أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 24th November,2001 العدد:10649الطبعةالاولـي السبت 9 ,رمضان 1422

محليــات

لما هو آت
جناح الذلِّ ... وجناح الإذلال «2»
د. خيرية إبراهيم السقاف
ومواصلة لفكرة الأمس ...
فإنّ تبعات تربية الأبناء تخلِّف نتائج حياتهم، وتشكِّل كيفية ممارستهم السلوكية فيها، فهناك من الأسر التي تشكلت ضمن ظروف معاش صعبة، وتكونت بجهود شاقة، وبذل لها الكثير، ما تلبث أن تنهار ... ، وتتفكك لمجرَّد أنّ «الرَّجل» فيها لا ينفكُّ يمارس حياته مع «زوجة» بمثل ما كان يمارس حياته مع أخته...، ولمجرَّد أنَّ «المرأة» فيها لم تتخلَّص من رواسب تأثُّرها بتعامل أخيها، وخوفها منه أو تمرُّدها عليه فتتعامل مع «زوجها» بمثل ما كانت مع أخيها.
وها هي «س . س» تقول: «خُطِبتُ، وكنتُ دوماً أرفض مبدأ الزواج، لأنّني نشأتُ في بيت كان أبي فيه رجلاً متقدِّماً في السن لا يهابه إخوتي الذكور إلاّ ظاهرياً، أما في الواقع فلم أكن أنا وأخواتي بل إخوتي الذكور، بل أمِّي أيضاً نخلص من «عذاب» أجل عذاب أخي، فو يعذِّبنا بما لا يعقله عقل، هو يضربنا لأيسر الأمور، وهو يحرمنا من كلِّ فرحة، وهو يقلب حياتنا شقاءً وصراخاً وسباباً وشتائم، بل ضرباً لأتفه المواقف، يراقب كلامنا، وملابسنا، وضحكاتنا، بل همساتنا، أشعر دوماً وجميعنا أن قطرات الماء التي نشربها يتسلل بين ذرَّاتها، يتابع أين تذهب في جوفنا، وهو إن استطاع أن يجلد مجرى الماء في جوفنا لفعل. كثيراً ما تحطمت آمالنا، وكثيراً ما أنّت أجسامنا، وكثيراً ما بكينا حتى تشققت خدودنا، وكثيراً ما سخطنا عليه حدَّ الرغبة في أن يبعده الله عنّا بأيِّ وسيلة. لقد وقف حائلاً في سبيل تعليمنا، وفي سبيل سعادتنا وزواجنا، وفي سبيل أعمالنا، وفي كلِّ درب يمكن أن يجعلنا خارجين بشكل أو بآخر عن سيطرته. ولا همَّ له إلاّ ممارسة قسوته ورجولته علينا حتى أنَّه لا همَّ له إلاّ نحن . ولم تنجُ أمُّنا ولا أبونا من أفعاله. كم من مرَّةٍ نقلنا إلى المستشفى في حالة انهيار من أفعاله، وكم تدخَّل الجيران في بعض أمورنا فزعةً لنا، وكم خرج إخوتي عن أطوارهنَّ وأطوارهم احتجاجاً عليه، وكم تسكَّعنا في الشوارع هرباً منه، حتى زواجي لم يتمُّ إلا في مقايضة رابحة له، لذلك أقبلتُ على الزواج كارهة، لم أستطع أن أتقبَّل زوجي، على الرغم من أنَّ زواجنا صفقة رابحة لأخي، إلاّ أنّ الرجل جيِّد، لديه صفات حسنة، فهو يختلف عنه كثيراً لكنَّني جئته بشخصيةٍ «مريضةٍ» ، لم أتقبَّله ، وقابلته بالكراهية منذ أول لحظة، لأنه صديق أخي أولاً، ولأنّه رجل يمثِّل لي هذا الأخ القاسي، وهو أيضاً من جانب آخر يمثِّل لي الوجه الآخر لإخوتي الضعفاء أمامه، ولقد حاول كثيراً أن يؤكد لي وجهاً جميلاً للحياة وللإنسان «الرجل» لأنَّه لم يكن يعرف أخي بوجهه معنا، ولم أخبره، غير أنَّه وجدني مريضة أردِّد خوفي وأنا نائمة، وأسرد أحاديث عديدة اكتشف منها سرَّ خوفي فحاول تبديده معي، غير أنَّني شعرتُ بالإثم، فما ذنبه أن يعيش مع امرأة هي نتيجة تسلُّط أخٍ قاسٍ لا رحمة في قلبه. وهل تصدِّقون أنَّ أبي مات في فترة قصيرة بعد زواجي، وأنَّ أخي الذي يعمل إماماً لمسجدٍ في أوقاتٍ الصلاةٍ فقط، ويحمل على كاهله وظيفةً رسميَّةً مرمُوقةً قد استولى على كلِّ ما خلَّف أبي، بلا رحمة وبلا خوف من اللّه؟ ... كيف بعد يمكنني أن أثق في «الرجل»، وكيف يمكنني أن أتخلص من عواقبه؟ ... وكيف أطمئن له؟... أنا واحدةٌ داخل خليّةٍ ممزقةٍ من مجموعة من الأخوات والإخوة الذين تقع عليهم آثار هذه «السُّلطة» بأشكال مختلفة. هذه الرسالة تكتبها لكِ صديقة حيث لا أعرف كيف أعبِّر لأنّه أخرجني من المدرسة. بينما أدخل إخوتي الذكور إليها بالضرب والقسوة فهرب منهم من هرب، ومرض منهم من مرض .
هذا أنموذج لتبعات تربية الولد ...
فهلاَّ يفعل المربون في إعادة نظم التربية ممن يملكون القدرة على إحداث المتغيّرات في نسق التربية كي تُستبدل هذه الخبرات السالبة في مفهوم الفرق بين الرجل والمرأة، ذلك أنَّ الدين الإسلامي يوجِّه إلى أنَّ النساء شقائق الرجال، وأنَّ قوامة الرجل ليست كما يظنُّ مثل هذا الأخ الذي ترك آثاره مستديمة ومستمرة وتعصى على الحلول؟!
تلكم هي مغبَّة جناح الإذلال الذي تقع تحته الأخوات...
ويسلّم له الآباء ... بعبارة مريضة : «هذا أخوكم»!!.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved