Saturday 6th April,200210782العددالسبت 23 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

بين برلسكوني رقم 1 وبرلسكوني رقم 2 بين برلسكوني رقم 1 وبرلسكوني رقم 2
عبدالرحمن بن عبدالله آل عبدالكريم

إن القتامة التي تعكر صفو كثير من دول العالم (وعالمنا العربي والإسلامي خاصة) تحمل في طياتها نذراً بمحاولة الدول المتفوقة تكنولوجياً وعسكرياً فرض هيمنتها على كثير من الدول الصغيرة وحتى التي كانت ولا تزال سائرة في فلك تلك المتفوقة وهذا لعمري نذير شؤم عليها قبل غيرها لأن تماديها في محاولة التحكم في توجيه مسار دين وثقافة غيرها يسبب خللاً ديمغرافياً ويثير كوامن قوى التصدي قياساً على المعيار السائد عبر مختلف الأزمان بأن كل فعل يحدث رد فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الاتجاه. خاصة إذا مس قواعد الدين الراسخة في النفوس مما يرجح آنذاك أن الله قد سلطها على نفسها بإيجاد مقاومة ثابتة الأسس. والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» وقد يسلط عليها قوى من داخلها تنخر في كيانها كما ينخر السوس في الخشب ولعل الحديث القدسي القائل: (إن الله ليمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) خير شاهد على صحة ذلك، والنقاط التالية تكفي للتنبيه عما يحدق بديننا ومقدساتنا وأمتنا خاصة من عداء وتسلط تفرزهما هيمنة الصهيونية العالمية التي تحاول السيطرة على العالم.
قبل عدة شهور تفوه (برلسكوني) رئيس وزراء إيطاليا بكلمات نابيات يصم بهن الحضارة الإسلامية مدعياً زوراً أن الحضارة الغربية تفوقها إلى آخر ما ذكر من حذلقة ارتدت عليه نتائجها بهجمات محلية وخارجية جعلته يتمنى لو كان حلقه حلق نعامة ليرتد فيه قوله ذاك قبل خروجه فدارت به الدنيا وتناولته الألسن والأقلام معلنة جهله أو تجاهله قدر الثقافة الإسلامية التي بنى الغرب أقوى وأفضل أسسه الثقافية على دعائمها وما ان أردك خوره حتى التصق في جدار حجره متلمساً مخرجاً يزيح عنه وعن بلاده ذلك الكابوس الذي جثم عليه فما وجد إلا أن يتحين فرصة مفتعلة يزور خلالها بعض الدول التي يعرف أن الاسلام رائدها وقائدها في المسار الصحيح ليغسل وهيهات ذلك الدرن الذي أبان خفيه بمحض إرادته.
ثم جاء برلسكوني الثاني الكاتب الأمريكي (ريتشارد دلوري) محرر مجلة ناشيونال ريفيو داعياً بحماقة وصلف صهيونيين ضرب مكة بقنبلة نووية في إطار مايسمى بحملة مكافحة الإرهاب ناسياً أو متناسياً أن ذلك هو الإرهاب بعينه.
فقامت الدنيا في وجهه ولم تقعد ولن تقعد وتناولته الأقلام والأفواه على فتحه ثغرة واسعة ولا يستطيع هو ولا من على شاكلته سدها لفداحة ما ينتج عنها من عقابيل لا قبل لهم كلهم بها لأن الله سبحانه وتعالى كفيل بحفظها وحفظ من قدسها. فالتصق هو الآخر في إحدى زوايا مجلته وصار يضرب إحدى يديه بالأخرى ألماً وحسرة لسوء نتائج زلته التي لعله لا ينجو منها وكتب اعتذاره لجميع المسلمين عن الخطأ غير المقصود كما يدعي الذي بدر منه قائلاً في اعتذاره المنشور في العدد رقم 8511 من صحيفة الشرق الأوسط الصادر في 4/1/1433ه «لم أقصد بالفعل الدعوة الى ضرب مكة المكرمة وأن المقال لم يكن سوى تخيل أدبي وأنه لا يمكن تحميله أكثر من ذلك» إلى آخر ماذكره من هذيان يراد به ذر الرماد في العيون فأي تخيل أدبي ذلك الذي قلته أيها المتطاول! أما ما ذكر عن إصابته أخيراً بالشلل فلعل هذا بعض عقابه في الدنيا وسيلقى في الآخرة ما هو أشد وأبقى. فهل يريد ذلك الكاتب المارق من العالم كله بله إسلامي أن ينتظر قدومه حاملاً قنبلته على كتفه حتى يصدقوا مقصده! فأي استخفاف بالعقول أكثر من هذا، إنها والله منتهى الحماقة والاستهانة بكل القيم الربانية والأرضية التي جعلته بالوخزات يصحو قليلاً ليتمنى أنه سكت. يذكرنا هذا الموضوع بالوقف الصلب الصريح من عبدالمطلب بن هاشم جد المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قدم أبرهة من اليمن ومعه فيل ضخم يريد به هدم الكعبة وخرج إليه عبدالمطلب ليسترد إبله التي استولى عليها قوم أبرهة فقال له: (أراك تراجعنا بشأن الإبل مع أننا قادمون لهدم كعبتكم! فما كان من عبدالمطلب إلا أن أجابه بهدوء الواثق قائلاً: (أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه)، فما أن اقتربت القافلة من مكة حتى أنزل الله في قلب ذلك الفيل الرعب فصار يقف إذا وجهوه إلى مكة ويهرول إذا أتجه الى اليمن ثم أرسل الله عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل وهي الصلبة الشديدة تشرخ رؤسهم فيموتون فوراً إلا من بادر بالهرب حتى جعلهم الله كالعصف المأكول وهو الزرع المحزوز قبل أوانه فيالها من عبرة وصار الناجون منهم يعدون سائلين عن دليلهم نفيل ليرشدهم إلى طريق النجاة فقال بيته المشهور:
وكل القوم تسأل عن نفيل
كأن علي للعبدان ديناً
أجل إن للبيت ربماً يحميه
ويذكرنا ما سبق بما تناقله الأخبار عبر الفضائيات عن طلب دول الغرب من بعض الدول الإسلامية تعديل مناهجها الدينية بحذف ما لايروق للصهاينة وأعوانهم وهذا إن صح منتهى العجب والصيام في رجب من عدة جوانب:
أ ان ذلك تدخل سافر في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة.
ب ان المناهج المنبثقة من كتاب الله العزيز الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تعد أسساً سماوية لا يجوز للبشر أياً كانوا تعديلها.
ج هذه الرسالة المحمدية التي هي خاتمة الرسالات ذات قواعد سماوية من تمسك بها نجا وأفلح ومن حاد عنها فذلك هو الخسران المبين.
د إننا نتساءل لو طلبت أي دولة إسلامية من تلك الدول الغربية أن تزيد أو تنقص من مناهجها ألا تثور ثائرتها لمحاولة غيرها التدخل في شؤونها الداخلية؟ فذلك صحيح ولكن العكس صحيح أيضاً.
و الدول الإسلامية بخير ما تمسكت بقيمها الصحيحة وأؤكد فأقول: الصحيحة المواكبة لمقتضى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفيا أمة الإسلام تمسكوا بقواعد دينكم واجعلوها عموداً فقرياً لمناهج تعليم ابنائكم وبناتكم ولا يضيرنكم ما يحاول الصهاينة وأعوانهم ترويجه أو فرضه عليكم وإياكم والتهاون في مس قواعد دينكم أو في تعليم الشباب والشابات القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه وثقوا بأن الله ناصر ومعين ومن ينصر دينه ويسعى لإعلاء كلمته بنية صادقة، و(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
أما ما يقال من أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر كانت من تدبير الموساد الصهيوني حابكاً بخبث جوانب خداع توحي بأن تلك الأحداث من خارج أمريكا فهو أي الموساد حري بتدبير إثارة القوى لإضعاف العالم الإسلامي والعربي ولكي يقضوا على ما تبقى من الفلسطينيين ومناصريهم حتى يوجدوا مبرراً لتحطيمهم كما يفعلون الآن دون مناصرة خارجية قوية.
ولن يتوانى الصهاينة عن تحطيم مركز التجارة العالمية أو البنتاجون أو غيرهما إذا كان ذلك يخدم أهدافهم التوسعية بشرط أن يكون كيدهم خفياً.
ألم يرد القول بتخلف آلاف الصهاينة عبدة المال عن الحضور إلى أعمالهم في المركزين يوم تحطيمها؟
ألم ينتشر القول عن بيع الصهاينة لا في أمريكا فقط بل وفي أوروبا أسهمهم في الشركات والبنوك قبل أيام قلائل من تلك الأحداث؟ هل يريدون أن تكون عقول الناس من الجمود بحيث لا تستطيع الفهم والمقارنة بين ماحدث وما تسرب من تصرفات صهيونية يدل ظاهرها على باطنها طبقاً لقول: يكفيك مما لاترى ما قد ترى إن من يقرأ برتوكولات خبثاء صهيون يدرك أن أحفادهم حريون بأكثر من ذلك وما مكائد عبدالله بن سبأ بإثارة الفتن بين المسلمين قبل حوالي ألف واربعمائة عام إلا مثال حي على مكائدهم الخبيثة لكل ما يمت إلى الإسلام والمسلمين بصلة فحسبنا الله ونعم الوكيل القائل (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved