أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th November,2001 العدد:10650الطبعةالاولـي الأحد 10 ,رمضان 1422

الثقافية

في محيط الأدب والنقد
الطلب الجيد للعلم والتحصيل المسبق لأي فن من الفنون، ثم يتبع ذلك كله الخبرة والدراية والعناية والأداء الجيد ثم التميز في هذا الأداء أيضاً كلها أمور تجعل هذا الإنسان متفوقاً عندما يكتب أو يخطب أو يناقش ويحاور، ويستطيع هذا الشخص الذي هذه صفته وتلك سمته إذا أراد الله أن يستهوي قلوب ومشاعر السامعين والقارئين إنه يستهويهم بعلم عزيز وعرض مثير وفكر منير، وقدرة عجيبة في إيقاظ النفس والروح تتفتح وتستنشق الحياة، الحياة الصحيحة حياة العلم والمعرفة.
إن أصحاب الخبرات والقدرات والمعارف الجيدة حينما تقرأ لهم فأنت حالاً تحس بالمتعة والسلوة والجلوة حيث إن هذه الخبرة وهذه التجربة تهز الكيان النفسي كله وتوقظه من سباته وتنشطه وتفتح أمامه آمالاً وآفاقاً جديدة ما كانت تخطر بالبال ولا تدور في الخيال وكلها تجدد نشاطه وحياته حيث إنها معارف وتجارب حية تطلق شحنات من النشاط وطاقات من الإشعاع والإمتاع، والذين يؤلفون أو يكتبون ويخطبون أو يتحدثون عن تجربة نفسية حية تملأ الحياة ثراء وسعة وإمتاعاً متجدداً على الدوام هم أولئك الذين ينفعون ويرفعون ويكسون لتأليفهم أثراً وقيمة حية لينشأ المسلم على فضائل معينة مستمدة من هذه القاعدة نابعة من مفاهيمها وقيمها تمشي دوماً على منوالها، وقيمة هذه الخبرات والقدرات والمفاهيم عندما يقرؤها ويدركها الفرد أن تكون منهج حياة تشمل مناحيها كلها، قيمتها أن تكون منهج سلوك وخطة توجه صادق صائب ووجهة عمل وفكر وشعور صحيح قائمة كلها على منهج واضح يتبين فيه في كل لحظة ما ينبغي وما لا ينبغي أن يكون، هذا ولقد أهداني أخي وزميلي الأستاذ سليمان بن عبدالله الشريدة نسخة من كتابه القيم والذي كان تحت عنوان (كل الصيد في جوف الفراء) تحدث فيه كما يقول في أوله عن رسل عليهم الصلاة وأتم التسليم وصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وعلماء رحمهم الله وكرماء وقادة وشعراء، كما تعرض وبأسلوب رائع وممتع عن بعض غرائب الأحداث، كما تعرض أيضاً وكما أوضح ذلك في صدر الكتاب لأطرف القصص، وأجمل القصائد، وأروع الأخبار، وأعجب المواقف، كما أوضح فيه بعض الاختيارات المدروسة، والمنوعات المختارة والشوارد الشعبية، كما ذكر فيه أحسن ما قرأ، وألطف ما سمع كما بين ذلك في أول الكتاب.
والأخ الأستاذ سليمان عرفته طالباً نجيباً وزميلاً عزيزاً وكريماً يحب العلم وأهله ويحترم أساتذته ومشايخه ويكرم دوماً زملاءه وإخوانه الطلبة كما أنه ذو ولع شديد بتراث العرب وأيامهم وتراثهم الأدبي والفكري يحفظ كثيراً الجيد من شعرهم ونثرهم وأما في حياته العملية فقد عرفته عن قرب مدرساً نابهاً واستاذاً متفوقاً يحبه طلابه وزملاؤه حيث كان يعطي من وقته وعلمه وفكره الشيء الكثير، ولما انتقل إلى موقع أخر التوجيه التربوي أو كما يسمى الآن الإشراف التربوي تفوق فيه، بل وأبدع وأمتع ورأس شعبة اللغة العربية في الإدارة العامة للتعليم سنين طويلة فكان حفظه الله مثالاً يحتذى في همته واهتمامه ومتابعته وحسن إشرافه وتوجيهه يميل كثيراً إلى الرفق والترفق والذي ما كان في شيء إلا زانه كما أنه يعنى كثيراً بالطرق التربوية المجربة والمعقدة، كثير الحوار ويجيد النقاش ويميل دوماً إلى الإقناع والكتاب الذي بين يدينا الآن يسيطر عليه روح الرجل المؤمن المجرب المقتدر، كما يسيطر عليه روح التربوي المقتدر طويل الباع واسع الإطلاع، كما يظهر فيه وبجلاء شخصية الأديب الأريب المؤدب والمهذب، والكتاب امتاز بميزات عديدة أهمها الإيجاز وحسن العرض وجمال الأسلوب، وأسلوب المؤلف يمتاز بالوضوح والجمال ومع أن الكتاب جمع موضوعات عدة إرْتاَها المؤلف ورأى مناسبتها لبحثه إلا أن القارىء المنصف لا يكاد يجد انفصالاً كثيراً ولا تبايناً بين بحوث الكتاب، والكتاب محاولة جيدة للرصد المميز ولتسجيل الجيد من مآثر من سبق ذكرهم لأن القصد هنا الإفادة وأخذ الأسوة والعبرة والتشبه بهؤلاء الرجال العظام.


فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالرجال فلاح

كما أنه عَوْد بنا وبالناشئة أيضاً إلى المصادر الصحيحة والمآثر الربيحة فقد مل الناس القول الكثير بلا مستند ولا قاعدة ولا أساس متين، وإذا كان أصحاب الشأن يعرفون الأدب الجيد بأنه ما أثر من الشعر الجميل والنثر البليغ المؤثر في النفس المثير للعواطف لذا نجد استاذنا الجليل أخذ بهذه القاعدة وسطر لنا الكثير والكثير من هذا الأدب الجميل في وقت نحن بأمس الحاجة إلى العودة الصادقة والصائبة إلى التراث، التراث الأصيل، لا الهزيل ولا الوبيل الذي يشاهد أحياناً، والذي هو عبارة عن بضاعة المفلسين الذين لا تأسيس لديهم، إن الأديب الصحيح والمثقف المدرك هو ذلك الرجل الحصيف، الذي يعيش أيام أمته سابقاً يرقبها بعين مبصرة، وينفعل كثيراً بما يقرأ ويسمع ويشاهد ثم يصور كل ذلك ببيانه العذب المهذب، يشخص الداء ويصف الدواء الناجح المجرب، وينشر الخير والفضيلة، ويدعو دوماً إلى الحب والمال والجمال، وحسب الكاتب نجاحاً وإدراكاً وقبولاً أن يفتح شهية القارىء فيقبل على ما كتب بنفس رضية ونهم وشوق، ومزية بعض الكتاب أنه يكتب بأمور لا جديد فيها ومع ذلك يكتب له النجاح والفلاح ويقدم القراء على قراءة ما كتب ويجدون فيه نكهة خاصة ومذاقاً مميزاً، وسيجد القارىء الكريم في هذاالكتاب القيم الصدق والإيمان الصحيح بالقيم السامية وتمجيدها والحرص عليها ومحاولة بثها بين الناس خاصة في مثل هذا الوقت الذي سيطرت فيه المادة وأذلت الرقاب، وأنا هنا لست في مجال يتسع لدراسة الكتاب دراسة كافية ولكنه الانطباع الذي خرجت به بعد قراءة الكتاب وأيضاً إنه ترحيب بمؤلف جديد، كما أنني أدعوه لمتابعة هذا الجهد الجيد وهذا الرصد المميز لأدبنا وتراثنا، إن موروث الأجداد ينبغي أن يعرض على الأحفاد بصورة شيقة وممتعة ومرغبة أيضاً وخير من يعرض ذلك هم فرسان الميدان، كما أنني أدعوه وألح عليه كثيراً أن يكتب ويسجل تجربته التربوية والمفيدة حيث تقلب في مواقع تربوية عدة يحسن من أمثاله إبراز هذه التجربة وإظهارها خاصة لمن هم في أول الطريق ومن يعملون في سلك التربية والتعليم ويتطلعون دوماً إلى تجربة ومعارف واهتمامات من سبقوهم في هذا الميدان حيث إن من أمضى وقتاً ليس بالقصير في ميدان التربية والتعليم سيكون ولا شك لديه من الخبرات والقدرات والمعارف الشيء الكثير وبمثل هذا التوجه ممن سبقوا ونجحوا في ميدانهم التربوي سيكون لدينا تربية مميزة تنبع مع تراثنا الأصيل ومعطياتنا وخبراتنا المفيدة وسنستغني بحول الله عن الكثير من التقليد والمحاكاة للغير إلا ما كان ناجحاً ومفلحاً ولا يتعارض مع قيمنا وعاداتنا وموروثاتنا النبيلة وهي دعوة صادقة له ولغيره ممن يحسنون عرض بضاعتهم الحية والمفيدة، وهو أسلوب جيد ومتبع لدى الكثير من التربويين في مختلف البقاع، مد الله في عمر زميلنا العزيز ووفقنا وإياه للإخلاص في القول والعمل وجعلنا وإياه ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وهو حسبنا ونعم الوكيل.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved