أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 12th January,2002 العدد:10698الطبعةالاولـي السبت 28 ,شوال 1422

مقـالات

في الأفق التربوي
التربية كيف؟... ولمن؟ ( 1/3)
أ.د. عبد الرحمن بن إبراهيم الشاعر
يقال في الشأن التربوي إن تربية الأطفال تبدأ قبل انجابهم والتفكير في تربيتهم يبدأ عند اختيار والدتهم، ورغم أن في هذه المقولة شيئا من الغرابة إلا أنها مقولة جديرة بالتأمل في أهدافها والأخذ بمفهومها لمن أراد أن يخطط لتربية مثلى لأبنائه.
كان ولا يزال اختيار شريكة الحياة في مجتمعنا تحكمه الظروف الاجتماعية والبيئية والاقتصادية وتحفه الآراء والاقتراحات التي قد لا يكون للشاب أو الشابة دور فيها، مع أن أهم المعايير والمواصفات المطلوبة في شريكة العمر التوجيه النبوي «فاظفر بذات الدين تربت يداك» اذاً باختيار ذات الدين يضع الشاب أول خطوة لبرنامج تربوي رائد لابنائه قبل أن يراهم. وهنا تصبح المقولة سالفة الذكر في مكانها وتمثل حقيقة تربوية لابد من الأخذ بها اذا ما أردنا لأبنائنا تنشئة تربوية اخلاقية سليمة القوام.
ان اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلق المدركة لدورها التربوي سوف تكون بعون الله قادرة على تكوين جو عائلي تربوي مستقيم ينعم فيه الأبناء بل جميع أفراد الأسرة. الأم الصالحة كالشجرة المورقة المثمرة ظلها أمن وسكينة وثمارها نبل وخلق واستقامة. والزوجة الصالحة تعي الحقوق وتدرك الواجبات، وتعمل جاهدة على غرس الفضيلة والقيم الحميدة في نفوس أبنائها مستمدة ذلك كله من قناعة ذاتية بدورها كأم وكمربية أجيال.
وفي التاريخ الإسلامي نماذج لأمهات فاضلات كن صناع جيل ساد الأمة ورفع من شأنها، أمثال خولة بنت ثعلبة التي روت عنها كتب التاريخ تحملها ما ألم بزوجها حيث كانت تساير الأمور بحكمة وصبر، حرصاً منها على استمرارية الحياة، وحتى لا تكون عنصر هدم لعش الزوجية الصغير الذي يضمها مع «أوس» كما أدت رضي الله عنها واجبها على أكمل وجه في رعاية بيتها وزوجها وتربية وتأديب أبنائها حتى نشأوا في ظل الإسلام، وكانت موضع احترام وتقدير وتوقير الصحابة رضوان الله عليهم.
وأنموذج آخر لزوجة من ذوات الدين هي فاختة بنت أبي طالب وقيل عنها «هند» وقيل «عاتكة» لقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره، أرعاه على بعل في ذات يده» انصرفت فاختة بعد أن فارقها زوجها إلى الإهتمام بأمور أبنائها، فأقبلت على تربيتهم تربية صالحة، وتنشئتهم تنشئة طيبة، فغرست في نفوسهم الفضائل وطبعتهم بطابع الإسلام والإيمان فشبوا عالمين عاملين.
وأنموذج آخر هي أم الفضل، لبابة الكبرى ابنة الحارث، التي قال فيها الشاعر.


ما ولدت نجيبة من فحل
كستة من بطن أم الفضل

والمقصود بالستة الفضل وعبد الله وعبيد الله ومعبداً وقثم وعبد الرحمن من الذكور حيث أن لها أم حبيب من الاناث. لقد ربت أم الفضل أبناءها على الحق والفضيلة والإيمان المطلق وحب العلم والسعي اليه، ونحن نعلم ما خلفه عبد الله من ثروة علمية وذخيرة فقهية ما تزال حتى يومنا هذا رافداً من روافد الخير والفضل والهدى. وقد تلقى عبد الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً عندما كان مردفاً وراء النبي عليه افضل الصلاة والتسليم على ركوبه، حري بكل أم أن تلقنه لأبنائها وحري بكل شاب أن يستوعب هذا الحديث ويجعله نصب عينيه ونصه «يا غلام إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، اذا سألت فاسأل الله، واذا استعنت فاستعن بالله، وأعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».. بأبي أنت وأمي يا رسول الله.. وللحديث بقية..
والله المستعان.
shaer@anet.net.sa

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved