أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 28th October,2001 العدد:10622الطبعةالاولـي الأحد 12 ,شعبان 1422

مقـالات

نبوغ السلف والخلف في جامع شيخ الإسلام
إبراهيم بن عبد الله السماري
رسالة المسجد في الاسلام رسالة عظيمة فهو بناء مادي وعلمي وروحي معاً فيه يجتمع المسلمون بأجسادهم كي تشيع روح التعاون بينهم وهو جامعة علم نافع تتجدد ينابيعها يومياً فيستقي منها رواد المسجد علما نافعا وعملا صالحا وهو قمة البناء الايماني الذي يحقق الإخوة الاسلامية الحقة.
وجامع شيخ الاسلام ابن تيمية في حي سلطانة بالرياض يضم نخبة من طلبة العلم من ذوي الحماسة الدينية والتأهيل العلمي الشرعي وعلى رأسهم المشرف العام امام الجامع الشيخ فهد بن حسن الغراب تتضافر جهودهم لكي يكون المسجد منارة ايمان وورشة عمل مستمر بنشاط ملحوظ. وهو من اكثر الجوامع حرصا على تحقيق رسالة المسجد ايمانيا وعلميا ودعويا وفق الضوابط الشرعية عبر مناشط متعددة ومتنوعة.
في هذا الجامع يستوقفك التخطيط العلمي الدقيق لمناشطه في المدى البعيد عن طريق طرح التصورات المفيدة واستيراد المشورة النافعة من العلماء والمتخصصين ثم البحث عن الاساليب والوسائل التي يتحرى منها تحقيق اعلى درجات النجاح وفق الامكانات المتاحة او على صعيد التطلعات الممكنة وفي هذا السبيل تم تشكيل عدد من اللجان العاملة لتفعيل مناشط المسجد ومن اهمها اللجنة الاعلامية التي تضم الشيخين عبد العزيز الدخيل واحمد الجويان كي تنهض بعبء التعريف بمناشط الجامع وتنسيق الجهود المبذولة من اجل تفعيلها ولم اسمع عن تشكيل لجنة اعلامية مستقلة في غير هذا الجامع مما يدل على بُعد نظر المسؤولين فيه وادراكهم لأهمية الاعلام في حياتنا المعاصرة ولا سيما الاعلام الدعوي.
وهناك عدد من العاملين في لجان الجامع للشؤون العلمية وشؤون الحاسب الآلي والشؤون الادارية والشؤون المالية والسكرتارية وغيرها ومنهم: فهد العثمان وتركي الصويلح وعبد الله الموسى وعبد الرحمن الأحيدب وعبد الرحمن الغيهب وعبد اللطيف السنان وعادل الغدير وماجد الغراب وصالح المسيند.
وترسيخا لهذا الاهتمام وحرصا على مواكبة المستجدات العصرية واللحاق بركب التقدم العلمي بما يحقق خيرية هذه الامة انشأ المسؤولون في جامع شيخ الاسلام ابن تيمية موقعا للجامع على الشبكة العنكبوتية عنوانه: «www.taimiah.org» مزود بأكثر من ستمائة ساعة صوتية ولا سيما المحاضرات والدروس العلمية المعقودة في رحاب هذا الجامع.
وقد حرص المسؤولون عن هذا الموقع على توفير جالبات الجذب إليه عن طريق ايجاد محرك بحث وفهارس متنوعة وفتح باب المراسلة الالكترونية مع زواره للتواصل المحمود معهم واطلاعهم على جديد مناشط الجامع والاستفادة من المقترحات المفيدة والملحوظات النافعة التي يبديها زوار الموقع.
وحرصا على فتح اكبر عدد من قنوات المعرفة العلمية الشرعية الصحيحة فان جامع شيخ الاسلام ابن تيمية يضم بين جنباته مكتبة عامة ضخمة ومفتوحة للاطلاع والقراءة على فترتين صباحية ومسائية، انشئت عام 1418ه وفيها اكثر من خمسين ألف كتاب من امهات الكتب العلمية والمراجع والمصادر في مختلف التخصصات العلمية تنضوي تحت لواء أكثر من عشرين ألف عنوان وللتدليل على الرسالة التي تؤديها هذه المكتبة الرائدة وضخامة عملها يشار الى ان عدد زوار المكتبة بلغ في عام 1421ه اكثر من عشرة آلاف زائر اتيحت لهم سبل البحث والقراءة والمطالعة في جو علمي ملائم مع امكان استخدام الوسائل المعينة من الفهارس المتنوعة والحاسب الآلي والكتب النادرة وبعض الرسائل العلمية التي لم تطبع مع وجود طرفية متصلة بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية.
ولأن دافع الاحتساب التطوعي هو المحرك لجهود القائمين على هذه المكتبة وهو دافع متجدد يغذيه الابتكار والعمل الدائب، لذا فان القائمين على المكتبة أبدوا استعدادهم من خلال نموذج مطبوع لجلب الكتب النافعة التي يحتاجها رواد المكتبة من الطلاب والباحثين في دراستهم وبحوثهم العلمية. كما تحتوي المكتبة على قسم محدود الاطلاع منفصل عن صالة عرض الكتب لخدمة الباحثين في مجال العقائد والفرق وغيرها.
وللعلاقة الوثيقة بين المسجد والقرآن الكريم الذي هو اساس عمارته ومادة البناء الايماني لرواده فان جامع شيخ الاسلام ابن تيمية اولى عناية فائقة بحلق القرآن الكريم تلقينا وتحفيظا حيث انشأ حلقة للتلقين وثلاث حلقات لتحفيظ القرآن الكريم مخصصة لطلاب المرحلة الابتدائية وثلاث حلقات لتحفيظ القرآن الكريم مخصصة لطلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية.
والحياة العلمية في جامع شيخ الاسلام ابن تيمية ذات تميز مبهر تكاد تذكرنا بعصور الازدهار العلمي الاسلامي وسر التميز في رأيي يكمن في الخلطة السرية التي يقوم عليها بناء هذه الحياة حيث تتعرف في هذه الخلطة على قدرة المسؤولين عن المسجد الفائقة في مجال الدقة في اختيار الموضوعات وفي حسن اختيار المحاضرين والحرص على تصيد المناسبات التي تشرئب نحوها تطلعات الناس مما هو متعلق بمعاشهم ومعادهم من واقع الظروف السائدة.
وتتعرف من خلال معايشة الحياة العلمية في الجامع على جانب مهم لجذب الناس الى رحابه عن طريق منهج التنوع كي تناسب المادة العلمية كل شرائح المجتمع تقريبا فتتم مراعاة ظروفهم بحيث يجد كل فريق ما يناسب ظروفه ومشاربه العلمية والثقافية من المناشط العلمية.
فهناك المحاضرات العلمية العامة طوال العام التي زاد عددها عن مائتي محاضرة لعلماء افاضل كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وسماحة الشيخ ابن عثيمين رحمهما الله وفضيلة الشيخ صالح الفوزان وفضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظهما الله وغيرهم.
وهناك المحاضرات الاسبوعية الدائمة التي تعقد بعد مغرب كل يوم جمعة طيلة اسابيع العام. وهناك الدروس العلمية الاسبوعية التي ينتظر ان تصل الى ألف درس تقريبا وهذه الالفية المنتظر اكتمالها هي نتاج فكر عدد من المشايخ وطلاب العلم في موضوعات متنوعة مما يشغل حيزا كبيرا من اهتمامات الناس.
والدروس العلمية المكثفة في الصيف «الدورات العلمية» سابقة فاز بها هذا الجامع المبارك حتى أصبح قدوة لغيره فيها واكتسب من خلالها شهرة في أوساط المعنيين والعلماء وطلبة العلم في داخل المملكة وخارجها كذلك. حيث تعقد هذه الدروس في فصل الصيف بمعدل ستة دروس يوميا، لمدة ثلاثة اسابيع.
يدلك الى أهمية هذه الدورات ونتائجها الباهرة انه خلال السنوات الثماني الماضية بلغ عدد حلقات هذه الدورات اكثر من ثمانمائة وأربع وستين حلقة علمية، حضرها أكثر من أربعمائة وثلاثين ألف شخص من داخل المملكة ومن خارجها وشرح فيها ثلاثة وعشرون شيخا خمسة وخمسين متنا وأنهي من هذه المتون سبعة وعشرون كتابا وينتظر ان تنهى البقية في السنوات القادمة باذن الله.
ولأن مبادرات جامع شيخ الاسلام لا تنتهي فقد كان هذا الجامع هو الجامع الوحيد الذي شارك في معرض وسائل الدعوة الذي نظمته وزارة الشؤون الاسلامية في جدة في العاشر من شهر جمادى الثانية هذا العام وحظي بحضور عدد من كبار المسؤولين والمتخصصين في شؤون الدعوة.
وفي صيف العام الماضي نظم الجامع لأول مرة مسابقة حفظ المتون العلمية للرجال وللنساء تهدف الى تشجيع طلب العلم، واعادة المسلمين النشء والكبار الى المعين الصافي كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واحياء منهج السلف الصالح في التعليم النافع الهادف الى تأصيل البناء العلمي لطالب العلم وتقوية أساس بنائه القائم على المناقشة والمنافسة والجثو بالركب في حلق الاشياخ.
وقد شارك في المسابقة في عامها الأول ألف وأربعمائة وستة عشر متسابقا، منهم سبعمائة وثمانون رجلا وستمائة وست وثلاثون امرأة تقدم منهم للاختبار النهائي خمسمائة وعشرة من المشاركين، منهم مائتان وواحد وسبعون رجلا، ومائتان وتسع وثلاثون امرأة تنافسوا على أكثر من مائة ألف ريال. ونظرا للاقبال الكبير على مسابقة حفظ المتون العلمية في عامها الأول مما أثبت ان بذرة الخير موجودة في مجتمعنا وان الضرورة داعية الى تحفيز وتنشيط هذه البذرة المباركة من خلال المناشط الخيِّرة، كما ظهرت فائدتها الكبرى في شغل وقت الاجازة الصيفية فيما ينفع ولا سيما للشباب والشابات في ظل المغريات التي لا تجهل. لذا فقد تقرر في هذه المسابقة في عامها الثاني صيف هذا العام حفظ بعض أهم المتون التي تلائم هذا التوجه المحمود والاقبال الفريد وروعي تقسيم موضوعات المسابقة الى ثلاثة مستويات خصص الثالث منها لمن هم دون سن الخامسة عشرة وجاءت على النحو التالي:
المستوى الأول: سلم الوصول الى علم الاصول للشيخ حافظ الحكمي وكتاب عمدة الأحكام للإمام المقدسي من كتاب الزكاة الى كتاب الفرائض والورقات في أصول الفقه.
المستوى الثاني: كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب بدون المسائل ونخبة الفكر للإمام ابن حجر ومنظومة القواعد الفقهية للشيخ ابن سعدي.
المستوى الثالث: الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب وحاشية ابن ابي داود والقواعد الأربع وشروط الصلاة للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وبعد مغرب يوم الجمعة الثالث من شهر شعبان أقام جامع ابن تيمية مراسم الاحتفاء بالمتسابقين في حلبة حفظ المتون العلمية في دورتها الثانية وتوزيع الجوائز التقديرية التي زادت عن مائة وأربعين ألف ريال.
ومن المؤكد ان الجوائز في حد ذاتها ليست مطلبا للمتسابقين غير انها دليل تكريم وتحفيز ورمز مشاركة وجدانية ظافرة بالخير.
شهد الحفل الختامي لتوزيع جوائز المسابقة الثانية لحفظ المتون كلمة من راعي الحفل معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية تحدث فيها عن أهمية حفظ المتون وانه سبب من أسباب نبوغ السلف فهو حري بعناية الخلف ليكونوا خير سلف لخير خلف. وكان من المقرر ان يقدم معاليه محاضرة كاملة عن أسباب نبوغ السلف قبل مراسم توزيع الجوائز غير ان هذه المحاضرة ألغيت أو أجلت لظروف معاليه.
ويبقى بعد ذلك ان أؤكد على ان مساء الجمعة المبارك في جامع شيخ الاسلام ابن تيمية جمع بين نبوغ السلف ونبوغ الخلف من خلال معايشة علمية رائدة يشكر القائمون على تنظيمها ويحمد لهم سبق البدار وحسن الاختيار.
وبالله التوفيق..
alsmariibrahim@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved