رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 18th January,2002 العدد:10704الطبعةالاولـي الجمعة 4 ,ذو القعدة 1422

الاقتصادية

آخر الأسبوع
موت المدير!!
د، صنهات بدر العتيبي
في النقد الأدبي هناك أطروحة حداثية تنادي بموت المؤلف ولكن لايوجد في أدبيات الإدارة الكلاسيكية أو الحديثة ما يشير إلى التوجه نحو المناداة بموت المدير، ، حسنا، لو افترضنا موت المدير فإن هذا التصور يوجد له امكانية حقيقية في الممارسات الادارية ويعتبر وجهة نظر قوية جداً عند تطبيق المفاهيم والأسس الإدارية في عالم الواقع خاصة وأن هناك بعض الحالات والأمثلة الإدارية التي شهدت إلغاء فعليا لوظيفة المدير وهذه حشرجات الموت!! فقد جاء في عدد من الدراسات والتجارب الإدارية مثلا ان الاعتماد على الحسابات الآلية في المنشآت يلغي وظائف مديري الادارات الوسطى من الهيكل التنظيمي وذلك بسبب تقصير المسافة بين الإدارة العليا والإدارات الأخرى في أسفل الهرم التنظيمي،
وتنادي الرؤى الإدارية الحديثة بضرورة تشجيع المشاركة وتنمية روح المبادأة والابتكار والاعتماد على الذات لدى العاملين حتى أن تصور وجود المدير الآمر الناهي الذي يسيطر على كل شيء ويقف خلف كل ورقة وتوقيع لم يعد أمراً مستساغاً، ان الزيادة في المشاركة وفي درجة المبادرة الفردية والزيادة في درجة التفويض من أعلى إلى أسفل تعطي امكانية للتفكير في مناخ تنظيمي تقل فيه درجة الاعتماد على المدير،
وهناك مسألة أخرى يجدر بنا أن نناقشها بحذر، فقد تحدث المنظرون الاداريون عن العلاقة بين الزيادة في الرسمية بمعنى الوضوح الكبير في الاجراءات والقواعد والقوانين التي تنظم العمل وبين الزيادة في نطاق الرقابة ويعني ذلك الزيادة في اعداد المرؤوسين الذين يستطيع رئيس أو مدير واحد ان يشرف عليهم ويراقب اعمالهم، ونلاحظ هنا ان اهمية وجود المدير تخف مع زيادة الوضوح في اساليب العمل بالنسبة للعاملين، فهل يعني ذلك ان الرسمية تدعم فكرة موت المدير؟! هذا التصور بعيد المنال لسبب رئيس وهو أن العاملين مازالوا بحاجة لمن يفسر لهم الاجراءات والقواعد واساليب العمل ويأخذ بأيديهم نحو الطريق الصحيح،
ومن ناحية أخرى برز في ادبيات الادارة «نظرية المؤسسة» التي تنادي بضرورة ترسيخ فكر المؤسسة والعمل المؤسساتي داخل المنشأة وليس فكر الفرد وعمل الفرد، ومن هذا المنطلق تستطيع المنشأة ان تعمل وتشتري وتبيع وتنجح بطريقة مؤسساتية قائمة على العديد من البرامج والاجراءات وقواعد العمل المحددة سلفاً والتي تستمر لفترة طويلة، وعليه لا تتأثر المنشأة بسفر مديرها ولا تموت بموته وهذا يفسر كون المنشآت اطول اعماراً من مؤسسيها، ولعل ذلك ايضا يفسر كيف ان بعض المنشآت تكون ناجحة في ظل قيادات معينة وتظل ناجحة ومتفوقة بغياب هذه القيادات والسر في ذلك ان القائد الاول قد اسس «نظام عمل» لا يتأثر بغياب فرد او عدة افراد،
الحاسب الآلي وجماعية العمل والمشاركة في الادارة والفكر المؤسساتي تقلل من الاعتماد على المدير او القائد مما يوحي بطرح عبارة «موت المدير» كفكرة جديدة في النظرية الادارية، هذا من حيث المنطق النظري اما في الواقع المعاش فان المدير العام مازال يتشبث بالحياة ولا ندري فقد تحمل التطورات التكنولوجية المتسارعة كالبرق اخباراً غير سارة للباحثين عن وظيفة «مدير عام»!!
ختاماً نقول هل «موت المدير» سيقتل بعض الانطباعات والمواقف الاجتماعية المنتشرة من حولنا؟ يلاحظ ان لدينا شغفا كبيرا بوضع «هالة» من نوع خاص حول الاشخاص القياديين كالمدير والمسؤول والضابط وعريف الفصل وشيخ القبيلة!! فهل التطورات التقنية والتنظيمية والاجتماعية التي ناقشنا بعضا منها ستساهم في الحد من هذا الهوس غير المفيد، خاصة من منطلق ان الحياة ستستمر بدون هذا القيادي المحاط بهالة نفاقية ومصطنعة؟ آمل ذلك،

أعلـىالصفحةرجوع
















[تعريف بنا][للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved