أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 9th November,2001 العدد:10634الطبعةالاولـي الجمعة 24 ,شعبان 1422

أفاق اسلامية

ضرورة الحوار الديني في ظل عولمة الإعلام
عبدالله محمد أبكر
إذا كان للغرب هيئات ومنظمات ومجالس للمؤتمرات، وكيف أنه صار ينفذ من خلالها ما يريد تنفيذه ويؤثر به، متخذاً مقومات كبيرة في تشكيل الحوارات، وإقامة المؤتمرات المتعاقبة، نعم إذا كان له ذلك فلم لا نأخذ ونقابل هذا كله بسياساتنا الدينية وإداراتنا الاجتماعية، وضمن مشاريعنا الخيرية والتطوعية على نطاق أوسع، طالما لدينا كل هذه المقومات والمسخرات، فالإمكانات متاحة لنا في إقامة الحوارات الدينية وليكن ذلك بيننا أولاً، ثم ننتقل إلى الحوارات الخارجية مع الأديان والحضارات الأخرى خاصة في حالات الطوارىء، نعمد بكل جدية إلى إقامة الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى بأداة الغلبة والنصر عليهم، أو على حد العدل والإحسان.
نعم لا بد لنا أن ندرك أهمية الحوار الداخلي، ونتعرف على النقاط المؤثرة ومكامن النصر والهزيمة منه، ومكامن النفوذ به إلى كل الإيجابيات المرجوة، فليست هناك سيطرة أو تغلب على عدو وإفحامه له ما لم يكن هناك اجتماع على قالب واحد يعزز المواقف والوجهات، ويحقق الأهداف أقصاها وأدناها، وقبل ذلك تحقيق الوسيلة التي عليها مدار هذا الاجتماع.
إن واقع الأمة الإسلامية اليوم في أوضاعها الراهنة المختلفة لمفتقر جداً إلى بذل جهود المسلمين لنصرة الإسلام والمسلمين، بل الإسلام يحتم علينا أن نقف وقفة صادقة وبكل صمود أمام كل تيار يسير عكس مراد الإسلام، ولا يتحقق ذلك إلا بالتحقيق الإيجابي، إلا بالحوار الديني البحت، بدلاً عن تلك الحوارات السياسية المبهرجة، والتي نقلد بها أعداءنا في الغرب.
إننا كأمة إسلامية لنحتاج إلى التعاضد الديني ونتجدد وقفة ننهض بها أمام هذه التحديات المعاصرة، إذا أردنا النصر والظفر.
فمما جعلنا نصل إلى هذه الحدود الواهنة، البعد عن إقامة الحوارات الدينية التي من شأنها الإيجابي رفع شأننا وشأن الإسلام أمام أديان وحضارات العالم، وإن قلة جذب أنفسنا إلى بعضنا دينياً أيضاً مما سيخلف أو خلف فينا الغفلة عن بعض الأساليب التي نشكل من خلالها أشرس قوة أمام المواجهات المناضلة بكل أنواعها وفي شتى أزمنتها المختلفة.
إن الحوار الديني وحده الذي نخرج به بعدة حلول لمشكلاتنا وقضايانا الإسلامية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، وبه نصحح المسار في سبيل الظفر بأمانينا وأهدافنا الإسلامية وغيرها.
وبالحوار الديني نخرج من أزمة الإفلاس الفكري، الذي لو تسلحنا به لدحرنا كل الأديان المنحرفة، والأفكار والثقافات والسياسات الغربية الدخيلة، ولوعينا كل الأساليب التي يتخذها ويحيكها الأعداء المحيطون بنا، ولما كنا عالة عليهم بتتبعنا تلك المغريات البائدة، التي يروِّجها لنا التيار الإعلامي الغربي العالمي، بل لم نكن راضين بأي من الخبر المموه حتى على سبيل نقله وروايته فضلاً عن اعتناقه، والإشادة بالأخبار المغزو بها ديارنا وتحليلها وفرزها على حساب الغرب خاصة أنها تغزو مكامن ديننا وأخلاقنا الإسلامية، ولو تحاورنا دينياً فيما بيننا لميزنا الخبيث من الطيب، ولاتخذنا بعد ذلك وسائل من جديد نضرب بها كل من يستهدفنا ذاتياً، أو يستهدف ديننا وثقافتنا.
بالحوار الديني نستقل ونتخلص من التبعية الغربية الجارفة والفاسدة، ونخلص بذلك إلى جمع أهدافنا الإسلامية، والتي من أهمها في الوقت الراهن قضية القدس الشريف مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم وقبلة المسلمين الأولى، فإن في ديننا الذي نتحاور حوله الكثير من صور القوة والشجاعة، وكيفيات وطرق لهزيمة الأعداء، وفيه كل المحركات الحافزة على إظهار وإبراز قوة هذا الدين والمجابهة به، وفيه الكثير من النصوص التي تنصب في محاكاة الديانات والحضارات، وفيه من الأساليب الخطابية التي تصلح مع جميع عقول الناس، في كل الأزمنة والأمكنة، وفيه الجدال بالتي هي أحسن.
فهلا تحاورنا دينياً من قبل والآن حول إعادة المقدسات إلى حيازتنا وتحت إمرتنا ألا نتحاور حول ما يقمع اليهود وجرأتهم وجرائمهم البشعة ألا نتحاور حول مكانتنا العربية والإسلامية والتي نجد فيها المؤازرة والمواصلة في إعلان كلمة الله تعالى.
هل نتحاور لرد كل متشدق بلسان الباطل، ألا نتحاور حول المقومات والعدة النفسية والقوة الإيمانية، التي لا تتضعضع ما دامت ماسكة ومتماسكة، ألا نتحاور حول الحرب النفسية العربية والإسلامية، وندرس الأساليب الناجعة، ونسير على ضوء الهوية الإسلامية التي عرفها وسجلها التاريخ في الجاهلية وفي الإسلام.
لنتحاور حول ما نغرف به الكيل والكيد للأعداء، ولنتعرف عبر الحوار على الطرق التي نسلب بها أفكارهم وقواهم ومداخلهم في الأجواء التي يريدون فيها فرض أفكارهم علينا، ويستخدمونا لما أرادوا، أويجعلونا جسراً يعبرونه إلى ما يريدون، ثم نرى قيمنا ومبادئنا مسخرة أو منصاعة لهم، نعم لأننا فقدنا بالحوار الديني القوة المتحدة للنفوذ إليهم، وإذا فقدنا إعمالها والتحرك بها في أرضنا ومجتمعاتنا الإسلامية، كيف يمكن لنا اختراق ثنايا ومكامن قوة العدو المجاور والبعيد.
إن الضرورة ما زالت تلح علينا بالرجوع إلى حقول معارفنا وقيمنا وشجاعتنا الدينية والتاريخية، لنخرج بنتائج مجدية مستفيدين من تجارب انتصارات أسلافنا المتقدمين الذين انتهجوا قوله سبحانه وتعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) الأنفال 60. والقوة هنا ايضا تفسر بالقوة المعنوية والمادية كما هو ظاهر في الآية لا الحسية من السلاح فقط، والتي تؤثر في النفوس أيما تأثير بشتى أنواعها ووسائلها.
وكيف يكون الاحتكام إلى القرآن والسنة، والسير على سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلا بالوقوف على تلك النصوص، والتحاور بها لتحقيق المنصوص عليه، وما هو موجود في حيزي الحق والعدل المبرهنين على النصر التام بإذن الله عز وجل، وما بعد النصر من الإيجابيات وهي بروز نتائج الغايات.
إن الحوار الديني ضرورة ملحة، فليكن ذلك مباشرا أو عن طريق وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، عن طريق الكمبيوتر بما فيه الإنترنت والبريد الإلكتروني وكل الوسائل الحديثة القريبة والبعيدة.
إن ضرورة الحوار المتعددة لا تقف إلى هذا الحد الموجز، أو تجري في مجرى واحد من الاتجاهات الحوارية الدينية، بل هناك الكثير من الاتجاهات والطرق التي تأخذ بيد القوى النافعة في الحوارات المؤدية إلى أهداف نبيلة وسامية.
ثم على إعلامنا العربي الدور الكبير في الإسهام في إنجاح هذا الحوار، وإذا كان الإعلام العربي قد أصابه ما أصابه من ضعف، خاصة أمام الوجه الغربي، فإن في الحوار الداخلي أداة لتغيير تلك الصورة المشوّهة للإسلام أولا ثم صورة الإعلام العربي المبتورة أو الغائبة في الغرب، وإننا الآن نعيش تحت مظلة واحدة وهي عولمة الإعلام فكيف لنا إهمال ذواتنا والغفلة عن هويتنا الإعلامية من قريب، كيف ذلك والوسائل متاحة لنا بنفس الوضع المتاح للغرب.
وأقول إن المسألة ليست في الإحجام، وإنما هي الإقدام أو الإحجام، وفي كيفية العرض واختيار الأساليب المؤثرة، المسألة ليست في الخطابة وإنما في الاصابة، في الحركة نحو الهدف أما الركون إلى الإعلام الغربي بدعوى أنه المغني، أو انه الأرفع والأصدق والأجد في الساحة، فإن ذلك مما يقلل من النهوض بإيجابيات الإعلام العربي تجاه الغرب، ووسائل الإعلام أيضا إن لم تكن صافية وخالصة في أيدي العرب يوجهونها بمحض إرادتهم وإدارتهم وأنظمتهم الإسلامية فإن ذلك أيضا مما يجعل الإعلام العربي في دوامة الثبوط، ولا يبرح حينذاك إلا بما يوافق إدارة الغرب في البرامج وفي إذاعة الأخبار، والتحكم في كنترول البث والنقل.
إن الأمر أكبر وأحوج، وإن هذه الأسطر لا تفي بكل الأغراض المرجوة، ولا تتحقق من خلالها ما لم يكن هناك أفعال صادقة تصب في قالب التنفيذ.
أرجو للجميع التوفيق والسداد والله من وراء القصد.
* جدة

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved