أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 31th October,2001 العدد:10625الطبعةالاولـي الاربعاء 15 ,شعبان 1422

المجتمـع

القائمون عليها ليسوا أكفاء مؤهلين
التحاق الموظفين بالدورات التدريبية من أجل الترقية يجعلها عديمة الجدوى
* تحقيق ظافر الدوسري
أضحى التدريب جزءا من واقعنا وواحدا من متطلبات حياتنا المهنية والاجتماعية فصناعة الفرد المؤهل للتعامل مع تحديات العصر اصبحت مقياس التقدم بين الشعوب لكن الطابع المادي الذي يطغى على حضارة العصر نحا بالتدريب الى الجانب المهني على حساب الجانب الاجتماعي والسلوك الحضاري وعندما انتقلت الينا صناعة التدريب جاءت بعيوبها الغربية وزادت عليها ان التدريب حتى لأغراض مالية ما زال صناعة هامشية لا تؤمن بها كثير من الهيئات والمؤسسات فيما يعتبرها بعضهم الآخر نوعا من الصرعة بلا مضمون حقيقي وأهداف واضحة.. ترى ماهي أسباب ضعف الوعي بأهمية التدريب وقلة القناعة بجدواه في بلداننا؟
كذلك التدريب في واقعنا اختزل الى محاضرة والدورة التدريبية تتحول الى مجموعة من المحاضرات قد لا يكون لها علاقة باحتياجات المتدربين او بيئتهم مع الاشارة الى ان التقدم العلمي والتقني في الغرب دفع بنا الى قبول اساليبه في الحياة من مجال التدريب المهني والوظيفي الى المجال الاجتماعي كيف نتفادى ذلك؟
حول هذا الموضوع شاركنا في البداية الأستاذ خليفة سباع الخالدي مدير كلية الجبيل الصناعية قائلا:
لاشك ان التدريب اصبح في ايامنا هذه ضرورة ماسة لضمان مواكبة العصر بمتغيراته المتوالية ومتطلباته المعقدة. فما من مؤسسة او منشأة تقوم الا ويكون التدريب والتطوير جزءا من مخططاتها مثله مثل خططها المالية والبشرية بعد ان تستكمل بنيتها التحتية. وقد توصل الغرب واليابان الى ما توصلا اليه من تقدم في المجالات المختلفة بفضل ما قدماه ويقدمانه باستمرار للأيدي العاملة من تدريب، وهذا ما جعلهما دائما في مقدمة الركب انتاجية وتنافسا لأن الخلود الى الراحة في نظري ونظر الباحثين من قبلي يؤدي في النهاية الى الجمود، وعالم اليوم عالم «ديناميكي» متغير ولابد للمؤسسات من مواكبة التطور الهائل في المعلومات حتى تضمن لنفسها البقاء والتنافس.
وواصل الخالدي حديثه قائلا: فيما يخص الوضع في عالمنا الثالث فان ضعف الوعي بأهمية التدريب وقلة القناعة بجدواه «حسبما جاء في السؤال وان كنت لا أظن انه بهذا السوء وانما المشكلة نسبية» ناجم عن اشياء كثيرة تحتاج الى ورقة كاملة وبحث مطول وارى في هذه العجالة ان من بعضها:
1 ان القائمين على رأس الهرم في الادارات المعنية بالتدريب في المؤسسات الحكومية وبعض الأهلية ليسوا مؤهلين في مجال التدريب والتطوير ويعتمدون في كثير من الأحيان على أناس ليسوا بالضرورة اكفأ الموجودين في اداراتهم وانما اكثرهم موالاة لرؤسائهم وغالبا ما يكونون من العمالة الوافدة.
2 ان بعض هذه المؤسسات تقدم وتخطط وتبعث منسوبيها لبعض البرامج الداخلية والخارجية التدريبية الا ان هذه البرامج، وخاصة الداخلية منها، ينقصها التخطيط السليم حيث نجد فيها خللا في تحديد الحاجة للتدريب، وخللا في تحديد المناهج، وخللا في تنفيذ انشطة هذه المناهج أثناء التدريب وخللا في المقاييس الدقيقة لمعرفة العائد، واذا كانت هذه البرامج خارجية فانها أعدت لبيئة مختلفة اجتماعيا وثقافيا وتضاريسيا.
3 ان العمل الاداري في عالمنا ما زال راكدا تنقصه الحركة، فتجد بعض رؤساء الأقسام أو مديري الادارات يبقون في مراكزهم مدة طويلة حتى يشعر أحدهم بأنه ما خلق الا لهذا المكان، وسوف يعمل ما بوسعه للتشبث بموقعه رغم انه لم يقدم ما يشفع له في مجال التطوير والانتاجية حتى يستحق البقاء.
4 فقدان بعض المديرين الناجحين، حيث نجد ان بعض الأنظمة الوظيفية «او السلم الوظيفي» في عالمنا الثالث تجبر على فقدان الناجحين من المديرين القائمين على التدريب بسبب الترقية، اذ ليس هناك أي وسيلة لمكافأة الموظف على ادائه الناجح الا الترقية، وبهذه الترقية يتغير موقعه ويفقد قدرته وجدارته التي تمتع بهما في موقعه السابق، وبهذا نكون قد قضينا على الوظيفة السابقة لأن من حل محله لم يكن بنفس الكفاءة، وكذلك سيصاب صاحبنا بالاحباط لانه اصبح في مكان جديد له متطلبات جديدة قد لا يكون قادرا على النجاح فيه. ولو كان هناك شيء من المرونة في السلم الوظيفي بحيث يمكن مكافأة المدير الكفء ماديا ومعنويا ما دام قادرا على العطاء ومواكبا لتغيرات العصر لكان هذا اجدى.
5 ان التدريب لا يعطى حقه من الاهمية بحيث ترصد له المخصصات المالية الكافية وتوفير الكوادر المؤهلة، واذا رصدت هذه المخصصات فانها تذهب دون عائد يذكر حيث معظم الكوادر المنفذة واحيانا المشرفة على التدريب تكون من العمالة الوافدة التي جل همها العائد المادي الى جانب ان هذه العمالة لا تستقر وقتا طويلا بحيث يمكن الاستفادة منها، وانما تبقى لمدة محدودة مستفيدة من الخبرة العملية والتدريب على أعقد الاجهزة التي لا تتوفر في بلادها ثم تدون كل هذا في السير الذاتية وتحصل على عروض اخرى في بلد آخر من بلدان العالم الثالث، وهكذا يستمر الخلل.
وأضاف الخالدي قائلا:
ما سبق يفضي بنا الى الاجابة على الشق الآخر من السؤال: اختزال التدريب والدورات التدريبية الى محاضرات.. الخ.
لسوء الحظ فان ما ذكر في هذا السؤال صحيح بنسبة كبيرة، وهذا في نظري ناجم عن عدم اخذ التدريب مأخذ الجد واعطائه ما يستحق من اهمية.
فقد أصبح التدريب في بعض المؤسسات، وخاصة الدوائر والمؤسسات الحكومية تحصيل حاصل وكأنه فرصة للابتعاد عن زحمة العمل او خلعة من الرئيس الى المرؤوس لتغيير الجو والحصول على بعض العائد المادي وفي النهاية تصبح هذه الدورات او برامج التدريب عبارة عن لقاءات عبر جداول مطاطية ومناهج عائمة ودون اي نوع من أنواع التقويم. وفي النهاية يعود «المتدربون» من هذه البرامج والدورات بشهادات تثبت حضورهم لهذه الدورات، وهذه الشهادات عادة ما تعد قبل بدء الدورات بمجرد استلام اسماء المشاركين وتسديد الرسوم، والأسوأ من هذا كله ان هذه الدورات قلما كان لها علاقة مباشرة بعمل الموظف او المتدرب ويكون موضوع الدورة قد أعيد عدة مرات رغم اختلاف المشاركين في كل مرة. وفي الدورات الخارجية منها عادة ما يقدم وتستخدم مناهج وآلات مختلفة عما هو متوفر في مكان عمل المتدرب وفي اجواء مختلفة وبيئة مختلفة.
الاستاذة جميلة الشمري: مديرة شركة نيوهرايزن للسيدات بفرع الجبيل شاركتنا قائلة: جوهر التدريب الناجح سواء وظيفيا كان او اجتماعيا هو تغيير السلوك كما يفسر التدريب بأنه تمكين الفرد من آليات ومهارات واساليب واستراتيجيات لتوظيفها في عمله وحياته لتحقيق النجاح ويعتمد النجاح في ذلك على توفر الرغبة والمعرفة والمهارة فبالرغبة والمعرفة تصنع المهارة التي تتحول بالاتقان الى عادة.
وفي نفس الوقت نفت مديرة شركة نيوهرايزن للسيدات ان في واقعنا التدريب يختزل الى محاضرة والدورة التدريبية تتحول الى مجموعة من المحاضرات قد لا يكون لها علاقة باحتياجات المتدربين او بيئتهم حيث قالت: ليس صحيحا ان المتدرب يتلقى دورة ليست في مجال عمله او من ضمن احتياجاته اذ يوجد في كل شركة أو مؤسسة ادارة خاصة بالتدريب تدرك وتعي جيدا احتياجات الموظف من التدريب والبرامج التي تدخل في نطاق عمله الحالي او المستقبلي.
وعن اسباب ضعف الوعي وقلة القناعة بجدواه تقول: ربما في السابق كان هناك قلة وعي بأهمية التدريب ولكن في الوقت الحاضر فالوضع اختلف تماما ونحن كشركة تدريب متخصصة ندرك هذا التغير من خلال نوعية الدورات التدريبية التي تطلبها ادارات التدريب في الشركات او من خلال ازدياد اعداد النساء في الدورات التدريبية في اللغة الانجليزية او الحاسب الآلي وتضيف قائلة: وبالعكس اننا نسجل وعيا متزايدا وهذا ما يعكس ادراك المسؤولين والافراد بأهمية التدريب في الوقت الحاضر كمطلب مستقبلي اذ أثبتنا مصداقية شركتنا في دوراتها التدريبية في تقديم فائدة ملموسة للمستفيدين لكونها تقوم من منطلقات احداث التغيير المطلوب للأفراد وليس من منطلقات استهلاكية بحتة كما تفعله بعض الشركات.
كما شاركتنا هيفاء البحراني منسقة الدورات التدريبية بشركة تدريب خاصة برأيها قائلة:
من أسباب ضعف الوعي ما يتعلق بطبيعة العقلية والتربية التعليمية التي تلقيناها والتي توحي بشكل او بآخر للفرد بأن آخر العهد بالعلم هو الحصول على الشهادة الجامعية والالتحاق بسلك العمل المنتظم ولذلك فكثير من النفسيات تتصور ان التدريب هو صورة غير مرغوبة للجلوس مرة اخرى خلف طاولات المدارس والتلقي من المدرسين بالشكل غير الممتع بل وغير المفيد احيانا.
ومن الأسباب أيضاً عدم معرفة ما يقدمه التدريب من خدمات وفوائد قد تسهم في احداث نقلة نوعية في حياة بعض الافراد ان دور القراءة السريعة توفر على المرء اضعاف الوقت الذي كان سيستغرقه لو احسن الاستفادة منها ولا سيما في ظل كثرة المعلومات والاخبار التي تحتاج متابعة على مختلف المستويات.من اهم أسباب قلة القناعة بجدوى التدريب ضعف مصداقية بعض المراكز التدريبية في تقديم فائدة ملموسة للمستفيدين لكونها تقوم فقط من منطلقات استهلاكية بحتة ولا يهمها بعد ذلك احداث التغيير المطلوب للأفراد.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved