أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 31th December,2001 العدد:10686الطبعةالاولـي الأثنين 16 ,شوال 1422

عزيزتـي الجزيرة

بعد الفاجعة
اتعظوا معشر الآباء.. فالحوادث تخطف فلذات الأكباد !
عزيزتي الجزيرة:
بالأمس القريب كان بيننا ومعنا.. يجلس هنا، ويقف هناك ويلبي طلباً لأخ أو قريب.. واليوم ذهب ولن يعود.. بلحظة خاطفة رحل ملبياً نداء ربه وتاركاً الأهل والأحباب والدنيا والأصحاب.. نعم بلحظة قصيرة الزمن طويلة الأثر والمفعول تركنا فجأة وبلا مقدمات انه القدر المكتوب ولا اعتراض أبداً على قضاء الله وقدره..
حين أسترجع تفاصيل الحدث والجزئيات اليومية البسيطة ومع إعادة ربطها بعضها ببعض أزداد إيماناً على إيماني بقضاء الله وقناعة على قناعتي الراسخة أساساً بقدر الله.. لقد كنت في الحرم المكي على مسافة 500 كم حين اتصل بي أحد الاخوة الأفاضل ليخفف من مصيبتي وليعلمني بإصابة ابني عبدالله في حادث سير وتعرضه لبعض الاصابات! ولا أدري لماذا توجست خيفة من الاتصال وارتبت وساورني شك بأن الحقيقة لم تزل ناقصة ولم تكتمل وان هذا الأخ الكريم لم يعلمني بها تخفيفاً عني وخوفا علي.
ولكن حمدت الله وشكرته وعدت مسرعاً باتجاه منزلي في عفيف لأقطع الشك باليقين والهواجس تطاردني طول الطريق بين مصدق وغير مصدق وحين وصلت وقبل أن أترجل من السيارة وبنظرة خاطفة على وجوه الأقارب الذين تجمعوا أمام باب المنزل أدركت ما حصل وحمدت الله ثانية وقلت: الحمد لله «إنا لله وإنا إليه راجعون».
الآن وقد مضت أيام وأيام على الفاجعة التي هزتني وكل أفراد الأسرة أسترجع ذكريات مع الفقيد الغالي ذكريات يلفها حرص الأب واهتمامه برعاية ابنه وتنشئته النشأة الصحيحة والسوية.. أتذكر أدق التفاصيل التي ما تكاد تغيب عن ذهني حتى يأتي أخ كريم قدم معزياً ومذكراً بصفاته ومآثره ومساعدته للصغير والكبير.. القريب والبعيد نعم سمعت من اخوة أفاضل أتوا لتقديم واجب العزاء عن أعمال مفيدة وخدمات قدمها لهم الفقيد رغم صغر سنه ومع كل كلمة وكل حرف أتذكره وترتسم صورته أمامي وأدعو الله أن يرحمه بواسع رحمته ويغفر له ويدخله فسيح جناته.
لقد ألهمني الله الصبر وأعانني على مصيبتي فتحملت وصبرت واحتسبت وحمدت الله وسألته الرحمة لابني وزملائه الذين قضوا معه في الحادث المميت وكذلك دعوت لزميله المصاب بالشفاء العاجل.
وكان للإخوة الأفاضل الذين شاركوا معي في العزاء طوال أيام عديدة فضل بعد الله في التخفيف من وقع هذه الفاجعة فلهم جميعاً في مختلف مواقعهم ومسؤولياتهم ومهامهم التقدير والشكر وهم الذين تجشموا العناء ليكونوا معي في هذه المحنة وأسأل الله ألا يفجعهم بفقد عزيز وأن يجزيهم خير الجزاء على جهدهم وصبرهم ووقفتهم معي.
ونصيحتي لكل أب ولكل ولي أمر أن يتعظ مما يسمع ويرى فالحوادث التي تخطف الأبناء كثيرة جدا وابني توفي في مثل هذه الحوادث ومعه اثنان بنفس العمر.. فلنتق الله في أولادنا ولنحرص على مراقبتهم وعدم ترك السيارات بين أيديهم خاصة الصغار ورغم أن القدر واقع ولا راد له فإن الحذر واجب والتوكل على الله أمر ضروري والآية القرآنية تحثنا على عدم رمي أنفسنا في التهلكة وهذا يكون باتباع إجراءات السلامة والأمان والتقيد بأنظمة المرور والتعليمات التي تحفظ الإنسان بعد إرادة الله..وما دامت حملة (حتى لا تروح الروح) مستمرة فالأمل بأن يكون تجاوب الآباء والأولياء معها كبيرا ومتواصلا ومستمرا وقويا حتى نحفظ الروح التي وهبنا إياها سبحانه وتعالى ودعانا لنحرص عليها ولا نزهقها بأفعالنا وتصرفاتنا الرعناء.
ولابني الذي رحل ولم يتجاوز عامه الخامس عشر أدعو الله أن يتغمده برحمته الواسعة إنه سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
محمد السويطي
مراسل الجزيرة في عفيف

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved