء بجانب منازلنا لهم ولغيرهم، وفي رمضان نضرب لهم سرادقات بجانب كل مسجد ونقدم لهم ما لذّ وطاب ونمنحهم عطفنا وريالاتنا وان قلت، ثم اذا ذهبنا اليهم في محلات الملابس والأحذية والاقمشة التي يعملون فيها بكثرة نجدهم يبالغون هم في سلبنا أموالنا ويردون لنا عطفنا ورحمتنا بهم قسوة ونارا في الأسعار وسوء التعامل مع الرجال، والليونة الخبيثة مع النساء في ابتسامات مصطنعة وهز الرقبة غير المصطنع لأن أحدهم لا يستطيع ان يتلكم او يبتسم الا بهز وتراقص رقبته ورأسه وربما أكتافه أحيانا..والمحصلة التي أردت ان اصل اليها اننا نستقدم أجهل عمالة على وجه الارض بأغلى الأثمان نجلبهم يتعلمون فينا وبنا ويسلبوننا أموالنا ونتحمل مشكلاتهم وأمراضهم وتبعاتهم الاجتماعية والأمنية المرهقة ونمنحهم بحكم تربيتنا الاسلامية السمحة كل الحب والعطف فيستغلون هذه البساطة في التعامل باستغفالهم لنا وتربصهم بنا في كل أمر وكأننا مباحون لهم لسرقتنا والاساءة الينا وربما انهم بالفعل يعتقدون ذلك، يبدو لي ان الامر ذو أهمية تدعونا كأفراد وأسر وجهات رسمية للتأمل فيه بعمق.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved