Wednesday 15th May,200210821العددالاربعاء 3 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

يارا يارا
عبادة واستفادة ونهابة
عبدالله بن بخيت

في شارع واحد فقط أحصيت أكثر من خمسة أسواق تجارية ثلاثة منها في مرحلة التأسيس أو على وشك التأجير. ومثل هذا تقريباً في كل شارع من شوارع الرياض حتى في الأحياء الداخلية.
وعندما تفتح الجرائد أو تستمع إلى الإذاعة والتلفزيون تفهم أن هناك أسواقاً جديدة تفتح تقريباً كل شهر سواء في الرياض أو في مدن المملكة الأخرى.
وعندما تزور أياً من تلك الأسواق تشاهد نفس الماركات ونفس المحلات التجارية ونفس البضائع.
بصراحة أنا لا أفهم كثيراً في المسائل الاقتصادية ولا أستطيع أن أفتئ فيها .. ولكن كما يقول المثل الشعبي «الله ما شفناه ولكن بالعقل عرفناه».
فالتسابق على بناء الأسواق والمجمعات التجارية يعني أن هناك أرباحاً يجنيها أصحاب هذه المحلات.. والأرباح تأتي من كثرة المتسوقين، وكثرة المتسوقين تعني ارتفاعاً في الدخل.
في مقابل هذا الهجوم الكاسح من الدكاكين والمحلات التجارية والمطاعم الجديدة، نعرف أن معظم السعوديين على الله ثم على وظيفة الحكومة. ورواتب موظفي الحكومة لم تعدَّل منذ سنوات طويلة. ونحن نعرف أيضا أن المملكة ليست بلداً سياحياً يمر عليها الناس للشراء والتسوق كما نعرف في الوقت نفسه أن 90% من المقيمين في المملكة فقراء لا علاقة لهم بمثل هذه الأسواق الفاخرة ونصف الفاخرة. كما نقرأ في الصحف التي تعلن عن هذه الأسواق وتروِّج لها أن هناك تزايداً رهيباً في البطالة وتزايداً في الدَّيْن العام وتزايداً في أعداد السكان.
وفي الوقت نفسه نقرأ من يقول إن كثيراً من القنوات الفضائية تعيش على الله ثم على المكالمات الهاتفية التي يجريها الشباب السعودي .. كما أن اقتصاد بعض الدول المجاورة يعيش على سياحة الشباب السعودي .. كما نشاهد أن مقاهي المعسل تتوسع وتعيش بالطبع على الشباب السعودي. هل هناك «شابان» سعوديان واحد طفران عاطل عن العمل والآخر بطران يستطيع أن يصرف بهذا الشكل الاستهلاكي بكل أريحية وثراء.
المشكلة ليست في هذا فقط بل تجاوز الأمر حد المعقول والمنطقي .. فهذا الاستهلاك والثراء المفاجئ لم يسلم منه حتى الأماكن المقدسة. فبين فترة وأخرى نسمع إعلانات عن مكة والمدينة وكأنهما مراكز سياحية «عروض وتسالي ودلافين ألعاب أطفال مسابقات وسحوبات» ثم فجأة يرفع الأذان «الله أكبر» كامتداد لهذه العروض. كأن هذين البيتين المقدسين وما يرفع في مآذنهما جزء من القيم السياحية الاستهلاكية .
خدمة 700 الجديدة بدأت بالابتزاز عبر تسويق الأغاني ونغمات الجوال أما الآن فقد وصل هذا النوع من الابتزاز إلى الأذكار والأدعية والثقافة والفكر.
بصراحة تشعر أن المسألة صارت خبيصة لا تعرف يديك من رجليك وليس أمامك إلا الاستسلام والركض مع الناس نحو أي شيء حتى نحو الهاوية.

فاكس : 4702164

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved