أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 8th January,2002 العدد:10694الطبعةالاولـي الثلاثاء 24 ,شوال 1422

مقـالات

مركاز
رحيل العميد.. العمدة
حسين علي حسين
في رمضان الماضي كنت أهم بالدخول إلى وزارة الإعلام، وإذا محمد العلي في وجهي بابتسامته المشرقة، التي أحسست معها وكأننا أصدقاء العمر كله، رغم إنني لم ألتقه إلا في مرات قليلة، وكلها في المكان الذي أحبه، إما أمام وزارة الإعلام، وإما في الإذاعة والتلفزيون، كأنه مولود هناك، عاش عمره كله، وليس له هم إلا الإبداع، عبر التمثيل وكتابة النصوص والإنتاج، كان كتلة متحركة من الفن والنقاء والعذوبة، الوحيد بين المعارف والأصدقاء، الذي لم أره إلا وهو مبتسم، للحد الذي كدت أعتقد أن، هذا الرجل ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، تجعله يعمل في المجالات كافة دون أن ينظر إلى مردود مادي، حتى قرأت عن معاناته واعترافه بوقوف أصدقائه بجانبه، حين لا تكون حسابات الحقل غير متوائمة مع حسابات البيدر، وهي حال للأسف يمر بها جميع الفنانين، الذين يصرفون على فنهم، أكثر مما يصرفون على أسرهم!
لو كان لدينا مسرح لكان محمد العلي رائده، ولو كان لدينا معهد للتمثيل لكان محمد العلي عميده، ولو كان للتضحية ونكران الذات في الفن عمدة، لكان هو محمد العلي!
فنان هذه أمنياتنا الشخصية له، فهو لم يتبوأ مكانته الكبيرة في نفوسنا وقلوبنا عبثا، فقد كان ومنذ البداية، فنانا حاول أن يسد في الخانات كافة، إيمانا منه بأن الساحة الفنية في بلادنا فقيرة، وتحتاج إلى جهود القلة الداعمة فيها، وهي قلة مطلوب منها أن يكون شعارها الفن للفن، بمعنى أن تعمل وتعمل، دون أن تنتظر الجزاء أو الثمن أو حتى كلمة الشكر! وقائمة جيل محمد العلي القليلة شاهدة، هناك من سقط من الهم والغم، هناك من انزوى يأسا وإحباطا، هناك من عمل لربع قرن وربما أكثر وما زال يسكن بيتا بالإيجار، لأن ما يقبضه من الفن بيده اليمنى، يتسرب على الفن بيده اليسرى.. لكن بعض هؤلاء وعلى رأسهم محمد العلي، كانوا يبتسمون دائما ويأملون دائما بأن يوما ما سوف يأتي يعيش فيه الفنان السعودي مثل بعض أقرانه أو أبناء جيله في الدول العربية، يركب المرسيدس ويسكن في فيلا ويقضي الصيف من حر ماله في كان أو نيس!!
لقد عشت قريبا من جيل الراحل العزيز محمد العلي، محررا للصفحات الفنية في اليمامة، ومن كثرة ما سمعت ولمست، ضببت أوراقي ورحلت إلى فرع آخر من الفن..
ولكم بعد ذلك أن تلمسوا حجم ما قدم هذا الجيل من التضحيات، حتى إذا سقطوا أو ماتوا، فإنهم يموتون وقوفا، مثل الأشجار العظيمة التي مهما أعطت لا تنحني، حتى الموت تواجهه واقفة!
ألف رحمة على روح القامة العالية والعذبة محمد العلي..
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved