Thursday 11th April,200210787العددالخميس 28 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المسلمون في الأدب العالمي المسلمون في الأدب العالمي
محمود قاسم

* الطاهر بن جولون
طفل الرمل ليلة القدر
الطاهر بن جولون هو أول كاتب عربي يفوز بأكبر جائزة أدبية في أوروبا عن روايته «ليلة القدر» عام 1987م، وهو روائي وشاعر وكاتب مقال. مولود في طنجة بالمملكة المغربية عام 1944م.
وقد كرس بن جولون كافة كتاباته للدفاع عن القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين، من خلال ابداعاته أو كتاباته المنتظمة في جريدة لوموند الفرنسية حيث يعمل في القسم الأدبي منذ استقراره هناك عام 1970م.
من بين روايات الكاتب هناك «ماتت أشجار اللوز متأثرة بجراحها» و«ندوب الشمس»، و«يوم من الصمت في طنجة»، و«الحب الأول هو دائماً الحب الأخير»، و«فندق الفقراء».
أما الرواية التي حصل الكاتب عنها على جائزة جونكور بعنوان «ليلة القدر» فهي في الحقيقة روايتان متكاملتان ، نشرهما على فترتين متقاربتين، عامي 1985 و1987، الأولى تحمل اسم «طفل الرمل»، وهي تدور حول رجل مسلم يعيش في قبيلة صغيرة، وهو مثل بقية أبناء القرية، وأيضاً مثل الرجل الشرقي بشكل عام، والمسلم بشكل خاص يميل الى انجاب الذكور، فالذكر هو حماية لأسرته، وهو امتداد للأب، لكن هذا الرجل المؤمن بقضاء الله يعاني أنه لم ينجب سوى البنات، ففي كل مرة تأتيه القابلة بالخبر «بنت».وهو يشكر الله على ما رزقه من بنات لكن أهل القبيلة يسمونه «أبو البنات»، وهو يشعر بالعار الدائم لبناته السبع، الى ان تحمل الزوجة للمرة الثامنة، ويقرر الرجل ان يكون الوليد القادم ولدا مهما كان، وعندما تلد الزوجة بنتا كالعادة، يتحدث الى القابلة، ويطلب منها أن تخبر الناس ان الوليد «ذكر»، ويتم تربية الأنثى على أنها ولد، اسمه احمد وتصرفاتها، وكافة ما يتعلق بها، انها ابن الرمل الذي لا يعرف متى يكون ذكراً، ومتى يصير انثى.
أما رواية «ليلة القدر» التي تعتبر الجزء المكمل للرواية السابقة فإنها تبدأ ليلة القدر المباركة، ففي هذه الليلة يودع الأب الحياة، ويستدعي ابنه، ويطلب منه رعاية الأسرة بكل ما لديه من شهامة ورجولة. لكن الشاب يتساءل: هل أنا رجل أم أنثى؟ فالتظاهر الخارجي بالرجولة لا يخفي الأنثى الراقدة في داخلها. وتشعر الفتاة بالحيرة، انها حبيسة اسمها، وجسدها، لقد مات الأب، وتزوجت اخواتها البنات، أما هي فوسط الريح. وتردد: أنظر الى نفسي كفتاة أخفاها أبي في ثياب ولد، لإحساسه بالخزي من هويتي كأنثى، انها ارادة الله، ولن اعترض على هذه الإرادة أبداً.
وبالفعل تقرر الفتاة ان ترحل عن القبيلة، ان تخلع ملابس الولد الخشنة التي طالما ضايقت جسدها، وتنطلق في الصحراء باحثة عن تجربة مختلفة، تجربة ان تكون على طبيعتها،، ان تكون فتاة. كما شاءت السماء. وهي تردد: «كنت أعرف أنني سوف أترك خلفي الحكايات المليئة بالغرابة»
* ف.س.نايبول
V.S.Naipaul
نايبول، انه الكاتب الذي حصل هذا العام على جائزة نوبل في الأدب.
اسمه الحقيقي فيديا سوراج برساد نايبول، ولد عام 1932 في جزيرة ترينداد التابعة لبحر الكاريبي، وهو ابن لأحد البراهمة النازحين من شمال الهند، وقد عاش في بلاده حتى عام 1950م وهاجر الى المملكة المتحدة ليستكمل دراسته الجامعية.
نشر العديد من الروايات. وكتب الرحلات منها: «عامل التدليك المتصوف»، عام 1957، و«شارع ميجيل» عام 1959م، و«منزل السيد بيسواس» عام 1961، و«المحاربون» عام 1975، و«في منعطف النهر» عام 1977، وهي الرواية الوحيدة المنشورة له باللغة العربية في سلسلة روايات الهلال، عام 1992. وله ايضا رواية منشورة في التسعينيات بعنوان «الهند، ألف ثائر وثائر». في الفترة بين اغسطس عام 1979 الى فبراير 1980، قام نايبول بجولة في بعض البلاد الإسلامية. هذه المرحلة التي استغرقت ستة اشهر كان هدفها الأول هو التعريف بالمسلمين الذين لا يتكلمون اللغة العربية في آسيا، وذلك عقب الثورة الإسلامية في إيران.وقد عاد نايبول من هذه الرحلة ليقدم كتابا حول انطباعاته، والجدير بالذكر ان الكاتب ظل يجتر الذكريات في كتبه التالية ومن اشهرها «ما بعد الإيمان» يقول الكاتب ان آيات الله قد استقبلوه في ايران كشخص غريب ليس منه أي خطر، اما الباكستانيون فقد استقبلوه كباكستاني.وهذا ليس كتابا تحليليا عن الإسلام ولكنه رحلة في بلاد إسلامية، يقوم بها رحالة يحكي مشاهداته عن الاماكن التي زارها والاشخاص الذين قابلهم وهو لا يرحل الى هذه البلاد في رحلة سياحية عادية، بل هي رحلة دينية، يتخذ له في كل بلد من هذه البلاد دليلاً يصور له الأشياء بمنظوره.
والروايات التي كتبها ليس بها حدة الانتقاد، لكنها محاولة لوصف البسطاء في هذا العالم. ففي روايته «في منعطف النهر» يرى نايبول ان افريقيا قارة تعج بالقلاقل السياسية، والاجتماعية، ف«سالم»، الراوية يعيش في جنوب افريقيا، من اصل هندي، وهو رجل متشائم، يسكن في الساحل الشرقي الافريقي منذ سنوات، ويقيم في نفس المنطقة اناس من جنسيات مختلفة مسلمين وهندوس وبرتغاليين.
وهناك يقابل احد عبيده القدامى الذي جاء يطلب الإيواء وان يعود الى حمايته، ولأن سالم ليس بالرجل الثري، لذا فإنه يقوم بتسليم عبده السابق الى صديق له يدعى فرديناند.
يرى نايبول ان الناس في هذه البلاد لا يتغيرون بسهولة، ولا يعرفون الثورة او التمرد، و«سالم» هذا ليس من اصل افريقي، ولا علاقة له بالقارة السوداء، انه مسلم يعشق الحضارة الغربية، وهو مزيج من عدة حضارات، يقول الراوية في الفصل التاسع من الرواية:
«بدأت ادرك في نفس الوقت ان احساسي بالهم سببه انني رجل منساق مع التيار، وبلا جذور. انه احساس زائف، ولم يكن حلمي بالنسبة لي بالوطن والأمان ليس اكثر من حلم للعزلة يتسم بالخطأ في التاريخ، والغباء، والضعف الزائد. انني انتمي الى نفسي فحسب ولن اسلم رجولتي لأحد.
وبالنسبة لو احد مثلي فإن هناك حضارة واحدة ومكانا واحدا مثل لندن او مكانا يشبهها، اي ان مكاناً آخر كان خداعا للعقل. الوطن من اجل ماذا؟ هل هو من اجل ان انحني أمام رجالنا العظماء ام للاختباء؟ وبالنسبة لاناس في مثل وضعنا، اناس اقتيدوا للعبودية، فإن هذه أكبر خدعة على الاطلاق، نحن لا نملك شيئاً، بل نعزي أنفسنا بمجرد الفكرة الخاصة بالرجال العظماء لقبيلتنا أمثال غاندي ونهرو، ولكننا نخفي انفسنا، أي نقول: خذ رجولتي واستثمرها لي، او خذ رجولتي واصبح رجلا عظيما من أجلي. لا، انني اريد ان اكون رجلا بنفسي».
هل هناك كلمات تلخص حياة كاتب، وفكره، وهمه العام أكثر مما جاء في هذه الفقرة؟
وقد اعترف الكاتب في الرواية بفضل العرب على تطوير شكل الحياة في وسط وشرق افريقيا. إلا أنه يقول ان المسلمين لن يظلوا هناك طويلاً لأنهم تركوا مكاسبهم للاستعمار الغربي.
* برناردشو المليونيرة
Bernard shaw
The millionnair
الكاتب البريطاني الساخر جورج برناردشو، هو واحد من أبرز كتاب العالم الذين تعاطفوا مع الإسلام، وذلك في العديد من مسرحياته، ورواياته، ومنها على سبيل المثال: «تلميذ الشيطان» و«جينيف» و«أندروكليز والأسد» و«المليونيرة»، بالاضافة الى ما كتبه من مقالات، ومقدمات طويلة لمسرحياته.
وفي هذا الصدد فإن الكاتب المصري المقيم في جينيف، محمود علي مراد، قد اعد رسالة دكتوراه تحت اسم «برناردشو والإسلام»، ذكر فيها ان الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1925 قد اتخذ دائماً مواقف مناصرة للمسلمين، خاصة في حركاتهم التحررية ضد الاستعمار البريطاني.
كما ان برناردشو قد وقف بشدة ضد سياسة بلاده في حادثة دنشواي عام 1906. اما مسرحية «المليونيرة» فقد كتبها عام 1935، أثناء المباحثات البريطانية المصرية، التي اسفرت عن المعاهدة المشهورة في العام التالي. وكان الهدف من كتابتها هو تصوير الصراع الأزلي بين ماديات الحضارة الغربية وبين روحانيات الشرق.بطل المسرحية هو طبيب مصري مقيم في بريطانيا وهو مؤمن بالعديد من القيم اهمها الايمان بالله، عز وجل، والرسول عليه الصلاة والسلام. وهو في ذلك يتبع تعاليم القرآن الكريم، والسنة المشرفة.
وفي نفس الوقت فإنه عالم متفتح على ما أنجزته الحضارة الغربية من تقدم علمي، وتطور في مختلف مجالات التقنيات، لكنه في نفس الوقت لا يقرب الخمر، ولا المحرمات المتمثلة في الاقتراب من النساء دون رابط شرعي.
لذا فإن الطبيب المصري يقاوم بشدة كافة الإغراءات التي تقدمها له امرأة جميلة، تملك الحسن والملايين، وتحاول ان تضمه الى عالمها.
وفي إطار من الحبكة المتقنة فإن المليونيرة تدبر الكثير من المقالب، لكن الطبيب منتبه تماماً الى ما تفعله، ولأنه طبيب فهي تأتي له في العيادة وتعرض عليه ما تتمتع به من أغراء لتضعفه، لكن الطبيب لا يمتثل، ويحاول هو بدوره ان يعرض عليها ما أتى به من الشرق، من روح طاهرة وتعاليم مقدسة، فيكشف لها ان الجسد الانساني ليس مشاعا للآخرين، وأن حماية جسد المرأة صيانة لها.
وأهم ما في المسرحية ان برناردشو البارع في السخرية، وكتابة الحوار، يبتعد تماماً عن المباشرة، فالطبيب لا يستخدم النصح المباشر، بل هو يبدو في تصرفاته، كما يقول الكاتب: «انسان ناصع البياض»، وتحس المرأة ان السعادة ليست في الملايين التي استخدمتها كسلاح اغراء، بقدر ما هي في التزام الإنسان بمجموعة من القيم.
لذا فهي تضع كل هذا جانبا، وتعلن ان لديها ثروة جديدة، من القيم الروحية، وهنا يتم الزواج بين الحبيبين، علما بأن مسألة زواج المسلم الشرقي من امرأة غربية امر نادر الحدوث في الكثير من كتابات الغرب عن الشرق.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved