Thursday 18th April,200210794العددالخميس 5 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المسلمون في الأدب العالمي المسلمون في الأدب العالمي
كلير اتشريللي اليز أو الحياة الحقيقية
Claire Etcherlli - Elise ou la vraie vie
محمود قاسم

كلير اتشريللي روائية فرنسية معاصرة، مولودة عام 1934، وهي كاتبة مناضلة صاحبة موقف ورأي لمناصرة حركات التحرر في العالم.
والكاتبة عانت الكثير في حياتها الخاصة، لكن من المهم الاشارة إلى أن أباها كان مناضلا ضد الاحتلال النازي لفرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد نشرت كلير اتشريللي ثلاث روايات هي«اليز أو الحياة الحقيقية» عام 1967. وحكاية كليمانص«عام 1973، ثم «شجرة مسافرة»عام 1978.
وروايتها الاولى التي نتحدث عنها الآن حصلت على جائزة الأدب النسائي في نفس عام صدورها. وهي أقرب الى تجربة ذاتية مرت بها حين كانت تعمل موظفة صغيرة بإحدى شركات السيارات، وتعرفت على شاب جزائري من المناضلين ضد الاحتلال الفرنسي لبلاده،
هذا الشاب العربي المسلم اسمه في الرواية«أرزقي» وهي تلتقي به في المصنع، الذي تعمل فيه مع أخيها لوسيان تعيش اليز، بطلة الرواية في باريس، وهي مدينة تستهلك الكثير من الجهد والنقود، لذا عليها أن تعمل، وفي المصنع تلتقي بشاب جزائري في الثلاثين من العمر، ومن خلال تعاطفها مع قضية بلاده وسلوكه، يرتبطان ارتباطا عاطفيا قويا، لكن الزمن يتربص بهما حين تندلع ثورة العمال ويموت الأخ لوسيان في أثناء المظاهرة.
أما الشاب المسلم أرزقي فان الشرطة الفرنسية تلقى القبض عليه.
تتحدث اليز عن حبيبها ارزقي وتقول:
«كان جميلا، صلدا، يبدو أنه لا يعرف الخجل،. لكنه يبدو أقل شبابا من الاخرين».
لقد دعاها الى احتساء فنجان من القهوة بمناسبة ذكرى ميلاده الحادية والثلاثين، ترى أنه يحمل صفات الانسان الحنون الذي يسعى نحو الكمال، حيث تتعلم منه بعض الكلمات العربية، حول ماذا يعني الواجب، وماذا تعني كلمة«أحبك».
أما هو فيتعلم منها الحب والحنان، انها تحاول من خلاله أن تفهم زميلاتها مشكلة الجزائر التي تود الاستقلال عن فرنسا، كي تصبح دولة لها سيادتها واستقلالها بعد مائة وثلاثين سنة من الطغيان والاحتلال.
يقول لها«أرزقى»:
«الفرنسي يحب الجزائر كما يحب الانسان الجواد الذي يمتطيه، النضال هو أن ينتمى المرء الى بلد مطحون»
ترد عليه:«لو لم أعمل الى جانب العرب أو الزنوج، واذا لم أدافع عنهم، فماذا أفعل؟»
وهي تتحدث إلى احدى صديقاتها قائلة:
«كنت مع شاب عربي، يكفى القاء نظرة إليه كي تفهمي كل شيء»
وفي مكان آخر من الاحداث التي تشتد بقوة تصرخ في وجوه الفرنسيين قائلة: هل تريدون أن تنتشوا بمعاناة الجزائريين، يجب أن نحدثهم عما يهمهم. لقد سقط شاب جزائري».
لقد خسرت اليز أقرب الناس اليها عندما سقط أخوها صريعا، ثم بعد ان مات سندها الانساني الشاب المسلم أرزقى الذي يؤدي صلواته، ويبدو مسالما، لكنه لا يمكن أن يقف سلبيا ازاء الاحتلال الفرنسي لوطنه.
وفي النهاية فان أليز تعود إلى مدينتها الصغيرة في الجنوب تنتظر أن يعود إليها حبيبها بعد خروجه من حيث قبضوا عليه.
هذه الرواية تحولت الى فيلم انتاج مشترك بين الجزائر وفرنسا عام 1972.
* والترسكوت و«التعويذة»
Walter scott le talisman
الكاتب البريطاني الشهير سير والتر سكوت هو واحد من أهم الكتاب البريطانيين في كل العصور، وهو من أبرز كتاب رواية الفروسية، والنبل. وقد عاش في الفترة بين عامي 1777، و1832، وهو صاحب العديد من المؤلفات ومنها«ايفانهو»، و«سيدة البحيرة» و«القزم الأسود»، و«روب روي» rob roy» وغيرها من الروايات.
ورواية«الطلسم«التي كتبها سكوت عام 1835، هي الرواية الوحيدة التي كتبها المؤلف حول الحروب الصليبيلة، ولأن الكاتب اعتاد أن يكون أبطاله دائما من النبلاء المتخاصمين فيما بينهم، مثلما حدث بالنسبة لفرسان المائدة المستديرة. فانه حول الحرب بين الصليبيين والمسلمين الى مواجهة بين نبلاء، خاصة بين الملك ريتشارد قلب الأسد، وصلاح الدين الأيوبي، حيث فقد كل من الاثنين الشعور بالعداء الذي يود، فيه، كل منهما تدمير الاخر، ولكنه يسعى للانتصار على منافسه، خاصة صلاح الدين الأيوبي الذي تسلل ليلا وسط الجيوش الصليبية، وهو يحمل معه الدواء اللازم لعلاج خصمه.
ويقول النقاد ان والتر سكوت هو أحد ادباء الغرب الذين نظروا إلى صلاح الدين كبطل عربي مسلم يتسم بالنبل والشجاعة. يعيش في بلاد قامت بتصدير الحكمة والقوة، والرخاء والشجاعة الى العالم.
لم يتكلم المؤلف عن الحرب الدائرة بين الصليبيين، والمسلمين، ولكن عن الصراع الذي تحول الى صداقة بين قائدين متحاربين.
فبينما الجيوش رابضة تنتظر المواجهة الحاسمة، بعد أن انتصر صلاح الدين على الصليبيين في حطين، فاذا بالقائد العربي يسمع خبرا بمرض عضال أصاب القائد الانجليزي، ويرسل إلى الخليفة العباسي يخبره بالامر، ويستأذنه في أن يذهب لمعالجة القائد الخصم.
ويرى سكوت أن النبل لم يكن سمة صلاح الدين وحده، بل ان الخليفة الإسلامي ينظر إلى الصليبيين كضيوف سوف يرحلون عن الوطن في أقرب وقت ممكن، لذا فانه يوافق على أن يذهب صلاح الدين رغم المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها.
وبالفعل، فبينما السيوف تشحذ، ووسط جيش منهزم، يتسلل صلاح الدين مع واحد من أتباعه داخل الصفوف التي أصيب قائدها بمرض، ويقود الاثنين واحد من رجال ريتشارد قلب الأسد، ويدخل الخيمة التي بها المريض، لقد نظر إليه كمريض، وليس كقائد منهزم.
لم يكن صلاح الدين اذن قائدا منتصرا، بل حكيما يعرف كيف يشخص الداء، ويعطى له الدواء.
ويرى والتر سكوت أن صلاح الدين قد فاق بهذا السلوك أعظم الفرسان الانجليز شهامة ونبلا، ونكرانا للذات، فقد كان من الممكن أن يتعرض لأذى جماعي من الجنود الصليبيين لو تم اكتشاف امره وهو يخترق الجيش، ذهابا وعودة.
ويصور الكاتب البطل المسلم كعالم مثقف، وليس فقط كقائد منتصر شجاع، ومحارب، فقد تمكن من تشخيص المرض العضال الذي كاد أن يودي بحياة ريتشارد قلب الأسد، ومنحه العلاج الشافي،
وقبل أن يغادر صلاح الدين معسكر الصليبيين، يقدم الى الفارس الاسكتلندي الشهير سير كينيث التعويذة أو الطلسم الشافي الذي يمكن أن يبرئ المريض، لو عاوده المرض، ومن هنا جاء اسم الرواية«التعويذة».
الجدير بالذكر أن هذه الرواية تحولت إلى فيلم سينمائي مليء بالنبل، عام 1953 تحت اسم«صلاح الدين والصليبيون».
* مايكل كرايتون و «أكلة الموتى»
Michael Crichton eatarصs dead
الكاتب الأمريكي مايكل كرايتون هو واحد من أشهر الروائيين المعاصرين وهو كاتب متنوع الكتابات، فهو مخرج سينمائي، وكاتب سيناريو وواحد من أكبر خبراء الكومبيوتر، ليس فقط في مجالات البرمجة، بل أيضاً في مجالات التصنيع.
ومن رواياته في الخيال العلمي «خلية الأندروميدا» و «حديقة الديناصورات» وفي الروايات الاجتماعية له «فضيحة» كما قدم رواية بعنوان «كونغو» وهو الذي أخرج للسينما الفيلم الشهير باسم «غيبوبة» ورغم تنوع كتابات الكاتب فانه يتسم بالجودة والاتقان. وقد بدا ذلك واضحا في روايته المعروفة «أكلة الموتى» التي استوحاها من مخطوط الرحالة العربي الشهير ابن فضلان الذي كان أول من رحل إلى شمال أوروبا حيث بلاد الفايكنج، أو من نعرفهم باسم «غزاة الشمال».
كان أحمد بن فضلان هو أول سفير مسلم يقوم الخليفة العباسي في القرن العاشر الميلادي بارساله الى بلاد الغار، في شمال أوروبا، ليكون سفيرا للمسلمين في تلك البقعة البعيدة الشديدة البرودة والمليئة بالغابات الكثيفة.
والرواية التي كتبها كرايتون تدور على لسان الرحالة العربي الذي يصف الرحلة بكل تفاصيلها، فهو الذي يعبر لنا عن دهشته مما يراه، وهو الذي لم يتخذ له دليلا يدله إلى الطريق.
استغرقت الرحلة عدة اشهر، وكان أهم شيء بالنسبة للرجل ان يؤدي الصلوات في موعدها وان يعرف كيف يحدد القبلة كلما انحرف عن الطريق، وذلك عن طريق البوصلة التي احتفظ بها ضمن متاعه.
وقد سمع ابن فضلان واحدا من الفايكنج يقول عنه: هذا رجل مخلص، ان الشهادتين اللتين ينطق بهما تعنيان انه أخذ على نفسه عهدا ان يحافظ دوما على خصاله النبيلة.
وليس أحمد بن فضلان في هذه الرواية مجرد رحالة عربي، ولكنه أيضا مقاتل لايشق له غبار، فعندما وصل إلى بلاد الغار، كما يخبرنا، يجد أن الأمة في أزمة، فهناك أعداء يتربصون بسكان بلاد الغار، ويتطوع اثنا عشر محارباً من أجل مقاومة الأعداء، ورغم ان المعركة لا تخص أحمد بن فضلان من قريب أو بعيد، فإنه يقرر ان ينضم إلى المقاتلين من ابناء الغار، ويصبح المحارب الثالث عشر، وهو رقم يتفاءل به أهل البلاد. وتبدأ رحلة مختلفة، فقد تحول الرجل من رحالة إلى سفير، إلى محارب يندمج في القتال، ويصف الكاتب روح المحارب عندما يجد ان عدد المقاتلين أقل بكثير من عدد الجيش الذي يجابهه، ويروي ابن فضلان لرفاقه كيف انتصر الرسول عليه الصلاة والسلام على الكفار بقوة العزيمة في معركة بدر لأن الله عز وجل قد نصره.
هذا الأمر يزيد من عزيمة الفرسان، ويثنون على ابن فضلان بعد ان يتمكن من قيادتهم إلى النصر.
* أندريه شديد واليوم السادس
ANDRE CHEDIDE LE SIXIEME JOUR
الكاتبة المصرية المعروفة أندريه شديد مولودة في مصر عام 1928 في أسرة من أصل لبناني، وقد عاشت في مصر سنوات عديدة قبل ان ترحل إلى باريس عقب ان تزوجت من العالم الكيميائي الشهير لؤي شديد.
وأندريه شديد شاعرة وروائية وكاتبة مقال، وهي كاتبة مقروءة بقوة في اللغة الفرنسية وفي أغلب أعمالها فانها تهتم بالحديث عن التاريخ المصري القديم، وباعتبارها كاتبة مسيحية، فقد كانت شخصيات عديدة من بين أبطال وبطلات رواياتها من المسيحيين. ومنهم الأسرة الصعيدية في رواية «نوم الخلاص».
لكن هناك رواية بالغة الأهمية للكاتبة توغلت فيها داخل أجواء الأسر المسلمة ووصفت وقائع حياة هذه الأسرة إبان أزمة كبرى مرت بها مصر عام 1947 إلا وهي وباء الكوليرا الذي هاجم عددا من القرى والمدن المصرية، ولم يفرق الوباء بين الجسد المسلم والقبطي، لكننا عشنا مواجهة خاصة بين فلاحة مصرية مسلمة، وبين مرض الكوليرا التي قررت ان تتحداه عندما هاجم جسد حفيدها حسن.
بطلة الرواية اسمها «صديقة» انها أرملة ماتت ابنتها وتركت لها الحفيد الصغير كي تربيه، وعندما يأتي المرأة خبر من قرية مصرية ان الوباء قتل بعضا من أفراد أسرتها ، فان صديقة تذهب للمشاركة في الجنازة، وتصف الكاتبة شعائر دفن الموتى عند المسلمين، انهم يضعون الجثمان في المقبرة، ويتلو ا لشيخ آيات من القرآن الكريم، ويقوم نفس الشيخ بمناداة روح الميت ان تتماسك عندما يدخل عليها ملاك الحساب، وهو في هذه المرة سيكون مغسولا من الذنوب طالما انه مات ضحية الكوليرا.
وعندما تعود المرأة إلي ا لقاهرة تكتشف ان حفيدها صار في حال سيئ للغاية، فقد أصابت الكوليرا مدرسه، وجاءت السلطات لأخذه معهم. وهذا الاستاذ هو القدوة الحسنة للتلميذ الصغير، فهو الذي يعلمه حفظ آيات من القرآن الكريم، كما كان مدرسا مثقفا حنونا، يتصرف مع حسن كأنه الأب البديل.
وتحاول «صديقة» ان تكون الجدة والأم والمدرس الذي انتهكته الكوليرا والأدب الغائب، وتصدم حين تعلم ان حفيدها قد أصابته الكوليرا، لكنها لا تستسلم للمرض اللعين، ولأنها امرأة مؤمنة بالقدر، فانها تحمد الله على ما أصابها، لكنها في نفس الوقت تأخذ الحفيد، وتركب به مركبا ينطلق فوق صفحة النهر من أجل ان تصل بالحفيد قبل انتهاء ستة أيام، لأن الطفل المريض لو وصل إلى شاطئ البحر حيث الجو النقي من الوباء قبل اليوم السادس فسوف تكتب له النجاة.
وبفضل ايمانها بالله، ولأنها لم تكف عن الابتهال الى ا لله فان «صديقة» تصل إلى شاطئ البحر في الموعد المحدد، وينجو حسن من الموت المنتظر.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved