أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 14th January,2002 العدد:10700الطبعةالاولـي الأثنين 30 ,شوال 1422

الاقتصادية

شؤون عمالية
هكذا تكون الأحكام الرادعة ولكن أين مخافة الله في هؤلاء؟!!
عبدالله صالح الحمود
إن مما أوصانا به ديننا الإسلامي الحنيف الأمانة، والأمانة ذات معان وواجبات عديدة، مطلوب للتقيد والامتثال بها اتباع ما هو أسمى وأرقى أن يتبع، والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها معنيون بتطبيق مبادئ وتعاليم هذا الدين القويم في أي زمان ومكان.
هذه المقدمة هي بداية لطرح موضوع هام يتمثل في وجوب جعل الإنسان المسلم أميناً وصادقاً فيما جعله العزيز العظيم مؤتمناً عليه، سواء تجاه الزوج أو الابناء أو من يعمل لديه، وهذا الأخير الذي يعد أجيراً لدى من يعمل عنده، يفترض أن يكون له عناية واهتمام من لدن ذلك الآجر «صاحب العمل»، والآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة كثيرة، منها التي تنادي بوجوب حسن التعامل وإعطاء الحقوق إليهم، إلا أننا نكتفي في موضوع هذا الأسبوع بمناقشة كيفية وجوب التعامل بين صاحب العمل والعامل «الأجير والآجر»، فهذه العلاقة شأنها شأن أية علاقة ترتبط بطرفين أو أكثر للتعاون أو العمل فيما بينهم بضوابط وشروط منها مايحدده عقد العمل ومنها مايعتبر أسساً ذات قواعد لايجوز لأحد تجاوزها أثناء هذا التعامل وبما لايمس روح الأخلاق والأمانة تجاه كل طرف، لكن المصيبة العظمى هي عندما يجرؤ أحد الطرفين «طرفي العلاقة العقدية» على تجاوز الحدود المسموح بها إلى ما هو أبشع وأفظع وبما لايرضى به الخالق العظيم سواء اعتداء او هضم حقوق أو أي توجه غير شرعي، وفي هذا السياق ما حدا بنا أن نورد قصة قضية حدثت من إحدى المواطنات في منطقة تبوك «ونشرتها جريدة الاقتصادية في عددها رقم 2973 بتاريخ 15/9/1422ه» تجاه عاملتها المنزلية والتي أساءت إليها ملحقة بها أضرارا بالغة، مستخدمة عدة وسائل لمعاقبة عاملتها، مما حدا بالعاملة إلى الانتحار والعياذ بالله، وهو توجه يعد من أشد وأفظع الأعمال التي يمقتها هذا الدين الحنيف، وشاءت قدرة الله أن تكشف التحقيقات أفعال تلك المرأة الظالمة، وحكمت المحكمة المستعجلة في منطقة تبوك بسجنها عاماً وجلدها 200 جلدة موزعة على عشر دفعات في كل مرة 20 جلدة، تفصلها سبعة أيام وذلك بعد أن ثبت لدى المحكمة بالقرائن والدلائل أنها تسببت في انتحار عاملتها، وقصة أخرى حدثت مع ربة منزل وهي الممثلة المصرية وفاء مكي، حينما أساءت لعاملتيها الأختين، و صدر حكم جدير بالثقة واحترام الإنسانية بعقوبتها بالسجن لمدة عشر سنوات، ولا شك أن هناك قصصاً واقعية عديدة لايتسع المجال لذكرها.
لكن السؤال المطروح ما هي ياترى الأسباب التي تجعل من هؤلاء يقدمون على مثل هذه الأخطاء المحرمة شرعاً، وهم للأسف الشديد أبناء فطرة؟ هل هناك ضعف في الوازع الديني لديهم؟ أم هناك تبلد لديهم أو استغناء في الحفاظ على أخلاقهم ومبادئهم التي اكتسبوها فطرياً؟ أم أنهم يعتقدون أن من يعمل لديهم أشد من العبيد في زمن مضى، ولو أن العبيد كان لهم تقديرهم واحترامهم من قبل أسيادهم، فلماذا إذاً هذه التصرفات اللا أخلاقية والتي لا علاقة لها بروح الدين الإسلامي الذي خصه الإله العظيم بالدين الوحيد لخلقه «إن الدين الله عند الله الإسلام».
ألا توجد مخافة من الله في هؤلاء البسطاء؟! ألم يستشعروا ولو لمرة واحدة في حياتهم الدنيا أنه لربما ساءت ظروفهم الاقتصادية وأحوالهم الاجتماعية وأجبرتهم أو أجبرت أبناءهم للرحيل عن أوطانهم لكسب المال الحلال في بلاد الغربة، كما فعل ويفعل الآن العامل أو العاملة المغتربان عن أوطانهما؟!، ما مدى شعور أولئك المذنبين تجاه عمالتهم لو ظنوا أو تصوروا أن يحدث لهم أو لأبنائهم ما يقومون به من إساءة وارتكاب أخطاء تجاه من يعملون لديهم؟.
هذه كلمات قصيرة لكنها ذات معان ودلائل عظيمة إذا لم يستشعرها المرء ويلتزم بها جاعلاً مخافة ربه أمامه في كل وقت فهو الخاسر لا محالة، لأن الله سبحانه وتعالى قد يغفر عما بينه وبين خلقه، ولكن قد لايغفر فيما بين الخلق أنفسهم من ذمم وواجبات لم ترد لأهلها في الحياة الدنيا.
والله من وراء القصد.
*الباحث في الشؤون العمالية
للتواصل فاكس 4560386/01
الرياض 11443 ص.ب 10668

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved