أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 18th December,2001 العدد:10673الطبعةالاولـي الثلاثاء 3 ,شوال 1422

الاقتصادية

محمود فهمي رئيس هيئة سوق المال المصري الأسبق ل( الجزيرة):
المملكة بفضل خادم الحرمين تنبهت إلى مخاطر الاعتماد على مصدر واحد للموارد الخارجية
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
أكد محمود فهمي رئيس هيئة سوق المال السابق ان المملكة تنبهت بفضل خادم الحرمين الشريفين الى محاذير الاعتماد على مصدر واحد للموارد الخارجية وبدأت في تنويع مصادرها ما بين الصناعة والسياحة. وأوضح ان الحرب في أفغانستان وتصريحات أمريكا بضرب بعض الدول العربية لها اثار سلبية على البورصات. وأشار الى ان أحداث سبتمبر ألقت بظلالها على الاقتصاد العربي من خلال حالة الركود والكساد وانسحاب كثير من الأجانب من البورصات العربية. كما طالب بتوحيد القوانين الاستثمارية العربية لتسهيل انتقال رؤوس الأموال ورجال الأعمال. قال ان القطاع المصرفي مؤهل لجذب الأموال العربية الخارجية. كذلك حذر دول الخليج من الاعتماد على مورد واحد كالبترول الذي يشهد تقلبات بسبب الاضطرابات والأحداث العالمية.
«الجزيرة» التقت بالمستشار محمود فهمي الخبير في سوق الأوراق المالية وطرحت عليه كافة الاستفسارات التي تفرضها الأحداث العالمية الحالية، والتحديات التي تواجه البورصات العربية.. فكان هذا الحوار:
* في ظل أحداث الحرب في أفغانستان، والتحديات الأمريكية بتوسيع العمليات العسكرية لتشمل بعض الدول العربية، ما تأثير ذلك على البورصات العربية؟
أحداث 11 سبتمبر الماضي أصابت الاقتصاد الأمريكي بنوع من الركود والتراجع والانكماش وكذلك الاقتصاديات الأخرى، ونظراً للعلاقات التبادلية بين اقتصاديات الدول العربية مع الاقتصاد الأمريكي سواء من ناحية العلاقات المتمثلة في الصادرات والواردات أو الاستثمار في البورصة وقيد الأوراق المالية العربية في البورصات الأمريكية أو قيد الأوراق المالية الأمريكية في البورصات العربية الى جانب الاستثمارات العربية المباشرة وغير المباشرة في أمريكا وكذلك الاستثمارات الأمريكية والأجنبية في البورصات العربية، فترتب على هذه العلاقات التبادلية بعض الركود في حركة التداول في السوق الثانوي والأول في الأوراق المالية الأمريكية مما انعكس بأثر سلبي على البورصات العربية.. ويلاحظ ان كثيراً من الأجانب خاصة الأمريكيين قاموا بتصفية مراكزهم وبيع أوراقهم المالية العربية، وخرجوا من الاقتصاد العربي نتيجة لما أشيع من الاتجاه العدائي للعرب والمسلمين عقب أحداث سبتمبر الماضي، كما ان أحداث الحرب في أفغانستان والتوقعات بضرب بعض الدول العربية، وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المتمثل في الصراع العربي الاسرائيلي لا يحقق درجة الأمان المطلوبة لجذب الاسثتمارات العربية الموجودة في الخارج أو الأجنبية.فرأس المال جبان ويبحث دائما عن الأسواق المستقرة فهو دائما يبحث عن مناخ اقتصادي مستقر وآمن ويهمه في المقام الأول كيفية الخروج من السوق بأمان وليس الدخول الى هذا السوق، وأي تهديد أو احداث نوع من الاضطرابات داخل أي دولة من شأنه أن يؤثر على قدوم رؤوس الأموال من الخارج وكذلك على حركة التداول في البورصات العربية بوجه عام.
* كشفت مصادر عن قيام أثرياء العرب بسحب أموالهم من البنوك الأمريكية وتحويلها الى أوروبا وخاصة بنوك سويسرا وذلك خوفا من تجميد أموالهم. فكم تبلغ الأموال العربية بالخارج؟
ليس عندي معلومات مؤكدة عن حجم هذه الأموال، وانما هناك احتمالات أنها تبلغ 1000 مليار دولار وهذا الرقم يكفي لتنمية الوطن العربي.
* كيف يصبح الوطن العربي جاذباً لهذه الأموال للاستثمار؟
من الواجب توحيد قوانين الاستثمار في الوطن العربي بمظلة قانونية واحدة مما يسهل انتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية، كما تتخذ كل دولة الاجراءات اللازمة لتسهيل انتقال رجال الأعمال العرب، وتنشيط التجارة البينية بين الدول العربية، وايجاد نوع من التكامل بين اقتصاديات الدول العربية، بحيث تتخصص كل دولة في منتجات أو صناعات يكون لها فيها ميزة نسبية ولا داعي للتكرار ففي مصر نجد صناعات للحديد والصلب وكذلك في ليبيا، كما ان السعودية تحقق ريادة في صناعات البتروكيماويات وتخصصت في ذلك الى أقصى درجة وأصبحت تغطي جميع احتياجات الوطن العربي، وبالتالي لا داعي لانشاء هذه الصناعات في الدول العربية الأخرى وان كان لابد منها فيمكن ان تكون مكملة لهذه الصناعات وليست منافسة لها، كما ان السودان بها 60 مليون فدان تكفي لأن تكون سلة الغذاء في الوطن العربي، فلماذا لا تتجه رؤوس الأموال العربية الى تنمية هذه المساحات وايجاد مشروعات تنموية عملاقة في السودان سواء في محاصيل زراعية أو صناعات أو أي نشاط يحقق التكامل العربي.
* هل القطاع المصرفي مؤهل لجذب هذه الاستثمارات؟
نعم فالقطاع المصرفي قوي وقادر على جذب هذه الأموال واستثمارها، ففي السعودية ومصر ودول الخليج كفاءات على أعلى مستوى مصرفي ويؤكد ذلك قيام البنوك الأجنبية الكبرى بفتح فروع لها في داخل البلاد العربية مما يؤكد وجود بنية مصرفية ذات كفاءة عالية في الدول العربية.
الحواجز الجمركية
* هناك اتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمارات وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية. فما رأيك في هذه الاتفاقية؟
العبرة ليست في الاتفاقيات أو القوانين وانما في صدق النوايا نحو التطبيق والتنفيذ وعدم وضع العراقيل، مع وجود التفاهم المتبادل بين المسؤولين، ولعل هذه الاتفاقية تدفع الى التعاون العربي واحداث تكامل وانتقال حر لرؤوس الأموال في الدول العربية ولكن التطبيق هو المشكلة الأزلية في تاريخ العرب فهناك السوق العربية المشتركة التي لم تدخل حتى الآن حيز التنفيذ مقارنة بالاتحاد الأوروبي ولعل أهم المشاكل أمام هذا السوق الحواجز الجمركية والضرائب وعدم صدق النوايا، واستقلالية كل دولة عربية بأنظمتها الاقتصادية والمالية وعدم وجود حد أدنى للتفاهم الاقتصادي العربي. ولعل تجربة اتفاقيات الدول العربية الأربع مصر والعراق ولبنان وليبيا مثل يحتذى به في الاسراع بالسوق العربية المشتركة لمواجهة الكيانات العملاقة في العالم. فعلينا تعلم الدرس من دول الاتحاد الأوروبي التي أنشأت سوقاً مشتركة وعملة موحدة، وبهذه المناسبة فقد كان مزايا وجود الخلافة الاسلامية التي انتهت في عام 1924 ان العالم العربي كان يعتبر دولة واحدة بحيث يستطيع الفرد السفر من أقصى المشرق الى أقصى المغرب بدون تأشيرات دخول، وليس هذا تكريساً للخلافة وإنما نحن في حاجة الى وطن عربي واحد.
قروض ومنح
* أشار تقرير لصندوق النقد الدولي ان دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للبترول نموها الاقتصادي ايجابي ويسيطر على معدلات التضخم بنسبة 3% فهل يستمر هذا النمو في ظل التقلبات التي يشهدها السوق العالمي في أسعار البترول؟
الذي يحكم معدلات النمو توافر الموارد اللازمة للمشروعات الاستثمارية المختلفة التي قد تكون ذاتية أو واردة من الخارج كالاستثمارات المباشرة أو القروض أو المنح غير المستردة، ويجب ان تعتمد التنمية في أي بلد على مواردها الذاتية والادخار المحلي بالنسبة للدول التي تكون مواردها الذاتية على مورد واحد غير متنوع وأي خلل في هذا المورد يؤثر على معدلات النمو الموجودة ما لم يعوض النقص بموارد خارجية، مع محاذير الاتجاه الى هذه الموارد الخارجية.
وقد تنبهت السعودية الى هذه المحاذير وبدأت في تنويع مصادر الدخل القومي المختلفة فعملت أحسن استثمار في المملكة من خلال السياحة الدينية التي جعلتها مفيدة، وقامت بعمل شبكات طرق وتوسعات وفنادق بحيث تناسب كل المستويات الاجتماعية، وتتلاءم مع مستويات الدخول المختلفة.
لذلك فعدم اعتماد المملكة كلياً على البترول يعتبر أمرا جيداً، وينقذ الاقتصاد من أي أزمة، فقطاع البترول مرتبط بعدم الاستقرار العالمي، والطلب عليه مرن جدا مما يجعله يتأثر بالأحداث المحيطة.
* ارتفعت الأصوات مطالبة بتطوير وتحديث الفكر الاداري في ادارة المؤسسات الاقتصادية العربية، وتطوير برامج التدريب. فأين البورصات العربية والبنوك من ذلك؟
لاشك ان مداومة التدريب والتثقيف والتدريب في القطاع المصرفي والبورصات العربية، وعقد الدورات المشتركة لتوحيد المفاهيم ولغة التخاطب المصرفية في أسواق المال أمر حيوي ولازم وضروري لمسايرة آخر التطورات والتقنيات العالمية. وتقوم هيئة سوق المال المصرية بعقد دورة سنوية لتدريب العاملين في سوق المال وذلك بالاتفاق مع بورصة نيويورك وجامعة هارفرد، والبنوك في الدول العربية وخاصة السعودية تستخدم أحدث الوسائل التكنولوجية في العالم.
* الاندماج هل هي كلمة السر للمرور من بوابة العولمة؟
نعم.. فهناك حتمية للاندماج بين الوحدات المصرفية الصغيرة لامكان المنافسة والتعايش مع الكيانات العملاقة، فالاندماجات في مجال البنوك والبورصات تخلق امكانات كبيرة تكون قادرة على الوقوف صفا واحداً بجوار الاندماجات الأخرى العملاقة التي تحدث في العالم يوما بعد يوم.
غسيل الأموال بترليون دولار
* في رأيك.. كيف يتحقق التعاون والتكامل بين البورصات العربية؟
يتحقق التكامل عن طريق المبادىء الأساسية للسوقين الأول والثانوي من خلال توحيد المبادىء للشركات المساهمة والتوحيد بين المبادىء والخاصة بقيد الأوراق المالية في البورصات، وتبادل المعلومات، والقيد في البورصات وتوحيد شروط القيد بحيث يستطيع المستثمر في المغرب أن يشتري أي ورقة أخرى في أي دولة عربية وذلك لتشجيع تداول وانتقال رؤوس الأموال وهذا يتحقق من خلال شبكة معلومات متكاملة للانترنت، وربط البورصات العربية بهذه الشبكة، وهذا يمكن ان يتحقق ولكن يتطلب الأمر اتاحة الشفافية والافصاح عن جميع شركات المساهمة العاملة في الوطن العربي، وعلى المستثمر الاختيار بحرية من بين هذه الأوراق المالية في أي شركة من الشركات في الوطن العربي دون حاجة الى السفر والتنقل بين الدول العربية وذلك بمجرد الاطلاع على شبكة المعلومات.
* هناك تريليون دولار يتم غسلها سنوياً على مستوى العالم كيف نحمي البنوك والبورصات العربية من مخاطر غسيل الأموال؟
في مصر يدرس حاليا قانون لمكافحة جرائم غسيل الأموال وحماية الاقتصاد المصري من مخاطر هذه الأموال.. وهناك اتفاقيات دولية لمكافحة هذه الأموال.. ومن المفروض ان تتكاتف الدول العربية في سبيل وضع معايير موحدة لمحاربة غسيل الأموال وخاصة ذات المصدر الناشىء عن المخدرات وتجارة الأنشطة غير المشروعة، يمكن الاسترشاد بالاتفاقيات الدولية في هذا المجال وذلك من أجل حماية الاقتصاديات العربية من مخاطر هذه الأموال.
* في ظل الاضطرابات الحالية على الساحة الدولية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.. ما هي رؤيتك المستقبلية لهذه المنطقة؟
أشعر بالتفاؤل لأن الأحداث الحالية هي وقتية، كما لا يوجد أحد يشجع الارهاب ولا قتل للأبرياء، وقد يكون هناك جانب ايجابي لما حدث في 11 سبتمبر، حيث بدأ المواطن العادي في الغرب بعد ان كان منشغلا في تدبير احتياجاته الأساسية والترفيهية في التساؤل عن الجانب الآخر ورغبته في معرفة حقيقة الاسلام وحقيقة العرب مما قد يدفع على المدى البعيد الى تبادل المعلومات ومزيد من التفاهم المشترك بين الشعوب الغربية والعربية والاسلامية، فقد تولد لدى المواطن الغربي الدافع الحقيقي للتعرف على الآخر.
أما الاقتصاد فهو يشهد بعض الآثار السلبية أثناء الأزمة ثم يعود الى نشاطه ودورته مرة ثانية، ولذلك فالتفاؤل موجود في المنطقة.

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved