أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 23rd November,2001 العدد:10648الطبعةالاولـي الجمعة 8 ,رمضان 1422

مقالات في المناسبة

من القلب
عبد الله التركي البكر
لقد خرجت التهاني والتبريكات التي طال احتباسها في قلوب جميع أفراد الشعب السعودي حتى بدأ انفراجها عن صدور مفعمة بالحب والفرحة خلال هذه الأيام الحافلة بالذكريات، وهي ذكرى تولي خادم الحرمين الشريفين سدة الملك ولمدة عشرين عاما خلت ابتداء من 21 شعبان 1402ه الى يومنا هذا، وقد اتجهت أفراح شعب بأكمله الى البطل الجريء الذي ترامت به همته الى أعالي القمم في كل الاتجاهات، وتلقى شعور شعبه ملكهم المقدام الذي لم يكن له ملجأ في خطاره الا شعوره بهذا الشعب، ومن ثم أهديت لمحات جماهير شعبه بملكها البار الذي كتب في جو مملكته الكلمة ذات الأعماق البعيدة، وكانت سنوات حكمه حافلة بالذكريات الكريمة المشرفة، متمشية مع كل هذه السنين، فارتفعت منه عشرون عاما هاتفة بكلمة «بوركت ايها الملك المقدام».
فلله درك أيما انت ابن عزيمة كأنما كشفت أعاجيب في أعماله ومآثره الخالدة مجلجلة أصداؤها في كل بقعة من بلدان مملكته، فهي ان لم تحمل في ثناياها كتبا من صور مشرقة من مشروعات وأعمال خيرة، فكأنما حملت شخصا أوجد فعلا كل هذه الانجازات، فلتمجد المملكة بانسانها العبقري الذي أشعرها حقيقة تقدمها ورقيها بين الأمم في عمقها العميق والسعة الواسعة في كل مقدراتها التي لا تحدد، وزاد حفظه الله في احياء نموها وازدهارها معاني جديدة في التطوير، وقد علا بكبرياء مملكته في ذروة العالم فغرس في نفوس شعبه قدرة في الجد والاخلاص له بالولاء، كما ظهرت آثار هذه القدرة على كل فرد، فلاح شعبه في كل صقع من أصقاع مملكته، انها مملكته وانه ملكها الفذ اللوذعي الذي تمم بحكمته وشجاعته ورجاحة عقله: تمم بطولة نادرة الوجود، فبقي في مملكته فكرا يتجدد، وعقلا يدبر بحنكة ورأي حصيف، حيث انهزم الدهر عنه بما فيه من مآس ومخاوف وأخطار، فكان بشجاعته وحصافته وحسن تدبيره الموفق السديد كان كأنه قوة على قوة الزمن نفسها، ان خادم الحرمين الشريفين كان ملكا ولا كالملوك، ملكا وانظر اليه وطني من أبناء وطنه الا نظر بعين فيه دلائل احلامها، كأنما هو شخص فكرة لا شخص انسان، فاذا أنت رأيته كان في فكرك قبل ان يكون في نظرك، فأنت تشهده بنظرين: احدهما الذي تبصره به، والآخر الذي تؤمن بمصداقيته في أقواله وأفعاله وأعماله لخدمة بلاده، عبقري كالجمرة الملتهبة لا تحسبه يعيش لنفسه، بل يحترق ويحترق لمصالح شعبه ومجتمعه، صريح في نصائحه وتوجيهاته، هو أبو الشعب الذي أحس شعبه انه ملك منبثق من المجد والجد، وقد استطاع ان يقول للناس كل الناس : ضعوا هذا المعنى من الصدق والبر والتقوى وفعل الخير المعنى في الحياة، وانزعوا هذا المعنى من الكذب والافتراء والرياء والشرور من الحياة ولقد بلغ بأفعاله الخيرة ومصداقية نواياه الحسنة بلغ من العظمة في ذلك ما تصاغر معه الكبير وتضاءل العظيم وتقاصر الشامخ، وقد أصبح طيلة هذه الأعوام : قوة عاملة لابد من فعلها في كل شيء، حتى كانت هذه المعاني في نفسه الكبيرة تنمو وتنتشر في الآفاق متطايرة في كثير من الاقطار والبلدان الأخرى، وقد أصبح بين ملوك الأمم الأخرى كأنه قوة مرسلة، يجد صعوبة من أراد ان يحذو حذوها من الملوك الآخرين..
وبهذا فقد رأيناه حفظه الله يغمر كثيرا من الملوك مهما كانوا أذكياء، لأن فيه ما ليس فيهم، ولا أكون حائدا عن الصواب اذا قلت ان ملوكا آخرين يظهرون الى جانبه أشياء ثابتة في معانيها، أما هو فنراه من جميع نواحيه يتلاطم كالأمواج المتلاطمة العاتية، فاطمئنان شعبه في أمنه ورفاهيته واستقراره: هو بطبيعته كاطمئنان حامل السلاح الى سلاحه.
ولقد أفلح ونجح مليكنا المفدى في ان يكون استاذ الشعب لشعبه ومعلمهم السير على سنن الشريعة الاسلامية السمحة، فنسخ نظماً وعادات وتقاليد مهلهلة وأوجد نظماً وتعليمات متماسكة متينة الدين وكل هذه الصفات الحسنة والأخلاق المثلى حملت أفراد شعبه على الاعجاب به والتقدير والتعظيم، وأظنه لا يثيرنا العجب بهذا المسلك الخلقي الذي يتخلق به مليكنا الأجل، فقد نستمده من ديننا الحنيف، وشريعتنا السمحة، مقتفيا أثر والده رحمه الله المؤسس الأول والباني لأسس، المرسي القواعد السميكة لهذه المملكة، فقد حذا حذوه أبناؤه البررة ونهجوا منهجه وساروا على سنته واحدا تلو الآخر، وقد بث خادم الحرمين الشريفين كل هذه الصفات السمحة في اخوته لتكون نبراسا يهتدون به وقبسا يستنيرون بضيائه، وكلهم سار على نهجه وترسموا خطاه، فكان ديدنهم جميعا وهدفهم أجمعين واستفراغ هممهم: العمل لا الاعزاز الأقوى واذلال الأضعف، ولكن للارتفاع بالأضعف الى الأقوى .. وكانت نظرة خادم الحرمين الشريفين المترامية خارج المملكة نظرة العين المسلمة الى أسباب الحياة، نظرة القلب المسلم المسالم.. يمكر الحيلة، ويخلع وسائل الخداع، فيعفو عن كثير، ويعرف انسانية الناس على اختلاف طبائعهم ومذاهبهم ونواياهم فيطمع في غايات الانسانية العليا، وكثيرا ما ندد رعاه الله أمام هذه الأمم بأن ليس يعم السلام الا اذا عم هذا الدين بأخلاقه فشمل الأرضين أو أكثرها.. مشيرا الى ان قانون العالم أجمع، ونظام حياتهم يصبح منتزعا من طبيعة التراحم والسلم والمسالمة والأمن وانتشار الأمان، وما حاضر الانسانية الا جزء من عمل الناس في استمرار فضائلهم باقية نامية.. حفظه الله مليكنا على كل جنب، وأبقاه لنا أعواما طوالا على أحسن حال وأنعم بال وأرانا في ولي عهده الأمين ونائبه الثاني بركة عصرنا. آمين، وصلى الله على خير الانبياء وأفضل الرسل.

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved