أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 18th November,2001 العدد:10643الطبعةالاولـي الأحد 3 ,رمضان 1422

مقالات في المناسبة

الملك فهد وتحديات القرن
بقلم: عبد الله الزازان
يؤكد الاستراتيجيون على أن العشرين عاماً التي مرت أتت بالمزيد من الفعل، المزيد من الرخاء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والنفسية والروحية.
يقول د. مجيد خدوري، وهو أحد الشخصيات البارزة في (الأوساط الأكاديمية في الولايات المتحدة): لا أعتقد أنه حدث بعد الحرب العالمية الثانية تطور لدولة ما في العالم كالذي حدث للمملكة العربية السعودية، لقد أصبحت للمملكة قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة على مجريات الأحداث في العالم، وإن أنظار العالم وبالذات العالم الغربي، كثيراً ما تأخذ برأي المملكة في الشؤون الاقتصادية العالمية، وبالأخص شؤون الشرق الأوسط.
ويقول د. ألكس أنوكون، أستاذ الإدارة بجامعة (جورج واشنطن): رغم دراستي المتواصلة للتقدم الاقتصادي في المملكة العربية ا لسعودية، فإن التطور الذي حدث في البنية الاقتصادية السعودية أكبر بكثير من المعلومات والاحصائيات والأدلة التي توافرت لي. ولا شك أن تلك النهضة الحضارية التي تهيأت للمملكة، تعود إلى الدور الذي اضطلع به الملك فهد بن عبد العزيز لبناء دولة حديثة مزدهرة، أسسها على قاعدة روحية، العقيدة الإسلامية. ويقول الكاتب العربي، محمد عنان: أصبح تأثير المملكة العربية السعودية في العالم العربي أمراً ثابتاً وحقيقة راهنة يعترف بها الجميع، فقد استطاعت خلال العقدين الأخيرين أن تنال صفة الوطن الروحي للعالم العربي والإسلامي، وذلك بفضل سياستها الثابتة ومواقفها المبدئية، واستطاعت أن تكون الدعامة الأساسية لكل جهد شريف لبناء الأمة.
وقد أشارت مصادر كثيرة واتفقت على الاهتمام الحقيقي الذي يعطيه خادم الحرمين الشريفين للتعليم.
ويورد كتاب، فهد القائد والإنسان، طرفاً من دور الملك فهد حفظه الله في دعم التعليم.
يقول الملك فهد في أحد لقاءاته: إنني أعتز في حياتي بأشياء كثيرة، ولكنني أعتز أكثر بانتسابي إلى أسرة التعليم، وقد كان شرفاً لي أن أكون دائماً من أبناء هذه الأسرة، وقد كان من أهم الواجبات التي قمت بها تجاه وطني، الواجب الذي أديته تجاه النهضة التعليمية في المملكة.
فالانتساب إلى أسرة التعليم في حياة الملك فهد الذي كان أول وزير للمعارف، لا تتحدد أهميته فقط من خلال حجم الانجازات التعليمية والثقافية التي رأت النور على يد الملك القائد، ولكن بالأساس تتحدد من خلال المضمون الحضاري لهذا الانتساب، ومن خلال تأسيس الكيان الثقافي والتعليمي للمملكة الذي يمكنها من أداء رسالتها النبيلة المستمدة من روح الإسلام.. وقد استطاع الملك فهد على مدى اتساع نطاق الانجازات التعليمية في المملكة، أن يوجد عالماً قائماً بذاته يتولى ضمنه أبناء المملكة مباشرة مسؤولياتهم، في ظل ما تتيحه الدولة من فرص التعليم والدراسة والتحصيل الذي يشمل كل أنواع المعرفة، كسلاح لتحقيق التقدم والازدهار المبني على اعتمادها على كفاءات أبنائها.
كما يتحدث كامل الكيلاني في كتابه، فهد بن عبد العزيز ومسيرة دولة، عن حب فهد بن عبد العزيز وولعه بخدمة العلم الذي جعله يؤثر أن يكون أول وزير للمعارف في المملكة الناهضة ثم وزيراً للداخلية، إذ كان يرى أن الأمن هو سبيل الاستقرار وداعية العمل إلى النهوض بالبلاد، ومع ذلك، فإنه ظل حريصاً حفظه الله على رعاية العلم والعلماء، فكان رئيساً للجنة العليا لسياسة التعليم والرئيس الأعلى الموحد للجامعات.
وبعزيمتها الصادقة استطاعت المملكة بعد حياتها المتبدية أن تنشر التعليم، وأن يكون فيها سبع جامعات متخصصة في فنون المعارف المتعددة، حتى يمكن ان يعد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الرائد الأول للتعليم في هذه البلاد، وقد خرجت هذه الجامعات أعداداً كبيرة من العلماء المتخصصين القادرين على المشاركة في بناء البلاد والنهوض بها إلى المستوى الذي تطمح إليه همة الملك العظيم فهد بن عبدالعزيز.
ويمضي الكتاب في الحديث عن منهج الملك فهد في بناء الوطن والإنسان، فيقول الوطن والإنسان في منهج الملك عبدالعزيز يتلازمان إلى درجة من الانصهار، بحيث ان هذا الهدف يظل المنطق الأساسي لأي خطوة أو قرار تعرفه المملكة، فهو تلازم إن كان يعطي لمفهومي الوطن والمواطنة أبعاداً متقدمة من حيث الارتباط والتلاحم، فإنه يبرز شمولية للمنطلقات في الفكر القيادي للملك فهد، تلك المنطلقات الهادفة لتكريس الدور التاريخي للمملكة، الذي لا يمكن الحفاظ عليه والاستمرار في إنجازه إلا في إطار تقوية الوجود الذي يمس بنفس الدرجة الإنسان والوطن، فالإنسان هو محور كل عمل اجتماعي باعتباره قوة خلاقة في عملية البناء الشاملة، لذلك كان التركيز على تكوينه واتاحة المزيد من الفرص أمامه في منهاج الملك فهد هو في جوهره تكريم للقيمة الفعلية للإنسان.
وإذا ما تطرقنا إلى الأمن الغذائي، فإن المملكة أحرزت تقدماً ملموساً في هذا المجال. تقول باربارة روزويش، من (وول ستريت جورنال): إن المملكة العربية السعودية تخوض معركة الوفرة، ليس وفرة النفط ولكنها وفرة من نوع آخر.. إنها وفرة السلعة.. إن السعوديين يملكون نفطاً كبيراً، ولكنهم الآن يصارعون تخمة القمح، فقد أصبح من السهل على الدولة ان تدع المزارعين يواصلون أعمالهم.. وتشير إحصاءات وزارة الزراعة إلى أن المحاصيل الزراعية قد بلغت ملايين الأطنان.
في عام 1984م تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر إحراز المملكة تفوقا ملحوظا على غيرها من الدول في مجال التنمية الزراعية ورعايتها من خلال السنوات الماضية.. وعلى ضوء ذلك قررت منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) منح المملكة العربية السعودية جائزة التفوق العالمية الزراعية تقديراً لجهود المملكة وإنجازاتها الطموحة في مجالات الزراعة والأغذية. ومما يزيد إنجازات المملكة أهمية أنها أتت في وقت تزداد فيه المواد الغذائية أهمية وتبرز فيه حيوية الأمن الغذائي.. وهنا وجه آخر للمسألة لابد من الإشارة إليه والتنويه به، وهو أن المملكة أحرزت شهادة التفوق على غيرها من دول العالم في المجال الزراعي، مع العلم بأن هناك دولا تمتاز بامكانيات ومقومات طبيعية أفضل مما لدى المملكة، وهنا يبرز العامل الإنساني متمثلاً في الزراعيين ورجال الأعمال والمواطنين الذين وقفوا وراء هذا الإنجاز بكل ما يملكون من قوة وخبرة حتى تجسد في هذا الانتاج الوفير الذي شمل الحبوب والخضار والألبان والدواجن والثروة السمكية. يقول الخبراء الزراعيون: إن ما حدث في المملكة لا يصدقه العقل إلا بصعوبة، وذلك إذا ما رجع الإنسان إلى الوضع في الماضي، حينما كانت مستويات الإنتاج متدنية جداً إذا ما قورنت باحتياجات الاستهلاك، ويقف وراء ذلك كله إصرار الدولة على إنجاز برنامج التنمية الذي بدأ بشكل فعال منذ سنوات، والحركة الزراعية في المملكة أحدثت تغييرا كبيرا في شتى نواحي الحياة، هذه الحركة وضعت المملكة في مصاف المصدرين الرئيسيين للمواد الغذائية في العالم، قبل أعوام قلائل لم تكن هذه البقاع سوى صحراء قاحلة ليس فيها غير الرمال إلا شجيرات جافة متناثرة هنا وهناك، ولكنها اليوم من المناطق المزروعة بكثافة التي تنتج حصاداً من القمح يعادل انتاج الفدان منه منطقة القمح الكندية أو أي مكان آخر، مما أنعش سوق المعدات الزراعية في المملكة الذي بلغ حجم التعامل فيه 35.1 بليون دولار سنوياً.
يقول أندروز جورز من (الفاينينشيال تايمز) المملكة اليوم سوق كبير للأجهزة الزراعية، مما أنعش صناعات المعدات الزراعية المترنحة في الغرب.. وقد جذب معرض زراعي نظم في الرياض أكثر من 400 شركة رئيسية تعمل في حقل التصنيع الزراعي جاءت من 26 بلداً.. التنمية الزراعية في المملكة قطعت مرحلة هامة من تطورها، فقد تجاوزت آمالها الطموحة في الاكتفاء الذاتي، ووصلت المملكة الى مرحلة التصدير في منتجات الدواجن، وأصبحت تنتج نصف حاجتها من الدواجن والألبان.. ولكن القمح هو الإنجاز الباهر.. هذه المعجزة تحققت بفضل الدعم السخي الذي تقدمه الدولة للقطاع الزراعي، فمنذ بداية السبعينيات يتلقى المزراعون حوافز ضخمة من الدولة تتمثل في قروض كبيرة من غير فوائد ومشاريع واسعة توزع مجانا ودعم في الآلات الزراعية يبلغ 5.7% من قيمتها، وكذلك الوضع بالنسبة للبذور والأسمدة.. وأهم من ذلك أن الدولة تضمن للمزارع شراء كل إنتاجه بسعر خمسة أضعاف السعر العالمي، وكنتيجة لذلك هاجرت أفضل الأدمغة من الغرب ووضعت نفسها في خدمة هذا العلم الجديد (علم زراعة الأراضي الجافة) ويبلغ حجم الاستثمار السعودي في زراعة القمح منذ بداية الثمانينيات حتى عام 1985م، أكثر من 18 بليون دولار. المزارع اليوم يعتبر من أكفأ المزارعين استخداما للتكنولوجيا.. ولكن بغير الدعم الحكومي سيجد المزارعون كل هذه العملية التنموية مستحيلة، ولكن الحيوية التي جلبتها هذه التنمية الزراعية أوقفت الهجرة الكبيرة من الريف إلى المدن، وفي الوقت نفسه ساهمت في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن البترول، ولكل هذه الأسباب فإن الدولة فخورة بهذا النشاط الاقتصادي.. وقد علق وزير الزراعة الأمريكي في اجتماع مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على بهاظة التكلفة، فكان الرد المفحم من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد: إن المملكة عاقدة العزم على نفي المزاعم بأنها ليست بلداً زراعياً.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved