مضحك هذا القاموس المغبر الذي أعاد تدويره للحياة أغلب كتَّاب الصحافة المحلية للتعليق على ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، سكبوه برثائيات شاعرية وبنايات لفظية تبحث عن رموز لمناضلين تلفزيونيين عبر بكائيات هنا وهناك تثير الشفقة والتساؤل، الشفقة لأنه مازال هناك من يندفع بمشاعره إلى هذا الحد المتطرف والمزايد، أما التساؤل فمصدره أن من غير المعقول أن يمر كل هذا الوقت ولا نتعلَّم، نتعلَّم لغة عصرية جديدة، وخطابا صحفيا عقلانيا قارئاً لما يحدث لا منفعلاً معه ومستفزاً أكثر منه.
إن اللغة التي يتم تداولها في مسألة الاجتياح الاسرائيلي في الصحافة المحلية هي لغة ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، لغة ساقطة في الشعاراتية الفجة والتفجع الأسود، لغة مهزومة، وخطاب مهزوم لأمة مهزومة، لغة تخرج في مثل هذه الجنازة الكبيرة للعقل والمشاعر.
لغة ميتة استنفدت أغراضها، بكونكريتية يابسة كانت في وقت نوعاً من«التابو» إلا أنه الآن وبعد أن أصبحت قطعة على أرفف متاحف التاريخ وقبور اللغة أعاد رموزها الشائخون استخدامها، تلك الرموز التي تعاند الزمن وتضع عصا وجودها في عجلة الوقت المعدنية الهائلة.
وجود هذه اللغة في خطاب الصحافة المحلي مخزن لأنه ظل ميتاً فترة طويلة ووجد في تصاعد الأحداث الأخير ما أعاده للواجهة لأن هناك من لا يفهم الحركة ولا يقرأ التغيير، لا يفتح نافذة للهواء حتى في فنية الكتابة.
|