Wednesday 13th February,200210730العددالاربعاء 1 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ذو الهيئة يكون غالباً ذا عقل
أرسلْ حكيماً ولا توصِهِ

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد قرأت في عدد سابق من الجزيرة وفي زاوية «لما هو آت» للأستاذة الدكتورة خيرية إبراهيم السقاف بعنوان: «الحوار حكمة» مانصّه:
«بناء على ذلك اطلق العرب حكمتهم»: «أرسل حكيماً ولا توصه»
ولي على هذا النص تعليق:
فقول الكاتبة: «أطلق العرب حكمتهم: أرسل حكيماً».. الخ.. هذا القول جزء محرف مجتزأ من بيت شعر معروف هو:


إذا كنت في حاجة مرسلاً
«فأرسل حكيماً ولا توصِهِ»

وهو مطلع قصيدة كنا ندرّسها للصف الثالث المتوسط على أنها لطرفة بن العبد الشاعر الجاهلي، بينما عزاها ابن خميس في كتابه: (من القائل) الى عبدالله بن جعفر الطالبي المتوفى سنة 80ه والقصيدة كالتالي:


إذا كنت في حاجة مرسلاً
فأرسل حكيماً ولا توصِهِ
وإن بابُ أمرٍ عليك التوى
فشاورْ لبيباً ولا تعصِهِ

شرح: الحكيم هو الذي يضع الشيء في مكانه، لاتوصه: حيث إنه غير محتاج الى الوصية لحكمته، قلت: ولا مانع من وصية الحكيم للذكرى فقد اوصى الله سبحانه وتعالى الأنبياء عليهم السلام وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم.
التوى: استعصى فتحه، لبيباً: عاقلاً: قال الله تعالى: «فاتقوا الله يا أولي الالباب»، ولا تعصه: اي أطعْه فيما يشير به عليك.
اما العامة فيقولون عن البيت الأول: «العاقل ودّيه ولا توصّيه» وعن البيت الثاني يقولون: «شاور الكبير والصغير وارجع الى شور عقلك» هذا ان لم يكن عقله «تَرَلَلِّي».
وإن باب أمر: باب فاعل لفعل محذوف تقديره: إن التوى باب..
فشاور: الفاء في جواب الشرط: ويقترن جواب الشرط بالفاء في الحالات المجموعة بهذا البيت.
اسميةٌ طلبيةٌ وبجامدٍ
وبما وقد وبلَنْ وبالتسويفِ
جواب الشرط المقترن بالفاء يكون:
جملة اسمية مثل: من يجتهد فهو ناجحٌ.
جملة طلبية أمر: من يحضر فأكرموه
جملة طلبية نهي: من يأتكم فلا تردوه
جملة طلبية استفهام: إن يحضر صديقك أفلا تكرمه؟
وبجامد: مَنْ نجح فنِعْمَ عمله.
ومَنْ عصى والده فبئس الرجل.
ومَنْ اجتهد فعسى ان ينجح
ومَنْ ساء خلقه فليس رفيقي
وبما: إن تكرم أبويك فما قصرت.
وقد: من يحسن إلى الناس فقد أحسن إلى نفسه.
وبلن: من يحسنْ الى الناس فلن يضيع عمله.
وبالتسويف: من اجتهد فسوف ينجحُ.
وإن ناصحٌ منك يوماً دنا
فلا تنأَ عنه ولا تقصِهِ
قلت وفي الحديث الشريف: الدين النصيحة، وعسى أن يكون الناصح مخلصاً لمن ينصح له وبما ينصح به.
«دنا ولا تنأ: هذا طباق في علم البديع.
وذا الحق لاتنتقص حقهُ
فان القطيعة في نقصِهِ
قلت: وكثيراً ما ادى أكل الحقوق او انتقاصها الى القطيعة حتى بين ذوي الأرحام.
وذا: ذا من الاسماء الستة منصوب وعلامة نصبه الألف وهو مفعول به منصوب على التحذير على تقدير: احذر ذا الحق لا..
في نقصه: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إنّ في محل رفع تقديره: «فإن القطيعة كائنة في نقصه».
ولا تذكر الدهرَ في مجلس
حديثا إذا انت لم تحصِهِ
فحين تقصُّ خبراً أو قصة لاتقل: نسيت الباقي فتنزع الثقة من روايتك. ومن شروط الحديث الصحيح «الحديث النبوي الشريف» أن يرويه العدل الضابط عن مثله.
الدَّهرَ: ظرف زمان: «اي طول الدهر» منصوب وظرف الزمان وظرف المكان يسمى كل منهما «المفعول فيه» لأن الفعل وقع في الزمان او في المكان المذكورين.
ونُصَّ الحديثَ إلى أهلِهِ
فإن الأمانة في نصِّهِ
وهذا مايسمى التوثيق فتروي عن فلان عن فلان سواءً كان حديثاً عادياً (ذا بال) او نبوياً.
فإن الأمانة: وفي رواية: فإن الوثيقة.
وكم من فتى عازبٍ لبُّهُ
وقد تعجب العينُ من شخصِهِ
ومن معاني عزب بعد ونقص: أي كم من فتى ناقص العقل مع أنه قد يكون طويلاً عريضاً ذا هيئة ولكن عقله ناقص: «عقله جوزتان على جمل» الجوزة: واحدة الجوز من النُّقْل المكسرات وهو ما يسميه المصريون (عين جمل).
ولكن الذي أراه أن ذا الهيئة غالباً يكون ذا عقل راجح وأن المتخلفين عقلياً يظهر تخلفهم على أشكالهم ونظرات عيونهم حمانا الله واياكم وآخر تحسبه أنْوَكَاً
ويأتيك بالأمر من فصِّهِ
والأنْوَك: الأحمق جمعه نَوْكى، من فَصّه: المقصود هنا أصله وحقيقته.
وهذا البيت معناه عكس البيت السابق.. أي هناك من تظنه ( من هيئته) في غاية الحمق بينما هو في منتهى الذكاء والمعرفة، والأمر فيه نظر فنحن نرى الطلاب المجتهدين في الغالب ذوي هيئات سويّة او على الاقل مقبولة. مع الشكر للجزيرة الجريدة الخرّيدة «الخِرّيدة: اللؤلؤة لم تثقب» وعزيزتي الجزيرة المفيدة والقراء الكرام والسلام ختام.
نزار رفيق بشير - الرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved