أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 14th January,2002 العدد:10700الطبعةالاولـي الأثنين 30 ,شوال 1422

مقـالات

إضاءة
علامَ هذي الضجة الكبرى؟!
شاكر سليمان شكوري
في حركة قرصنة دولية، أمسكت إسرائيل بالسفينة (كارين إيه) في عرض البحر الأحمر، وعلى ظهرها خمسون طناً من الأسلحة (التقليدية)، ادعت أنها مرسلة إلى الفلسطينيين، وأقام شارون الدنيا ولم يقعدها بعد، إذ نصب الأسلحة التي كانت تحملها السفينة في معرض دعا إليه وفود الإعلام بأنواعه، والسفراء الأجانب، والزائرين الساعين للسلام، ونفخ أبواق الدعاية في الحدث بأكثر مما فعلوا بالترويج لحرق الألمان لهم في الأفران.
وكان من الطبيعي أن يسارع إلى إحاطة الرئيس الأمريكي وإدارته بالدلائل الاسرائيلية (الملفقة) على ضلوع ياسر عرفات وجماعته في هذه (الجريمة)، لمزيد من الاستعداء على الفلسطينيين، وبالفعل خرج علينا وزير الخارجية الأمريكي باول، لينفي التهمة عن عرفات (شخصياً)، وإن كان لم يستبعدها عن السلطة الفلسطينية! في حين عبّر الرئيس بوش عن قلقه من أن يكون هدف الشحنة هو تعزيز الإرهاب!!
فأي إرهاب يعني فخامة الرئيس؟ الإرهاب الإسرائيلي الذي يهدم البيوت على رؤوس أصحابها الفلسطينيين كل يوم دون أن يهتز للباغي جفن! أم تراه الإرهاب الإسرائيلي الذي شهده العالم كله على (الطفل) محمد الدرة! أم إرهاب شارون للرئيس الفلسطيني بحبسه في مقر إقامته وتهديده بأن يستمر ذلك عدة سنوات! أم ذاك الإرهاب اليومي الذي يلقاه أصحاب الأرض والوطن من الشيطان الأعظم وربعه الجلادين الذين يخطفون الجرحى الفلسطينيين من سيارات الإسعاف، ويجهزون عليهم، ثم يسرقون أعضاءهم، في أبشع جريمة نكراء يمكن أن تشهدها الإنسانية حتى في أدنى عصورها الحضارية! وهذه هي أنماط الإرهاب الحقيقي لمن يبحث عن الإرهاب ويطارده!!
أما ذلك الذي يضحي بكل غالٍ ونفيس، ينشد الخلاص لوطنه، فإن تمثال الحرية المنتصب في أكبر ميادينكم لا بد أن يحيي هذا البطل المغوار حياً، ويترحّم عليه شهيداً، إلا أن تكون الحرية قد سقطت من القاموس سهواً أو تساهياً، أو أن يكون التمثال في غفلة من مهمته التي وقف يعلن عنها من أمد بعيد.
أما أنت أيها الشارون.. الشر المستطير على قومك قبل أن تكون نذير شؤم على غيرهم، وأحسب عدد الضحايا منذ مغامرتك الغبية التي دنست فيها الأقصى الشريف تحت حراسة الجبن في داخلك فلعلك تعلم أن رهانك قد سقط على صخرة الصمود الفلسطيني البطل، وباءت خطة المئة يوم التي تعهدت فيها بإسكات الانتفاضة الباسلة، واستطاع أطفال الحجارة وشباب الموت أن يواصلوا إقلاق مضجعك لأكثر من أربع مئة يوم، رغم ضخامة آلتك العسكرية، وحربك للإنسانية التي لا ترعى إلاً ولا ذمة حتى في الأطفال (الرضّع).. وحين سكنت الانتفاضة مؤقتاً ليرى العالم حقيقتك، أدرك المنصفون كم أنت رجل حرب لا يمكن إلا أن تعكر نهر السلام، وإن تظاهرت بالحرص على صفائه.
وإنك لتضم إلى ترسانتك كل يوم المزيد من أفتك أنواع الأسلحة، التي تنقل إليك أحياناً عبر جسر جوي، دون أن يضبطها أحد، بل إنك أنت الوحيد في المنطقة الذي يملك السلاح النووي، فهل استطاع أحد أن يفتشك، أو أن ينزعه منك؟!
وأخيراً أرجو ألا أتهم بالإرهاب أو التشجيع عليه حين أتساءل: لو فرضنا على سبيل الجدل أن سفينة السلاح هذه كانت متوجهة بالفعل إلى الفلسطينيين (العزّل تقريباً).. فعلامَ هذي الضجة الكبرى؟! أم أنك تطالب المجتمع الدولي أن ينزع من الفلسطينيين أحجارهم أيضاً ويوثقهم بالسلاسل، حتى لا يقاموا احتلالك البغيض؟!

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved