Sunday 14th April,200210790العددالأحد 1 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

عمل المانع في المآخذ ما عليه من مآخذ! عمل المانع في المآخذ ما عليه من مآخذ!
د. السيد إبراهيم
الحلقة الرابعة

يكمل في هذه الحلقة الدكتور السيد إبراهيم مراجعته لتحقيق الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع لكتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي لأبي العباس أحمد بن علي بن معقل الأزدي.
ص29 س10: للبرُد، بضم الراء. أما تسكينها في البيت فضرورة.
ص30 س1: البُرد.
ص32س15: صُلْب، بالضم.
ص34س1:مُقام، بضم الميم.
س11:دماءهم، بالنصب على المفعولية.
ص49س1: من أسفل: بها، مكان بهما.
ص58س7: لقُوه، بضم القاف.
ص66س3: يُتَّقى، بالبناء للمجهول وحذف إحدى التاءين، بدل يَتْقي.
ج3ص36س1: يعاد ترتيب الشعر فيجعل كل شطر مستقلا عن الآخر؛ إذ هما شطران، كل منهما صدر بيت، وإنما جيء بهما للاستشهاد على ما ذكر قبل.
ج4ص290س9: حط بركه، مكان حك بركه «على الأرجح».
ص413س4: من أسفل: إسحاق الخريمي «في خانة القائل».
ص417س3: أبو حبيش الفزاري كما ذُكِر في التعليق على البيت.
ص422 س11 ،19، 20:
توضع القوافي الثلاثة معاً لأنها من قصيدة واحدة «وهذا لا يتنافى مع الترتيب الأبجدي الذي جرت عليه الفهرسة».
ص446س3، 6: من أسفل: توضع القافيتان معاً.
وقد لجأ المانع إلى أن يحشر في المتن كلمة «أقول» من عنده ليميز بها كلام المؤلف مما يسبقه من كلام الشراح الذين يورد أقوالهم، على تحرج المانع أن يضيف إلى المتن ما يُظن أنه سقط منه مما هو موجود في النسخ الأخرى أو المصادر التي نقلت النص إلخ.
وأقول: هذا غير جائز، فيمكن لو شئت أن تستعيض عن ذلك بأن تشير في الهامش بما يدل على ما تريد التنبيه إليه، ولا ترغم المؤلف على شيء لم يرده، بدليل أنه هو نفسه كتب هذه الكلمة في بعض المواضع، ثم عاد فشطب عليها «ج1 هامش 75» لشعوره بأنها أقرب إلى الحشو. فهذا الإثبات للكلمة إذاً أو حذفها هم من همومه.
كذلك وقع المانع في تكرير تخريجات البيت الشعري، في الجزء الواحد من أجزاء الكتاب، كما في ج1ص275 في قول الراجز:
في ساعة يحبها الطعام
فقد جاء ذكر البيت نفسه في ج1ص180.ويلاحظ أنه أعاد ذكر شيء من مراجعه، وأضاف مرجعاً آخر، ولم نعرف سبباً لتخليه عن جمع تخريجاته في موضع واحد.
وقد فعل المانع الشيء نفسه في الأجزاء المتفرقة من الكتاب، فكان يعيد سرد تخريج الشاهد الشعري ومصادره المختلفة على تفاوت بينها أحيانا في كل موضع، وتكرر ذلك عنده كثيرا، ولكن كان له غرض من ذلك أشار إليه في أول الكتاب بقوله: لكي أوفر على الباحث الجهد والوقت، ونقول له هذا قد يكون في الأجزاء المختلفة، أما في الجزء الواحد فلا معنى له، ثم إن تعليل التفاوت الواقع بين التخريجات في المواضع المختلفة للبيت الواحد بالقول إن التحقيق تم على فترات زمنية متباعدة، لس عذرا؛ إذ كان يجب التنسيق العام لكل الكتاب عند الانتهاء من التحقيق، خصوصا والفهارس تعين على تحديد المواضع، إن خذلت الذاكرة!
والذي يلاحَظ على عمل المانع عموما، أنه لم يشأ أن يقحم نفسه على المسائل أو المناقشات العلمية الدائرة في الكتاب، وقد كان يجب وهو القارئ الأول له، بل والقارئ المزمن الذي صاحب كتابه عددا من السنين المتضلع به، أن نراه يفصل في بعض المسائل أو يراجع مؤلفه أو غيره من أصحاب الآراء في الكتاب أو يستدرك عليهم أو يضيف إلى كلامهم أو ما إلى ذلك. ولكنه أراد، إذ يجري على الطريقة المتبعة لدى المحققين، اليوم ومنذ أزمان، المتأثرة بطرائق المستشرقين أن يكون بعيدا عن مسائل النص وخوض غمارها. فوجه جهده كله، وهو جهد طويل وشاق، إلى أمور التخريج وما أشبه، وسكت عن سوى ذلك.
وأنتهز هذه المناسبة لأدعو الباحثين والمحققين إلى التوقف لمراجعة هذه المسألة حتى لا نظل نحن المحققين والباحثين مدفوعين بقوة دفع ذاتي إلى اتباع ما وجدناه ونقول هذا ما ألفينا عليه آباءنا، وآباؤنا هنا المستشرقون الذين لم تكن لهم جرأة على الخوض في غور النصوص العربية، وهذا أمر طبيعي: ليست هذه ثقافتهم ولا هي بيئاتهم، ثم جاء بعدهم من آبائنا جيل من الأساتذة العرب الكبار اقتدوا بهم إعجابا بطريقتهم التي نسبت إلى الدقة والموضوعية العلمية وما إلى ذلك إن حقا وإن باطلا، فكانت النتيجة حواشي طويلة كلها إحالات تسجل الاختلافات ولا تفصل فيها، وتصف الحال الواقعة ولا تحسمها، وكأن ذلك كله صار غرضا في ذاته، فوقع الناس في عشقه والغرام به ونسي النص نفسه، ولطول ما اعتدنا ذلك صرنا نراه الأمر الطبيعي وأنه الحق وغيره الباطل! وكانت النتيجة أن انعكس ذلك على حياتنا العلمية، فصرنا نهتم بالمظهر الخارجي للصندوق ولا نعنى ببث محتوياته والنظر فيها، وهي التي من أجلها جلبنا الصندوق، ونهتم بزخارف الجراب ولا نُفرغ ما فيه ونبثه للآكلين، ولكن حسن الجراب وزينته لا يسدان جوع الآكلين، نريد أن نعود إلى عملنا الأول، فنجتهد ونخطئ ونتداول المسائل العلمية الصادقة فنصيب ولا نصيب، ولنا في كل ذلك أجر.
لقد كنت أود لو توقف الصديق العزيز أخي عبدالعزيز مثلاً عند بعض استدراكات ابن معقل على المصنفين التي تهيب بحَكَمٍ بينه وبينهم، كاستدراكه على ابن جني مثلا والواحدي في شرحهما بيت المتنبي:


تشبيهُ جودِكَ بالأمطار غاديةً
جودٌ لكفك ثانٍ ناله المطرُ

بكلام لا يزيد عن كلامهما شيئا:
«قال «يعني ابن جني»:أي: قد أفرطت كفك في الجود، حتى جادت على امطر بأنه شُبِّه بها. وقال الواحدي: أي: إذا شبهنا جودك بالأمطار التي تأتي بالغدوات، وهي أغزرها، كان ذلك جودا ثانيا لكفك، لأن المطر يسر ويفتخر أن يشبه بجودك. وأقول: المعنى أنك إذا جدت على إنسان بجود استكثره فشبه لكثرته بالمطر. وتشبيهه بالمطر بعد جوده على الطالب جود ثان على المطر بأن شبه به وهو أغزر منه. ومن عادة الأقل أن يشبه بالأكثر ولا ينعكس، فلما شُبِّه الأكثر بالأقل كان ذلك بمنزلة الجود عليه».
هذا على دقة العبارة عند ابن جني والواحدي ووجازتها، وجميع ما ذكره مفهوم من كلامهما،وهذا طبعا مثال واحد من أمثلة كثيرة، ربما كان بعضها أقوى من هذا المثال.
أو حين رد ابن معقل قول أبي العلاء بأن توحيد السبيب ضرورة في بيت المتنبي:


أتاهم بأوسعَ من أرضهم
طوال السّبيب قصار العسبْ

فقال، أعني ابن معقل:
«ليس إقامة الواحد مقام الجمع ضرورة، ولكن توسعا، وقد جاء ذلك كثيراً على غير وجه الضرورة، كقوله:


كلوا في بعض بطنكم تعفوا
فإن زمانكم زمن خميص

وكذلك يقال في إقامة الجمع مقام الواحد...»
أقول: كان يلزم هنا الرجوع إلى ما زكره العلماء في هذه المسألة، فقد نص سيبويه على أن ذلك ضرورة، وذهب الفراء وكذلك ابن جني إلى أنه جائز في الكلام «راجع خزانة الأدب للبغدادي» ثم إن التفرقة بين الضرورة والتوسع إلخ، يلزم فيه ألا نتجاهل كلام الباحثين في هذا الشأن ومنهم الفقير إلى الله الذي تقصى المسألة وتتبع مسيرتها في التفكير النحوي، وحرر وجه القول فيها، وأدلى في ذلك بدلو. ولا بد من اتخاذ الباحث أو المحقق موقفا حين يواجه هذا الأمور: لا غنى في هذا الموضع وأشباهه عن التدخل والاقتحام.
وأرجو ألا يكون الدكتور المانع ممن يرى أن منزلة علمائنا الأقدمين والتأدب معهم يوجبان علينا ألا نتخذ في آرائهم رأيا، وألا ندلي معهم بدلو، أو ربما رأى أن مكان ذلك ليس الكتاب المحقق، لكن البحوث والدراسات المفردة، وهنا أختلف مع هذا الرأي الذي أعلم أنه رأي كثير من المحققين؛ لأن تحقيق المسألة العلمية وتحرير القول فيها هو على التحقيق جزء أصيل من إخراج الأعمال التراثية.
وهجوم ابن معقل على ابن جني في بعض المواضع، جعل صديقنا المانع لورعه ودماثة خلقه يصرخ عليه: مكانك، لقد تجاوزت حدود الأدب، لم يرض المانع من رفيق صحبته العلمية أن يخاطب ابن جني بقوله مثلاً:
«ما كان أغناك عن التعرض لشرح معاني الشعر،
وأنت فيها بهذه المنزلة، وما أحوج هذا الديوان
إلى غيرك، ولو كان تصرفك في المال، كتصرفك
في المعاني، لكان ينبغي أن يُحجر فيه عليك، ويؤخذ
به على يديك»!!!
وعلامات الاستغراب الثلاثة ليست من عندي، وإنما هي من رفيق ابن معقل الذي رأى «أن في هذا الأسلوب خروجا على أبسط قواعد الأدب، خاصة وأن المؤلف قد وعدنا في مقدمته ألا يستخدم هذه اللغة مع هؤلاء العلماء».
وأقول: إن ابن معقل لم يحركه سوء الأدب إلى هذا القول، كما حركته نشوته بالظفر بالمعاني والرغبة في أن يكون قارئ المتنبي أبعد غوراً وأثقب فهماً. وهؤلاء العلماء لم يكن ما يشجعهم على العمل العلمي غير ما رزقهم الله من هذه الرغبة وتلك النشوة، ولوكان ابن جني حياً لتسامح مع هذا الخطاب، ذلك أن هناك مواضع أخرى تشي بتقدير ابن معقل له، كما أقر الدكتور المانع فيما بعد، فلعله يغفر لصاحبه ما فرط منه في ساعة لا يغلب الحلم فيها الظافرين على أنفسهم.
وبعد، فالكتاب نصا وتحقيقا جدير بمكانته من المكتبة العربية عامة ومكتبة المتنبي خاصة وفيه جهد ومشقة يشهدان لمحققه أنه كان يضعه من أوقاته في المرتبة الأولى، وأقول: هو جدير بأن يثاب صاحبه عليه فتحا قريبا أنتظره له بعون الله تعالى وفضله والله يوفقنا ويوفقه إلى صالح الأعمال وأنفعها للدنيا والآخرة، فهو السميع المجيب.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved