Thursday 24th January,200210710العددالخميس 10 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شلال من نور
لميس منصور

أورقت أغصان مسائها.. وتراقصت أجم الفرح في سمائها
وتفجرت عيون عذبة من بين صخور أزمانها التي ضلت دهراً تشكو من الجفاف... أحرقتها شموس الهاجرة.
تلك الصحراء الممتدة داخلها... ضلت زمناً وهي تصرخ باحثة عمن يروي عطشها.. وينفض غبار الألم والحزن الذي غطى كل جزء منها.
ولكن في كل مرة يلوح لها في سماء اليأس أنجم!
وتقذفها الايام بشهب الخيبات والهزائم المتوالية.
سهام قاتلة أصابت فؤادها حتى أدمته.
وحكمت على نفسها بالسجن الطويل بين تلك الاسوار المغلقة.. لاتعرف من الزمن الا القليل.. ولا ترى في الوجود الا العتمة.
أغلقت كل النوافذ .. بعد ان دفنت آخر احلامها.. وشهدت مقتل آمالها.
فلم يعد هناك ما يدخل الى نفسها البهجة والفرحة.. كل شيء بالنسبة لها قد مات.
وبعد مضي سنوات على القحط الذي اصاب ارضها.. وألبسها الجفاف.
سمعت ذات مساء.. طرقات على نافذتها، طرقات تشبه صوت المطر لطرقها مفعول كمفعول السحر.
اشرعت النوافذ.. وفتحت المغالق.. فرأت شرفة بالجوار.. مضيئة.
وهبت نسائم عذبة تبعث الحياة بالروح الميتة!
ولأول مرة تبتسم.. وكان للابتسامة التي حطت فوق ثغرها اشعاعا مختلفا.. لون وجهها باشراقة البهجة.
وانبتت قطرات الندى القادمة من فجر الخلود.. أزهارا ملونة فوق صفحة خدها.
كان الربيع يعلن عن قدومه .. يحمل باقة ملونة من الاحلام والآمال فوق جناح فراشة بديعة تجول بحدائق الحب ناشرة البهجة والضوء بين مساراتها.
غبطت نفسها على هذه الفرحة التي سرت في عروقها.. وجرت مع دمها.
وشعرت انه للتو بزغ ضوء وجودها.. على أرض طالما تمنت ان تقف على أطرافها، ورددت بجذل:
«ما اجمل هذا القادم.. ليس له شبيه.. انه ملاك بصورة انسان .. حملته أطيافا من نور.
وحط على شرفة ليلي البائس .. واشعل قناديل الضوء والحب والابتسام.. وعلق فنار الامل داخل قلب طوقه اليأس بظلامه الدامس.
وفتح منافذ لحياة جديدة .. وهواء نقي.. ورسم بسمة جميلة فوق ثغر وقفت الدنيا العابسة البائسة بينه وبين الابتسام!
فتح كفيه الحانيتين و«جبر» كسر فؤادها الذي لم تلتئم جراحه منذ الف عام»
كان بهيا كبدر كسا الكون بالنور والبهجة.
وكالشمس التي أشرقت في سماء حياتها بعد ان حجبتها سحب كثيفة.. فبدأت متوهجة ومشرقة.. تسرب شعاعها الى كهف نفسها المكتئبة المعتمة.. فاصبحت نهاراً لا تغيب شمسه
تسامقت شجرة الحب على أرضها الجدباء واخضرت أوراقها.. وصدحت الطيور فوق أغصانها ونعمت بدفء أكمتها.
غفت تلك الليلة ونامت على شفاهها ابتسامة لم تغادرها .. ترقص كفراشة جذلى داخل حقول أينعت وتفتحت أزهارها.
أحكمت الغطاء وشعرت ان سحابة بيضاء تحيط بها وتلفها.. وتسقي روحها برذاذ المطر وتغسلها من آثار الأمس الغارب.. وتصب بأذنها صوت الكناري هي تغني للحب والحياة وتسرب اليها الاحساس بالطمأنينة والسلام.. وهي تسمع رفيف حمامة بجوارها
تسكو الارض بريشها.. وترطب الجو بهديلها.. مرددة:
قري..ونامي بسلام.. فلتغادر الروح الجسد..فألف ريشة كونت أجنحة لروحك لتحلق بعيداً عن هذا الجسد القلق.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved