Sunday 21st April,200210797العددالأحد 8 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رسالة الجثث رسالة الجثث
هيثم فضل يوسف

في الواقع، قامت إسرائيل مكان فلسطين جراء استخدام سياسة الإرهاب والقتل الجماعي الوحشي المتعمد ضد الشعب الفلسطيني. إن ممارسة الإرهاب الصهيوني ضد الفلسطينيين أجبر 000. 800 فلسطيني على مغادرة بيوتهم وأعمالهم ومزارعهم. في كتاب «الثورة» لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مناحيم بيجن تفاخر بدوره في ارتكاب مجزرة دير ياسين التي راح ضحيتها 254 فلسطيني (معظم الضحايا كانوا من كبار السن والنساء والأطفال الذين بقوا في قريتهم الفلسطينية المحتلة من قبل إسرائيل). فقد أشار بيجن بأن مذبحة دير ياسين والمذابح الأخرى قد سببت الذعر بين المواطنين الفلسطينيين وأجبرتهم على الهروب وترك منازلهم. إن هذا الإرهاب المتعمد بالقتل الجماعي مكّن الصهاينة من السيطرة على فلسطين.
ولم يختلف الفكر الصهيوني الإجرامي الشاروني في اتباع نفس هذه السياسة حالياً. بل كلما زادت إسرائيل في التفوق العسكري كان الإرهاب الصهيوني أكثر تقدماً في الشراسة والوحشية. ما الذي أراده شارون من إبقاء بعض الجثث ظاهرة للعيان في مخيم جنين، منها المحترق او المتفحم او الممزق أو المشوه المعالم عمداً، وهو يعلم أن هذه الجثث سوف تظهر على شاشات التلفاز؟ ألم يستطع جيش القتل الإسرائيلي من دفن هذه الجثث، مع انه دفن العديد من الأحياء تحت الأنقاض. إنها نفس الرسالة الاعتيادية في بث الرعب والخوف في نفس الشعب الفلسطيني وإلحاق الهزيمة النفسية فيمن يفكر بمقاومة الاحتلال. وبالتالي التغلب على إرادة التحدي والمقاومة.
إن مستوى أي مقاومة لا يأخذ منسوب الأواني المستطرقة بل التذبذب صعوداً وهبوطاً حسب مقتضيات الحال والوضع السياسي. لقد كانت أدبيات التحليل السياسي الإسرائيلي تصف الوضع الفلسطيني بعد عشرين عاماً من الاحتلال عام 1967 بأن الشعب الفلسطيني لن يقاوم. وبما أن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب في قيام الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية ستكون هناك انتفاضة ثالثة ورابعة طالما كان السبب قائماً. وتلك الأيام نداولها بين الناس...
هل أيقن شارون أننا لن نخرج عن صمتنا الطويل مثل ليالينا إزاء هذه المذابح؟ هل أدرك شارون أننا سنصل إلى حالة برود الإحساس واعتبار هذه الحالات من الأمور اليومية التي تحدث دون الشعور بها؟ أم لم ينس شارون أننا استأصلنا الذاكرة التي تضغط علينا بأننا بشر من دم ولحم مثل أصحاب هذه الجثث؟ هل عرف شارون أننا سنشعر بوجدان الفقد فقط إذ خسرنا أحد أعزائنا؟ وهل وعي شارون ايضاً أن ما يقوم به سيحتل أكبر مساحة من عاطفة الغضب لدينا مؤقتاً ومن ثم يضاف إلى رصيد النسيان.
نحن العرب عالم غريب؟ إذا جاء إلينا الوسيط الأمريكي جاء بفضيحة لنا او شروط هزيمة وإن خرج ايضا يكون خروجه بانتصار علينا وفضيحة لنا. لقد تركنا لهم زمام أمورنا كافة حتى رسم صورتنا لديهم، وكدنا نقتنع أن صورتنا لديهم المستسلمة إلى حد اللامبالاة حقيقية. ماذا نتوقع من هذا العدو بعد كل هذا الود الحميم الذي نبثه له.
الموت قادم لنا سواء شاركنا في العمل والمقاومة ضد إسرائيل أم لم نشارك؟ الفرق هو هل نموت بهدف أم بدون هدف؟ وإن شاء الله تكون مقاومتنا للاحتلال الإسرائيلي بكافة أشكاله عبادة لله، مع هذا الكم الكبير من التضيحات والضحايا وان لا يتخلل هذه المقاومة العبث والانكسار. وهذا ما يقوم به كافة أفراد الشعب الفلسطيني فليس كل فلسطيني مقاتل، لكن الظروف أجبرته أن يكون مقاتلا وشاعرا ومزارعا وزوجا وطبيبا وأسيرا وجريحا وشهيدا. أحسن الله عزاءنا وغفر لشهدائنا. ولقد سلمت رؤوس الجبناء والعملاء. وكل عام وجراحنا بألف خير لعلها تكون دافعاً للاستمرار في مسيرة النضال.
تبقى النفس في حاجة إلى قراءة شفافة لآيات الله القرآنية، لأنه في خضم الفوضى ينسى الإنسان ذكر الله، لكن من يكون ثابتا على الإيمان يزداد إيمانه في السراء والضراء. فالصهاينة يعبثون بذاكرتنا كما يعبثون بألعاب أطفالنا. لقد رسم لنا الاحتلال الصهيوني أقمأ صورة على صفحات تاريخنا فهل سنقرأ هذا التاريخ حسب رغباته أم حسب آيات الله.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved