أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 14th January,2002 العدد:10700الطبعةالاولـي الأثنين 30 ,شوال 1422

محليــات

يارا
نصيحة من صاحبي الأمريكي
عبد الله بن بخيت
في أول يوم لي معه نصحني قريني بنصيحة حتى الآن وهي تطن في رأسي.
كانت الإدارة التي أعمل معها قد تعاقدت مع شركة كندية كبرى لتطوير القطاع الذي كنا نعمل فيه. وكان من بنود العقد أن يكون مع كل مدير سعودي مدير كندي يعمل معه كقرين «Counterpart». والهدف من هذا هو نقل التكنولوجيا والإدارة الحديثة وتوطينها في المملكة لا كأجهزة وإنما كمفهوم وكأساليب عمل لتطوير الإنسان السعودي. طبعا ما يخفاكم فشل المشروع وعادت حليمة إلى عادتها القديمة.
ولكن هذا ليس قضيتنا اليوم. عندما بدأت العمل مع الكندي طلبت منه بعض القواعد الأساسية في الإدارة ولكنه قال لا يوجد لدي أساليب ولكن عليك أن تعرف أن الإدارة ليست إدارة العمل وإنما هي إدارة الأفراد، إدارة الأوادم. ومن مجموعة القواعد الهامة هناك قاعدة ذهبية في التعامل مع الناس هي أن تعجل بالمكافأة وتؤجل العقاب، إذا أخطأ أحد وقررت معاقبته فأجل القرار إلى يوم أو يومين وإذا أنجز أحدهم ورأيت أن تكافئه فعليك أن تكافئه في الحال. استثمر فورة الفرح في الحال وأجل فورة الغضب.طبعا هذا الكلام واضح ومعروف منذ آلاف السنين فمشكلة النصائح الكبرى تكمن في نقلها من العام إلى الخاص ومن النظرية والحكي إلى التطبيق. فنشوة الفرح يمكن السيطرة عليها ولكن فورة الغضب هي المسألة. فكأنه يقول: عبر عن فرحك واكتم غيظك.في الواقع بدأت تطبيقها على كل العاملين معي. وقد نجحت أعظم نجاح وحققت كثيراً من الإنجازات. وبعد فترة من التأمل قررت أن أنقل هذه القاعدة خارج العمل أيضا وأطبقها في نواحي الحياة المختلفة. ما الذي يمنعني أن أستخدم هذه القاعدة الذهبية مع أطفالي ومع كل من أتعامل معهم ولي عليهم سلطة. وفي خضم اندفاعي لتطبيق هذه القاعدة في الحياة نسيت شيئاً واحداً وهو أن كل الذين طبقت عليهم هذه القاعدة كانوا من المتعلمين أو من أصحاب الخبرة في الحياة ولديهم القدرة على ترجمة مرامي القرارات. ولكن عندما نقلت هذه التجربة إلى العمل في ميادين تقل فيها الخبرات وتتدنى فيها مستويات التعليم أخذت عيوب القاعدة الذهبية تظهر وبدأ الواقع يصطدم بالكلام. أول شيء تعلمته أن التعامل مع من حرمتهم الحياة كثيراً من حقوقهم مثل العمال والسائقين والخدم يختلف كثيرا عن التعامل مع من أعطتهم الحياة حقوقهم أو أكثر. فإذا كان استنتاجي «النظري» صحيحا فإن هناك عاملا اسمه المرارة. فالمرارة تلوث قدرة الإنسان على التفكير المنطقي «وليس الجهل كما بدا لي في البداية» فالإنسان المحروم تتنامى لديه مرارة تجعله غير قادر على تذوق طعم المكتسبات. وبذلك تصبح علاقته بمن يعمل معهم متوترة على الدوام. تختفي لديه الفروق بين الأشياء المتناقضة. إذا عاقبته يفهم خطأ وإذا كافأته يفهم خطأ. واكتشفت بعد فترة طويلة أن المدير الإداري يختلف عن المدير الفني.
إن مدير إدارة إدارية أو تقنية يختلف عن مدير ورشة. قال لي صاحب الورشة: عليك أن تتعامل مع العمال بحزم أبوي ولا تحاول أن تتعامل معهم كزميل في العمل، يجب أن تكون رئيسهم على الدوام. يجب أن تبتعد عنهم مسافة لا يرونك فيها إلا من خلال التراتبية. وأخيرا اختصر كلامه بقوله «لا تعطيهم وجه». في الحقيقة ليس لدي أي تجربة مع العمال فليس لدي سائق وليس لدي ورشة أو نشاط تجاري. ولكن الاحتكاك اليومي مع العمال كالسباك والكهربائي وسائق التاكسي وبائع البقالة يكشف لي حقائق من هذا النوع ويقربني من نظرية المرارة.
فاكس: 4702164

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved