Friday 15th March,200210760العددالجمعة 1 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

آخر الأسبوعآخر الأسبوع
الوزارة بالأولوية
د. صنهات بدر العتيبي

يعتبر مفهوم الأولوية من أشد المفاهيم الإدارية غموضا ومن أكثرها تأثيرا على القرارات الإدارية فلو كان المدير المسؤول بصدد الخروج بسيارته لتوقيع عقد بمليون دولار، ولاحظ أن مؤشر الوقود يقترب من الرمق الأخير فإن الأولوية تكون للتوقف عند أقرب محطة وقود ويصبح عقد المليون دولار ذا أولوية متأخرة.
وكثيرا ما يضع المديرون أمورا هامة على الرف أو في أجواف الملفات لحين الانتهاء من أمور أخرى يعتقد المراقب أنها أقل أهمية وكثيرا ما يرمي المديرون بمعادلة «العائد/التكلفة» خلف ظهورهم ويميلون إلى توجه معين أو قرارات مختارة .. ويرجعون السبب إلى الأولوية المدهشة. لماذا يحدث هذا؟.
إنه قانون الأولوية العجيب وستكون الأمور مفهومة لو لم تتدخل الأولوية العاطفية أو الشخصية لتذمر جميع الأسس والنظريات التي تحكم العملية الإدارية، فالمدير الذي يعجبه اختيارا معينا «مجرد إعجاب» أو تدهشه فكرة ما أو تعشعش في عقله «لوثة عاطفية» نحو حل معين.. سيكافح لإعطاء أولوية كبرى لهذا التوجه أو القرار وسيحدث نفسه والآخرين بأن هذا الاختيار هو الحل وسيجد الجميع أن المنشأة تركض خلف أولوية القائد المسؤول وليس خلف الأولوية الاقتصادية كما يفترض أن تكون الأمور .. حتى لو حدث فشل «لا قدر الله» فإن التبريرات ستنهمر كالمطر وستأخذ ظروف البيئة والسوق والحظ والمنافسة الخارجية .. نصيبا وافرا من محاولات تفسير السقوط، أما اختيار القائد وأولوية المدير فستبقى في منأى عن النقد والاتهام.
ونلاحظ هنا أن وضع الأولوية هي في مجملها عملية تكتسي بالصفة الشخصية وتتأثر بقدرة القائد أو المدير على تقدير الأمور والحكم على الأشياء، وهنا بيت القصيد.. فمحاولة تقنين عملية ترتيب الأولويات أو إعطاؤها نظاما معينا ونفسا تنظيميا ثابتاً تكاد تكون مستحيلة وعليه يستحيل إخراج هذه العملية من طوفان «التحيزات الشخصية» .. بل إن هذه العملية ستكون بلا شك تحت وقع عوامل شخصية أو إنسانية مثل محدودية الوقت وقصور التفكير وتقلبات المزاج وحب النفس وكراهية النقد.. الخ والتي تصيب المدير المسؤول مثله مثل أي إنسان آخر.
أولويات الوزارات!!
ما هي الأولويات الأساسية للوزارات والمؤسسات الحكومية الموقرة؟ حوادث القطارات والمدارس وأزمات السيول والغش التجاري والمطاعم «السايبة» والشركات المساهمة التي تتصرف بالمساهمين كما الأيتام فأصبحت مضرب مثل في «تبديد رأس المال»!! والمستوصفات الأهلية التي أكلت الناس أحياء وأمواتاً والمستشفيات الحكومية المهترئة والطرق المتعرجة المليئة بالحفر والمسارات الضيقة حتى كأنها طرق إلى الثلاجات والمقابر وليست للسفر والتنقل.. وغيرها كثير يجعلنا فعلا نطرح هذا السؤال الملح؟! هل أولوية وزارة ما «..» إصدار كتيبات وكتب دعائية تكلف الملايين ودبلجة برامج علاقات عامة ومديح ومعلقات وتهاني بل وصل الأمر إلى «نصب» لوحات إعلانية دعائية لإنجازات الوزارة .. هل أولوية الوزارة إبداع طرق لجلب الرسوم وزيادة الغرامات و«بقرطة» المعاملات وتعظيم ما يسمى «الاستثمارات المساندة»!! نقول هل تكون الأولوية ل «تلميع» الوزير أو المسؤول واستثمار المرافق .. أم قضاء مصالح واحتياجات الناس بسرعة وكفاءة وحل المشاكل العالقة في طريق التنمية ؟! سؤال سيظل معلقا «في ملف علاقي» حتى إشعار آخر!!.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.comعناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved