أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 18th November,2001 العدد:10643الطبعةالاولـي الأحد 3 ,رمضان 1422

الثقافية

قراءة في كتاب الشيخ صالح العمري
التعليم في القصيم بين الماضي والحاضر
د. عبدالله بن محمد الرميان
(1)
الشيخ صالح بن سليمان العمري المتوفى سنة 1411ه أحد رواد التعليم الأوائل في هذه البلاد وفي منطقة القصيم على وجه الخصوص إذ تولى التدريس سنة 1368ه في أول مدرسة أسست في بريدة وهي (المدرسة الفيصلية) التي أسست سنة 1356ه ضمن سبع مدارس قامت في بعض مدن المملكة كنواة للتعليم النظامي في المناطق النجدية وما حولها.
تدرج العمري في وظائف هذه المدرسة حيث أصبح مساعداً لمديرها ثم مديراً لها ثم عين سنة 1369ه مديراً للتعليم في منطقة القصيم والتي تسمى في ذلك الوقت (بمعتمد المعارف في القصيم) وذلك زمن تولي الشيخ محمد بن مانع المتوفى في قطر سنة 1385ه لادارة المعارف.
بقي العمري الذي هو سبط لقاضي القصيم في زمنه الشيخ عمر بن سليم في هذا المنصب حتى سنة 1374ه حيث انتقل إلى الرياض بعد تعيينه مديراً لدور الأيتام وموضوع حديثنا هنا هذه الفترة الزمنية التي هي البدايات الأولى للتعليم النظامي في المملكة أو في نجد على وجه الخصوص.
والغريب في الأمر أن العاصمة الرياض تأخر افتتاح المدرسة النظامية الأولى فيها إلى سنة 1367ه حيث انتقل الشيخ عبدالله بن ابراهيم السليم مدير مدرسة بريدة إلى الرياض لافتتاح مدرستها الأولى وذلك لمعارضة بعض أهاليها.
والعمري الذي ألف كتابه هذا (التعليم في القصيم بين الماضي والحاضر) وهو موضوع حديثنا واخترمته المنية قبل إكماله أحق وأولى من يكتب في هذا المجال فهو أحد رواد التعليم الأوائل كما أنه ساهم بفكره وقلمه وجهده في متابعة الحركة التعليمية منذ نشأتها حتى استوت وآتت أكلها إضافة إلى توليه لفترة من الزمن لمركز من مراكز التوجيه الفكري يتمثل في رئاسته لتحرير جريدة القصيم لمدة ثلاث سنوات في الفترة (1381ه1383ه).
وقد طلب منه الكتابة في هذا الموضوع عدد من زملائه من رواد التعليم الأوائل الذين عرفوا أنه أولى من يكتب فيه وألحوا عليه في ذلك منهم: معالي الشيخ الباحث الأديب الرحالة محمد بن ناصر العبودي الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي والذي التحق بسلك التعليم سنة 1364ه ثم تولى إدارة المعهد العلمي في بريدة حال تأسيسه سنة 1373ه والذي حثه كثيراً على تأليف كتاب يتحدث عن بداية التعليم في القصيم وكان مما قاله له في رسالة كتبها إليه في عام 1392ه: أرجو أن تكون قد بدأت بما أشرت عليك من كتابة مذكراتك عن التعليم في القصيم في أول عهده فذلك سيكون له قيمة لا تقدرونها الآن وهو موضوع طريف لا يعرفه أحد كما تعرفون وبخاصة كون بعض الأهالي لا يرغبون في افتتاح المدرسة وأنتم كنتم تلاطفونهم بل وتخادعونهم حتى يذوقوا ثمرة التعليم ثم يقبلوا عليه. ومنهم الشيخ فهد بن عبدالعزيز السعيد صاحب المكتبة السعيدية التي تعتبر من أوائل المكتبات التي طبعت العديد من الكتب العلمية في القرن الماضي وكان من أخص أصحابه وممن ألحوا عليه في التأليف تلميذه النجيب الذي اختطفته المنية في ريعان شبابه الشيخ علي بن عبدالله الحصين رحمه الله الذي تولى إدارة شركة كهرباء بريدة في بداية تأسيسها وعمل مفتشاً في إدارة تعليم القصيم ثم مساعداً لمدير التعليم حتى توفي رحمه الله سنة 1382ه.
ومع الحاح هؤلاء وغيرهم كانت هناك الرغبة الشخصية والدافع الذاتي النابع من حرصه رحمه الله على تاريخ بلاده وخوفه من ضياعه الذي عبر عنه بقوله :خوفاً من نسيان هذا الجزء المهم من تاريخ التعليم رأيت الضرورة لهذا العمل ملحة لأنه لم يقم فيه أحد يوفيه فأخذت على عاتقي القيام به راجياً من الله سبحانه وتعالى العون والتوفيق في القول والعمل وأن يكون خالصاً لوجه الله تعالى وخدمة للعلم ورجاله.
وبين رحمه الله أن من أهداف تسطير هذا التاريخ اطلاع الأجيال القادمة عليه لتقارن بين الماضي والحاضر ولتعرف الجهود التي بذلت في سبيل العلم ولتقف على الرجال الذين دفعوا عجلة التعليم ومن لا يعرف الماضي لا يقدر الحاضر حق قدره.
الكتاب حققه ابن المؤلف البار الدكتور عمر بن صالح العمري أستاذ التاريخ والحضارة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وقد اجتمعت عوامل النجاح للمحقق فموضوع الكتاب صلب تخصصه وهو ابن المؤلف وأعرف الناس به.
وقد قسم المحقق الكتاب إلى قسمين: القسم الأول جعله لدراسة الكتاب وحياة المؤلف ومع أهميته وكثرة فوائده لا يعرج عليه طالب الاختصار كحالنا هنا حيث نركز على القسم الثاني من تحقيق الكتاب الذي هو الكتاب الذي نتحدث عنه وهو التعليم في القصيم في الماضي لأن المؤلف رحمه الله عندما وضع عنوان كتابه (التعليم في القصيم بين الماضي والحاضر) أراد ذكر الماضي الذي عاصره والحاقه بالحاضر لتحصل المقارنة ولكنه رحمه الله توفي قبل أن يحقق غرضه ووعد المحقق بتحقيق رغبة المؤلف مستقبلاً بالحاق دراسة أخرى لهذا الكتاب تتحدث عن حاضر التعليم في القصيم كما أراد المؤلف. ولاشك أن القسم الأهم من هذا الكتاب وصل إلينا وهو الحديث عن الماضي الذي لا يحسنه إلا من عاصره كالمؤلف رحمه الله.
وأما القسم الآخر فهو وإن كانت الدراسة تكتمل به إلا أن أهميته أقل لأنه بين أيدينا ولا نعدم من يقوم به خصوصاً في ظل السجلات والاحصائيات والدراسات التي حظي بها التعليم مؤخراً.
الكتاتيب:
تحدث المؤلف رحمه الله عن المدارس القائمة في نجد قبل المدارس النظامية وهي ما يعرف (بمدارس الكتاتيب) فبين أن الصبي يلحق بهذه المدارس عند بلوغ السادسة أو السابعة ويتعلم فيها مبادئ القراءة والكتابة والقرآن الكريم.
وأغلب من يتخرج من مدارس الكتاتيب يلتحق بعمل والده وينشغل بالكسب وطلب الرزق ومن أراد مواصلة طريق العلم فيلتحق بالعلماء ويلازم حلقاتهم المقامة في المساجد والبيوت ويكون الطلب أحياناً ملازمة التلميذ لشيخه ملازمة تامة في ليله ونهاره وحضره وسفره وقد يبقى بعضهم في الطلب حتى وفاته فينتقل من ملازمة شيخ لآخر وقد ذكر العمري رحمه الله والده والشيخ عبدالله الرشيد الفرج كمثال لمواصلة طلب العلم.
وقد ذكر المؤلف رحمه الله أهم الكتاتيب في بريدة وعنيزة وهي كالتالي:
في بريدة:
مدرسة آل سيف قلت: وهي من أقدم الكتاتيب في مدينة بريدة أسسها الشيخ سليمان بن محمد السيف في القرن الثالث عشر الهجري وخلفه عليها ابنه ناصر إمام المسجد المشهور باسمه وأحد تلاميذ الشيخ المحدث ابراهيم الجاسر ثم صالح الناصر وهكذا توارثها الأبناء عن الآباء.
وكذلك مدرسة آل معارك وآل عمري وآل مضيان وآل صقعبي وآل سليم وهذه مدارس قائمة في ذلك الوقت قال: وممن اشتهر بالتدريس في النصف الأول من القرن الماضي الشيخ محمد بن صالح الوهيبي قلت: المتوفي سنة 1413ه وقد تخرج على يديه الكثير من طلاب العلم وغيرهم حتى انضم مع طلاب مدرسته إلى المدارس النظامية وذلك عند افتتاح مدرسة المنصورية سنة 1368ه حيث عين مدرساً فيها ثم أصبح مديراً لمدرسة السادة الابتدائية (القدس) عند افتتاحها اضافة لإمامته في عدة مساجد في بريدة وتدريسه القرآن فيها لمدة تزيد على خمسين سنة.
وكذلك الشيخ عبدالله بن ابراهيم السليم المتوفي سنة 1416ه وهو بحق أحد رواد التعليم الأهلي والحكومي حيث تولى إدارة المدرسة الأولى في بريدة سنة 1356ه وضم طلابه اليها ومدرسته هي مدرسة آل سيف الشهيرة حيث أصبح مديراً لها حتى اشتهرت باسمه ويعتبر العمري صاحب هذا الكتاب أحد طلاب هذه المدرسة وأحد تلامذة هذا المربي.
وانتقل السليم سنة 1367ه إلى الرياض لافتتاح أول مدرسة حكومية بها ثم عاد إلى بريدة وتعين مديراً لمعهد المعلمين فيها حتى تقاعد رحمه الله.
والشيخ صالح بن محمد الصقعبي، ووالده كان صاحب مدرسة مشهورة ذكر العمري في ترجمته له في كتاب علماء آل سليم أنه كان يعلم في مدرسته قواعد الحساب والإملاء وأنه تعلم القرآن على يديه من يعدون بالآلاف وقال أنه أول من حاول التجديد في تعليم الأطفال بالطرق الحديثة حتى توفي رحمه الله سنة 1358ه قال الشيخ ابراهيم العبيد عنه في كتابه تذكرة أولي النهي والعرفان:
(كان مؤدباً للصبيان ومعلماً للقرآن والكتابة وهو مؤدبنا ومدرسنا وتعلم منه خلائق كثيرون في الحساب والكتابة وجعل الله في تعليمه البركة وكانت مدرسته تحتوي على أربعمائة طالب وصفة تدريسه أنه يكتب للأولاد حروف الهجاء في ألواح من الخشب فإذا حذق الصبي الهجاء فإنه يعطى جزء عم فيشرع في الفاتحة ثم الناس ثم الفلق ويصعد كذلك فإذا اجتمع الأولاد صباحاً فإنهم يأخذون جميع الدراسة وبعد ساعتين يقرأ عليه اثنا عشر طالباً وكلما قرأ واحد فإنه يقيم معه خمسة يقرؤون عليه ومن قرأ فإنه يأتي إلى المؤدب فيجعل معه خمسة وهكذا حتى تتم الدراسة في حوالي أربع ساعات فإذا كان بعد الظهر حضر الأولاد يمرون ما درسوا صباحاً ويخرجون قبيل العصر بدقائق ثم يأمر من كان من الدرجة الثالثة أن يكتبوا لأهل الهجاء في ألواحهم ويحضر كبار الطلاب بعد صلاة العصر في دكاكين في السوق لتعلم الكتابة والحساب) وكان من طلاب هذه المدرسة أيضاً العلامة حمد الجاسر رحمه الله حيث قال عنها :(دخلت مدرسة في بريدة لمعلم يدعى الصقعبي وكان مما لحظت على هذا المعلم تأنقه في نظافته وفي لباسه وفي الظهور بمظهر طلبة العلم من حيث اختيار العباءة الملائمة والميسر (العصا)وكان على جانب كبير من الأدب وحسن المعاملة لطلابه.. أما المدرسة فكانت في الصباح في داخل البلدة وكان لا يختار من الطلاب إلا من يجيد مبادئ القراءة والكتابة وأتى ليستزيد من حفظه القرآن).
والشيخ عبدالعزيز الفرج المتوفى سنة 1391ه كانت له مدرسة خاصة وانضم بعد ذلك مع طلابه إلى المدرسة العزيزية التي افتتحت سنة 1369ه.
وذكر العمري أن هؤلاء يتميزون بأنهم يدرسون مع القرآن القراءة والخط والإملاء والحساب وبعض العلوم الأخرى.
إضافة إلى أن هناك الكثير من مدارس الكتاتيب في بريدة لم يذكرها المؤلف منها: مدرسة محمد بن حمد المطوع، مدرسة عبدالرحمن بن عقيل، مدرسة سليمان بن محمد الرزقان، مدرسة علي الشويرخ، مدرسة مبارك الفرج، مدرسة عبدالله بن محمد الدليقان، مدرسة محمد بن حمد الهويمل، مدرسة صالح الضبيعي.
وأما في عنيزة:
فاشتهر الشيخ صالح بن ناصر الصالح ومدرسته أشبه بالمدارس النظامية في العلوم وقد استفاد رحمه الله من تنقلاته في دول الخليج دراسة وتدريساً حيث استقر في عنيزة وفتح هذه المدرسة سنة 1348ه واصبحت هي نواة المدرسة الحكومية الأولى التي انشئت في عنيزة سنة 1356ه.
كذلك من مدارس الكتاتيب الشهيرة في عنيزة مدرسة القرزعي التي استمرت حتى سنة 1351ه حيث توفي مؤسسها فأقفلت.
* جامعة أم القرى /مكة المكرمة ص.ب 13663
amn sa@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved