أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 2nd January,2002 العدد:10688الطبعةالاولـي الاربعاء 18 ,شوال 1422

الفنيــة

خربشة على جدار الفن
القدر المحتوم، ، ولوعة الضجيج
عبدالله صايل
«القدر المحتوم»، ، مسلسل كويتي رمضاني حظي بمتابعة العديد من المشاهدين الخليجيين، وكانت البطولة فيه للممثل الكويتي المبدع أداء/ محمد المنصور، والفنانة الكويتية/ سعاد عبدالله، وحشد آخر من النجوم الكويتيين والعرب من سوريا الشقيقة،
كل ما سبق معلومات «قديمة» يعرفها من تابع هذا العمل التلفزيوني الرمضاني، ودعونا ندخل في الموضوع مباشرة، كان المقصود من هذا العمل هو خلق تراجيديا تلفزيونية، وليست دراما كما ادعى بعض المتحذلقين، ، ولكن، هل كان المخرج موفقاً في ذلك؟!
دعونا نتابع مرئيات جارنا أبوعلي «الناقد الشهير في حارتنا»، واليكم ما قال بعد كشف التلميح بالتنقيح،،،
المسلسل يعتمد على حشد متتال لكوارث أثقلت رأس المشاهد، وما زاد الطين بلة هو ان هذه «الاستراجيديا» تحدث لأسرة ثرية، ، وتراجيديا الأثرياء عادة لا تثير أدنى درجات الشفقة في نفس السواد الأعظم من المشاهدين، ، ففي تصور المشاهد المسكين ان كوارث هؤلاء غالباً ما تكون من صنع أيديهم، ، يعني ببساطة: على نفسها جنت براقش،
ويتابع ناقدنا الشهير قائلا: أبوعبدالله مهدد بالافلاس نتيجة لسوء تخطيطه، ، وزوجة الأخ وابنته احداهما مصابة بالسرطان والأخرى بالسل، ، والابن عبدالله يعاني كثيرا من المشاكل مع قدمه، بدءا من اصابته بجرح من خطاف السنارة، ، وصولا الى الاصابة فيها مرة أخرى لدرجة يتعرض معها لبتر القدم دون جدال، ، و«بدرية» لها بنت وحيدة لم تكن تعرف ان والدها على قيد الحياة، ، ناهيكم عن انغماس هذا الأب في مفاسد أخلاقية سببت ل«بدرية» الكثير من الأحزان والأشجان، ، وولد الخال يطلق النار على الشاب المستهتر الذي كان يحاول ارغام ابنة «بدرية» على محادثته والاستماع اليه، ، والعم «سعود» يتزوج من سوريا الشقيقة دون علم أهله،
ولا يكف عن «المكارشة» والنقاش مع أخيه الأكبر عبدالله، ، و«طارق» يقع فريسة لأطماع عبدالوهاب ويحاول التخلص من سطوته، ، والشريك في شؤون العقار يتعرض لعملية نصب تصل آثارها لأبوعبدالله، ، «صدقوني تعبت وأنا أكتب هالتفاصيل»، ، وبالمختصر المفيد ما فيه أحد «صاحي» في هالمسلسل، ، نستثني من ذلك «بدرية» أو سعاد عبدالله التي تلعب دور «الواعظ» في هذا المسلسل، ، وهذا ليس بجديد عليها تلفزيونيا،
وما لفت نظري هو ان جارنا أبوعلي يشك تماما في ان الكاتبة قد تعمدت اختيار زوجة للأخ سعود من سوريا أو من أي بلد آخر لديه نجمات ذوات حضور،
ندخل عاد في الكلام اللولبي، لماذا يعتقد ناقدنا المتمكن بأن العمل ككل لم يصل لرؤية تراجيدية واعية، ، وللتذكير فإن التراجيديا على أيام الفيلسوف الاغريقي «سقراط» كانت ببساطة تعني سلسلة من الأحداث المترابطة سببياً وعاطفياً تعصف بالشخصية الرئيسية وتؤثر في جميع الشخوص المحيطة، ، والهدف الأسمى من كل هذا هو الوصول لمرحلة التطهير «Catharsis» بعد ان يكون قد رأى جزءاً أو كلا من نفسه فيما يدور أمامه على خشبة المسرح ليدخل في موجة من الشفقة والخوف «Pity&Fear»، ، ، وهذا ما لم تشاهده عين الناقد في هذا المسلسل، ، فأغلب الشخوص «إن لم يكن جميعها» لديه مشكلة قائمة بذاتها ولا تؤثر غالباً إلا في بدرية «الواعظة» والعين الرقيبة، ، ويتم تضخيم حجم المشكلة و«تخسيساً» حسب الطلب، ، وتنتهي وكأن شيئاً لم يكن، ، يعني لا ترابط بينها وبين ما يليها، ، وهنا اغفال لعنصر البناء أو كما يحلو للبعض بتسميته «الحبكة»، ، ويبدو ان الأيادي المصنعة للعمل قد كثر عددها فكان هناك مجال رحب للاختلاق والافتعال، والذي ظهر جليا في العديد من المشاهد الخاصة بالممثلة سعاد عبدالله، والأخوين «عبدالله» و«سعود»، وبين «سعود» وزوجته، ليصل هذا الافتعال للأداء فكانت النتيجة مشاهد لا تحسب لصالح المخرج اطلاقا، ، !!
مواقع التصوير «أسهبت» في محاولة اقناع المشاهد بأن هذه الأسرة لها ثراء مادي كبير، فازدادت الفجوة بين المشاهد والعمل، إذ أن العمل لا يتعرض للتباين في مستويات الدخل الحاصل في مختلف المجتمعات، سوى من خلال تاجر العقار المغلوب على أمره، وهناك التركيز على استخدام المركبات الفاخرة والباهظة الثمن!! وهذا مالا يستطيع المشاهد العادي عند مشاهدته لهذه الأشياء إلا أن يمد شفتيه آسفاً على شبابه الذي أفناه في قيادة الددسن المهربد، ، !!
أما الحلقة الأخيرة فهي «سالفة» بحد ذاتها، ، فقد حملت اختراعا تراجيدياً لم نعرفه من قبل، ، !! صحيح أن مشكلة الوفاق المالي بين الأخوة باتت تتفاقم، إلا ان المشاهد لم ير نتيجة الخلاف، وما ستؤول اليه العلاقة بين الأخ الأصغر المصفوع من الأخ الأكبر، ، وبالنسبة لمجتمعاتنا العربية اجمالا ليس هناك أي مشكلة في ان يصفع الأخ الأكبر أخاه الأصغر في لحظة غضب، ، حتى لو وصلت المسألة «للتلزيخ» و«التكفيخ»، ، فالسائد هو التسامح والغفران «إذا كان الأخ الأصغر من ذوي الألباب»، ، أم ان المقصود هو انتظار جزء ثان لاستكمال ما بعد الصفعة، ، ؟؟ لا أنا ولا جارنا أبوعلي يدري حقيقة، ، !!
* استجابيات:
* اعطاء الفرصة للكتاب والكاتبات الشباب،
* اعطاء فرصة لأسماء جديدة،
* التصوير اعتمد على تقنيات جريئة، وتم تفعيل زوايا التصوير التي تجعل المشاهد يستمع للحوار بمنتهى الوضوح،
* هندسة الاضاءة جيدة، وتم الاستفادة من التصوير في فترات النهار لتجنب الوقوع في كارثة عدم وجود مهندس الاضاءة القادر على قهر الظلام،
* أداء محمد المنصور مدهش ومغرق في التلقائية ولا يحتاج المشاهد لأكثر من ذلك، ، !!
* جاسم النبهان هادىء ورزين في أدائه، واستفاد العمل كثيرا من هذه الرزانة التي كانت تقابلها قلة الخبرة والافتعال من آخرين، ، !!
وسيكون لنا وقفات أخرى، ، ودمتم بخير،
*رسام الكاريكاتير بجريدة الجزيرة

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved