أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 25th November,2001 العدد:10650الطبعةالاولـي الأحد 10 ,رمضان 1422

مقالات في المناسبة

الملك فهد ومسيرة البناء
اللواء/ عبدالله بن كريم العطوي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبي هذه الأمة محمد بن عبدالله. ان حياة الملك فهد هي حياة زعيم تاريخي وقائد ملهم وعظيم، زعيم أُوتي السلطة والنفوذ ومرت عليه احداث الزمان وتقلبات الأيام واحاطت طريقه بالورود والأشواك، زعيم حلب شطري الدهر حلوه ومره وألم بغدره ووفائه واستقامته ومكره، ورغم ما مر عليه وما لقيه ظل شامخاً في مكانه كالطور عظيماً عملاقاً، كالنخلة الباسقة لها على الناس فضل الثمر، ومنه الفيء واعتلى على اسمى اريكة في بلاده وتربع على عرش القيادة فيها ولم تستطع الأحداث ان تزحزحه عن مكانه ولا ان تضعف من شأنه وظل يعطي الناس في بلاده وعلى امتداد الوطن العربي والإسلامي بل العالم كله من قلبه وروحه حتى سمت تضحياته على كل تضحية ومثاليته على كل مثالي.
لقب أحبه ويشرفني «خادم الحرمين الشريفين»
وذلك عندما قال حفظه الله في افتتاح حفل تلفزيون المدينة المنورة يوم 14 صفر 1407ه بأنه استبدل مسمى صاحب الجلالة بلقب يحبه ويشرفه ان يحمله وهو «خادم الحرمين الشريفين» هو فهد بن عبدالعزيز فرع من فروع الدوحة العظيمة التي يمثلها الراحل الجليل البطل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ان يكون لقبه الذي يلعو فوق كل لقب اراه ان يكون شرف اللقب الجديد وأولياته على كافة القابه ثم هو بعد ذلك «ملك المملكة العربية السعودية».
اختار دور الخادم يحمي ويرعى ويدافع ويبذل الروح والدم فداء لأقدس مقدسات الإسلام والمسلمين.
اختار دور الخادم الذي يؤمن للحجيج انفسهم وأموالهم وأعراضهم ليسهل عليهم مناسكهم ويفتح السبيل ليسهل على الناس حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا.
لم يكن اللقب في معناه سوى تكليف الزم من تسمى به الزمه ان يكون اختيار ملك مكلف لخدمة الحرمين الشريفين حتى وان كان من تسمى بالاسم صاحب سلطة ابوية تمتد تاريخيا وجغرافيا لتشمل الموقعين فيما تشمل من مواقع المملكة العربية السعودية لكان اللقب تشريفا بغير تكليف ولكن اللقب يلزم صاحبه بأكثر مما يعطيه ذلك ان الخدمة في موقع القدرة هي الزام اكثر منها التزام.
إذاً هو لقب ريادة وقيادة ريادة المسلم ان يلزم نفسه بان يكون في خدمة مقدساته ودينه رمز وحدانية تمثلها الكعبة المشرفة ورمز برسالة.
ثم ان لقب قيادة تتعدى معناها المباشر من حيث هي لفئة لعناصرالقوة للتصدي لطاغوت القوة تجاه من يحاول ان ينال من أقدس مقدسات الإسلام والمسلمين.
شخصية الفهد
ان الجوانب الإنسانية في شخصية الفهد هي من معالم الشخصية المتميزة تظهر في تصرفاته تلقائية تنبع عن استوائها واستقامتها ومكارم الأخلاق التي غرست فيها القدوة الحسنة التي بها.
ولهذا فشخصيته تنبض بالحب وتتحلى بالخصال الحميدة وتسمو نفسه الى حب الخير نلمس ذلك في سكناته وحركاته وتغيرات وجهه بكل من يلتقي بهم وسؤاله عن القريب والبعيد، الكبير والصغير، ان احساس خادم الحرمين الشريفين عظيم بلا شك ويأتي في اهتمامه الأول فهو دائم السؤال عن أحوال المواطنين وتتبع شؤونهم وشجونهم ومشاركتهم افراحهم واتراحهم. فلم يسمع او يقرأ عن مشكلة حتى يتفاعل معها ويأمر بحلها هو بذلك يضع نصب عينيه مقولة الملك عبدالعزيز رحمه الله «ان ثروة البلاد الحقيقية هي المواطن»والفهد أخذ هذه المقولة وترجمها الى حقيقة واضحة وملموسة لكل انسان لذلك فهو يحرص على تكريم المواطن في كل المجالات ليدفعه للعمل والابتكار لتنمية هذه الأمة ولا أدل على ذلك من صدور التوجيه السامي الكريم بتشكيل لجنة على مستوى عالٍ لتكريم المواطن المثالي ولفتة انسانية أخرى تتكرر كل عام في شهر رمضان المبارك وهي العفو عن السجناء من المحكومين «الحق العام» وتسديد ديون المواطنين السجناء على نفقته حفظه الله والاخراج الفوري لهم من السجن. لينعموا بصيام رمضان بين ابنائهم وقضاء أوقات العيد لدى اسرهم وانسانية الفهد ليست محصورة في الداخل ينعم بها مواطنوه فقط، انما هي الانسانية بكل ابعادها ولهذا كانت اياديه تمسح البؤس في كل مكان تصل اليه من خلال المساعدات الانسانية المباشرة او الجمعيات الخيرية المنتشرة في أنحاء العالم وبكل الأغراض الإنسانية سواء كان مخصصا للمساعدات الاجتماعية او الطبية او إنشاء المساجد الإسلامية او تحفيظ القرآن الكريم، ودراسة ونشر اللغة العربية بين أبناء المسلمين في أنحاء المعمورة، كما أولى حفظه الله جُل اهتمامه بالشعب السعودي ومستقبلهم حتى اصبح شغله الشاغل. ولهذا كانت لقاءاته بهم في الجامعات في مختلف مناطق المملكة ليطرح عليه الشبان ما يعترض طريقهم ومستقبلهم فيرد عليهم بحكمة الابوية بما يرشدهم ويحل مشاكلهم.
الحاكم والرعية
العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المملكة نمط لا مثيل له بين انماط العلاقات الدولية القائمة. وذلك التفرد مرده ان المملكة هي الدولة الوحيدة في عالم اليوم التي التزمت بتطبيق الشريعة الإسلامية نصاً وروحاً باعتبارها دستور الدولة التي تحتكم الى مبادئه واحكامه وتهتدي بمنهجه في العمل والعلاقات، وقد تعود المواطنون في كل جزء من ارض المملكة العربية السعودية رؤية الحاكم يشد رحاله اليهم ليصلهم في مواقع عملهم او في اماكن سكنهم في مدنهم وقراهم لصيقاً بهم متجاوبا معهم فيما يرون فيه خيرهم وخير وطنهم قابلاً معهم وبتأيديهم كل التحديات والصعاب مندفعاً بهم ومعهم طريق التقدم والازدهار والرفاهية فاذا الحاكم قد امن مواطنيه واذا مواطنيه قد امنوه.. واذا بالامن والأمان سمة من سمات العلاقة بين الحاكم والمحكوم واذا بالثقة المطلقة رباط بين الحاكم والمحكوم واذا بالمحبة والولاء لبعضهم البعض خاصية تميزها الصلات الإنسانية بين افراد المجتمع السعودي الذي يكاد ولله الحمد من تماسكه وتفاعله وتعاضده وتكاتفه ان يكون بيتاً واحداً يقيم فيه كل سعودي بلا تفرقة ولا تميز بهذه الروح قامت وانتظمت واستقرت العلاقة الوطنية والانسانية بين الحاكم والمحكومين في المملكة وهي علاقة ليست من جانب واحد ولكنها من جانبين معاً بقدر متوازن من الحب والاحترام والولاء والتعاون على الخير والبر. واذ كان ثمة ما يعيب هذه العلاقة فهو ثقل الهموم التي تنقص ولا تخف من قلب الحاكم وهي نابعة من اهتمامه الذي لا يفتر بأقل الشؤون شأناً واهونها وادقها وذلك من شدة الحرص على راحة المواطن وسعادته ورعايته وحمايته من كل سوء او ضرر يمسه. فالإنسان السعودي يعيش برخاء وبرفاهية الحياة كالعلاج المجاني والتعليم المجاني وحسن العمل الملائم بمؤهله العلمي وخبرته التقنية مقابل الأمر الملائم وهذا من الحقوق الوطنية والإنسانية التي لا يلتزم بها سوى عدد قليل. وفوق ذلك تمتع المواطن السعودي والمقيم بالأمن والأمان فلا يؤخذ بشبهة ولا يظلم بجرم غيره.
التحديث والموازنة
منذ بويع الملك فهد عبدالعزيز ملكاً على البلاد في الواحد والعشرين من شعبان لعام 1402ه، والمملكة العربية السعودية تواصل مسيرتها الرائدة في العالم الإسلامي بخطوات واثقة واعدة راسخة متينة ولا شك ان السنوات العشرين التي مرت على عهد الفهد تحقق فيها انجازات انمائية ومشاريع عمرانية نقلت السعودية من عصر القبلية الى طلائع القرن الواحد والعشرين واتمت احتياجات البنية الأساسية التنموية في مرافق عامة وطرق وجسور وانفاق وزراعة ومطارات ومستشفيات وجامعات وآلاف المدارس وجيش قوي مجهز بأحدث الأسلحة والمعدات براً وجواً وبحراً بالاضافة الى تهيئة الإنسان السعودي لمواكبة عصره والتثبت بمبادئ دينه معاً وقد اتسم عهد فهد بن عبدالعزيز بالانفتاح الكامل على أبناء شعبه والممارسة الفعلية اليومية للديمقراطية المباشرة في أعمق معانيها ومظاهرها من خلال احتكاكه واخوانه بالمواطنين في مجالس مفتوحة تعيد الى الخيال عراقة امجاد ومجالس أمراء المؤمنين الذين تولوا أمور الدولة الإسلامية بعد رحيل النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختلط في مجالسهم الحاكم بالمحكوم اختلاطا عفويا اسريا أليفا ليستمع ابناء عبدالعزيز برحابة صدر نادرة الى شكاوى الناس فينصفوهم وينصروا المظلوم والمعتدى ايا كان لا يتذمرون من النقد المباشر الذي يوجهه اليهم مواطن عادي مهتدين بالشريعة الإسلامية السمحة ومقتدين بسجايا والدهم الذي كانت هوايته صناعة التاريخ الذي زرع في نفوسهم مبادئ البساطة والتواضع والاندفاع لخدمة الوطن والمواطن.
ان المكانة المتميزة التي يحتلها الملك فهد خليجياً وعربياً واسلامياً كرسته قائداً وزعيماً على المستوى العالمي وغدت المملكة منارة ساطعة في عهد الملك فهد حفظه الله واضحت قبلة لكل من يريد العمل للإسلام والمسلمين ينجز ولا يبتغي إلا مصلحة الأمة ودينها وهي حقائق مشرفة يواكبها إعلام صريح يمارس سياسة مفتوحة.
فقد استطاع الفهد احداث التوازن والمواءمة بين الأخذ بأحدث أساليب التغيير الاجتماعي الشامل وبين المحافظة على القيم الإسلامية والاجتماعية التي تأسست عليها هذه البلاد وترسمها في كل خططها.
ومحافظتها على القيم الإسلامية في هذه الدولة والاجتماعية جعلتها تسير في اتجاه متزن لا يسبق احدهما الآخر ولا يختلف عنه ولا يتجاوزه وهنا تكمن المعجزة والملحمة التاريخية.
الفهد والعطاء المتدفق
مواقف الملك فهد وعطاءاته المتدفقة التي يصعب حصرها تقدم للبشرية لها وللأمتين العربية والإسلامية تعطي نموذجاً نادراً من الرجال وسيرة راسخة للفهد الإنسان والحس المرهف الذي يحس بنبض شعبه في كل بيت ويلمس همومه واحتياجاته وآهاته وآماله عن كثب والفهد يتألم لكل فاجعة تقع لأي شعب او أي انسان في أي مكان من زلزال هنا وهناك الى مجاعة في افريقيا ومأساة في الصومال الى محنة المسلمين في البوسنة والهرسك.
عطاء الملك فهد لا يمكن حصره، يكفي الإشارة الى انشاء المجامع الفقهية والمجالس الإسلامية في آسيا، امريكا، اوروبا في الجمهوريات الإسلامية. وهناك تلبية تطلعات المسلمين التي يبدو من العبث حصرها. لان قلب هذا القائد المسلم يتسع لاحتياجات المسلمين في كل مكان سواء انشاء المدارس والمساجد ودور الرعاية والجامعات وخلافه. خادم الحرمين الشريفين لا ينسى اخوانه المسلمين في كافة ارجاء المعمورة فهو دائم العلم لشد أزرهم وتقوية عزائمهم لاعلاء كلمة التوحيد ووحدة الصف الإسلامي. ان عطاء الملك فهد نموذج للقيادة المؤمنة التي استطاعت بوعي وصدق وحس مرهف المواءمة بين تنفيذ الاستراتيجية العليا للوطن وتلمس هموم المواطن والانسان. ليس على هذه الأرض فحسب وانما في كل مكان في العالم وهكذا اضحت قبلة للعمل الإنساني النبيل بالاضافة لكونها قبلة المسلمين في مشارف الارض ومغاربها فقد جمع الملك فهد في شخصيته اروع ما افرزته هذه الارض الطيبة من ملامح وقيم انسانية اصيلة وما صنعه من تاريخ عريق وما تضمنه من مقدسات وقبل هذا وذاك ما قدمته للدنيا بأسرها من رسالة خالدة وعقيدة عظيمة ورسول كريم، لقد استمد الملك فهد جذور شخصية الإنسان الذي اتبعه من قيادته لوطنه وامته من أسس وابجدية راسخة صاغها ببساطة وتواضع بقلبه الكبير وعدله المشهور. هذه التركة الزاخرة بالقيم والمثل الرفيعة قد هيأت الأرضية الحقيقية لمن حمل الشعلة المباركة ومن ذلك ندرك الأساس والمنطلق الذي ارتكزت اليه الجوانب الإنسانية الأصيلة في شخصية الفهد.
إن رجلاً هذه صفاته وهذه مناقبه وهذه أعماله لجدير بأن يتوج على عرش القلوب ويحظى بمحبة شعبه وشعوب الأمة الإسلامية العربية في كل البقاع.
عصر الرخاء
ان الرخاء في المملكة ليس مكسباً بل هو طريقة حياة عادية عودهم إياها خادم الحرمين الشريفين الذي حرص على رفع مستوى معيشتهم ليكونوا متميزين كأفراد ومجتمع وقد عرف شعب المملكة من خادم الحرمين الشريفين رجل الدولة الحكيم والسياسي المحنك الموهوب والقلب الحاني والعقل المفتوح طالما حمل المسؤوليات الجثام في مختلف فترات حياته وقد اتسمت انجازاته بالشمولية والتكامل حسب الأولويات بادئاً بالأهم ولم يبالغ الفهد عندما وصف المسؤولية التي آلت اليه عام 1402ه بأنها عظيمة وان الأمانة ثقيلة، فقد تولى دفة القيادة السعودية وسط بحر من التحولات والهزات المصيرية في العالمين العربي والإسلامي في ذلك العالم مثل حرب الخليج الأولى وحرب لبنان وحرب تدهور الأسعار النفطية، تلاها حرب الخليج الثانية وتفجر التحولات الكبرى في اوروبا الشرقية والامبراطورية الشيوعية حمل الفهد المسؤولية وحرص على الأمانة وحقق الإنجازات الوطنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والعمرانية وغيرها من جوانب التنمية والأمن والرخاء والاستقرار التي عاهد الفهد شعبه على ان يكرس جهده ووقته من اجل العمل على تأمينها لراحة الشعب وتحقيقاً لآماله وطموحه، فضلاً عن الرخاء والأمن والاستقرار ومكانة المملكة العالمية ومنزلتها التي خولتها القرارات الدولية ورسخت مكانة الملك فهد كقائد وطني يقود شعبه في مسيرة النهضة والتطور له كلمة نافذة ورأي مسموع وموقف حاسم في كل ما يخدم العرب والمسلمين ولا شك ان الجهود المتميزة لخادم الحرمين الشريفين جعلت منه رمزاً تاريخياً فريداً حيث استطاع الانتقال بالدولة السعودية المتماسكة الى مرحلة تاريخية جديدة مع المحافظة على مرتكزاته الإسلامية النابعة من الكتاب والسنة ومازالت تعايش كافة الأجيال السعودية عطاءات مستمرة من عام الى آخر، لقد وفى خادم الحرمين الشريفين بكل ما تعهد به وهكذا وبمبادرة قائد رائد دخلت المملكة العربية السعودية القرن الحادي والعشرين بتطور عصري عقيدتها التوحيد ودستورها الإسلام وقوامها الشورى التي أمر بها ديننا الحنيف يقودها رجل يحمل المصحف بيد كأغلى أمانة يحملها قائد مسلم وسيف الدفاع عن الحق في يده الأخرى ضمن رؤية متطورة لكل المستجدات في العصر الحديث.
حفظ الله لهذه البلاد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وأدام الله على هذا الشعب نعمة الإسلام انه سميع مجيب الدعاء والحمد لله.
* قائد معهد اللغات العسكري
أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved