أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 16th January,2002 العدد:10702الطبعةالاولـي الاربعاء 2 ,ذو القعدة 1422

محليــات

يارا
لا سعودة بلا توطين للمهن
عبدالله بن بخيت
بين فترة وأخرى نقرأ أو نستمع إلى حديث عن السعودة، وأكاد أفهم أن السعودة هي إبدال العاملين الأجانب بعاملين سعوديين. هذا ليس تبسيطاً مني ولكن هذا ما أستنتجه من كثير ممن كتبوا أو تناولوا هذا الموضوع، وإذا كان ما فهمته صحيحاً، فهذه معضلة كبيرة على الأقل بالنسبة لتقديري للأمر. لأن عملية إحلال السعودي مكان الأجنبي مسألة قرار تتخذه الجهة المعنية وننتهي منه بكل سهولة خاصة أن هناك وظائف يحتلها أجانب لا تحتاج إلى خبرة أو تعليم خاص. كما فعلت البلدية في مسألة أسواق الخضار. فبلادنا تتوفر على وظائف كثيرة لا تحتاج إلى سابق خبرة. يمكن بقرار من الجهة المعنية أن تحول إلى سعوديين. قد يكون هذا كلاماً نظرياً عليه تحفظات كثيرة. على كل حال لن أخوض فيه، لأنه لا يمثل بالنسبة لي صميم المشكلة. أعتقد والله أعلم أن مشكلة السعودة مشكلة ثقافية لا إدارية، أي تتعلق بعلاقة الناس بالمهن. والأهم من ذلك علاقة المجتمع بالعصر. فبلادنا حبلى بوظائف تكفي السعوديين والأجانب (النساء والرجال) على حدٍّ سواء إذا تم تجاوز كثير من المشاكل الثقافية.
في الوقت الراهن لسنا في حاجة إلى سعودة الوظائف بقدر حاجتنا لسعودة المهن والصناعات. لأن سعودة الوظائف رهينة بسعودة المهن، وسعودة المهن تعني تحويل الصناعات والمهن بحيث تصبح مقبولة ثقافياً، والخطوة الأولى نحو ذلك تتلخص في إيقاف الاستعداء المتواصل ضد المهن الحديثة، فمن غير المعقول أن ننادي بسعودة الوظائف في الوقت الذي نقوم فيه بالهجوم على كثير من المهن. من أين نخلق وظائف؟ إذا كنا نحارب المهن والصناعات التي تنتج الوظائف لا بدَّ من التصدي للحملات المستمرة المعادية لتحديث البلاد.. فمثلا الدراما في المملكة إذا تم سعودتها سعودة ثقافية وتم توطينها في قلوب الناس، يمكن أن تؤمن ما لا يقل عن عشرة آلاف وظيفة من الوظائف الراقية، والسياحة التي بدأنا أولى خطواتها ليست مجرد أماكن وأجواء لطيفة وتسهيلات، وإنما هي مهنة تتصل بالثقافة، فإذا استمرت علاقتنا بالمهن الحديثة على حالها، فنحن في الواقع نتجه في مسألة السياحة لفتح وظائف جديدة للأجانب. فكثير من الوظائف المتعلقة بالسياحة هي جزء من العصر الحديث، بل إن السياحة نفسها هي من منتجات العصر الحديث .. مع الأسف ليس لها علاقة بالماضي نهائيا ولن نجد في الكتب القديمة أدلة أو شواهد لنستعين بها عليها. إما أن نقبلها بحداثتها أو نرفضها. مثلها مثل البنوك التي تعتبر أهم الصناعات في العصر الحديث، فالسيطرة على البنوك تعني السيطرة على مقدرات أي بلد واستقلاله ومع ذلك ما زالت الحملات المعادية لها قائمة، فالسعوديون الذين يعملون في البنوك لا يشعرون حيال أعمالهم بالألفة وينتظرون الفرصة للعمل في مكان آخر.
لا يمكن أن تكون بارعا في مهنة وأنت تشعر أن هناك حملة مضادة لهذه المهنة في داخلك أو في داخل مجتمعك. لا يمكن أن تتفوق في صناعة من الصناعات وأنت تشعر أنها تتناقض مع قيمك أو مع ماضيك أو مع مصالحك. فالمسألة ليست وظيفة بحد ذاتها وإنما في توطين مفهوم الوظيفة. ليس أمامنا من فرصة لتأمين الوظائف التي نحتاجها وليس أمامنا من فرصة لضمان العيش الكريم لمواطنينا في المستقبل والسيطرة على مقدراتنا ومكتسباتنا إلا إذا تم توطين كل الوظائف الحديثة توطينا ثقافيا. ولتوطين الوظائف الحديثة يجب ان نؤصل وجودنا في العصر الذي نعيش فيه. هناك فرق جوهري بين أن تعيش في الماضي وتزور العصر الحديث وبين أن تعيش في العصر الحديث وتزور الماضي.
اعتذار للحرس الوطني:
أقدم اعتذاري للإخوة في الحرس الوطني (مستشفى الملك فهد) عن تخلفي عن تلبية دعوتهم الكريمة، رغم أني كنت في غاية الحرص على تلبية هذه الدعوة لما أكنُّه للحرس الوطني من حبٍّ وتقدير كبيرين.
فاكس: 4702164
yara4me@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved