أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th December,2001 العدد:10672الطبعةالاولـي الأثنين 2 ,شوال 1422

مقـالات

ظلال العولمة ومتاهة السلام
مندل بن عبدالله القباع
إن معاناة الشباب التي تترى على السطح الاجتماعي الآن ترجع في معظمها إلى انه بات ينخرط في العيش لاهثاً في عصر يطلق عليه عصر العولمة أو القطبية أو الكوكبية ومن أبعادها محاولة مسح الهوية المحلية قاصدة ان يكون للأشياء شكل واحد، كما انه عصر المادية الفجة غير المنتسبة لا للدمقرطة، ولا للأنسنة إنه عصر التحدي البرجماتي ذو الوجهة الاقتصادية والسياسية فالمعيارية تمثل نسقا معياريا مطلقا يتغير العالم ولا يتغير، يتطور الوجود ولا يتطور، تضاف العلوم ولا يضاف إليه، وتصحح المفاهيم ولا يصحح مساره. هكذا تكون البرجماتية في العوالم المادية نسقاً ثابت الركائز، مطلق الأبعاد، يحدد معالم نظام العولمة، يكرس الاتباعية كشرط جوهري للقطبية ذات الاتجاه الأحادي تبعاً لآليات العولمة ذات الكيان الرأسمالي فالاتباع شرط جوهري إلا انه ليس الشرط الوحيد فإلى جانبه ثمة شروط أخرى بالطبع مثل الانفتاح الفضائي، والانسيابية السوقية، والقيادة الواحدية، ومزيد لاتساع الفجوة بين مقدرات القمة حيث الغنى والبذخ، وفوات القاعدة وترسيخ الفقر والبطالة نظراً لما تتسم به التجارة من أنانية متوحشة حتى ولو نعتت بأنها حرة. هذا على الرغم من محاولات الحفاظ على البيئة الحضارية، وطبيعة التركيبة الثقافية. ولكن هل ثمة تحقق؟ في ظل عدم تساوي المقادير أو الكيانات المتفردة والسبل المتقاطعة في وجودها الموضوعي حيث تحيز الشركات متعددة الجنسية تلك التي لاتحمل فقط جنسية دولة بعينها، ولكن ترجع ملكيتها لأشخاص من دول متعددة ولها أفرع في كل أنحاء العالم.. وهذه الشركات تبدو أقوى من الدول في بعض الأحيان، ولكنها تعمل على تكديس تراكم الثروات في أيدي القلة المهيمنة.
إن نظرة للعولمة هذا شأنها ليست حالة نفسية تعتري كاتب هذا المقال، لما تثيره في النفس حالتنا نحن العرب في مواجهة قوى البغي والضلال، وممارستها التعسفية الوحشية القمعية استناداً لقوة غاشمة تحميها وتبرر مواقفها، وتحبذ ممارساتها، وهي تصادر مستقبل شعب سار على درب الشرعية فضربت الشرعية في مقتل حتى لايجد شيئا يستند عليه وتباهي قوى الغدر باتباعها أسلوب القتل والترويع والتجويع والتصفية الجسدية أنها أقصر السبل وأفضلها وصولاً لتصفية القضية السياسية برمتها ، فهي بهذه الطريقة بديل مناسب عن الجلوس إلى المفاوضات حيث يدخل في روعهم انها ليست جاهزة للاستخدام، وباتت فصولها مهترئة وقديمة ولا تصلح للتناول. لذا فهم يدعوننا للتغافل تماماً عنها وطيّ صفحتها ونسيانها، بل وانتزاعها من حيز تفكيرنا ومحط آمالنا حتى لا نستطيع الادعاء بمبررات وجودها.
هم يرفعون شعار الإرهاب ومن ورائها القوى التي تحميها ترفع شعار العنف، وتعلن في صلف أنه إذ لم يتوقف ذلك العنف فلا رجاء نحو تناول المفاوضات أو امتدادها ولا إضافة جديدة يتم توقعها في طريق الانفراجة، بل باتت تعتبر من قبيل الشعارات للتبرير بأن التصفية الجسدية عملية وقائية فهي تنبع منها وتتصل بمعاييرها.
انها شعارات تحمل مبادئ ارتكازية لها في عرفهم ومبادئهم استخداماتها وأغراضها المتفق عليها من كافة القوى داخل مجتمعهم فلا لوم ولا اعتراض عليها حيث تدور حول دعم قوى التطرف وجموع المتطرفين وهم كثر.
وفي الجانب الآخر شعب أعزل تتحدد استراتيجيته في الاعتدال والتسامح والدعوة للحق والسلام المبني على مبادئ العدل والشرعية، واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة من خلال بلورة تسويات مقبولة من الأطراف المعنية.
يبدو من هذا ان مشروعنا نحن العرب في مواجهة التجبر والغطرسة ومحاولة الاستنزاف من خلال سياسة القمع وأساليب الوحشية والهيمنة في تسيير حركة التفاعلات بين قوى المنطقة برمتها مما ينطوي على مخاطر بالغة ستنال كافة القوى، فمشروعنا إذن هو التحرك العقلاني واستخدام وسائل منهجية علمية موضوعية جادة في مناخ من التفاهم المتبادل بين قوى السلام في داخل وخارج الأرض المحتلة التي أصبح يعلوها الآن أنات الثكالى وصرخات الأيتام، وعويل المكلومين، وبكاء المعاقين والمشوهين، وهزال المتعبين المجهدين، ويأس المحبطين.
ان مشروعنا نحن العرب ينهض على محاولة التنسيق ودعم التضامن، وحشد الإمكانات والتصدي المحسوب لنزعات التسلط والهيمنة ذات التوجه العنصري التوسعي الاستعماري الذي يسعى لانتزاع أبناء البلاد من أرضهم والاستيلاء البغيض على أرضهم وممتلكاتهم بل وإرادتهم ومقدراتهم.
كل هذا يتم تحت لواء مصالح أصحاب الامبراطورية الجديدة وقد باتت تلف العالم بأسره، محوّطاً دواعي التنمية ومخيباً آمال وتطلعات الشباب الذي هو عصب القوى البشرية العاملة التي بات القلق ديدنها، والمعاناة سبيلها، والتوتر ركنها، واللااستقرار حياتها، والسبيل إلى ذلك يتمثل في:
توحد استراتيجيات المحبين للسلام المجاهدين في سبيله العاملين على إحقاقه تكاملاً في المعطيات وسداً للمتطلبات ومراجعة للسياسات ونأياً عن الاختلاف في وجهات النظر حول أساليب وإمكانات التصدي وتنديداً لعوامل الخوف، ومعالجة لانعكاساتها، لاسيما وان هذا مدعاة لحل مشكلات الحيرة الفكرية التي تنتاب الشباب المعني بأمور وقضايا المحيط الذي يعيش فيه ويؤثر في كيانه والمهتم بمواجهة تحديات الآن، والانطلاق المحسوب نحو ماهو آت، مما يرفع من قيمة الكفاءة الثقافية الاجتماعية والاندماج المعياري الارتقائي في شؤون الوطن ومايحيط به من أحداث.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved