أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 3rd January,2002 العدد:10689الطبعةالاولـي الخميس 19 ,شوال 1422

الثقافية

ليس إلا
أدباء وزارة المعارف
خالد العوض
الكتابة العشوائية هي نتاج فكر عشوائي، وما أكثره في مدارسنا اليوم، اذ ان نظرة موضوعية بسيطة لابنائنا الطلاب في مهارة القدرة الكتابية توضح كم هو الجهد الكبير الذي نحتاجه للرفع من مستوياتهم فيها. لتوضيح مثل هذه الفكرة فما عليك إلا القاء سؤال بسيط على أي معلم للغة العربية في المرحلة الابتدائية حول علامة الترقيم المسماه بالفاصلة المنقوطة وكيفية رسمها وتحديد استخدامها أو مدى قوتها أو ضعفها وسيدهشك أن السواد الاعظم من المعلمين لا يستطيعون الاجابة عن هذا السؤال، وقد تكون النسبة كبيرة في المراحل اللاحقة.
إذن، لا حاجة بك أن تتساءل عن الضعف الشديد الذي يجده طلابنا في اللغة العربية، هذه الوحيدة من بين لغات العالم التي تتزين بكلمات الله عز وجل، فمقرر الكتابة المصطلح على تسميته في وزارة المعارف بالتعبير هو مقرر تكميلي لا يتمتع بأهمية كبيرة فالمعلمون يتسابقون للفوز به بحجة انه وقت للاسترخاء واخذ قسط من الراحة بعد عناء تدريس النحو أو القراءة أو النصوص أو الاملاء رغم أن مادة الكتابة تشمل كل هذه المواد مجتمعة بالاضافة إلى باقي المواد الاخرى كالرياضيات والجغرافيا والتاريخ والعلوم وغيرها وليس المجال هنا لذكر تفصيل ذلك.
لا حاجة بك أيضاً أن تندهش عندما تعرف أن أعرق جامعاتنا النظرية لا تقدم مقررا واحدا في الكتابة التحريرية أو التعبير أو الانشاء، أي أن الطالب يتخرج في قسم اللغة العربية من دون أن يدرس كتابة الفقرة، أو كتابة المقال، فكيف تنتظر من مثل هؤلاء الخريجين أن يعلموا طلابهم مبادئ الكتابة والتعبير اذا كان فاقد الشيء لا يعطيه؟. لا حاجة بك ايضاً، عزيزي القارئ، ان تتساءل عن غياب الادباء الكبار من العيار الثقيل الذين يستطيعون منافسة جابرييل جارسيا ماركيز أو اكتافيو باث، ويفترض بك الا تحلم بذلك، لانه وببساطة شديدة، على سبيل المثال لا الحصر، عندما تراجع المنهج الجديد لمادة التعبير والانشاء في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدارسنا العامة والخاصة والذي عممته وزارة المعارف وطلبت العمل به ابتداء من هذا العام الذي انتصف «والذي تسعى الوزارة من خلاله الى اكساب المتعلم القدرة على التعبير الصحيح في التخاطب والتحدث والكتابة بلغة سليمة والتفكير المنظم وفق ما نصت عليه سياسة التعليم في المملكة»، فإنك ستصاب بخيبة أمل كبيرة لعدة اسباب سنذكر بعضها فقط.
أولاً: عند مراجعة مفردات المقرر الجديد التي يجب تدريسها في حصة يتيمة اسبوعيا فانك لا تجد مطلقا، واكرر (مطلقا)، تدريس ماهية الفقرة، واسلوب كتابتها، وانواعها، وهو أمر يصعب فهمه اذ كيف يتم تجاهل مثل هذا الأمر الحيوي في مقرر يخص الكتابة والانشاء وكيف يغيب على من قام بوضع مثل هذه المفردات في هذا المنهج.
ثانياً: عند مراجعة مفردات المقرر في المرحلتين فإنك لا تجد مطلقا، واكرر هنا (مطلقا)، اي ذكر لعلامات الترقيم ضمن مفردات منهج التعبير والانشاء في المرحلتين المذكورتين، وهذا أمر ليس له ما يبرره اذ كيف تجاهلت وزارة المعارف جانباً مهماً وحيوياً في اسس الكتابة التحريرية وكيف سيكتب طلابنا أي سطر أو جملة من دون أن يعرفوا كيف يستخدمون علامات الترقيم.
ثالثاً: غني عن القول أن دراسة تركيب الجملة هو جزء رئيس في اي مقرر للتعبير، الا ان شيئا من ذلك لم يتضمنه المقرر الجديد في المرحلة الابتدائية فمفردات الصف الرابع الابتدائي، مثلاً، تتضمن تعليقاً على الصور والمشاهدات، وملء الفراغ بكلمات، واستخدام اساليب النفي والتفضيل وحكاية القصة وبناء الحوار وابداء الرأي وكتابة بطاقات التهنئة والتعزية والدعوة. كيف سيكتب طالب الصف الرابع الابتدائي بطاقة تعزية أو قصة وهو بحاجة إلى أن يعرف كيف يفرق بين الاسم والفعل والحرف وكيف يربطها ببعض لكي يكون جملة مفيدة. أليس من الاجدى مثلا وهو المستخدم حاليا في الكتابة التحريرية أن يبدأ الطالب بالتفريق بين الاسم والفعل والحرف، ثم ينتقل إلى مرحلة كتابة الجملة وتركيبها، ثم ينتقل بعد ذلك إلى مرحلة كتابة الفقرة التي تضم مجموعة من الجمل المترابطة ذات الهدف الواحد وتضم انواعا شتى تستحق ان يكتفى بدراستها في المرحلة الابتدائية؟ أما كتابة المقال الذي يتألف من عدة فقرات مترابطة ومنظمة فبالامكان تأجيل تدريسه حتى المرحلة المتوسطة.
رابعاً: لم تستطع الوزارة ارسال نماذج لهذا التنظير الاستثنائي يستنأنس بها المعلمون المغلوبون على أمرهم، وخيراً ما قامت به لانها لو فعلت فكيف سيكون حال طلابنا لو درسوا نماذج يضعها متخصصون باللغة العربية لا يعرفون ان المقال يتألف من عدة فقرات مترابطة، وأن كل فقرة تتألف من عدة جمل منسجمة مع بعضها وذات هدف واحد يقع ضمنها علامات ترقيم توصل المعنى بسهولة، وأن كل هذا هو ما يمكن أن يبدأ به الطالب في تعلم مادة اصطلح على اسمها في الوزارة بالتعبير؟
بقي السؤال الأن، هل وزارة المعارف قادرة على تدارك الخطأ ومراجعة هذه المفردات وتغييرها نحو الافضل؟ أم أن ذلك سيبقى دون تغيير مثل الاسم الذي تحمله والذي لم يتغير إلى التربية رغم أن جل من في وزارة المعارف يعرف أن المعارف هي ادنى مستوى من مستويات التفكير في الفكر التربوي الحديث؟ هذا سؤال للتأمل فقط، ليس إلا!
kalawdh@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved