Thursday 24th January,200210710العددالخميس 10 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ترانيم صحفية
لماذا نغلف واقع أطفالنا؟!
نجلاء أحمد السويل

لاشك أن الفرد في قمة نضوجه إنما هو حصيلة لتجربة تربوية ربما تكون صحيحة وربما تكون غير ذلك ولكننا أحياناً قد نكتشف ذلك متأخراً جداً. بحيث إننا نقتنع تماماً بتلك المقولة المشهورة شعبياً وهي: «إذا فات الفوت ما ينفع الصوت.. أو بمعنى آخر.. لا يصلح العطار ما أفسده الدهر»!! إذاً الثمن أغلى من أن نستطيع تدارك سلبياته..
إن بعض المختصات في مجال رياضة الأطفال دائماً ينادين بمنع الطفل من بعض الألعاب مثل «لعبة الكراسي» أو «السباق» أو أي لعبة ربما يدخل فيها مجال التنافس أما المبرر فهو ساذج جداً وهو يتضمن الرغبة في إبعاد الطفل عن أي موقف ربما يتعرض فيه للخسارة!!
إذاً إن مثل هؤلاء ينادين بأن يكون الطفل في مواقف رابحة باستمرار أو على الأقل غير خاسرة!!
وهنا أتساءل؟! أي جانب تربوي هذا الذي نريد أن نزرعه؟! أي تنمية للشخصية تلك التي نطمح أن تحدث؟! وهل صواب التربية أن نضع أطفالنا في «مغلفات» ونحرمهم من أي انفعالات تكون لها فائدتها في مستقبلهم وحياتهم القادمة؟ إن هذه الألعاب التي تعرض الطفل أحياناً للهزيمة هي في المقابل تعلمه ماذا تعني الدافعية وتلقنه بالتجربة ماهو حصاد العمل وكيف يحدث النجاح، أم هل أترك الطفل كمجسم «الصلصال» دون تحريك مشاعره أو انفعالاته بل إننا بحاجة كبرى أيضاً أن نزج بأطفالنا في مواقف للغضب والعصبية حتى نستطيع أن نعلمهم كيف يعيشون ويتخلصون من هذه المواقف بأساليب إيجابية صحيحة وإلا فأين المفاتيح التي نستطيع أن نقضي بها على الأنانية وأين المفاتيح التي تعلم كيفية إعطاء الفرد حقه وأين تعليم الواجبات كل هذا هل نلقيه خلف ظهورنا وننادي بأفكار عشوائية فقط من باب الجهود الفردية غير المبررة أو المبرهنة بأي أدلة علمية؟!
أعتقد أننا نربي أفراداً لهم كيانهم في المستقبل ولهم وجود لابد أن يفرض ولكن بصورة إيجابية، ان تعليم الطفل الهزيمة هو جزء لا يتجزأ من التربية وما يتبعه أيضاً من تعليمه تكنيكات التعامل مع هذه الهزيمة واجتيازها بدون أن تترك أي آثار تدميرية على نفسية الفرد أو كيانه!!
بعد هذا لابد أن نفكر واقعياً في أهمية وكيفية إيجاد مثل هذه التجارب لأطفالنا لا الهروب منها والانسحاب من واقع لابد أن يعاصره الفرد ويتفاعل معه جاهزاً ومستقبلاً!!
إننا لو استطعنا أن نغلف واقع أطفالنا صغاراً فلن نستطيع أن نغلفه كباراً ونتحكم في متغيراته كما هي لعبة الشطرنج وهنا تكون الطامة الكبرى.. وتكون الصدمة بواقع حقيقي لا مفر منه.
والله ولي التوفيق.

*أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved