أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 26th November,2001 العدد:10651الطبعةالاولـي الأثنين 11 ,رمضان 1422

متابعة

«الجزيرة» تفتح ملف المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب
الدول العربية كان لها السبق في عقد اتفاقية ومؤتمر لمكافحة الإرهاب
المملكة طالبت بعمل دولي متفق عليه في إطار الأمم المتحدة
سمو الأمير نايف رعى الاتفاقية العربية برؤية شاملة ومعاصرة وخبرة عريضة
* القاهرة مكتب الجزيرة محيى الدين السعيد علي البلهاسي:
تظل الدعوة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب قائمة ومحتفظة بأهميتها وتستحق النظر اليها بعين المسؤولية الجماعية طالما ظلت دول العالم كبيرها وصغيرها تكتوي بنار الإرهاب بمختلف اشكاله.
وتظل الدعوة ايضا محتفظة بأهمية السعي الى تحقيقها على ارض الواقع طالما ظل هذا الخلاف الدولي قائما حول تعريف الإرهاب وتعمد بعض دول العالم الخلط بينه وبين حق المقاومة المشروعة.
ونظرة الى نتائج آخر الاحداث الإرهابية التي هزت العالم كله وهو حادث 11 سبتمبر الماضي تؤكد اهمية الكلام السابق، فقد قدرت التقارير ان الاقتصاد الامريكي يحتاج الى نحو 100 مليار دولار للخروج من الآثار المترتبة على هذا الحادث ولحقت الآثار الوخيمة لهذا الحادث على المستوى العالمي بقطاعات عديدة في مقدمتها الطيران والنقل البحري والسياحة وحركة التجارة وهو ما ينعكس سلبا على خطط ومعدلات النمو في دول العالم، فعلى صعيد السياحة العالمية التي يقدر عدد رحلاتها السنوية نحو 3 مليارات رحلة ينفق فيها نحو تريليوني دولار، وقد بلغ عدد السائحين العام الماضي وفقا لاحصائيات المنظمة العالمية للسياحة حوالي 699 مليون سائح انفقوا نحو 476 مليار دولار، وأنفق السائحون الامريكيون وحدهم نحو 64 مليار دولار، هذه الارقام تأثرت بشكل كبير بالاحداث الإرهابية في امريكا، حيث قدرت منظمة السياحة العالمية ان الخسائر المتوقعة ربما تفوق 50 مليار دولار وقد الغى ما يقرب من 50% من السائحين حجوزاتهم في شتى انحاء العالم مما دفع المنظمة الى تشكيل لجنة لادارة الأزمة.
سبق عربي
وفي الوقت الذي تتعالى فيه الاصوات لاعلان الحرب على الإرهاب وعقد مؤتمر دولي لمكافحته تبرز الجهود العربية واسبقيتها في هذا المجال من حيث عقد مؤتمر عربي لمكافحة الإرهاب ومبادرة مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب تحت رعاية ورئاسة صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب بعقد الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.
وتهدف الاتفاقية التي وقِّعت بإجماع الدول العربية في إبريل 1998 وتشمل 42 مادة الى تعزيز التعاون بين الدول العربية في مكافحة الجرائم الإرهابية والالتزام بالمبادىء الاخلاقية والدينية السامية لأحكام الشريعة الاسلامية والتراث الانساني للامة العربية التي ينبذ كل اشكال العنف والإرهاب ويدعو الى حماية حقوق الانسان.
وتحدد الاتفاقية تعريفا عربيا موحدا للارهاب ينص على انه كل فعل من افعال العنف او التهديد ايا كانت بواعثه وأغراضه يقع تنفيذا لمشروع اجرامي فردي او جماعي ويهدف الى القاء الرعب بين الناس او ترويعهم بايذائهم او تعريض حياتهم او حريتهم او امنهم للخطر او إلحاق الضرر بالبيئة او بأحد المرافق العامة او الخاصة او احتلالها او الاستيلاء عليها او تعريض احد الموارد الوطنية للخطر.
وتميز الاتفاقية بين الإرهاب وبين كفاح الشعوب المشروع، ولذلك فهي تؤكد على حق الشعوب في الكفاح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح لتحرير اراضيها وتقرير مصيرها وفقا لمقاصد ومبادىء ميثاق وقرارات الامم المتحدة.
وتتضمن الاتفاقية التزام الدول الموقعة بالعمل لمنع ومكافحة الجرائم الإرهابية طبقا للقوانين والإجراءات الداخلية بكل دولة من خلال عدم القيام او الاشتراك سواء بالمساعدة او الاتفاق او التحريض او اية صورة من الصور في تنظيم الاعمال الإرهابية او تمويلها والحيلولة دون اتخاذ اراضيها مسرحا لتخطيط او تنظيم الجرائم الإرهابية وتوفير ما يلزم من مساعدات لضحايا الإرهاب ولاقامة تعاون فعّال بين الاجهزة المعنية لمكافحة الإرهاب. وتعتبر هذه الاتفاقية اول مشروع مشترك ينجز في اطار جامعة الدول العربية منذ نشأتها عام 1945 وأكبر صور التعاون العربي الأمني المشترك وتستمد اهميتها الكبرى من اهمية وخطورة الظاهرة التي تتناولها وهي ظاهرة الإرهاب، والمعروف ان مجلس وزراء الداخلية العرب تحت رعاية رئيسه الفخري صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز قطع شوطا كبيرا في مجال مكافحة الإرهاب بما لم يسبق لأي منظمة اقليمية او دولية، فقد أرسى المجلس قواعد سلوك للدول الاعضاء لمكافحة الإرهاب منذ عام 1996 وهناك الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي اعتمدها عام 1997 التي تنص على ضرورة الحفاظ على امن الوطن العربي وحمايته من المحاولات العدوانية للارهاب والتخريب الموجه اليه من الداخل والخارج وتعتبر الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب هي الاولى من نوعها على الصعيدين العربي والدولي حيث انها جاءت بمفهوم عربي موحّد للارهاب وازالة اسبابه وابراز الصورة الحقيقية للاسلام والعروبة، كما صدرت عن المجلس عدة بيانات بتنديد وشجب كافة الاعمال والممارسات الإرهابية التي تمارس في اي مكان من العالم وطالبت البيانات الدول الاجنبية التي تأوي العناصر الإرهابية الى التعاون مع الدول العربية من اجل ملاحقة الإرهابيين والقاء القبض عليهم ومحاكمتهم مؤكدة على ان الاسلام بريء من جميع اشكال العنف والإرهاب ومن الذين يدّعون الاسلام وهم ابعد ما يكونون عن الاسلام والمسلمين. وكان المؤتمر العربي لمكافحة الإرهاب والذي عقد ثلاث دورات متتالية قد ناقش في دورته التي عقدت في تونس العام الماضي افضل الوسائل والسبل الكفيلة لتطويق ظاهرة الإرهاب في مختلف الدول العربية وبحث ضرورة وجود نظام فعّال للحيلولة دون تسرب الإرهابيين او تهريب الاسلحة والذخائر والمتفجرات وتعزيز نظم وحماية الشخصيات والبعثات الدبلوماسية والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة وكذلك تعزيز التعاون بين الاجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب وبين المواطنين والربط بين الإرهاب والجريمة المنظمة.
ويتوقع مسؤولون في مجلس وزراء الداخلية العرب ان تطغى على اجتماع المؤتمر السنوي لوزراء الداخلية العرب الذي سيعقد في بيروت مطلع 2002 تداعيات الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب ووضع رؤية مشتركة للموقف العربي من الحملة اضافة الى تطوير آليات التنسيق والتعاون الامني بين وزراء الداخلية العرب خصوصا في كشف الشبكات الإرهابية وملاحقتها قضائيا والتصدي لجرائم الاعتداء على الملكية الفكرية. ويعكس كل ذلك اسبقية المبادرات العربية في مجال مكافحة الإرهاب ونجاحها في الوقت الذي تأخرت فيه المبادرات الدولية كثيرا حتى استفحلت الظاهرة وعدم اتفاق المجتمع الدولي على وضع تعريف محدد للارهاب او عقد مؤتمر دولي لمكافحته كما يعكس ذلك ايضا مدى الاهتمام الذي يوليه اصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب لهذا الموضوع وحرصهم التام على توفير كل مقومات الحماية والسلامة لكافة ابناء الوطن العربي وتأمين عناصر الامن والاستقرار في كافة ارجاء المنطقة العربية وبعد النظر العربي بالاحساس بخطورة المشكلة قبل ان تنفجر على الساحة العالمية حاليا.
دور رائد للمملكة
وتأتي المملكة العربية السعودية على رأس الدول العربية التي سعت جاهدة لمكافحة الإرهاب وقد أدانت حكومة خادم الحرمين الشريفين في اكثر من مناسبة كافة الاعمال الإرهابية باعتبارها تتنافى مع كل القيم الدينية والمبادى الاخلاقية والانسانية ولإدراكها لفظائع النتائج التي تنجم عنها من ازهاق للارواح البريئة ونشر الخراب والدمار. وشددت في هذا الخصوص على اهمية اتخاذ كافة الاجراءات القانونية الدولية لمكافحة الإرهاب والتصدي للجهات التي تقوم بايواء الإرهابيين لايمانها بان السبيل الوحيد لمكافحة الإرهاب انما يكون من خلال عمل دولي متفق عليه في اطار الامم المتحدة يكفل القضاء على الإرهاب ويحقق امن واستقرار المجتمعات ويصون سيادة الدول.
وفي الوقت الذي ادركت فيه حكومة المملكة الدوافع الكامنة وراء الاجراءات التي تهدف الى ضرب قواعد تكوين وتدريب الإرهابيين فانها اعربت عن قلقها من المضاعفات التي قد تنجم عن ذلك واكدت على ضرورة معالجة تلك الاوضاع عبر آليات الامم المتحدة.
وتجدر الاشارة هنا الى الدور المهم والبناء الذي يقوم به صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب في وضع ركائز وأسس العمل الامني العربي المشترك ومتابعة خطاه نحو التوعية والتطوير بما يخدم امن واستقرار الفرد في الوطن العربي.
ويعتبر سموه بحق رجل الامن العربي الاول لجهوده الجبارة والكبيرة في هذا المجال والتي جعلته يتمتع بحب واحترام وتقدير وزراء الداخلية والعدل العرب ولذلك لم يكن غريبا ان يتم اختيار سموه لرئاسة الاجتماع المشترك لوزراء الداخلية والعدل العرب لوضع الصيغة النهائية لمشروع الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ويأتي هذا متزامنا مع خبرة سموه العريضة في المجال الامني وامتلاكه لرؤية شاملة ومعاصرة لمواجهة ظاهرة الإرهاب، اذ يضع سموه عملية التصدي لها في قمة الاولويات باعتبارها تشكل عدوانا خطيرا على المكتسبات الحضارية لجميع الدول. ويرى سموه ان العمل الجماعي الاقليمي والعالمي هو السبيل لاستئصال تلك الظاهرة التي يرفضها الدين والاخلاق الرفيعة وتجرمها المعاهدات والمواثيق الدولية. وتنطلق رؤية سمو الامير نايف للتصدي لظاهرة الإرهاب من رؤية عميقة لمفهوم الامن الذي ينبغي ان يكون محليا واقليميا وعربيا وعالميا باعتبار ان الجريمة عموما والإرهاب خصوصا لا يميز بين دولة واخرى او مجتمع وآخر وانما يمثل تهديدا للبشرية جمعاء.
وبفضل جهود سموه كرئيس فخري لمجلس وزراء الداخلية العرب تم اقرار العديد من الاتفاقيات والاستراتيجيات من اجل تقويض العملية الإرهابية وتخليص المجتمع من شرورها، ويمكن القول ان الامير نايف قد أرسى دعائم التعاون الامني العربي من خلال المساهمة في اقرار مجموعة من اتفاقيات العمل الامني العربي المشترك ومن ثم استحق عن جدارة لقب رجل الامن العربي الاول ورائد التعاون الامني العربي وغير ذلك من المسميات التي تجسد اقصى درجات المسؤولية الملقاة على عاتقه وجهوده التي لا تعرف الكلل او الملل في مجال حفظ الامن ومكافحة الإرهاب والجريمة بكافة صورها وأشكالها من اجل مجتمع عربي آمن وخال من كل المنغصات التي تعكر صفوه وطمأنينته.
دعوة متكررة
ولأن مصر واحدة من اكثر دول العالم التي تعرضت لنيران الارهاب على مدار سنوات طويلة فقد دعت منذ وقت طويل الى عقد مؤتمر دولي تحت لواء الامم المتحدة وذلك لمكافحة الارهاب واطلق الرئيس حسني مبارك اول دعوة له لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب في 28 يناير 1986 ولخص مبارك في ذلك الوقت رؤيته لعقد هذا المؤتمر وذلك في خطاب له امام الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا بمدينة ستراسبورج حيث اشار الى ان المنهج المقترح في عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الامم المتحدة يتلخص في اعادة النظر في جميع الاتفاقيات الدولية المعنية بالارهاب الدولي بهدف عقد اتفاقية شاملة لمكافحته وردعه.
واضاف ان الاتفاقية المقترحة يجب ان تعالج كافة النواحي المتصلة بالارهاب والتعاون المطلوب بين الدول للتصدي له وردعه ويدخل في هذا تبادل المعلومات بين الاجهزة المتصلة عن المخططات الارهابية والافراد والجماعات المتورطة فيها، وتدريب وحدات خاصة على مواجهة الارهاب والارهابيين وتوفر الوسائل التي تستخدم في تلك المواجهة والتعاون للقبض على الارهابيين وتسليمهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم، وما يتبع ذلك من اجراءات جماعية ازاء الدول التي تساعد الارهابيين وتحرضهم بصورة تضمن الا تأخذ هذه الاجراءات الرادعة طابع العداء لجماعة قومية او لمجموعة من الدول او تنبع من انحياز سياسي معين بل يجب ان تكون مرتبطة بعامل واحد هو مسلك تلك الحكومات ازاء الارهاب.
واكد على انه لابد ان يكون التحرك الدولي في هذا الاتجاه جماعيا شاملا لا تنفرد فيه دولة او مجموعة اقليمية او سياسية معينة بالرأي او تتحرك بمعزل عن باقي الدول حتى نوفر لتلك المواجهة الجديدة قاعدة عريضة من القبول الدولي الداعم لخطواتها ومراميها.
مفهوم عام
وبعد ان وقعت احداث 11 سبتمبر زاد الحديث عن اهمية عقد مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب وان كانت هناك بعض النقاط محل الاختلاف يحدثنا عنها في السطور التالية اساتذة القانون والفكر والسياسة:
بداية يقول الدكتور صلاح عامر استاذ القانون الدولي انه ليس هناك تعريف دقيق ومحدد متفق عليه حتى الآن لمفهوم الارهاب وان كان هناك مفهوم عام فقط للارهاب وهو انه الاعمال التي تنطوي على ترويع المدنيين المسالمين العزل من السلاح على نحو عشوائي بهدف بث الرعب والذعر بينهم. ويضيف ان مفهوم الارهاب ينطوي على كثير من الاعمال التي تتمثل في جرائم القانون العام ولكنها ليست بالضرورة جريمة ارهاب.
ويرى الدكتور صلاح عامر انه من الاهمية لكل دول العالم السعي لعقد مؤتمر دولي لتعريف الارهاب بحيث يكون مفهوما واضحا وصريحا مشيرا الى ان ما تقوم به الولايات المتحدة في افغانستان منذ 7 اكتوبر الماضي ليس له شرعية ولا اساس في القانون الدولي وفي القانون الدولي يعتبر مثل هذا العمل من قبيل العدوان ضد دولة ويعتبره بعض القانونيين ارهابا طالما انه موجه ضد مدنيين خاصة وان الدلائل التي قامت عليها هذه الحرب هي دلائل مشكوك في صحتها وغير مؤكدة. ويضيف ان ما تفعله الولايات المتحدة مخالف لميثاق الامم المتحدة وللقانون الدولي حتى لو لم تعترف امريكا بذلك.
ويعرج الدكتور عامر على نقطة هامة وهي ما يصفه بالخلط في المفاهيم بين الاعمال التي توصف بالاعمال الارهابية واعمال المقاومة المشروعة لتقرير مصير شعب ما مشيرا الى ان هناك تبايناً في وجهات النظر القانونية بشأن هذه النقطة خاصة وان حق الشعوب في تقرير مصيرها ليس حقا مقررا في القانون الدولي ولم يعترف به الى الآن.
ويؤكد على انه لا يمكن وصف اعمال المقاومة المشروعة بالارهاب مشددا على انه رغم تعقد مسألة الوصول لتعريف جامع مانع للارهاب فان ذلك لا يعني التوقف ابدا عن المطالبة بعقد المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب.
ويشير الدكتور نبيل حلمي استاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق الى ان هجمات 11 من سبتمبر وتعرض المجتمع الامريكي لهجمات ارهابية لم يشهدها العالم في العصر الحديث لابد وان يؤدي الى استيعاب الدرس والسعي لعقد المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب مؤكدا ان التعاون الدولي هو السبيل لمواجهة هذا الارهاب وليس الحل العسكري. ويدلل على كلامه بما سبق وان اكد عليه الرئيس مبارك تكراراً من عدم قدرة اي حكومة في العالم على مقاومة الارهاب او صده او معرفة مكان وقوعه او وقته.
ويوضح ان هناك منظمات معروفة في العالم كله تنتهج في سياستها الارهاب كوسيلة لتنفيذ اهدافها، ومنها منظمة الالوية الحمراء الايطالية التي اكتسبت شهرة واسعة عقب اختطاف وقتل ألدومورو في 1987 ولم تكن الاولوية الحمراء هي التنظيم السري الوحيد الذي يمارس العنف من اجل تحقيق اهدافه الثورية مشيرا الى ان الاحصائيات دلت على ان عمليات الاختطاف التي جرت في العشر سنوات الاخيرة والتي بلغت 430 حادثا حققت دخلا بلغ 200 مليون دولار طلبها المختطفون فدية.المنظمة الثانية هي اتا الانفصالية في الباسك ومنظمة الجيش الاحمر الياباني ثم منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي والتي تعتبر من انشط الجماعات الارهابية في العالم حيث كانت وراء خمسة آلاف حادث انفجار قنابل وخمسة وعشرين الف حادث اطلاق نار منذ عام 1969 وهناك ايضا شبكة الارهاب اليرمودي وقد تم اكتشاف هذا التنظيم في اسرائيل واعضاؤه من المستوطنين اليرمود في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان الذين دبروا عملية الهجوم بالمدافع الرشاشة على طلبة الكلية الاسلامية بجامعة الخليل في يوليو 1983، كما تورطوا في سلسلة الاعتداءات بالسيارات الناسفة التي تعرض لها العمد الفلسطينيون في مدن نابلس ورام الله والبيرة في عام 1980.
ويرى الدكتور نبيل حلمي ان السنوات الاخيرة شهدت نشاطا في القانون الدولي لوضع نظام للتعاون الدولي في مكافحة الارهاب وتم عقد العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الثنائية والجماعية سواء لمواجهة عمليات الارهاب بصفة عامة او مواجهة نوع واحد من انشطة الارهاب الدولي كالاستيلاء غير المشروع على الطائرات او حماية المبعوثين الدبلوماسيين او احتجاز الرهائن.
ويضيف ان المنظمات الدولية نشطت وبذلت مجهودات لمواجهة الارهاب الدولي فأصدرت التوصيات والقرارات وبذلت محاولات قانونية لتعريف العدوان والارهاب وتجريمه وتنظيم التعاون الدولي في مواجهته وفي الوقاية منه ووضع نظام لتسليم الارهابيين ومحاكمتهم وتعاون كافة السلطات التنفيذية والقضائية في الدول وكذلك وضع نظام دولي لتبادل المعلومات عن كافة الجماعات الارهابية واماكن تجمعها واهدافها واعضائها.
ويؤكد الدكتور حلمي ان الاحداث الاخيرة اثبتت ان فكرة التفوق العسكري والدرع الصاروخي وغيرها غير ذات جدوى بدون عقد مؤتمر دولي تحت لواء الامم المتحدة لمكافحة الارهاب مشددا على ان الارهاب يختلف عن الكفاح المسلح وهو الاستخدام المشروع للقوة ضد قوى الاحتلال ومصالحها الحيوية بهدف الوصول الى حق تقرير المصير والى ازالة العدوان والاحتلال على ارض الدولة.
خلاف
المستشار محمد عبدالقادر عبدالله نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا يشير بداية الى انه رغم الاتفاق الدولي على ضرورة مكافحة الارهاب فان هناك خلافا دوليا على تعريف الارهاب وذلك لاختلاف المقاييس والمنظور والمصالح من دولة لاخرى، كما ان الامم المتحدة حتى الآن لم تحرز اي تقدم نحو تعريف الارهاب، موضحا ان الجمعية العامة توصلت عام 1974 الى تعريف العدوان بانه استخدام القوة المسلحة من جانب الدولة ضد سيادة ووحدة الاراضي الاقليمية او الاستقلال السياسي لدولة اخرى وان هذا يعد ارهابا.
وقد اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة عدة قرارات وتوصيات تفرق بين الكفاح المسلح وحركات التحرر الوطني وبين الارهاب الدولي الا ان ذلك والكلام للمستشار عبدالقادر يتصف بالغموض لعدم الاتفاق على تعريف محدد للارهاب للتباين الشديد في وجهات النظر بين كل من روسيا وامريكا حول تحديد المقصود (بالارهاب الدولي) وهو ما يقتضي ضرورة عقد المؤتمر الدولي لمناقشة قضية الارهاب والاتفاق على تعريفه والقضاء على الاسباب المؤدية اليه والتفرقة بين اعمال الارهاب وبين الكفاح المسلح المرتبط بحق تقرير المصير.
ويؤكد المستشار عبدالقادر ان الشعوب العربية عانت كثيرا من نير الارهاب الصهيوني ويدلل على ذلك بما حدث في ديسمبر 1969 من اقتحام مجموعة من الصهاينة لمقر الوفد السوري في الامم المتحدة وفي مارس عام 1971 القيت زجاجة حارقة على مكتب البعثة العراقية في الامم المتحدة الى جانب ما تقوم به اسرائيل حاليا من ارهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني.
المستشار فتحي رجب عضو مجلس الشورى يشير الى مطالبة الرئيس مبارك منذ اكثر من عشر سنوات وفي مناسبات مختلفة داخليا وخارجيا بعقد مؤتمر دولي يتيح موقفا دوليا جماعيا في مواجهة ظاهرة الارهاب الخطيرة، ويقول رجب ان المؤسسات الدستورية والتشريعية في مصر قامت بالبحث في أمر ما اعلنه الرئيس مبارك وتمت مناقشة مواجهة الارهاب والابعاد الخارجية لظاهرة الارهاب في مجلس الشورى على مدى عدة جلسات، وانتهت توصيات هذا المجلس الى ضرورة الاتجاه الى تنفيذ توصيات الرئيس مبارك في المجال الدولي والذي بدأت منه كثير من الدول عقد اتفاقيات لمنع الارهاب ومكافحته، كما عقدت اتفاقية منظمة الوحدة الافريقية عام 1999 لمنع الارهاب ومكافحته ولكنها تقتصر على الدول الافريقية وحدها.
ويشير المستشار رجب الى ان متخصصي القانون الدولي اختلفوا في وضع مصطلح تعريفي للارهاب الدولي منذ عام 1930 حتى الآن وان التطورات الاخيرة في العالم اصبحت تستوجب على العالم كله السعي لتحقيق الاتفاق حول هذه الظاهرة. ويطالب رجب الحكومة المصرية بان تتحرك في اطار من الدبلوماسية العربية والاسلامية والاستعداد بالدراسة العلمية العميقة لمشروع مواد ونصوص معاهدة دولية يمكن تقديمها الى المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب.
ويرى رجب اهمية ان تتناول المناقشات في هذا الشأن ضبط المعايير بشكل لا يسمح بالتلاعب في التفسير وان تنسق المعايير المنضبطة هذه مع قواعد الحريات الدينية والعقائدية وحرية التعبير والابداع وحقوق المجتمعات والدول في الاستقلال وحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية بحيث يسيطر على هذا المؤتمر وبدراسة عميقة الامور الساخنة في بقاع العالم ليطبق تعريف الارهاب بعدالة مطلقة على ما يكون فيها من صراعات ويفرق بين المقاومة المشروعة والارهاب.
ويحذر رجب من اتاحة الفرصة لبعض الدول في وضع صياغة تخدم اهدافها ومصالحها خاصة الدول المؤيدة لاسرائيل في ارهابها ضد الشعب الفلسطيني.ويشير رجب الى ان هناك وثائق لحقوق الانسان صدرت عن منظمة المؤتمر الاسلامي وهي تؤكد ان من يتهمون الاسلام والمسلمين بالارهاب هم ممن لا يفهمون قواعد الاسلام وتعاليمه الحنيفة وان هؤلاء يمارسون باتهام المسلمين بالارهاب نوعا من ارهاب البشر وترويعهم والتفرقة بينهم على اسس عرقية ومذهبية وعقائدية.


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved