أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 15th November,2001 العدد:10640الطبعةالاولـي الخميس 30 ,شعبان 1422

مقـالات

وردة تحمل وردة..!!
د. فهد حمد المغلوث
قد تستغرب هذا العنوان وربما اعتبرته ضرباً من المثالية الزائدة او الخيال وقد تقول لنفسك: اما زال للمثالية مكان في هذا العالم المادي؟ أما زال هناك اناس يحملون؟ ولكن هذه الغرابة سوف تزول حينما تغمض عينيك وتتخيل نفسك وانت ترى وردة جميلة رائعة الجمال في كل شيء وهي تحمل وردة اخرى لا تقل جمالا وروعة عنها.
سوف تدهش وأنت ترى هذا الجمال متمثلاً في تلك الوردة من خلال براءتها وطبيعتها وعفويتها وبساطتها، بل ونقائها الذي هو أشبه بصفحة بيضاء ناصعة النقاء لم يكتب عليها حرف واحد بعد، ولربما أرسلت لك تلك الصفحة فاحترت في أمرك أتكتب عليها أم تتركها بيضاء ناصعة لا تدنسها!
وسوف تقول لنفسك أيمكن أن يكون هناك جمال بمثل ما تراه عيني الآن وبمثل ما تلمسه أوتار قلبي؟
إن هذه الوردة الرائعة التي نتحدث عنها ونتخيلها أمامنا الآن، ما هي الا رمز لتلك الأشياء الحلوة الثمينة الرائعة التي بين أيدينا ومن حولنا، ما هي الا تلك الروح خفيفة الظل التي يسعدنا التقرب منها والجلوس معها والتحدث وإياها. ما هي الا تلك الابتسامة الصادقة المشرقة التي ما إن نراها حتى تزول عنا همومنا وينشرح صدرنا ونتمنى لو يرافقنا صاحبها أينما كنا لأن هذا هو ما نحتاجه في هذا الزمن الذي طغت عليه المصالح الشخصية والاعتبارات المادية هذه الوردة وغيرها من الورود الجميلة المماثلة سواء المجاورة لها أو البعيدة عنها إنما هي المُثل الحلوة في حياتنا وهي الروح الشبابية التي لاتشيخ مهما امتد بنا العمر بإذن الله وهي الدفاع القوي الذي يجعلنا نتمسك بالحياة ونعيشها كما أرادها الله لنا دون ان نتجاهل حقوقنا فيها أو حقوق الآخرين من خلالها.
هذه الوردة التي كلما نظرت من قريب أو بعيد تمنيت ان يكون لك نصيب منها أو أن تكون أنت مثلها، لأنك حينئذ سوف تعيد حساباتك في كل شيء، في نظرتك لمن حولك، في اسلوب تعاملك مع الآخرين، في تضحياتك معهم، حتى في ابتسامتك سوف تشعر أنها تخرج منك بشكل مختلف، لأن من سوف يبادلك اياها سوف يجبرك وبطريقة جميلة ومقنعة على أن تكون ابتسامتك شيئاً آخر.
وحينما يكون لديك مثل هذه الوردة تصطبح على وجهها الجميل وتمسي عليه وحينما يستقبلك في دخولك وتودع في خارجك وحينما تكون بقربك وبجانبك تنظر فيما تريد وحينما تطمئن عليك أثناء غيابك وتسأل عنك وحينما ترى رائحتها العطرة الزكية وروحها البريئة الطاهرة ترافقك أينما كنت، حينها قد تقول لنفسك: ترى هل ما كنت اعيشه من حياة في السابق كانت تسمى حياة فعلاً؟! ترى هل الحياة اكل وشرب ونوم أم أنها الاحساس بالآخرين واحساسهم بنا وشعورنا أننا نكمِّل بعضنا ونحافظ على بعضنا ونراعي مشاعر بعضنا ونشعر بقيمة من حولنا من جمال غير محسوس وغير مرئي؟
ترى إلى متى يكون الجمال بين ايدينا ولانراه ولا نحس به او نقيم له وزناً الا بعد ان نخسره؟ أهكذا هي الحياة؟ أهكذا هي نظرتنا لها، وهكذا هو تفسيرنا لكل ما يدور فيها، متى ندرك حقيقة أننا نحيا بمن حولنا ونقوى بهم وترتفع وتزداد مكانتنا بوجودهم معنا ودعمهم لنا من خلال وقوفهم معنا ودعواتهم لنا في ظهر الغيب دون ان ندري.
لنأخذ مثالا بسيطا جدا وهو: هل كل ما وصلنا إليه من نجاحات وما حققناه من طموحات وغيرها من الاشياء الجميلة التي أنعم الله بها علينا، هل كلها بفضل جهودنا؟ أبداً إنها بتوفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ثم بوقوف من حولنا معنا ودعوات والدينا لنا أينما ذهبنا ومع من كنا.
نعم إنه رضا الوالدين عنا بعد رضا الله وحب الآخرين لنا واقتناعهم وثقتهم بنا هو من يقوي جانبنا ويدفعنا للمضي للأمام بتفاؤل وثقة واحساس بالراحة والاطمئنان النفسي.
ببساطة إنها تلك الوردة او الوردة الجميلة من حولنا، هي من تجعل من حياتنا شيئاً آخر مختلفاً جميلاً لم نعهده من قبل وهي الوردة التي تقول لنا في كل مناسبة وغير مناسبة أنا معك، لن أتخلى عنك بكل ما أملك من مشاعر حب صادقة وأحاسيس شفافة مفعمة بالود والحنان والتضحية التي لايمكن ان تتوقف طالما أنك نبضي الذي أعيش به بعد الله سبحانه وتعالى ونظرتي الحلوة للحياة التي تزداد جمالا يوما بعد يوم.
ولكن ما يحدث أحيانا ان هذه الوردة الجميلة قد تتعب يوما ما، قد تتضايق، قد يصيبها نوع من الشعور بالملل من الحياة، وقد تكون باهتة مع مرور الايام وقد نكون نحن السبب في ذلك دون ان ندري، قد تكون أنت كصديق أو كزوج أو كزوجة أو أخت .. قد تكون أنت السبب فيما آلت إليه هذه الوردة من ذبول وتحول وأفول فماذا أنت فاعل؟ هل تسكت على هذا كله لأن الزمن كفيل بإصلاح كل شيء؟ والى متى تترك المساعدة لغيرك وأنت قادر عليها؟
الآن وقد رأينا هذه الوردة الجميلة بكل جمالها وروعتها، الآن وقد لمسنا بأنفسنا اهميتها بالنسبة لنا ومن حولنا. الآن وقد اصبحت بداخلنا وجزءاً منا لانستغني عنه. الآن وقد اصبحت كل ذلك وأكثر، فهل نتركها لوحدها تعيش حزنها ووحدتها وهي التي لم تكن تبخل علينا بشيء في يومٍ من الايام حتى ولو على حساب نفسها؟
هل نتجاهلها وكأن شيئا لم يحدث ونغض أعيننا عن كل ما يجري لها من كآبة واحباط وهي التي كانت تضحي من اجلنا في كل يوم وفي كل ساعة ودقيقة دون ان تمل او تشتكي؟
هل ترخص علينا دموعها الغالية ولا نمد اليها يدنا الحانية لنمسح وبكل رقة وحنان تلك الدموع الغالية على قلوبنا ونشعرها أننا معها ولها مهما حدث ويحدث؟
وهل ننساها بسهولة وقد كانت لنا نعم الصديق الذي نعتز به والرفيق الذي لايمكن ان نتخلى عنه او نفكر في غيره؟
إن هذه الوردة ليست أنا فحسب أو أنت فحسب بل هي قد تكون نحن جميعا وقد تكون اقرب الناس لنا وأعزهم الى قلوبنا وقد يكون احد فلذات كبدك ممن يعيش ظروفا صعبة تحتاج الوقوف معه الى حين الخروج من أزمته او محنته والى حين ان يعود كما كان وردة حقيقية بكل ما فيها من جمال الدنيا.
لنقل لتلك الوردة الجميلة بأننا معها ولن نتخلى عنها، لنقل لها بأن كلماتنا الحلوة سوف تظل لك ومن اجلك وسوف تكون لك ذلك الدفء الذي أنت في حاجة إليه مع قدوم الشتاء بكل برودته القاسية وسوف تكون ذلك الصدر الحنون الذي يضمك إليه لتشعرني بالامان وسوف تكون ذلك القلب الكبير الذي طالما تحملَّك بكل ما فيه.
ولنفهم تلك الوردة الرائعة ان ما نقوم به تجاهها ليس الا جزءاً بسيطاً وبسيطاً جدا مما قامت به تجاهنا او قدمته لنا في يوم ما، فماذا اكثر أيتها الورده؟ الا يكفي كل ذلك كي تشعري أنك لست بمفردك ولكي تشعري أنك لست وردة عادية، بل مميزة ومتفردة وهكذا ستظلين بإذن الله مصدر سعادة للآخرين وكل عام وأنت بخير،لك ولكل ورود الدنيا.
همسة:
أبداً.. أيتها الوردة الجميلة
ماهذا الكلام..
الذي اسمعه منكِ؟
ماهذا التشاؤم..
الذي ألاحظه عليكِ؟
ماهذا الانكسار..
الذي أراه في حديثك؟
وماهذه النبرة المؤلمة..
التي اسمعها في صوتكِ؟؟
التي تكاد تخنقكِ..
* * *
ألأنك..
شعرت بإجحاف الآخرين معكِ..
وعدم تقديرهم لكِ..
وعدم إحساسهم بكِ..
ألأنك شعرتِ بهذا كله..
تصلين الى هذا الحد..
من التشاؤم؟
من الاحباط؟
من الوحدة؟
ومن اليأس؟
* * *
لا.. لا
ماهكذا أنت!
ولن تكوني أبداً!
ماهكذا هي الوردة الجميلة..
التي تعودت عليها..
تذبل بسرعة..
تستسلم بسهولة!
* * *
ماهكذا هي تلك الوردة..
التي يقصدها الآخرون!
ليأنسوا بها!
ليستمتعوا بجمالها!
وليرتاحوا معها!
ويستنشقوا عبيرها!
* * *
أبداً.. أيتها الوردة الجميلة..
سوف لن تذبلين بإذن الله.
وانا معك.. وبجانبك..
بل ستظلين نظرة..
كما عهدتك..
وردة متفتحة..

مبسمة..
متفائلة..
كما عرفك الآخرون..
* * *
هل تذكرين أيتها الوردة..
حينما كنت تحملين وردة..
هل تذكرين..
ماذا كان يقول الآخرون..
وأنتِ تضمينها اليك..
وانتِ تحملينها بين يديك..
هل تذكرين حينما كانوا يقولون:
«وردة تحمل وردة»؟!
أمعقول؟!
فياله من جمال!
وياله من دلال!
* * *
أبداً.. بل ستظلين..
ذلك الطير المغرِّد..
في الحقول..
وبين اغصان الصباح..
ذلك الريم الجميل..
المتنقل في الصحاري..
وبين التلال..
* * *
لا.. لا أيتها الوردة..
سوف لن تظلِّين بمفردك..
تعانين.. وتعانين..
وتشكين وتتوجعين.. وبمفردك..
بل سأكون معكِ..
بجانبكِ..
أتفهم مشاعرك..
وأقدِّر ظروفك..
وأخفف ما بكِ..
وأعيدكِ بإذن الله..
وبكل ما استطيع..
الى حيث كنت..
حيث التفاؤل ؟؟..
لايفارق شخصيتك..
وحيث الابتسامة..
لاتفارق محيَّاك..
* * *
لمَ لا..
وأنت أهلٌ لها؟
لمَ لا..
وأنتِ جزءٌ منها؟
لمَ لا..
وأنتِ من يجب أن يكون كذلك؟
* * *
ولا تنسي أيتها الوردة..
أنه رمضان الخير..
مانحن مقبلون عليه..
مانحن فيه الآن..
رمضان الخير..
ما يعني أنه بداية التواصل..
ولن يكون الأخير..
بإذن الله..

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved