أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th November,2001 العدد:10650الطبعةالاولـي الأحد 10 ,رمضان 1422

متابعة

سياسيون وقانونيون يبحثون مفهوم الإرهاب والتداعيات الأخيرة على المنطقة العربية
د. صلاح عامر: لا يوجد تعريف واضح للإرهاب في القانون الدولي وأعمال الانتفاضة مقاومة مشروعة ضد الاحتلال
* القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
وسط الاحداث المتتالية والمتسارعة التي يشهدها العالم حاليا ضاعت الكثير من الحدود والفواصل بين المصطلحات والمفاهيم واختلط مفهوم المقاومة المشروعة بالإرهاب غير انه شتان الفارق بينهما.
حول مفهوم الإرهاب والفرق بينه وبين المقاومة الشرعية للشعوب ضد الاحتلال وتداعيات الاحداث الاخيرة وتأثيراتها على المنطقة العربية والدور العربي المطلوب لمواجهتها عقدت ندوة بنقابة المحامين بالقاهرة تحت عنوان (الإرهاب والمقاومة المشروعة) استضافت نخبة من رجال القانون الدولي والمحللين السياسيين.
واكد الدكتور صلاح عامر استاذ القانون الدولي على ان الإرهاب ليس له تعريف محدد في القانون الدولي حتى الآن وقال انه جرت منذ ثلاثينيات القرن الماضي محاولات عدة لوضع تعريف محدد للارهاب.
وجوهر هذه التعريفات المتفق عليه ان الإرهاب مجموعة من اعمال العنف العشوائي الذي يستهدف ترويع المدنيين الامنين ويعرفه البعض على انه حرب الضعفاء ومنذ الثلاثينيات ايضا بدأ المجتمع الدولي في اضفاء عدم الشرعية على الاعمال الشبيهة بالإرهاب فاستقر في الاتفاقيات الدولية ان اخذ الرهائن والعنف ضد المدنيين على نحو عشوائي من اعمال الإرهاب وعندما زادت حوادث خطف الطائرات وبدأت اعمال العنف توجه نحو الدبلوماسيين اعتبرت هذه الاعمال ايضا من اعمال الإرهاب.
وأضاف: ظل مفهوم الإرهاب حتى الآن مفهوما غير محدد تحديدا دقيقا وقد حاولت الامم المتحدة من خلال الجمعية العامة وضع تعريف محدد له ولكن فشلت كل المحاولات بسبب الاختلاف بين الدول على تعريفه وقد ظل هذا الاختلاف قائما طوال سبعة عقود متواصلة بالرغم من ان هناك اتفاقاً على اعمال معينة تعتبر ارهابا ولم يتم التوصل الى تعريف محدد.
وفيما يتعلق بالتمييز بين المقاومة المشروعة والإرهاب اشار الدكتور صلاح عامر الى ان اول محاولة لذلك تمت في السبعينات عندما قال المندوب اليوغسلافي الدائم لدى الامم المتحدة ان المقاومة بالإرهاب ضد الإرهاب ليست ارهابا حتى لو كانت ضد مدنيين او اهداف مدنية ولكن حدث تراجع في هذا الشأن بعد ذلك.
وفي القانون الدولي يوجد ما يسمى بقانون الحرب او قانون النزاعات المسلحة وهذا القانون يضفي الحماية الكاملة على المقاتلين وافراد الجيوش النظامية الذين ينخرطون في العمليات العسكرية وقد كانت الدول الاوروبية منقسمة بين دول قوية عسكريا تغزو وتفتح الاقاليم ودول صغيرة ضعيفة تخضع اقاليمها للغزو والاحتلال والعمليات العسكرية والاخيرة جاهدت للدفاع عن حق المواطنين الافراد والمقاومين والمقاتلين ومن هنا نشأ نزاع حول حق الافراد في حمل السلاح والمقاومة.
وقد عقد اول مؤتمر دولي في هذا الشأن عام 1894 ورأسه وزير خارجية بلجيكا وقتها والذي رفض التوقيع على اتفاقية تقضي بمعاقبة افراد المقاومة وفي المؤتمر التالي تم التوصل الى صيغة اتفاقية تضع استثناءات مقبولة اذا هب الشعب عن بكرة ابيه في مواجهة الغزو كان للافراد الذين يحملون الاسلحة ان يتمتعوا بالحماية القانونية واذا جرت المقاومة في شكل جماعات منظمة يتمتعون بنفس حق الجيوش خاصة اذا توفرت لديهم شروط منها ان يكونوا تحت قائد مسؤول ويحترموا قانون الحرب وان يميزوا انفسهم عن المدنيين واذا توافرت هذه الشروط يكون من حقهم التمتع بحماية القانون الدولي ويعاملون كأسرى حرب وليس كمجرمي حرب.
وفي مؤتمر جنيف اضيف برتوكول يعترف بحق كل الشعوب المحتلة في مقاومة السيطرة الاجنبية والاحتلال وخفف من الشروط السابقة فلم يطلب التمييز بين افراد المقاومة وغيرهم من المدنيين.
وأكد الدكتور عامر ان المقاومة الفلسطينية والاعمال التي تقوم بها الانتفاضة سواء كانت موجهة ضد جنود او مستوطنين في المستوطنات طبقا للقانون الدولي لا تعتبر ارهابا وانما مقاومة مشروعة لشعب يمارس حقه في مقاومة الاحتلال وهؤلاء المدنيون الاسرائيليون مستعمرون ومستوطنون في ارضه ومن حقه مقاومتهم بالعنف والقوة لتحرير ارضه.
وأكد الدكتور حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان عدم الاتفاق على تعريف موحد للارهاب يجمع عليه المجتمع الدولي مشكلة سياسية في جوهرها وليست قانونية ولو كان المجتمع الدولي مجتمعا منظما لكان من السهل الوصول الى اتفاق على تعريف الإرهاب فهناك عناصر مكونة لهذا المفهوم لا خلاف عليها وهي انه عنف يمارس بوسائل غير مشروعة ضد اهداف مدنية لتحقيق اهداف سياسية.
والمشكلة في النظام الدولي ان الدولة هي صانعة القانون الدولي وعندما تخضع له قد ترفضه وقد تقبله وليست هناك سلطة عليا معينة تستطيع اخضاع الجماعة الدولية لإرادتها وترفض القانون الدولي عليها.
وقد نص القانون الدولي على مبدأين اساسيين في العلاقات الدولية أولهما عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وقد تم منع ذلك منعاً مطلقا والثاني عدم جواز استخدام القوة في حل الصراعات والنزاعات الدولية وهذا المبدأ استثني منه فقط حالة الدفاع عن النفس ولكن هناك دولا كثيرة لم تلتزم بهذا وتدخلت في شؤون دول صغيرة وضعيفة بأشكال مختلفة سواء عن طريق العمل المخابراتي او الاغتيالات السرية او التحريض على الاضطرابات العرقية ومساعدة افراد لقلب نظام الحكم. كما ان الامم المتحدة لا تستطيع في الكثير من الاحوال الضغط على هذه الدول لتنفيذ والالتزام بالاتفاقات الدولية ومنذ قيام الامم المتحدة حدث توسع في استخدام مفهوم الدفاع الشرعي عن النفس وحدثت ممارسات صارخة ضد دول تحت دعوى الدفاع عن النفس ولم تتحرك الامم المتحدة وقد اصيب مجلس الامن بالشلل في مرحلة الحرب الباردة للاسراف في استخدام حق الفيتو من جانب الاعضاء وبعد انتهائها تحول الى اداة في يد امريكا وهنا لم تتمكن السلطة التي كانت تقوم بحماية القانون الدولي من القيام بدورها واصبحت امريكا هي الدولة الوحيدة التي تسمح لنفسها باستخدام الفيتو فيما يجوز ولا يجوز والواضح ان العلاقات الدولية حاليا اصبحت تحكمها موازين القوي وليس القانون الدولي او العدالة الدولية.
وأشار الدكتور نافعة الى ان القضية الافغانية الحالية هي قضية كاشفة تماما لمجمل القضايا السياسية التي تعترض قيام المجتمع الدولي باتخاذ اجراءات فاعلة ضد الإرهاب وتعريفه وضعف النظام الدولي وعجز منظماته عن فرض القانون الدولي على المجتمع الدولي مما ادى الى هذا الوضع المتردي الذي نحن فيه وقد اعطت هذه الازمة صورة دقيقة لحجم وخطورة الإرهاب ولكن رد الفعل الامريكي ادار الازمة بطريقة لا تتفق مع مقتضيات القانون الدولي على الاطلاق لأن ما وقع لها ليس عدوانا عسكريا وانما تم من داخلها باستخدام وسائل نقل امريكية ومن قبل اشخاص كانوا يقيمون على ارضها ويخضعون لقوانينها والمشكلة ان امريكا تجر الجميع وراءها لمعالجة ظاهرة الإرهاب وفق مفهومها واساليبها الخاصة وهذا ما يجب ان نرفضه ونتصدى له فلابد من وجود مفهوم دولي متفق عليه ولا يكيل بمكيالين كمفهوم امريكا.
ومن ناحية اخرى تحدث الدكتور عبدالعليم محمد المدير المساعد لمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عن الموقف العربي من الازمة الحالية وقال ان الموقف العربي واضح منذ بداية الاحداث في 11 سبتمبر واعتمد على عدد من المبادىء الاساسية أولها ادانة الإرهاب بكل اشكاله وطوائفه والحرص على التمييز بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الاسرائيلي كما حرص العرب وعلى رأسهم مصر والمملكة العربية السعودية على رفض المشاركة في هذه الحملة العسكرية على افغانستان ورفضوا ان تطال هذه الحرب دولا عربية.
وقد حظي العرب ببعض الوعود لصالح القضية الفلسطينية ولكن الجميع على وعي بأنها مجرد وعود زائفة لاشراك العرب في الحلف الامريكي ومن المؤكد ان امريكا لن تفي بهذه الوعود ولدينا تجارب مستفادة من حرب الخليج قبل ذلك.
اما بالنسبة لاسرائيل فقد حاولت الاستفادة من هذه الازمة كعادتها في الاستفادة من الازمات الدولية ففي الحرب العالمية الاولى اعلنت قيام دولتها على ارض فلسطين وحصلت على اعتراف الدول الكبرى بها واثناء الحرب الباردة حصلت على مساعدات كثيرة من امريكا وفي حرب الخليج حصلت على اسلحة امريكية كثيرة وتعويضات هائلة وفي الازمة الحالية دفعت اسرائيل اجهزتها للزج باسم العديد من الفصائل الفلسطينية والعربية لقائمة الإرهاب الامريكية.
وحول المطلوب من العرب في المرحلة القادمة اشار الدكتور عبدالعليم الى ضرورة تبني العرب مفهوما للارهاب تحت أي مظلة ولتكن الجامعة العربية او عقد مؤتمر عربي حول الإرهاب يكون اسهاما وورقة ضاغطة في تشكيل المفهوم الدولي للارهاب والدعوة الى عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب والدفاع بقوة عن حركات التحرر العربية في فلسطين والاراضي المحتلة.
واكد الدكتور احمد الصاوي استاذ الآثار بجامعة القاهرة على ان الاحداث الاخيرة كان لها تأثيرات وتداعيات كثيرة على القضية الفلسطينية لعل اخطرها ربط حركات التحرر الوطنية الفلسطينية بالإرهاب وقال: قبل احداث 11 سبتمبر كان قد حدث تغير في الوضع في القضية الفلسطينية اوضحت للعالم ان هناك دولة محتلة من نظام معين وكان هناك رفض دولي لممارسات اسرائيل ثم كانت معركة ديربان وجهود المنظمات غير الحكومية لمساواة الصهيونية بالعنصرية واستمرار شارون في ممارساته العدوانية والعنصرية ضد الفلسطينيين وتصفية كوادر المقاومة ومحاولة إثارة الخلاف بين الفصائل الفلسطينية بالطلب من عرفات اعتقال عناصر المقاومة وكان هناك ربط من جانب الرأي العام العربي بين القضية الفلسطينية ودعم امريكا لإسرائيل وهذه الاحداث وكما فتحت امريكا المساومات للدول الاخرى للاستفادة من هذه الحرب التي تشنها على الإرهاب كما تدعي تخيل عرفات انه يمكن الدخول في مساومة مماثلة ووعدوه بالاعتراف بدولة فلسطينية. ولكن الحرب لم تطل كثيرا وتأكد للجميع التغير المحوري الامريكي عقب انهيار كابول وهزيمة او انسحاب طالبان وبرز التوجه المخالف للوعود التي اعطيت وشملت قائمة الإرهاب الجديدة منظمات المقاومة وعاد العرب الى ما كانوا عليه قبل 11 سبتمبر او اسوأ منه.
وقد دخلت القضية الفلسطينية نفقا جديدا بالتصريحات حول اقامة دولة فلسطينية في غزة فقط وتراجعت صيغة غزة اريحا وهذا يتطلب منا موقفا عربيا موحدا وصلبا للحفاظ على حقوقنا في مواجهة هذه التطورات.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved