Sunday 12th May,200210818العددالأحد 29 ,صفر 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ثم ماذا ؟ ثم ماذا ؟
دولة الأندلس تنتظر التطبيق ..!
بدر بن سعود

تحت تأثير المجازر الاسرائيلية يقدم المتفائلون حلا نفطيا لتفادي مأزق التحيز الأمريكي نحو اسرائيل، فهل يجدي سلاح المقاطعة النفطية نفعاً؟، لا نقول من جانب دول الخليج وحدها، وإنما لو افترضنا جدلا اتفاق منظومة الأوبك بكامل أعضائها، على إيقاف تصدير النفط للولايات المتحدة.
الحقيقة الرقمية تقول ان إنتاج الأوبك يتخطى بقليل نسبة 30% قياساً إلى حجم الإنتاج العالمي للنفط، إذن يبقى ما يقارب ال 70% متاحاً في أسواق بديلة قد تلجأ إليها أمريكا، إذا ما مورس عليها سلاح النفط كوسيلة ضغط، والمعادلة نفسها تحكم كافة أشكال المقاطعة المطالب بها، فلا سوق المنتجات الاستهلاكية أو المعدات الثقيلة أو غيرها، تملك أدوات الضغط الكافية لتوجيه مسار القرار الأمريكي المكرس تماماً لخدمة مصالح الصهاينة، ليس لأن الإدارة الأمريكية مستبدة، أو ترى بعين واحدة، أو أنها لا تنظر بشكل جيد لآثار التعنت الاقتصادية، مع احتمالات الخسارة الواردة لحلفاء وأصدقاء مهمين في منطقة الشرق الأوسط، ولكن بسبب انصياع المسؤول الأمريكي لرغبات الأمريكيين المقتنعين تماما بالحق الاسرائيلي والظلم الواقع عليه، طبقا لاستطلاعات الرأي، بعدما استفاد اليهود المقيمون هناك، وبطريقة متقنة وكبيرة جدا، مما خلفته تداعيات سبتمبر، والهزة النفسية التي ما زالت تتلبس العقول، وتحبط محاولات الإدراك السليم وتقييم المنطق. لدرجة لم يسلم معها الموقف الأوروبي الأقوى مقارنة بنظيره العربي، والمتفق بأغلبية واضحة على أن الأحق بالإنصاف داخل المشهد الفلسطيني الإسرائيلي هم الفلسطينيون قبل غيرهم، والأوروبيون جراء موقفهم هذا يواجهون اتهاما أمريكيا خطيرا بمعاداة السامية وكأن العرب ليسوا ساميين أيضا؟.
الآن أثمرت محادثات هيوستن ما بين ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي، عن اتفاق وقبول مبدئي أمريكي للمقترحات السعودية، المستوحاة قلباً وقالباً مماجاءت به المبادرة السعودية التي تحولت الى عربية، وحملت الأمير عبد الله مسؤولية المفاوض باسم العرب لتقديم حلول عملية، تحرك القضية المحور وتضع حدا لمعاناة أطرافها العربية ومماطلات شارون المستمرة معهم، والمكملة لسيرة أسلافه منذ 48 وحتى هذه الساعة، إلا أن السؤال الأبرز يدور حول ما سيسفر عنه لقاء بوش شارون المرتقب، لأنه سيكشف الصورة شبه النهائية لما سيكون بعد ذلك، رغم التشاؤم المحيط باللقاء، فكيف بمن مارس الأكاذيب مكيفا للحقائق كيفما يشاء، ورفض فك الحصار عن الرئيس عرفات في مكتبه، إلا بعد عناء ومشقة كبيرة، أن يستجيب لمطلب العودة الى حدود 67 هكذا ببساطة متناهية.الإدارة الأمريكية من جهة أخرى، تجهز حاليا لمؤتمر أو ربما اجتماع، فالمسألة مختلف على تسميتها، ما بين تصريح كولن باول وزير خارجية بوش وتصحيح البيت الأبيض، ويضم المؤتمر أو الاجتماع المقررعقده الصيف المقبل في العاصمة التركية أنقرة، ممثلين لفلسطين مقابل الممثلين الاسرائيليين، بحضور دول مركزية كالسعودية ومصر والمغرب، ورعاية أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، بحيث يناقش فرص التسوية وقضايا محتملة غير مؤكدة، مثل التعاون الاقتصادي والمياه وعودة اللاجئين وأمور إقليمية موازية، كما يمهد لسلسلة مفاوضات واجتماعات لاحقة.لاحظ قضايا محتملة ومفاوضات واجتماعات لاحقة!؟، ولا ندري أين ذهبت سوريا ولبنان، وماذا سيقع تجاه الاجتياح الاسرائيلي لأراضي الحكم الذاتي الفلسطيني، والخوف أن يكون الانطلاق من نقطة الصفر، وتصبح العودة لما كان قبل الاجتياح، منتهى الأمل وغاية الطموح.لقد تفننت الولايات المتحدة ومعها اسرائيل، في ابتكار طرق ملتوية وتطوير مصطلحات عائمة، لامتصاص الغضب الشعبي العربي كخطوة أولى مثلما يبدو، وهي ستنجح ما لم يبادر العرب بمحاولة الدخول الى عمق الولايات المتحدة وتفاعلاتها الاجتماعية، ومخاطبة المواطن هناك بما يفهم، في تجربة جادة ومخلصة لإقناعه، بسلامة المساعي العربية ونظافة ساحتها، من تهمة الإرهاب لمجرد الإرهاب، ومعاداة الحضارة الغربية لأسباب تتعلق بالايديولوجيا، ولا بأس بالتعاون الإسلامي المستند الى مرجعية ثابتة ومنظمة، بدل العربي المحنط عند شعارات تضر ولا تنفع، فالمؤسسات الدينية تعتبر الأكثر تنظيما والأوضح أهدافا، رغم أنها تحتاج وبصورة ملحة، الى احياء النموذج الإسلامي الإنساني القديم لدولة الأندلس، صاحبة التماس الحضاري بالمجتمعات الغربية، والتي كانت لها رؤية وخبرة رائدة في التعامل الإسلامي الصحيح والتلاقح الثقافي المقنن والموزون بالغربيين، ما دامت قنوات الصراع والمناطحة والعنتريات الكلامية السائدة لم تحقق مردوداً إيجابياً يذكر، فوحده الإسلام يوفر قدرة الفعل الحقيقي الملموس لمعالجة قضايانا المعلقة، كذلك تسخير وإنشاء أدوات إعلامية متطورة تناسب العقلية الأمريكية داخل أمريكا، الى جانب تقديم المؤازرة المالية والمعنوية والإعلامية لمنظمات المسلمين الأمريكيين، حتى تستعيد ثقتها بنفسها، وتكسب تأييد مسلمي أمريكا والعالم، في خطة مرحلية لتكوين لوبي إسلامي ضاغط له كلمة مسموعة ورأي نافذ .. ثم أليست الحرب الدائرة بمعناها المجرد ضد الإسلام، ما يؤكد استحالة الحلول غير الإسلامية ومحدودية جدواها مهما بلغت أهميتها؟!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved