Monday 21st January,200210707العددالأثنين 7 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ما هو مصير أسرى القاعدة وطالبان..؟!
خمسة آلاف أسير في جزيرة نائية بعيداً عن أنظار العالم
واشنطن صنفتهم ب «المقاتلين غير الشرعيين» وليسوا «أسرى حرب» وبالتالي حرمتهم من حقوق معاهدة جنيف

* القاهرة محمد حسن:
بدأت الولايات المتحدة في نقل عشرات من أسرى القاعدة وطالبان لقاعدة غوانتانامو بكوبا، وينتظر مئات آخرون في سجون أفغانستان، لحين ترحيلهم للقاعدة العسكرية في كوبا، وتشير قضية الأسرى العديد من التساؤلات، فما هو موقفهم من «القانون الدولي» ومعاهدة جنيف الخاصة بأسرى الحرب؟!، وهل يمكن أن تتكرر مذبحة جانجي مرة ثانية وبعيداً عن أنظار العالم؟ أم تحولهم أمريكا لعملاء نشطين للاستخبارات الأمريكية؟ أم سيظلون في السجن مدى الحياة؟، وأين منظمات حقوق الانسان من هؤلاء الأسرى في ظل التعتيم الاعلامي الحالي؟.
خمسة آلاف أسير
بدأت الضربات الأمريكية لأفغانستان منذ الثامن من اكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الحين بدأت القوات الأمريكية حصد أسرى كثيرين من طالبان وتنظيم القاعدة، حتى وصل عددهم نحو خمسة آلاف أسير، وقع معظمهم في أيدي الميليشيات الأفغانية وقوات الأمن الباكستانية، التي ضبطت أغلبهم على الحدود بين البلدين، هذا بجانب ما وقع في أيدي القوات الأمريكية حيث يوجد 183 أسيراً من كوادر طالبان وتنظيم القاعدة المتنوعي الجنسية، على متن حاملة الطائرات «يو. إس.إس. بيليلو» ويضم سجن شبرغان في أفغانستان 3500 سجين، أغلبهم من الشباب في العشرينات والثلاثينات من أعمارهم، أكثرهم من الباكستانيين ومجموعات قليلة من دول عربية وآخرون من الجمهوريات السوفيتية السابقة في روسيا وبلدان القوقاز ودول آسيا الوسطى والصين.
وبدأت وزارة الدفاع الأمريكي في بداية الشهر الحالي اجراءات نقل أسرى حركة طالبان والتنظيم من أفغانستان الى سجن تابع لسلاح البحرية الأمريكية في خليج جوانتانامبو بكوبا وسط اجراءات أمنية غير مسبوقة، حيث نقل الأسرى، وهم مقيدون بالسلاسل في مقاعدهم ومعصوبي الأعين طيلة 24 ساعة، ويحيط بكل سجين حارسان من قوات خاصة أمريكية، مسلحة ببنادق صاعقة، بدلا من الأسلحة العادية، وخدر العديد من السجناء قبل نقلهم الى القاعدة العسكرية، والتي يبلغ محيطها 48 كيلومترا، ويحيط بها سياج حديدي يفصلها عن الأراضي الكوبية، اضافة الى حقول الغام زرعها الكوبيون، وسوف تقوم أمريكا ببناء معسكرات اعتقال ضخمة فيها، ستكون مجهزة لمنع حدوث عمليات تمرد، على غرار ما حدث في جانجي قرب مزار الشريف، ويعكف العاملون في القاعدة العسكرية على تشييد منشآت تستوعب حوالي 2000 شخص، وكل تلك الاجراءات التي اتخذتها واشنطن منذ هجومها على أفغانستان ومرورا بقضية الأسرى، تدل دلالة واضحة على خرقها لحقوق الانسان والمواثيق الدولية، التي طالما تتخذها ذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى.
الأسرى والقانون الدولي
اختارت أمريكا قاعدة عسكرية نائية بعيد عن أنظار العام، وعن مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان، وقواعد القانون الدولي الخاص بحقوق أسرى الحرب، إذ منعت واشنطن السماح للمسؤولين الدبلوماسيين بلقاء مواطنيهم المحبوسين في سجونها، وهو ما يتنافى مع ميثاق جنيف، الذي يسمح للمسؤولين القنصليين بلقاء مواطنيهم المحبوسين في دول أخرى بواسطة احدى السلطات الرسمية فيها، وهو ما يلزم واشنطن بابلاغ المسؤولين القنصليين في حال اعتقال أي مواطن لهم، بواسطة أي من السلطات الأمنية، أو أي فرع آخر من الحكومة الفيدرالية.
وتنص هذه اللوائح كذلك على معاملة كل الأسرى بطريقة انسانية بموجب اتفاقيات جنيف الى حين البت في وضعهم بواسطة محكمة فحص من ثلاثة ضباط، وتتطلب هذه اللوائح تدوين سجل يحوي الاجراءات، وتعريف السجين بحقوقه، والسماح له بحضور الجلسة وتوفير مترجم له إذا دعت الحاجة لذلك، واستدعاء الشهود والبت في وضعه عن طريق أغلبية الأصوات على أساس ترجيح الدليل، وتنص هذه اللوائح كذلك على ان أي معتقل لا يتمتع بوضع «أسير حرب» من الممكن ان ينفذ فيه حكم الاعدام أو السجن، أو انزال عقوبة أخرى عليه دون اجراءات اضافية للبت في الأعمال التي ارتكبوها أو العقوبة التي يجب ان تطبق عليهم.
وعلى عكس ما تنص عليه المواثيق الدولية، التي وقعت عليها الولايات المتحدة، لم تقم الجهات المعنية وهي وزارة الدفاع الأمريكي، بتحديد وضع المعتقلين الذين نقلوا من أفغانستان، بل صنفت وزارة الدفاع أسرى طالبان والقاعدة على أنهم مقاتلون غير شرعيين وليسوا أسرى حرب وبالتالي لا يتمتعون بأي حق تحت ميثاق جنيف الخاص بمعاملة أسرى الحرب، ويرى بعض المسؤولين في القانون الدولي، ان لفظ «مقاتلين غير شرعيين» تفرض ضمنا على واشنطن توفير أقل قدر من الحقوق والحماية المكفولة، بنص المواثيق لأي تصنيف من تصنيفات السجناء، وان واشنطن لجأت لهذا المسمى، حتى يناسب أجندتها السياسية، ويمنع الهيئات والمنظمات الدولية من المطالبة بأي حقوق لهؤلاء الأسرى، وبالتالي يظل مصيرهم بيد واشنطن دون غيرها.
وأوضح مسؤولون أمريكيون انه من المتوقع ان يخضع بعض المعتقلين وليس كلهم لمحاكمة عسكرية، الى حين ظهور معلومات اضافية تدينهم، وفي ضوء ذلك يظل المصير الذي ينتظر أسرى القاعدة وطالبان غامضا، بين السجن مدى الحياة، أو الاعدام بموجب المحاكم العسكرية، أو تجنيد أفراد منهم في جهاز المخابرات الأمريكية C.I.A، ويرى بعض المراقبين ان أمريكا سوف تحاول استقطاب الكثيرين منهم كمصادر لمعلومات حول تنظيم القاعدة في مختلف دول العالم، وقد تجبرهم واشنطن على الاعتراف بتدبيرهم لأحداث سبتمبر، أو تورطهم في مخططات أخرى لضرب أمريكا ودول أوروبية أخرى، ومن المحتمل ان تحاول واشنطن تجنيد البعض منهم، وتوزيعهم على بؤر الصراع في الشرق الأوسط والدول الاسلامية، كايران وباكستان والصومال والعراق وليبيا.
وفي ظل غياب قوة المؤسسات والمنظمات الدولية المحايدة، وقصور فاعلية القانون الدولي، وتجاهل ميثاق جنيف، يبقى مصير الأسرى بيد الولايات المتحدة وحدها، وتقف واشنطن بقيادتها السياسية والعسكرية في موقف الحكم والخصم والجلاد، وهو ما يزيد من معاناة الأسرى، ويجعل مصيرهم محصوراً بين الموت، أو السجن مدى الحياة، أو العمالة.
ورغم محاولات بعض المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأسرى وحقوق الانسان، الدفاع عن سجناء قاعدة غوانتانامو العسكرية إلا ان الولايات المتحدة تضع العراقيل أمام هذه المنظمات، كذلك ظهرت بعض الكتابات في الصحف الأوروبية تطالب واشنطن بمعاملة السجناء على أنهم أسرى حرب، ومراعاة حقوقهم التي تنص عليها معاهدة جنيف، ولكن هل تنجح تلك المحاولات في ضمان محاكمة عادلة ونزيهة لهؤلاء الأسرى؟!.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved