Sunday 17th February,200210734العددالأحد 5 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حديث الشبكةحديث الشبكة
إنترنت ثانية لألفية ثالثة (33)
خالد أبا الحسن

حين أتأمل ما نقلته إليكم من واقع وثائق مشروع الإنترنت الثانية في مقالتي الأسبوعين الماضيين، وجدت أن الجهات التي طورت الإنترنت الحالية وأظهرتها للعالم الخارجي، إنما فعلت ذلك لأنها باتت غير راضية عن الزحام والغثاء الذي كبل الإنترنت الحالية ولوثها لدرجة لم تعد معها بالمستوى الذي هدف إليه المطورون والعلماء من وراء إيجادها، لذا، قرروا الدخول في هذا المشروع الخلاق كي يجعلوا للعلم والعلماء مكانا مرتبا يخلون فيه بأنفسهم ويتحقق لهم التواصل فيما بينهم من دون عراقيل تسبب فيها غيرهم.
والواقع أن الإنترنت التي بدأت على أيدي هذه النخبة من علماء وباحثي الجامعات الأمريكية بالتعاون مع الجهات العسكرية، لم تكن تتيح لأحد استخدامها لكونها بنيت لأغراض علمية وعسكرية، وحين فتح الباب لأرباب المال والأعمال لاستثمارها اتسع الخرق على الراقع، وتغير وجه الإنترنت بحيث لم تعد عملية بما يكفي لتحقيق الأهداف التي لأجلها طورت، والتي حورها رجال المال والأعمال لتصب الأموال في جيوبهم وتوصلهم لأسواق لم تكن لتطالها أيديهم ليعرضوا ما لديهم من بضائع شتى، وباتت استفادة القطاعات العلمية والمراكز البحثية من الإنترنت في أعمالها أمرا غير يسير أو مجد كما كان في السابق حين لم يكن على الإنترنت سواهم، وحين أنظر إلى بوادر الإفادة من الإنترنت الثانية، ألمس وبشكل كبير ما ستؤول إليه الأمور بفضل هذه التقنية الخلاقة، فالشبكات باتت مفتاحا لتبادل الخبرات وتوفير الجهود إلى حد كبير، فمثلا، تمكن جراح في مدينة نيويورك من إجراء جراحة لمريض في ستراسبوغ في أوربا بفضل تقنيات عالية أتاحت له إتمام العملية عن بعد بنجاح.
إن الشبكات تلعب الدور الفاعل والأهم في إنجاز مثل هذه العمليات الجراحية الدقيقة والتي تمكن الطبيب في نيويورك من إجراء العملية للمريض بعد أن قام فريق طبي مساعد بإعداده وربطه بجهاز الحاسب المتصل بالشبكة والجراح الآلي، والإنترنت الثانية، تهدف إلى تعزيز مشاريع من هذا النوع والتي ستتيح للتربويين العمل عن بعد مع تلامذتهم وكأنهم في مكان واحد، ونحن نشهد الآن مساعي تصب في نفس السياق إلا أنها تكلف الكثير جدا لأنها تطبيقات تقوم على شبكات مستقلة نوعا ما، قد لا يكون من المناسب ولا المنتظر أن تبحث جامعات غير أمريكية مسألة الانضمام إلى هذا التجمع التقني في الوقت الحالي، فالمشروع لا يزال في مرحلة الطفولةومن شأنه أن يصبح أكثر جدوى وأقل كلفة مما هو عليه الآن.
وكما ذكر أحد القائمين على المشروع، فإن المستقبل كفيل في جعل الإنترنت الثانية في متناول اليد تماما كما آلت الإنترنت الحالية إلى أسعار معقولة بعد أن كانت بعيدة المنال، ومن شأن الانفتاح المستقبلي على هذه التقنيات والاستعداد لها أن يجعل دخولنا في عالمها أكثر إثمارا وأقل إرباكا وإخلالا بأوضاعنا كما كان شأننا مع الإنترنت الحالية، كما أتوقع أن لا نحتاج لأي نوع من الرقابة نظرا لأن كثيرا من محاذير الإنترنت الحالية وممنوعاتها ستختفي في الإنترنت الثانية، لكن، ورغم أن يد المعلنين والمتاجرين بكل ما يمكن بيعه لن يصلوا إلى الإنترنت الثانية لكونها أنشئت لغايات علمية وبحثية بحتة، إلا أن استحواذهم على الأموال والدعم التقني قد يفرض نوعا من الضغوط على القائمين على المشروع وقد نرى علامات ذلك مع انتقال الإنترنت الثانية من كونها حديثا متداولا إلى واقع ملموس نراه في مختلف الجامعات التي تشترك في عضويته، فكما هو معلوم، فالجامعات لا تقف وحدها وراء المشروع، وإنما تدخل شركات كبار في عضويته لتقديم خبراتها التقنية ودعمها المالي لإنجاحه.
ومما يتوقع حدوثه في المستقبل القريب أن يتغير الموقف الأكاديمي من برامج التعليم عن بعد ويزداد عدد الجامعات المفتوحة المعترف بها عالميا، فمن المعلوم أن جامعات التعليم عن بعد لا تزال جامعات تجريبية أو ضعيفة الحضور والتأثير في الأوساط الأكاديمية وتحظى بقليل من الاهتمام مقابل الجامعات التي تتبنى التعليم المنتظم.
وفي ظل ظهور الإنترنت الثانية، فإن من شأن هذه الجامعات المفتوحة أن تتيح للمزيد من الطلبة الانتظام بها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved