أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 30th December,2001 العدد:10685الطبعةالاولـي الأحد 15 ,شوال 1422

محليــات

لما هو آت
داخل إطار السؤال
د. خيرية إبراهيم السقاف
أيام انقطعتُ فيها عن التَّواصل معكم قرائي وقارئاتي الأعزاء...
لا أشك في تشابه ما مررْنا به...، ونحن نعبر من بوابة الحياة لحظةً لحظة، من زمن لآخر، ومن مساحة لأخرى حتى لو تساوت، أو تشابهت، أو تماثلت المواقع...
الإنسان يتحرك وهو لا يدري...
هو يخطو، وربما لا يتنبَّه...
وهو يعبُر من حيِّز زمني، إلى حيِّز آخر، وربما لا يدرك ذلك...، غير أنَّه بالفعل يفعل حركةَ «الحركة» وهو يتحرَّك، غير ثابت، وعلى غير ما كان عليه...
الإنسان في الواقع هو الوحيد الذي يجهل كلَّ تفاصيل ما يؤدِّيه، أو يفعله في حياته، بل في لحظات حياته، بتفاصيلها...
الإنسان يُخيَّل إليه، أنَّه يُدرك ما يفعل، وأنَّه مهيمنٌ على مسافاته الزمنية، ومساحاته الموقعية...، غير أنَّه ليس كذلك...
هو... يخطِّط..
وهو... يدبِّر...
وهو يفكِّر...
لكنَّه ليس الفاعل، وليس المدرك لحركة الفعل فيه...
تلك مظنَّةٌٌ..، ومحجَّة الإنسان في أمرها...، أنَّه مهما ادَّعى خصوصيَّته، وتفرُّده...،
إلاَّ أنَّه ليس يملك من الزمن...، ولا من أدقِّ لحظاته، وثوانيه، عقالَه...
كيف مَرَقَتْ بنا مسافات الذي مرَّ؟
وكيف هي مساحات الذي عبَر؟...
لا أدري...
من الذي يمكنه أن يمضي معي، على خطِّ هذه الفكرة؟ وعلى مسار هذا السؤال؟
أسئلةٌ كثيرة كانت تراودني...
وتخيّلت لتلك الأسئلة أجنحةً...، هي تطير، تحلِّق تارةً، وترسو تارةً أخرى...
وهي كلَّما حلَّقتْ، جرَّتْ في أطراف أجنحتها، خيالَ كلِّ خيالٍ، نحو معالم الذي يكون...
الأسئلة ليست فقط أجساماً تطير...، الأسئلة أيضاً تزحف، وهي تمشي...
وهي تسبح...، وهي تقف، وهي تتكلَّم...
مَن منكم تحدَّث إلى الأسئلة؟
مَن منكم حلَّق معها؟
مَن وقف في معيَّتها؟
مَن زحفَ، وتسلّل معها إلى تفاصيل التفاصيل، في ثقوب ما لا يُرى، وفي أقبية ما لا يُكشف؟
مَن تكلَّم معها؟ جادَلها...، ماحكَها، تغلَّبَ عليها، أو خضعَ لها؟
مَن رسا معها فوق حافَّة الأسوار، أو حوافِّ الحدود؟، مَن تطلَّع بعينيْ سؤالِ، إلى ما خلف صفحة الأوجه، أو صفحات الحياة؟... مَن قرأ إجابة سؤالٍ كان يحوم حول يدٍ تُصافحك، وهي لا تفعل؟ أو شفاهٍ تُقبّلك، وهي لا تُسلِّم أو عيونٍ تنظر إليك، لكنَّّها لا تراك، أو قلبٍ يدَّعي محبتك، لكنَّه لا ينبض بك؟...
مَن «تحجَّمتْ» مساحةُ الموقعِ تحت ناظريه، وهو يحلِّق، في معيَّة السؤال؟
ومَن انبسط أمامه المكان، في مساحة لا حدود لها، وهو يمشي مع السؤال؟
مَن سمع ما لم يكن يُصدِّق، وهو يُصغي إلى صوتِ السؤال، ومَن نطق بما لم يكنْ يستطيع البوح به، وهو يتحدَّث إلى كلام السؤال؟
مَن زادت قناعاته بشيء لم يكن...، ومَن قلَّتْ، أو انتفتْ قناعاته بآخر، وهو يجادل السؤال؟...
أَوَ لم تمرَّ بكم لحظات اللَّحظات، في مسافة الزَّمن، الذي مرق بنا، على امتداد مساحات المواقع، التي عَبرنا بها، وأنتم في داخل دائرة كبرى، من سؤالٍ كبير، امتدَّ، حتَّى طوَّقنا، في داخله؟...
تُرى مَن يُمكن أن يَشُبَّ، عن طوق السؤال؟
ربمَّا، ونحن نعود إلى ممارسة البوح...، نستطيعُ القفزَ على تفاصيل السؤال..
فنعْبرُ سياجه...، شيئاً.. فشيئاً...

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved