Friday 12th April,200210788العددالجمعة 29 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الآثار التربوية لجائزة سمو الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم الآثار التربوية لجائزة سمو الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم
أ.د. سعد بن عبدالله البراك

إن تعليم القرآن واستظهاره مسلك تربوي يعد من أفضل المسالك التي ترسخ الإسلام وعقائده ومفاهيمه في نفوس قارئيه وحافظيه، ولعل اهتمام السلف الصالح بالقرآن من أسرار نبوغهم، فهو إلى جانب كون قراءته عبادة فإنه ذخيرة علمية ذات أثر في تقويم اللسان من اللحن، واستقامة الجوارح على الحق وصلاح القلب بالتقوى، فلا عجب أن يستثمر تعليم القرآن في إصلاح الفرد واستقامة سلوكه، فإنه ينمي العقل، ويزكي النفس، ويدفع إلى العمل الصالح، ولعلنا نلحظ ذلك في سلوك حملة القرآن الذين هم أهل الله وخاصته وما يكتب لهم من القبول والاحترام عند الناس.
وتأتي «المسابقة المحلية على جائزة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات» في إطار العناية المتتابعة التي توليها حكومتنا الرشيدة بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا وتعليماً وطباعة وتوزيعاً، فقد عقدت الدولة أعزها الله العهد على نفسها منذ تأسيسها أن تقوم بخدمة كتاب الله تعالى وتعليمه للناس وتيسير أسباب إتقان تلاوته، وفي سياق الإشارة إلى الآثار التربوية لجائزة صاحب السمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم وتجويده المحلية، التي تأتي في نسق مجموعة من الجوائز ترصدها قيادة هذا البلد للتشجيع على الإقبال على كتاب الله تلاوة وحفظا وعملاً، فكلنا يعلم أن القيادة رصدت أربع جوائز لحفظ القرآن الكريم:
الأولى: جائزة خادم الحرمين الشريفين الدولية التي تعقد مسابقتها كل عام بجوار الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، ويتنافس عليها حفظة القرآن من أبناء دول العالم الإسلامي.
والثانية: جائزة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم التي تعقد مسابقتها ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية الثقافي.
والثالثة: جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للعسكريين في دول العالم الإسلامي التي بدأ نشاطها في العام الماضي، وهي جائزة رائدة في فكرتها واهتمامها بهذا القطاع الهام.
والرابعة: جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم وتجويده المحلية التي نحن بصدد التنويه بأهميتها والإشارة إلى أبعادها وآثارها التربوية.
وإذا كانت هذه الجائزة قد حملت اسم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان فإن في ذلك اعترافا بالجهود المتواصلة التي بذلها سموه ولا يزال، في دعم العمل الخيري في منطقة الرياض، فقد أحب عمل الخير، وحرص على دعم الجمعيات الخيرية التي امتازت بتنوعها فشملت النواحي الاجتماعية والصحية والتعليمية، ومن تلك الجمعيات التي دعمها سموه، ووقف معها منذ تأسيسها ونشأتها، ولا يزال يتابع نشاطها بعناية كريمة، ولها صلة باختصاص الجائزة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض التي يشرف عليها فضيلة الشيخ عبدالرحمن آل فريان، وهي من أقدم الجمعيات الخيرية في المملكة، وحلقاتها منتشرة في مساجد هذه المنطقة العزيزة على نفوسنا، وتعد أماً لكثير من الجمعيات لحفظ القرآن الكريم التي تولدت عنها في مناطق مختلفة من المملكة.
قد لا آتي بجديد حينما أقول إن اهتمام قادة بلادنا المملكة العربية السعودية ناتج عن ارتباطهم الوثيق بكتاب الله تعالى؛ هذا الارتباط الذي يعد حقيقة من الحقائق الماثلة للعيان في الأفعال قبل الأقوال لا يحتاج إلى دليل أو برهان، فالدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى تقوم أركانها على هذا الكتاب، فهو دستورها، ومصدر أنظمتها، ومرجعها في كل أمورها، وهي إلى جانب ذلك تستشعر أهمية العناية بالقرآن الكريم وتعليمه في تربية أفراد المجتمع على الخير والاستقامة والتقوى لأنها الهدف الأسمى والمقصد المنشود الذي ترمي إليه، وتسعى إلى تحقيقه من هذه العناية المتواصلة ومن هذا التشجيع المتتابع.
وفي إطار هذه العناية تأتي المسابقة المحلية على جائزة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم للبنين والبنات التي تنظمها مشكورة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد هذه الأيام، والتي لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها احتفال عابر، وإنما هي احتفال يسمو بشرف القرآن ومكانته في قلوبنا، ويعظم بنبل أهدافه ومراميه، ذلك أن هذه المسابقة التي يتنافس فيها أبناؤنا وبناتنا على حفظ كتاب الله هي من أعظم المسابقات فائدة لأبنائنا وأثراً في نفوسهم من النواحي التالية:
الأولى: ما تنطوي عليه من تشجيع الناشئة على حفظ كتاب الله تعالى، ذلك أن النفس الإنسانية مطبوعة على حب الخير واستحسان التقدير والوعد بالثواب، وهي تزداد عطاء وتوقدا وحيوية بالتشجيع؛ لذا فإن جائزة سمو الأمير سلمان تحتوي على هذا المعنى وتستهدفه، وتقصد استنهاض همم أبنائنا وبناتنا وعزائمهم نحو حفظ القرآن الكريم وتدارسه، فكم سيكون لهذه الجائزة من أثر في تشجيعهم على الإقبال على كتاب الله وتدبره، ودفعهم إلى التنافس في إتقانه وضبطه.
الثانية: ما فيها من رعاية للمتفوقين من أبنائنا وبناتنا الذين أكرمهم الله بحفظ كتابه، وهو خير ما يعمر قلوبهم بالتقوى ويسقيها بالإيمان النقي ويربطها بالله تعالى.
الثالثة: ما تشتمل عليه من معنى استثمار مرحلة الصغر والتنشئة التي يكون الإنسان فيها عادة أسرع حفظاً للقرآن وأتقن لمخارج حروفه وأشد علوقا بعقله وأرسخ في ذهنه وأثبت لفهمه، ولا ريب أن ذلك لا يتحقق لمن كان في مثل هذه السن إلا إذا توافرت لديه همة عالية وأحاطته رعاية مشجعة.
إن هذه الجائزة ومثيلاتها تستحق منا ونحن نحتفل بها أن نستجلي آثارها التربوية، هذه الآثار التي يمكن إدراكها إذا ما استحضرنا أمرين: عناية الدولة بالقرآن الكريم في الوقت الحاضر، واستذكار الماضي القريب قبل عقود قليلة، ويمكن تلخيص هذه الآثار فيما يلي:
إن لهذه الجائزة ومثيلاتها أثرا قويا وفعالا في تشجيع الناشئة على الإقبال على كتاب الله، وإتقان تلاوته وحفظه.
إن التشجيع الذي أحيط به هؤلاء القراء المتفوقون كان بمثابة الطاقة التي دفعتهم على الإقبال على كتاب الله وتدارسه آناء الليل وأطراف النهار حتى أتقنوه ونبغوا في ضبطه، فالنفوس تزداد توقدا ونشاطا بالتشجيع والتقدير.
إن من ثمار التشجيع والتحفيز اليانعة على ضبط تلاوة كتاب الله تعالى وحفظه التحسن الكبير والمستوى الرفيع الذي آلت إليه تلاوة أئمة المساجد في جميع مساجد مدننا وقرانا على طول بلادنا وعرضها للقرآن في الوقت الحاضر.
وأن لهذه العناية أثرا في عمارة المساجد التي أقبل عليها أبناؤنا غدوا ورواحا، يختلفون على حلقات القرآن المنتشرة في مساجد مدننا وقراها وهجرها، يتلون فيها كتاب الله ويحفظونه ويتدبرون معانيه.
إننا إذا ما عقدنا هذه المقارنة فسوف ندرك جلياً آثار هذه الجائزة ونبلها وعظمها على أبنائنا وبناتنا، ونعلم أن الجهود المبذولة من قبل الدولة في بلادنا في تعليم القرآن وحفظه قد أثمرت ولله الحمد، وحققت نتائج نافعة وملموسة.

* وكيل جامعة الملك فيصل للدراسات العليا والبحث العلمي

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved