Monday 15th April,200210791العددالأثنين 2 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وسط تأييد عربي كبير للعمليات الاستشهادية .. باول : وسط تأييد عربي كبير للعمليات الاستشهادية .. باول :
العالم العربي تغيَّر بشكل جذري بعد الأحداث الأخيرة

* القاهرة واشنطن خدمة الجزيرة الصحفية:
مع استمرار الضغوط التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي كولن باول على الزعماء العرب للمساعدة على ايقاف الهجمات الفدائية التي يشنها الفلسطينيون على الاسرائيليين، ظهر في العالم العربي تيار شعبي واسع ضد الجهود الأميركية.
وشهدت منطقة الشرق الأوسط تغيرات كبيرة منذ زيارته السابقة لها في شهر فبراير(شباط) 2001، وذلك عندما قام باول بأول رحلة له بعد تسلّم منصبه الجديد كوزير طموح للشؤون الخارجية.
كان بامكانه الحصول آنذاك على ابتسامات دافئة وعروض سخية بالدعم والمساندةمن البلدان العربية المعتدلة ولكن اكتشف كولن باول بعد زيارتيه القصيرتين للمغرب ومصر أن الرأي العام العربي قد تغيَّر بشكل جذري، مما اضطره الى اجراء بعض التعديلات على موقفه الرسمي تجاه الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية.
ففي المغرب، وصف باول مهمته بأنها تهدف الى إقناع الزعماء العرب المعتدلين بإدانة العمليات الفدائية والنشاطات الاخرى التي يقوم بها الناشطون الفلسطينيون ضد الاسرائيليين، لكن أذهل العاهل المغربي الملك محمد السادس باول وبعض الدبلوماسيين حينما سأله: «الا تعتقد أنه كان من الأهم الذهاب أولا الى القدس؟»
وشملت رحلة باول خمس محطات قبل وصوله الى اسرائيل في نهاية هذا الاسبوع، وذلك لاجراء محادثات مع بعض الزعماء العرب والأوروبيين.
ففي مصر كان استقبال وزير الخارجية الأميركي، فاترا نوعا ما، فقد قام المتظاهرون في جامعة الأزهر بإحراق العلمين الإسرائيلي والأميركي. ورددوا عاليا: «احرقوا، احرقوا العلم الأميركي».
وبعد خروجه من الاجتماع الذي جمعه بالرئيس المصري، حسني مبارك، قال باول انه سيلتقي الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات على الرغم من ان الولايات المتحدة كانت مترددة في اجراء اللقاء وأضاف الوزير الأميركي في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب الاجتماع مع الرئيس حسني مبارك: «لقد حان الوقت لأن ندرك جميعا ضرورة انتهاء الهجمات الفلسطينية. انا سوف أطلب من جميع القادة في الدول العربية والقيادة الفلسطينية أن يقولوا لشعوبهم ان الوقت قد حان لايقاف مثل هذه الأعمال ».
في نفس الوقت كانت هناك موجة من الغضب العارم تجتاح العالم العربي للطريقة التي يتم التعامل فيها مع القادة الفلسطينيين.
أما في اسرائيل فقد قامت الدبابات الاسرائيلية بالانسحاب جزئيا من بعض مناطق الضقة الغربية على الرغم من طلب الولايات المتحدة من اسرائيل القيام بانسحاب كامل من جميع المدن التي اجتاحتها وقد صرحت بعض المصادر الفلسطينية بأن الانسحابات الاخيرة تمت بسبب عمليات القتال البطولية التي قام بها الفلسطينيون في الايام الاخيرة.
وقد صرح ناطق عسكري انه تم قتل ثلاثة عشر اسرائيلياً وجرح تسعة آخرون، اضافة الى استشهاد أكثر من مئة فلسطيني في المعارك التي دارت في مخيم جنين الاسبوع الماضي.
وتقول هالة مصطفى، المحللة السياسية في صحيفة «الأهرام»: «ان المنطقة بأسرها أصبحت الآن فدائية أكثر من السابق، وتتابع هالة قولها: «ان أحد الشعارات التي رفعها المتظاهرون المصريون تقول «اسرائيل عدوالله»، وهو شعار تبنته الجماعات الجزائرية التي أغرقت البلاد في حرب أهلية دموية، ولعدم وجود جيش عربي حقيقي فان المتظاهرين من الشباب العربي يشعرون بأنه لاتوجد لديهم طريقة أخرى سوى المقاومة خلال المجموعات الفدائية.
ففي سوريا مثلا يدعم الشعب السوري حزب الله وفي فلسطين يدعمون المنظمات الاسلامية مثل حماس والجهاد الاسلامي، حتى ان النساء والفتيات العربيات أصبحن الآن فدائيات وأصبحت وفاء ادريس (المرأة الفلسطينية الاولى التي قامت بعملية ضد اسرائيل) بالنسبة لهم بطلة جديدة.
وعلى الرغم من ان بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق لم تقم باخفاء موقفها الداعم للعمليات الاستشهادية، الا انه الآن أصبح قادة الدول العربية المعتدلة يؤيدون ايضا وبطريقة غير مباشرة هذه العمليات والتي تسميها الولايات المتحدة«ارهاب». وينظر الى تلك الهجمات على انها تهدف الى انسحاب القوات الاسرائيلية.
لقد دعت الحكومة المصرية كبار علماء الدين والشيوخ لديها الى تفسير الموقف الجديد من العمليات الاستشهادية، مع استمرار عدم تغير موقفها الرسمي تجاه هذه الهجمات وقد صرح الناطق الرئاسي الرسمي نبيل عثمان قائلا:«ان موقفنا الرسمي تجاه هذه الهجمات لم يتغير وان تعريض المدنيين من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني هو بالتأكيد عمل خاطىء، ولكن علينا النظر الى جذور وأسباب هذه الهجمات فلو لم يكن هناك احتلال لما تحدثنا عن العمليات الفدائية».
وبدأ الشيخ محمد عاشور وكيل الازهر حديثه بتعريف الجهاد في مقابل ما يصفه ب(الارهاب).
ويوضح «ان الارهاب هو عندما تقوم بتهديد الناس الذين يعيشون في امان، وتستغل حقوق الآخرين». وأضاف الشيخ عاشور الذي كان يجلس في مكتبه الواسع في الازهر:«ان الجهاد هو ان تقاوم هؤلاء الذين يحتلون الاراضي الاسلامية، وقد ذكرالرسول عليه الصلاة والسلام ان الذين يقتلون دفاعا عن ارضهم او مالهم او شرفهم انما هم شهداء عند الله».
وأصر الشيخ عاشور على ان اسرائيل هي التي انتهكت كل القيم الاسلامية والمسيحية، وبرر التأييد الجديد للمؤسسة الدينية المصرية للهجمات الاستشهادية، التي يشير اليها بأنها «تضحية بالذات» كوسيلة من اجل تحقيق هدف. وفي الوقت ذاته وصف الشيخ احمد الطيب مفتي الجمهورية المصرية هؤلاء الذين ينفذون عمليات انتحارية بأنهم «شهداء في أعلى درجات الشهادة». ويذكر ان ملاحظات المفتي هذه بالاضافة الى عدد آخر من البيانات التي أدلى بها شيخ الازهر تشير الى الموقف الديني الحكومي الجديد المعتدل الذي بدأ بالتبلور داخل مصر، التي ادانت من قبل العمليات الانتحارية على المدنيين. وفي مقابلة صحفية مع «كريستيان ساينس مونيتور» دافع المفتي احمد الطيب الذي عينه الرئيس مبارك في منصبه الجديد مؤخرا عن الانتحاريين الفلسطينيين ووصف اعمالهم بأنها بطولية تعبر عن مبدأ الجهاد في الاسلام.
وقال المفتي ان من حق الشعب الفلسطيني مهاجمة المدنيين، مشيرا الى ان كل الاسرائيليين النساء والرجال والاطفال يعتبرون جزءا من «قوة الاحتلال».
وشرح المفتي ان الهجمات الفلسطينية تشكِّل اطارا للاستراتيجية الدفاعية الشاملة. وأضاف قائلا :«ان العالم الاسلامي يؤيد مثل هذه العمليات، وأعتبر أن للفلسطينيين خطة ورؤية للدفاع عن انفسهم، ونحن نؤمن بهذه الخطة». وكان يحيط بالشيخ الطيب مجموعة من كبار المستشارين وهو يتحدث. وقال :«ان المؤمنين يستشهدون لاجبارالمحتلين الصهاينة على اعادة النظر في خططهم».
وقد حذَّر عدد من المحللين السياسيين في مصر من ان موقف المفتي الجديد يمكن ان يثير مشاعر الشباب في البلاد.
وفي سؤال عما اذا كان يعتبر الهجمات الانتحارية ضد الاسرائيليين مشابهة بأي شكل من الاشكال للهجمات الانتحارية ضد مركز التجارة العالمي والبنتاغون التي حصلت في الحادي عشر من سبتمبر الماضي، اصر المفتي على ان الهجمات ضد الولايات المتحدة استغلت من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون كحجة لاجتياح الضفة الغربية فيما يصفه بالحرب ضد الارهاب. ووصف المفتي الهجمات الاستشهادية الفلسطينية ضد الاهداف الاسرائيلية بأنها الوسيلة الاخيرة للدفاع عن شعب أعزل ومهان.
وسأل قائلا: اذا غزا الالمان لندن، ألن يؤيد الشعب البريطاني مبدأ التضحية بالذات؟ ولكنه قلل من احتمالية حدوث مثل هذه الهجمات خارج اسرائيل قائلا:«لايمكن حدوث مثل هذه الهجمات داخل البلاد العربية لأنه لا توجد حرب بين الشعوب العربية وحكامها».

كريستيان ساينس مونيتور -خاص

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved