أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 20th November,2001 العدد:10645الطبعةالاولـي الثلاثاء 5 ,رمضان 1422

مقـالات

مركاز
الملك فهد وعهد التحديث
حسين علي حسين
منذ تفتحت عيناي وأنا غارق في الاعلام، من موقعي في المدينة، كنت أقرأ الكتب والصحف والمجلات وفي المساءات المتأخرة انصت للمذياع وهو يشرق ويغرب بي.. وخلال ذلك كله كنت اشفق على صحافتنا بالذات، لماذا ليس لها شيء من ذلك الصيت الذي نالته الصحف المصرية واللبنانية وبعد ذلك الصحف الكويتية؟ كانت صحافتنا مدرسية بكافة المقاييس، فالصحيفة مليئة بالمقالات العاطفية والادبية، وتلك التي تتحدث عن العصور السحيقة، لم تكن هناك صلة تذكر بين ما يُكتب وما نحن فيه محليا وعربيا وعالميا، الشيء الوحيد الذي نتحد فيه مع الاعلام الخارجي كانت الاخبار، وهي اخبار منقولة بالمسطرة من وكالات الانباء العالمية، فلم تكن الصحف عرفت أو اهتمت بالطبخ الصحفي، ذلك المطبخ الذي يخضع الخبر والتقرير والتحقيق الصحفي لمعالجة جديدة، تجعله يختلف عن المبثوث عبر وكالات الانباء، كانت صحفنا ناقلة، وهي تدفع في كل شهر فاتورة باهظة لهذا النقل، الى وكالات الانباء العالمية، حتى الصحافي الذي يسافر الى مؤتمر أو مناسبة خارجية، كان يعود من هناك وقد امتلأت شنطته بكل شيء الا المعلومات عن الدول التي زارها، كانت اغلب رحلات صحافيينا لتطليق الارجل وملء البطون لا اكثر ولا اقل ، فلم تقع عينيّ على تقرير صحفي او مقال كتبه زميل سافر في اجازة أو لحضور مؤتمر عن بلد زاره، وكأنه لم ير في البلاد التي ذهب اليها غير المطار والفندق وأماكن التسوق.. في الوقت الذي كنت اقرأ فيه انطباعات في غاية المتعة والفائدة كان ينشرها انيس منصور ولويس عوض ومحمد حسنين هيكل وميشيل أبوجودة وأحمد الجار الله ونبيل خوري وغادة السمان، كنت ابحث عن مثل هذه المواضيع في صحافتنا فلا اجد الا تغطية لأحاديث السفر والقدوم والمواليد والاعراس والمآتم، وهذا احدث شيء والا كان هناك صفحات كاملة تنشر عن تاريخ الطرق والجبال والمياه وكلها مواضيع مكانها الطبيعي الدوريات المتخصصة!!
اما توضيب الصحيفة او الثوب الذي تخرج به على القراء، فقد كان ثوباً يُرثى له، فقد كان في كل صحيفة محرر يركض من العصر حتى ساعات الصباح الأولى لكي يخرج لنا صحيفة كاملة، ورغم هذا الاجتهاد الكامل، الا انه يظل اخراجا بدائياً فغالبا لايراعى قيمة المادة، فقد تكون هناك مادة صحفية مكانها الطبيعي الصفحات الداخلية تجدها وبالبنط العريض على الصفحة الاولى، باختصار كانت كل مطبوعاتنا تفتقر الى الاسلوب الصحفي الخاص بها، كما كان الحال مع صحف مثل النهار والاهرام والسياسة والأنوار وأخبار اليوم..!!
لماذا سرحت بعيدا، وأنا الآن اعيش حاضراً زاهياً، مليئاً بالتطور والمتعة العقلية والبصرية، من خلال سيل جارف من المطبوعات السعودية وأجهزة الاذاعة والتلفزة، التي تدار بعقول سعودية مرفودة بقدرات عربية وأجنبية، لكنها جميعاً تحسب لبلادنا ولإنسان بلادنا، هذا الواقع الجميل والحضاري الذي يعيشه الاعلام السعودي، بدأت بوادره تطل بما يشبه سرعة الضوء، مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ايده الله مقاليد الحكم في المملكة.. فقد كان حفظه الله محباً للاعلام، وهذا الحب ترجمه ابناؤه من الاعلاميين ورجال المال والاعمال، فانتقلت بجهودهم وإخلاصهم، صورة المملكة نقية وواضحة الى كافة ارجاء العالم، يكفي ان داراً صحفية واحدة تضم اكثر من (20) مطبوعة ما بين صحيفة ومجلة، وهناك شركات للانتاج التلفزيوني والاذاعي وكلها سفارات متنقلة، لإعطاء صورة واضحة عن الواقع الذي تعيشه بلادنا ويعيشه المواطنون والمقيمون فيها، انه واقع ابرز ملامحه الاستقرار، وهذا الاستقرار لا تترجم قيمته، الا بملاحظة ما يدور حولنا، وفي دول ليست اقل منا ثروة بترولية فقط ولكنها تتفوق علينا بكثافة سكانية وخصوبة ارض ووفرة مياه، لكن التقلب على الكراسي وفي المواقف وضبابية الرؤى وتعثر تنفيذ الخطط الاقتصادية الطموحة، كل ذلك ساهم في ان تكون تلك الدول في مكانها: قلة في الامكانيات، ضعف في الموارد، تعثر في تنفيذ الخطط، هنا بدا الوضع مختلفاً منذ البداية، منذ اكثر من (20) عاماً بدأنا نجني ثمار ما خططنا له، ولم تعوقنا تلك الاشواك التي زُرعت بقصد او بغير قصد في طريقنا... ان عهد التحديث بدا مع الملك فهد بن عبدالعزيز وسيبقى.


أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved