أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 17th December,2001 العدد:10672الطبعةالاولـي الأثنين 2 ,شوال 1422

متابعة

«الجزيرة» في حوار شامل مع الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب حول الجهود العربية لمكافحة الإرهاب:
أحداث سبتمبر لم يكن لها أي أثر على الوضع الأمني في دولنا العربية
لا بد أن أسجل بكل فخر واعتزاز دور سمو الأمير نايف في تدعيم مسيرة مجلس وزراء الداخلية العرب
التمييز بين الإرهاب والكفاح الوطني نقطة جوهرية للاتفاق على معاهدة دولية لمكافحة الإرهاب
* * القاهرة مكتب الجزيرة:
حوار/ د. محمد شومان وريم الحسيني
في حوار شامل حول الجهود العربية والدولية لمكافحة الارهاب والخبرة العربية الثرية في هذا المجال تحدث إلى «الجزيرة» الدكتور محمد كومان الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب وقد انطلق في حواره الشامل من حقيقة الدور المتميز والبارز لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير داخلية المملكة والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب فقد قاد سموه الجهود العربية في مجالات مكافحة الجريمة والارهاب فخرجت إلى النور الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب التي تعتبر نموذجاً وقدوة يمكن للعالم الاستفادة منها في التوصل إلى اتفاقية دولية لمكافحة الارهاب.
كذلك تحدث د. كومان عن أهمية التمييز بين الارهاب والكفاح الوطني، وعن الموضوعات التي يناقشها مجلس وزراء الداخلية العرب في اجتماعه القادم في بيروت..
وفيما يلي نص الحوار:
* ما هي تأثيرات الأحداث العالمية على الوضع الأمني في الدول العربية؟
من حيث المبدأ فإن الدول على اختلافها تتأثر إلى هذا الحد أو ذاك، بما يجري حولها من أحداث وتطورات، وهذا التأثير قد يكون أمنياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً وغير ذلك، ولا يمكن لأي دولة في الوقت الحاضر، وفي ظل التقدم الهائل الذي طرأ على وسائل الاتصالات والمواصلات، ان تعزل نفسها وتكون في منأى عما يحدث في هذا العالم.
وبالنسبة للمستجدات الناجمة عن التفجيرات التي حصلت في واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر/ايلول الماضي، فإن الدول العربية كان لابد لها ان تكون في مقدمة الدول المهتمة بتلك المستجدات خاصة وان العرب والمسلمين تعرضوا لاتهامات ظالمة، كما ان عددا لا يستهان به من الذين كانوا موجودين في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء وقوع التفجيرات تلقوا الكثير من الاهانات وسوء المعاملة، وهو أمر مستغرب ومرفوض ولا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال.
ولكن إذا نظرنا إلى تأثيرات ما يجري من أحداث عالمية منذ تفجيرات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر حتى الآن، على الوضع الأمني في الدول العربية، فإنه يمكنني القول بكل ثقة ان تلك الأحداث لم يكن لها أي أثر، فالوضع الامني في دولنا العربية، وباستثناء ما يجري في فلسطين نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي الشرس والظالم على أبناء الشعب الفلسطيني المناضل وأجهزته الرسمية يتمتع بالثبات والاستقرار والحمد لله، وهذا يعود إلى الوعي الذي تتحلى به شعوبنا العربية من جهة، وكذلك إلى يقظة الأجهزة الأمنية العربية وسهرها على أمن دولنا العربية وحماية مواطنيها.
اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب
* وقّعت أغلب الدول العربية على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.. فما هي النتائج العملية لهذه الاتفاقية في مجال مكافحة الارهاب.. وما هو موقف الدول التي لم توقع عليها؟
لابد لي بداية من تصحيح التباس وقع في السؤال.. فالدول العربية كلها، وليس أغلبها وقعت على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، وكان ذلك في الاجتماع التاريخي المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب والذي شاركت فيه كافة الدول العربية.. ولكن خطوة التوقيع كان لابد ان تتلوها خطوة التصديق لكي تصبح الاتفاقية سارية المفعول، وقد بلغ عدد الدول التي صادقت على الاتفاقية وأودعت وثائق التصديق لدى جامعة الدول العربية «16» دولة، والإجراءات لاتزال جارية في بقية الدول لاستكمال عملية التصديق، ولذلك فإن المسألة هي مسألة وقت لا غير بالنسبة لهذه الدول لأن المبدأ متفق عليه، منذ ان تم توقيع الاتفاقية في 22 ابريل/نيسان في عام 1998م، وبالنسبة للنتائج العملية فإنه من خلال متابعة الأمانة العامة لهذا الموضوع، يمكنني التأكيد بأن التنفيذ يتم على أكمل وجه، وان التعاون بين الدول العربية في هذا المجال قائم بشكل متين وفعال، وهو ما يؤكد الجدية التي تتعامل بها كافة الدول العربية في موضوع مكافحة الارهاب وسعيها لإنقاذ شعوبنا ومجتمعاتنا من مخاطره وآلامه.
* من وجهة نظر معاليكم.. ما الجديد في الأفكار المطروحة بشأن عقد اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب؟
إن موضوع عقد اتفاقية دولية لمكافحة الارهاب يستأثر باهتمام مختلف الدول التي باتت تدرك أخطار هذا الداء الذي أصاب العالم منذ سنوات عديدة، والذي كانت الدول العربية في مقدمة الدول التي حذرت من أخطاره ومآسيه، ولكن المشكلة التي لاتزال في نظري تشكل العقبة الرئيسية في سبيل الوصول إلى مثل هذه الاتفاقية تكمن في تعريف الارهاب، حيث ان هناك من يسعى لإدانة كل من يحمل السلاح او يستخدمه بغض النظر عن الهدف من حمل هذا السلاح أو عن الوجهة التي يوجه إليها، في حين ان هناك فريقا كبيرا في المقابل ومن ضمنه الدول العربية يسعى إلى التمييز بين الارهاب كعمل اجرامي يستحق الادانة والشجب وبين نضال الشعوب المشروع لتحرير أراضيها المحتلة ونيل حقها في الاستقلال، والمثال الحي لذلك هو كفاح الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وبطشه، فمثل هذا الكفاح تقره المواثيق والشرائع الدولية ولا يمكن، بأي شكل من الأشكال، ادراجه في خانة الأعمال الارهابية، وفي تقديري فإنه طالما بقي الخلاف حول هذه النقطة الجوهرية قائماً، فإنه سيكون من الصعب الوصول إلى اتفاق بشأن عقد اتفاقية دولية لمكافحة الارهاب تحظى بموافقة كافة الدول، وتفرض على الجميع الالتزام ببنودها.
* كيف يمكن الاستفادة من جهود وتجربة الدول العربية في مكافحة الارهاب، خاصة الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، في صياغة الاتفاقية الدولية لمكافحة الارهاب؟
الواقع انه أمكن للدول العربية في ضوء تجاربها وخبراتها الثرية والناجحة الوصول إلى اتفاقية عربية لمكافحة الارهاب تعتبر اتفاقية نموذجية بكل معنى الكلمة وذلك سواء في جانبها الأمني أم في الجانب القضائي، وكان ذلك هو ما حمل الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الافريقية وكذلك في المؤتمر الإسلامي على عقد اتفاقية لمكافحة الارهاب تستند إلى حد بعيد على المواد التي تضمنتها الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب والطريقة التي صيغت بها.
ولذلك فإنني أرى انه من الممكن جعل هذه الاتفاقية أساساً يمكن الانطلاق منه لوضع الاتفاقية الدولية المرجوة تحت سقف الأمم المتحدة وبرعايتها.
* ما هو تأثير الاتفاقية الدولية لمكافحة الارهاب على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب؟
اعتقد انه في حال التوصل إلى تفاهم بشأن تعريف الارهاب بحيث يكون هذا التعريف متلائماً مع التعريف الوارد في الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب فلن يكون هناك أي تناقض أو تعارض بين الاتفاقية الدولية والاتفاقية العربية باعتبار ان النقاط الأخرى في الاتفاقية سواء لجهة التعاون الأمني أو القضائي في مكافحة الارهاب، لن تكون محل خلاف ذي شأن بين مختلف الأطراف الدولية، حيث ان الجميع يقفون من حيث المبدأ ضد الارهاب، والخلافات التي قد تطرأ حول بعض الأمور التفصيلية يمكن تسويتها بقليل من الجهد، ولذلك فإن الجهود يجب ان تتركز لكي تكون الاتفاقية الدولية، في حال اقرارها، متوافقة مع اتفاقيتنا العربية وبالتالي مع كل من اتفاقية منظمة الوحدة الافريقية والمؤتمر الإسلامي، وبذلك تتكامل هذه الاتفاقيات وتتوحد الجهود الدولية لمكافحة الارهاب على أسس صحيحة وراسخة.
* في حال التوصل إلى اتفاقية دولية لمكافحة الارهاب.. ما هي الآليات والوسائل التي يمكن من خلالها تطبيق هذه الاتفاقية؟
الواقع انه يمكن الاستفادة أيضاً من تجربة الدول العربية في هذا المجال فبعد توقيع الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، وسعياً من دولنا العربية لتنفيذ هذه الاتفاقية على أفضل وجه، ثم تأليف لجنة وزارية مشتركة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، أوكلت إليها مهمة متابعة تنفيذ الاتفاقية، وقد تألفت اللجنة من خمسة وزراء يمثلون مجلس وزراء الداخلية العرب وخمسة آخرين يمثلون مجلس وزراء العدل العرب، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعين الأول في جدة والثاني في تونس، وكان نتيجتهما اقرار مجموعة من الإجراءات التنفيذية للاتفاقية، وقد بوشر بتنفيذ هذه الإجراءات في بداية عام 2001م، وفي رأيي انه يمكن كذلك الاستفادة من هذه الإجراءات عند البحث في الوسائل والآليات التي يمكن من خلالها تنفيذ بنود أي اتفاقية دولية لمكافحة الارهاب يتم اقرارها في نطاق هيئة الأمم المتحدة، ومما لا شك فيه ان النجاح الذي يرافق تنفيذ تلك الإجراءات هو الذي يحفزني على الدعوة إلى الاقتداء بها لدى البحث في وضع واقرار الاتفاقية الدولية.
* للمملكة العربية السعودية دور مشهود تميز بالريادة في مجال مكافحة الارهاب، وكان لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب دور بارز في تفعيل الجهود العربية للتوصل إلى أول اتفاقية عربية لمكافحة الارهاب، ما هي رؤية معاليكم لهذا الدور في ضوء الأحداث والتحديات التي تطرحها الأحداث العالمية الجارية؟
الواقع ان الجميع يقدر الدور المهم والحيوي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية ليس فقط في مجال مكافحة الارهاب، بل أيضاً على صعيد تحقيق الأمن والاستقرار في كافة دولنا العربية والإسلامية، وهذا الدور يتجلى في كافة المناسبات وعلى مختلف الأصعدة، وفي الوقت ذاته فإن كل متتبع لمسيرة العمل الأمني العربي المشترك منذ انطلاقتها قبل عقدين من الزمان وحتى الآن، لابد ان يسجل بكامل الفخر والاعتزاز الدور البارز والبناء الذي يلعبه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله في تدعيم هذه المسيرة وتعزيز بنيانها وتطوير وسائلها وأدواتها بحيث تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منها لجهة توفير أقصى درجة من الأمن والطمأنينة والاستقرار في ربوعنا العربية، وقد كان ذلك هو ما دفع أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب إلى اختياره رئيساً فخرياً لمجلسهم الموقر.
وعلى صعيد الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب فإنه تقديراً لصاحب السمو ومكانته ودوره، كان هناك اجماع على ان يترأس سموه الاجتماع التاريخي المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب الذي انعقد عام 1998م وتم خلاله التوقيع على الاتفاقية المذكورة، كما ترأس سموه بعد ذلك، وكما سبقت الإشارة اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة التي أقرت الإجراءات التنفيذية للاتفاقية.
وفي ظل الأحداث والتطورات التي تشهدها الساحة الدولية حاليا، فإن هذا الدور يتعاظم وذلك بالنظر للثقل الذي تحتله المملكة العربية السعودية على المستوى العالمي، وانطلاقاً من مكانتها المرموقة على الصعيدين العربي والإسلامي، وهو ما يجعل رأيها محل تقدير كبير عالمياً.
وفي الوقت ذاته فإن دور صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يزداد أهمية انطلاقاً من المزايا والصفات الشخصية البارزة التي يتحلى بها سموه، والحكمة التي تتجلى بها مواقفه، وهي أمور تتطلبها الحاجة وخاصة في أوقات الأزمات والمحن.
* ما هي أهم المحاور التي ستتناولها دورة مجلس وزراء الداخلية العرب المقبلة في بيروت عام 2002م؟
هناك جملة من المواضيع المهمة المعروضة على جدول أعمال الدورة المقبلة للمجلس الموقر، والتي ستعقد في بيروت بضيافة كريمة من حكومة الجمهورية اللبنانية، وهذه المواضيع تهم أمن المواطن العربي وسلامته وتدعيم الاستقرار في الربوع العربية كافة.
ومن دون الدخول في التفاصيل فإنه يمكنني الإشارة في هذا السياق إلى جملة من التقارير التي سيناقشها المجلس والتي تتناول إضافة إلى ما نفذته الأمانة العامة وأكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية من إنجازات خلال عام 2001م، تنفيذ كل من: الخطة الأمنية العربية الثالثة، الخطة الإعلامية العربية للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة، الخطة المرحلية الثانية للاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب، الخطة المرحلية الثالثة للاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، والاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، كما سيناقش المجلس توصيات المؤتمرات والاجتماعات التي نظمتها الأمانة العامة خلال عام 2001م، التي يصل عددها إلى حوالي خمسة عشر مؤتمراً واجتماعاً، تناولت كلها السبل الكفيلة بتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول العربية في مجال الوقاية من الجريمة ومكافحتها ودرء أخطارها من دولنا ومجتمعاتنا وهناك أيضاً مشروع القانون النموذجي لتسليم المجرمين والأشخاص المطلوبين وكذلك مشروع الاستراتيجية العربية للسلامة المرورية.
وبطبيعة الحال فإن ما يجري من تطورات على الساحة الدولية لن يكون غائباً عن اهتمامات المجلس الموقر، بل ان ذلك خصص له بند مستقل ستتم مناقشته واتخاذ ما يرتئي أصحاب السمو والمعالي الوزراء بشأنه من قرارات.
وإننا على ثقة بأن الدورة المقبلة ستكون ناجحة بإذن الله، على غرار الدورات السابقة للمجلس الموقر، وهذا يعود إلى الحكمة التي يتحلى بها أصحاب السمو والمعالي وإلى الجدية التي تميز أعمال المجلس والهيئات التابعة له.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved