أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 26th October,2001 العدد:10620الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,شعبان 1422

عزيزتـي الجزيرة

الفجر الحقيقي والفجر الكاذب
يُعرف الفجر بأنه بدء الاضاءة التي تصل الارض من الشمس قبل شروقها نتيجة انعكاس وانتشار الاشعة الشمسية على طبقات الغلاف الجوي. فالفجر والشفق ظواهر يسببها الغلاف الجوي، ولولا وجود هذا الغلاف لكانت الارض في ظلام دامس في اي موقع قبل شروق الشمس ولو بلحظة وبعد غروبها مباشرة كما يحدث على سطح القمر الذي يفتقر لوجود غلاف جوي. ولقد تحدد موعد بدء الاضاءة عند الفجر عندما يصبح مركز قرص الشمس تحت الافق الشرقي بمقدار 18 درجة قوسية. كما لوحظ ان اضاءة شفق الغروب تتلاشى عندما يصبح قرص الشمس تحت الافق الغربي بمقدار 18 درجة قوسية ايضا. ولم تغير القياسات الحديثة العلمية والفلكية هذا المقدار حتى وقتنا الحاضر. وقد قامت اليابان باختراع جهاز حساس لقياس الضوء، ومع استخدام الحسابات الفلكية لحركة الشمس الظاهرية فقد وجد ان اول ضوء يحدث حينما تكون الشمس الظاهرية اسفل الافق المرئي بمقدار 18 درجة قوسية. ولقد اعتبر هذا المقدار علميا وشرعيا من قبل العلماء في معظم البلدان الاسلامية ونظمت التقاويم على اساس ذلك. ولكن بعض الدول الاسلامية ما زالت تعتمد بدء الفجر في اللحظة التي يشكل فيها مركز قرص الشمس مع اعلى الافق الشرقي زاوية 19 درجة قوسية وبدء العشاء في اللحظة التي يصبح فيها مركز قرص الشمس تحت الافق الغربي بمقدار 17 درجة قوسية معتمدين في ذلك على اقوال بعض المذاهب الاسلامية.
ثم اذا ما ارتفعت الشمس الظاهرية ست درجات قوسية للصعود جهة الشرق اي اصبحت اسفل الافق الشرقي المرئي بمقدار 12 درجة، فان حالة الضوء تصبح بلون ازرق قاتم ويطلق عليه اسم الشفق البحري الصباحي ثم تستمر الشمس في ارتفاعها الظاهري لتصبح اسفل الافق المرئي بمقدار 6 درجات حيث يكون الضوء كافيا لتحديد دائرة الافق بكل دقة وتبدأ عندها النجوم في الاختفاء تدريجيا وتظهر حدود المباني وهياكلها بكل دقة ويطلق على حالة الضوء هذه بالشفق المدني الصباحي. وبشكل مشابه لحالة الشفق الصباحي في الجانب الشرقي من كوكب الارض نرى صورة اخرى مماثلة لها من الجانب الغربي بعيد غروب الشمس حيث الشفق المدني المسائي وفيه يبدأ سائقو السيارات باضاءة سياراتهم ثم الشفق البحري وعنده تبدأ السفن بانارة اشاراتها الضوئية ثم الشفق الفلكي المسائي ليأتي بعده مباشرة الغسق الذي هو اول ظلمة الليل وبدء وقت العشاء. ولا علاقة للفجر البحري والمدني بالاحكام الشرعية.
وهكذا فان الفترة ما بين الفجر الفلكي «الفجر الصادق» وشروق الشمس تساوي دائما الفترة ما بين غروب الشمس وزوال الشفق مساء في المكان الواحد، وتختلف مدة طول الشفق باختلاف عرض المكان وباختلاف الفصول. فكلما صعدنا الى العروض الشمالية كلما زادت مدة الشفق وتكون مدة مكثفة اقصر ما تكون في خط الاستواء حيث تبلغ ساعة و12 دقيقة ثم تطول مدته بالصعود شمالا حتى ان البلاد التي تقع على عرض (5.48) درجة شمالا ليتصل شفقها التي تقع على خط عرض 84.48 درجة شمالا يتصل فجرها بشفقها بدءا من الثالث عشر من حزيران «يونيه» وحتى التاسع والعشرين منه فلا تكاد الشمس تغرب حتى تطلع ثانية ويسمي الفرنسيون هذه الايام بليالي القديس جوان وتسمى في روسيا الليالي البيض وهو غير المصطلح الشرعي المعروف عندنا الذي يقصد به ايام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري حيث يكون القمر وقتها آخذا بالابتدار.
وبما ان مدينة الرياض تقع على خط عرض 67.24 شمالا فاننا لا نلحظ فرقا واضحا في اختلاف مدة الشفق بتغير الفصول اثناء العام كما نلحظه في العروض الشمالية الاكثر ارتفاعا وقد اعتبر طول الشفق في مدينة الرياض اثناء السنة واحدا ويساوي ساعة ونصف الساعة تقريبا ونظمت التقاويم على هذا الاساس.
فالفجر الحقيقي هو الفجر الصادق وفيه يمسك الصائم عن الطعام والشراب ويصلي وقت الفجر. وهناك فجر كاذب (False dawn) وهذا لا عبرة له بالاحكام الشرعية وقد تحدثت عنه كتب الفقه الاسلامي بشكل موسع ويمكن ان يكون قبل الفجر الصادق بحوالي ساعة او اكثر لكنه لابد ان يكون بعد منتصف الليل فبعد ان يبزغ قليل من الضوء يعود الظلام ليخيم مرة اخرى.
ولطالما خدع المسافرون به ليلا ظنا منهم بأن الفجر قد طلع. والفجر الكاذب هو وهج يسطع في كبد السماء طولا وهو في لمعانه وفي ظروف جوية جيدة يشبه لمعان مجرتنا درب التبان. انه انعكاس خافت لضوء الشمس نتيجة للغبار الذري الذي اكثر ما يكون متموضعا قرب مستوى دائرة البروج «مسار الشمس» في النظام الشمسي. ويظهر الفجر الكاذب بصفة خاصة عند اشتداد الرطوبة صيفا كما انه يسهل تمييزه بالعين المجردة حيث يكون على شكل مثلث تقريبا او كذيل الذئب في وضع مستطير في منتصف السماء بينما يكون الفجر الصادق مماسا بكل دقة لدائرة الافق المرئي. وقد ذهب الاقدمون في تعليل هذه الظاهرة بأنه عندما يكون في المحيط الهادىء والهندي نهار فان اشعة الشمس تنعكس على المحيطين وينتقل وهج الشمس المنعكس الى بلادنا التي يكون فيها الوقت ليلا مسببا الفجر الكاذب.
والفجر الكاذب يمكن ان يُرى بسهولة في ظروف رصدية جيدة وخصوصا في الفصول التي تكون عندها دائرة البروج اقرب ما تكون عمودية على الافق وهذا يحدث بشكل كبير في المنطقة المدارية. كما ان افضل وقت لرؤيته من منتصف العروض الشمالية شهرا ايلول «سبتمبر» وتشرين الاول «اكتوبر».
والجدير ذكره انه اعتبارا من 20 حزيران يبدأ النهار القطبي على خط عرض 5.66 شمالا حيث لا تغيب شمس هذا اليوم مدة 24 ساعة كاملة. وكلما صعدنا الى العروض الشمالية يزداد النهار طولا حتى يصبح ستة اشهر في منطقة القطب الشمالي وذلك بدءا من 21 آذار «مارس» وحتى 22 ايلول «سبتمبر» فلو قدر لأحدنا ان يعيش في منطقة القطب كما يعيش اليوم رواد العلم في القطب الجنوبي ومنذ سنوات طويلة لاستطعنا ان نشهد ما يشهدونه في كل عام، حيث تشرق الشمس على نقطة القطب دون ان تغيب عنه لمدة 6 اشهر وحين تغيب عنه بعد هذه المدة تتركه في ليل ايضا لمدة 6 اشهر وهو موعد عودتها اليه من جديد. بقي ان نشير الى ان الفجر والشفق يقصران مدة الليل في القطبين من ستة اشهر الى شهرين ونصف.
أحمد رامي محمودي
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved