Wednesday 27th March,200210772العددالاربعاء 13 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قمة بيروت 2002.. هل تأتي بجديد؟!قمة بيروت 2002.. هل تأتي بجديد؟!
القمة تواجه أزمة عملية السلام وتحديات ما بعد 11 سبتمبر
مبادرة سمو ولي العهد أفضل الحلول والخيارات المطروحة أمام القمة

  بعد أن نجحت قمة بيروت في تجاوز الخلافات حول انعقادها أصبحت على محك الأحداث، حيث تواجه قدرا كبيرا من التحديات والصعوبات والقضايا الشائكة وخصوصاً أنها أول قمة عربية بعد أحداث 11 سبتمبر بكل ما تركته من تداعيات على مستوى العالم، والعالم العربي بصفة خاصة، وتأتي في وقت تدخل فيه عملية السلام نفقاً مظلماً بعد التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة ضد الفلسطينيين، وزاد من أهمية هذه القمة ما كشف عنه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد من مبادرة لتسوية دائمة وشاملة وعادلة للصراع العربي الإسرائيلي.
وفي الوقت نفسه يواجه العرب صورة مشوهة بعد أحداث 11 سبتمبر، بالإضافة إلى اتهامات كثيرة تلاحقهم بإيواء الإرهاب وتدعيمه، وهناك تهديدات بأن الحرب على الإرهب ربما تطال دولا عربية، إلى جانب العديد من القضايا العربية التي تبحث عن حلول حتى لا تقف عائقا أمام نجاح القمة
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل ستأتي القمة العربية القادمة بجديد فيما يتعلق بهذه القضايا؟ ... وهل تحمل قراراتها ونتائجها حلولا مرضية للشارع العربي؟ التقرير التالي يبحث في تحديات ومطالب القمة القادمة:
عملية السلام
شواهد كثيرة تؤكد أن القمة القادمة مطالبة باتخاذ موقف عربي صلب وواضح يقوم على الدعم الكامل للشعب الفلسطيني والسلطة الرسمية باستخدام جميع الأوراق المتاحة في الضغط على القوى الدولية خاصة الولايات المتحدة من أجل تحريك عملية السلام والتخلي عن الانحياز لإسرائيل وشارون، ويعتبر هذا هو التحدي الأكبر أمام القادة العرب في ظل ما تشهده الأراضي المحتلة من تصعيد غير مسبوق من إسرائيل ضد الفلسطينيين خاصة بعد وقف المفاوضات وتصريح شارون الأخير بأنه في حالة حرب ضد الشعب والسلطة والقوى الفلسطينية.
وتأتي مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله ولي العهد كأفضل الحلول والخيارات المطروحة أمام القمة من أجل دفع عملية السلام بعدما لاقته من دعم وترحيب من جانب المجتمع الدولي والعربي وفي هذا الإطار مطلوب من القمة العربية بلورة اتفاق جماعي على هذه المبادرة وإيقاف المبادرات الأخرى التي قد تبدو متنافسة معها، والمرجح أن تتجاوز القمة هذا التنافس وتلتقي حول مبادرة سمو ولي العهد والتي تتفق مع الثوابت العربية والشرعية الدولية ولاسيما أن معظم الدول العربية قد أعلنت تأييدها ودعمها لمبادرة الأمير عبدالله.
أيضا تلقي مشاركة الرئيس عرفات بظلالها على القمة فحتى الآن لا توجد مؤشرات على فك حصاره والسماح له بحضور القمة بل إن الأمور تسير إلى تشديد هذا الحصار ولاسيما أن هذا الحصار قد يزداد إذا ما جرت عملية استشهادية جديدة قبل انعقاد القمة، وثمة محاولات عربية تجرى لضمان مشاركة عرفات في القمة لعل أهمها ما ذكرته بعض المصادر من أن سمو الأمير عبدالله أبلغ الإدارة الأمريكية أنه لن يطرح مبادرته السلمية أمام القمة في غياب عرفات وربما تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطا على إسرائيل لحثها على رفع الحصار على الرئيس عرفات والسماح له بحضور القمة والتنقل بحرية خلال الأسبوعين القادمين.
وسواء حسم قرار مشاركة عرفات أولم يحسم ستكون القضية الفلسطينية هي القضية رقم «1» المطروحة على جدول أعمال القمة، ولعل أقل ما يمكن تقديمه لهذه القضية هو الدعم المادي والمعنوي ودفع مخصصات كل الدول العربية في الصندوقين المخصصين لدعم الانتفاضة والقدس خاصة وأن دولا قليلة هي التي سددت مخصصاتها مثل السعودية ومصر والإمارات بينما لايزال هناك دول عربية لم تسدد مخصصاتها في هذين الصندوقين.
الإرهاب
في ظل الحرب المحمومة على الإرهاب والاتهامات التي أصبحت تلاحق بعض الدول العربية بإيواء أو تدعيم الإرهاب وإدراج بعض منظمات المقاومة على قائمة الإرهاب الأمريكية بالإضافة إلى تعرض صورة العرب إلى حملة شديدة من التشوية أصبحت القمة القادمة مطالبة باتخاذ قرارات فاعلة لمواجهة هذه التحديات ويتطلب ذلك بلورة موقف عربي موحد من قضية الإرهاب وإدانته خاصة وأنها القضية رقم واحد في أمريكا والغرب وأنها تطرح نفسها بقوة على أي مؤتمر دولي أو اقليمي في جميع أنحاء العالم، وقد يكون من المهم أن يكون هناك خطاب عربي قوي صادر عن القمة يدين الإرهاب بلغة قوية وحاسمة وتبني بنود الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وإذا تبنت القمة مثل هذا الطرح فربما تصغي لهم آذان الغرب مع هذه النغمة المختلفة واللهجة الجديدة، ولذلك يرى البعض أن تتوجه القمة لمنظمات المقاومة العربية في الأراضي المحتلة للتخلي عن العمليات ضد المدنيين. ويتطلب ذلك أيضا قرارات فاعلة بفتح قنوات اتصال جديدة مع مؤسسات الرأي العام في الغرب ودوائر صنع القرار به والتركيز على مخاطبة الرأي العام الأمريكي والإدارة الأمريكية لتحسين الصورة العربية هناك والخروج من المأزق الذي وضعتنا فيه تداعيات 11 سبتمبر ويستدعي هذا قرارا بإنشاء جهاز إعلامي متميز يتبع جامعة الدول العربية ويكون بعيدا من تدخل الحكومات العربية لمواجهة أي حملات دعائية ضد العرب.
العراق والخلافات البينية
يفرض العراق نفسه بقوة على جدول أعمال القمة العربية القادمة خاصة فيما يتعلق بالأزمة العراقية مع الأمم المتحدة والجدل حول عودة المفتشين الدوليين والتهديدات الأمريكية البريطانية بتوجيه ضربة إلى العراق إذا رفض عودة المفتشين، والقمة القادمة مطالبة في هذا الإطار على تأكيد الثوابت العربية برفض ضرب العراق من منطلق رفضها لفكرة تغيير الأنظمة بالقوة، ومخاطبة الولايات المتحدة والغرب بأن توجيه ضربة للعراق سيشعل المنطقة.
الأمر الآخر الذي يتوقع أن تتم مناقشته في القمة المقبلة هو تسوية الخلافات البينية العربية، فقد أصبحت هذه الخلافات تعترض القمة وتؤثر على مواقفها وأعمالها وتهدد قراراتها من منطلق أن مبدأ الإجماع هو الذي يشكل قاعدة اتخاذ هذه القرارات، لذلك فإن الأمل أن تكون قمة بيروت هي المحطة الأخيرة في مسلسل الخلافات العربية وعلى رأسها الحالة العراقية الكويتية التي نوقشت في قمة عمان السابقة وتلقي بظلالها على قمة بيروت القادمة.
وعلى هذا تقع على عاتق القمة مهمة الارتفاع بالعرب إلى مستوى المرحلة وتجاوز الخلافات وإعطاء الأولوية للمصلحة العربية العليا ومواجهة التحديات التي تواجهها ويقتضي هذا الضغط على العراق للالتزام بقرارات الشرعية الدولية والتوصل إلى حل يرضي الطرفين العراقي والكويتي لتجاوز الخلافات بينهما وتوحد الإرادة العربية من أجل رفع الحصار الاقتصادي المفروض على العراق.
التكامل الاقتصادي
يحتل الجانب الاقتصادي مكانا هاما على أجندة مؤتمر قمة بيروت في الوقت الذي يتطلع فيه الشارع العربي إلى قرارات اقتصادية مهمة تصدر عن القمة وإذا كانت الدول العربية قد استطاعت أن تعيش في الماضي دون تعاون اقتصادي حقيقي فإن ذلك أصبح أمرا صعباً في ظل المتغيرات العالمية الجديدة وأهمها الثورة التكنولوجية والعولمة والتكتلات الاقتصادية العملاقة والجات وما تمخضت عنه من إنشاء منظمة التجارة العالمية وتزايد نفوذ الشركات عابرة القارات.
والعالم العربي يمتلك الكثير من مؤهلات التكامل والنمو الاقتصادي الحقيقي، فهو يمتلك موارد بشرية وعدد سكان يصل إلى حوالي 280 مليون نسمة، وينتج حوالي 25% من الإنتاج العالمي للبترول و 60% من الاحتياطي العالمي، كما ينتج حوالي 11% من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي و 23% من الاحتياطي العالمي، ويوجد بالعالم العربي أكثر من 100 مليون فدان صالحة للزراعة وغير مستغلة بخلاف خامات المعادن ورؤوس أموال كثيرة بلغت الاستثمارات منها خارج الوطن العربي حوالي 800 مليار دولار، ويمتلك العرب العديد من المؤسسات منها جامعة الدول العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية ومنظمة العمل العربية والمنظمة العربية للعلوم الإدارية واتحادات لا حصر لها واتفاقات عديدة مثل اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي 1951 واتفاقية تسهيل التبادل التجاري 1953م.
وأمام كل هذه الامكانات التي تسهل حدوث التكامل العربي فإن قمة بيروت مطالبة بأن تكون نقطة انطلاق حقيقية نحو هذا التكامل والذي سيسهم بدورة في تدعيم قدرة العرب على مواجهة التحديات التي تفرضها عليهم المتغيرات الدولية الجديدة على الأقل بتنفيذ السوق العربية المشتركة.
خطاب الأمير
ورغم كل الصعوبات والتحديات التي قد تواجه أعمال القمة إلا أن هناك حقائق مضيئة تبعث على التفاؤل ولا يمكن تجاهلها حيث بدا واضحا أن الأنظمة والحكومات العربية قد أيقنت أنه لابد من تحرك جاد وفعال لإخراج القضايا لعربية من المأزق الذي وضعت فيه بعد تداعيات 11 سبتمبر.
ولقد كان خطاب سمو ولي العهد الأمير عبدالله أمام القمة الخليجية الأخيرة عن التغيير المطلوب في النفوس والعقول العربية وعن محاسبة الذات العربية لنفسها وضرورة مواجهة الأمة العربية لمسؤوليتها التاريخية وتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك وتحقيق الوحدة الاقتصادية وتوحيد كلمة العرب، كان هذا الخطاب تعبيراً صادقاً عما يريده الإنسان العربي ويتمناه من قياداته وحكامه، والمطلوب أن يترجم هذا الخطاب إلى مواقف وقرارات ايجابية تتخذها هذه القمة.
فهل تنجح القمة في ذلك؟.. هذا هو السؤال.

علي البلهاسي

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved