أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 24th November,2001 العدد:10649الطبعةالاولـي السبت 9 ,رمضان 1422

محليــات

يارا
خداع الدجتل
عبد الله بن بخيت
لن ينسى الناس الرعب الذي اجتاح العالم مع حلول عام ألفين عندما ذهبت البشرية ضحية لأكبر خدعة في تاريخها. تلك الخدعة التي صممتها وأنجزتها شركات الكمبيوتر. طائرات ستسقط وصواريخ محملة بقنابل نووية ستنطلق من مرابضها، ومرضى سيموتون في أسرتهم وبلايين ستضيع من أصحابها. وأخيرا مر عام ألفين ولم يحدث شيء يستحق الذكر سوى ان شركات الكمبيوتر حققت ارباحا خيالية.
ومنذ ظهور الكمبيوتر والعالم يلهث وراء شركاته يستجديها إشارات التحول، حتى اصبح مديروهذه الشركات هم حكومة العالم الخفية بلا منازع، فقسموا العالم الى قسمين: تناظري ورقمي. الأول يتلاشى في ذمة التاريخ، والآخر يجتاح العالم ويفرض عليه قيمه، عندما تريد ان تقتني شيئاً اول سؤال تطرحه على نفسك او على البائع: هل هذا الجهاز دجتل أم تناظري. تلفزيونات سيارات قدور. لا تريد ان تكون متخلفا عن العالم، فالعالم عالم الدجتل ولا يمكن ان تشتري شيئاً لا قيمة له رغم ان الكثير لا يعرف ماهو الفرق بين الدجتل وبين التناظري حتى البائع الذي يحاول ان يلزق فيك بضاعته لا يعرف هذا الفرق. والعالم في الأساس لم يتهيأ بما فيه الكفاية ليعطي هذا الفرق قيمته الحقيقية. لكن شركات الكمبيوتر لا تريد ان تترك لنا فرصة البقاء في أحضان الماضي قليلا، فهي تطارد كل ما يربطنا بهذا الماضي مهما تدنى شأنه. تريد أن تفرض علينا ان نعيش المستقبل قبل حلوله. وان نقتني أجهزة أحفادنا رغم اننا لسنا في حاجة الى أكثرها في وقتنا الحاضر.
قرأت قبل فترة ان هناك مؤلفين جدداً بدأوا نشر كتبهم بالكامل بالصورة الالكترونية مما ينذر بظهور الكتاب الالكتروني المستقل عن الكتاب التقليدي. كتاب الف ونشر وقرئ بصورة الكترونية لم يعرف في اي مرحلة من مراحله الورق. هذا ممكن جدا في أنماط معينة من المعرفة. ولكن من يستطيع ان يقرأ كتابا ممتعا من اربعمائة صفحة على شاشة كمبيوتر، مع الأسف بل غيتس وجماعته لا يفكرون في هذا، فقد قرروا بغض النظر عن صواب فكرتهم ان يفرضوا على العالم بالقوة التي يملكونها ان مستقبل الكتاب قد تقرر سلفا، ولم يعد هناك فرصة للتراجع، وعلى الناس التحول بسرعة الى الشاشات اذا أرادوا قراءة كتاب، فالكتاب التقليدي «أبو ورق» في طريقه الى الزوال وليس امام طلاب المعرفة اذا أرادوا المعرفة الا التحول على الفور الى أجهزتهم.
من الواضح ان بل غيتس وجماعته قدروا حجم تجارة الكتاب والطباعة وقدروا أرباحهم المحتملة فيها، ولن يمنعهم أحد من اخذ نصيبهم بالكامل من هذه التجارة العريقة، الشيء الطريف ان بل غيتس يعلم الناس قراءة الكتاب الالكتروني مستخدما الطريقة التقليدية، فقد اسست شركة ميكروسوفت قسماً ضخماً للنشر بالوسائل التقليدية للترويج لمنتجاتها الرقمية، من الصعب فهم هذه المعادلة، فهو يريد ان يقول لك: إن الكتاب الذي تقرؤه في محتواه الورقي أصبح من مخلفات الماضي مستخدما في ذلك الكتاب الورقي نفسه، لكل برنامج من برامجها التي تنتجها اصدرت ميكروسوفت كتبا ورقية متنوعة لتعليمها وترويجها ومحاربة الكتاب الورقي عن طريقها. انت تقرأ في الكتاب الورقي ان الكتاب الورقي من مخلفات الماضي تقرأ في المجلة الورقية ان المجلة الورقية من مخلفات الماضي. هكذا اذا حلال عليه حرام على الآخرين. لم يفكر هؤلاء في العوامل التي تجعل من إحلال الكتاب الالكتروني يحل محل الكتاب الورقي امراً في غاية الصعوبة. فلو ان الكتاب الالكتروني حل نهائيا مكان الكتاب الورقي فهذا يعني والله اعلم نهاية عصر القراءة الثقافية بمعناها الواسع، هل يمكن ان يحدق المرء مدة ثلاث ساعات متواصلة في شاشة الكمبيوتر؟ وحتى لو اخترع الجماعة نظارات تمنع الارهاق الذي يصيب العين، فهناك النتائج الصحية المتعلقة بذلك. واذا تم تفادي النتائج الصحية هل يمكن تحريك الكتاب الالكتروني الى الفراش والشواطىء والحدائق. ربما تكون تقنية الهابرتكست هي الوعاء المثالي للكتب الموسوعية والقواميس، ولكن لا يمكن للشاشة ان تأخذ الرواية من الورق مهما حاول بل غيتس.
yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved