Saturday 26th January,200210712العددالسبت 12 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وسميات
رحم الله الشيخ ابن جبير
راشد الحمدان

رغم تقدمه في السن إلا أنه كان شعلة من النشاط، يعرف ماذا يحمل من أمانة، عرف بالواقعية التي قد تغضب الكثيرين. لكنها الأمانة التي يعرف أنه يحملها.. كان مخلصاً لدينه ومليكه ووطنه.. ولأن الشورى منارة ينطلق منها الرأي المحسوب والمحاسب عليه.. فقد ظل يعير ذلك جل اهتمامه وحرصه، ولا يهمه إن غضب فلان أو علان، لأنها الأمانة التي سوف يسأل عنها.. وعندما كنا في المراحل الأولى بدار التوحيد المدرسة الأولى لنماء الشريعة في العقول، كان رحمه الله يتخرج في كلية الشريعة بمكة المكرمة. ولذلك كنا نسمع عنه وعن زملائه الأوائل وهم النواة الأولى لإيجاد محاكم قضائية منظمة.. وكانت نظرة ثاقبة من الملك عبدالعزيز عندما أصر على تسمية دار التوحيد بهذا الاسم. كما أخبرنا المرحوم الشيخ محمد بن مانع مدير عام المعارف آنذاك والمسؤول أمام الملك عبدالعزيز عن التعليم. فقال: كنا سنسميها باسم آخر. لكن الملك أصر على تسميتها بدار التوحيد. وقال: هذه لأهل التوحيد. وفعلاً فقد تخرج فيها الكثيرون ومنهم الفقيد رحمه الله . وقد قاده ذكاؤه وصبره وجلده.. إلى تسنم العديد من المناصب المسؤولة وكلها في محيط القضاء والفصل في القضايا. وتحمل الأمانة. وشؤون الفقراء والمعوزين وذوي الحاجة. وكل هذا فيه الخطر العظيم على النفس البشرية من حيث الصدق في التعامل والعطاء والعدل والحرص على حقيقة الأشياء. وجمع الإدعاءات.. وكان الشيخ بن جبير رحمه الله أهلا لذلك. وقد ساعده حب العمل على نجاح باهر وشهد له الكثير من العلماء والمشائخ وأرباب الفكر على تمتعه بالإخلاص وقوة الشكيمة، والجلد والصبر. كما كان واعياً ومدركاً للنظرة المغايرة للإسلام ومبادئة، ولذلك كان محاوراً جيداً مع الآخرين مما أوجد قناعات فرضت نفسها على الذين لا يدينون بالإسلام فعمق الاحترام لهذا الدين وأهله في نفوسهم.
ولقد وثقت فيه الدولة كثيراً. ولذلك أحسسنا من المسؤولين بعظم المصيبة، ورأينا آثارها بادية على وجوه مشيعية والمصلين عليه.. ومما يوجب العبر أن أسرة الشيخ تعاني من زمن طويل من وضع أحد أبنائها وهو العميد عثمان شقيق الشيخ والذي ظل فترة يرقد في المستشفى العسكري بعد خدمة طويلة في الجيش حيث أنه في حالة فقد الوعي.. إنها العقول الحساسة المخلصة التي تتعب أصحابها. وشقيقه اللواء عبدالله هو أصغر إخوانه، كان له دور في خدمة بلاده. وابنه الدكتور خالد الذي يحمل سماعته وعلاجه وأدويته كل يوم ولا يتقيد بعمل رسمي يحده، بل يعالج من يقابله من المستضعفين والفقراء. وأبناؤه الآخرون كانوا أهل خير ومحبة للجميع.. فتعازي للجميع، وقد تألمت لفقد الشيخ فجأة.. لكنها عبر الحياة، التي تدق هنا وهناك لتوقظ أموات الأحياء. رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved